تفسير قوله تعالى " وفرعون ذي الأوتاد " إلى قوله "فصب عليهم ربك سوط عذاب" من سورة الفجر . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أولًا: أعتذر إليكم فأني تأخرت، لأن عندنا ضيفًا أتى من الرياض، فنرجوكم المعذرة، والآن أنتم بالخيار، إن شئتم بدأنا بالأسئلة وإن شئتم جرينا على العادة بتفسير ما تيسر من كلام الله عز وجل، فما رأيكم؟
السائل : التفسير عشر دقائق.
الشيخ : لا، بل أقل من عشرة، وقفنا على، نعم قال الله تبارك تعالى: (( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ )).
قال: (( وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ )) فرعون هو: الذي أرسل الله إليه موسى عليه الصلاة والسلام، وكان قد استذل بني إسرائيل في مصر يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، وقد اختلف العلماء في السبب الذي أدى به إلى هذه الفعلة القبيحة، لماذا يُقتل الأبناء ويبقي النساء؟ فقال بعض العلماء: إن كهنته قالوا له: إنه سيولد في بني إسرائيل رجل يكون هلاكك على يده، فصار يقتل الأبناء ويستبقي النساء.
ومن العلماء من قال: إنه فعل ذلك من أجل أن يُضْعِفَ بني إسرائيل، لأن الأمة إذا قتلت رجالها واستبقيت نساؤها ذلت بلا شك، فالأول تعليل أهل الأثر والثاني تعليل أهل النظر -أهل العقل- ولا يبعد أن يكون الأمران جميعاً قد صارا علةً لهذا الفعل، ولكن بقدرة الله عز وجل أن هذا الرجل الذي كان هلاك فرعون على يده تربى في نفس بيت فرعون، فإن امرأة فرعون التقطته وربته في بيت فرعون، فرعون استكبر في الأرض وعلا في الأرض وقال لقومه: (( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى )) وقال لهم: (( مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي )) وقال لهم: (( أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ )) يعني: موسى (( وَلا يَكَادُ يُبِينُ )) قال الله تعالى: (( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ )) وتعلمون أنه قال لقومه مقرراً لهم: (( أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ )) افتخر بالأنهار وهي ... فأغرق بالماء، أغرق بالماء.
(( وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ )) أي: ذي القوة، لأن جنوده كانوا له بمنزلة الوتد، والوتد كما نعلم تربط به حبال الخيمة فتستقر وتثبت، فله جنود أمم عظيمة ما بين ساحر وكاهن وغير ذلك، لكن الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء.
قال تعالى: (( الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ )) الطغيان: مجاوزة الحد، ومنه قوله تعالى: (( إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ )) يعني: لما زاد الماء حملناكم في الجارية يعني: بذلك السفينة التي صنعها نوح عليه الصلاة والسلام، فمعنى (( طغوا في البلاد )) أي: زادوا عن حدهم، واعتدوا على عباد الله.
(( فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ )) الفساد هل هو الفساد الحسي أو المعنوي؟ الجواب: هو الفساد المعنوي، والفساد المعنوي يتبعه الفساد الحسي، أنتم معنا؟ الفساد المعنوي يتبعه الفساد الحسي، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) ولهذا قال بعض العلماء في قوله تعالى: (( وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا )) قالوا: لا تفسدوها بالمعاصي، وعلى هذا فيكون قوله: (( فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ )) أي: الفساد المعنوي لكن الفساد المعنوي يتبعه الفساد الحسي.
وكان فيما سبق من الأمم أن الله تعالى يدمر هؤلاء المكذبين عن آخرهم، لكن هذه الأمة رفع الله عنها هذا النوع من العقوبة، وجعل عقوبتها أن يكون بأسهم بينهم هم فيما بينهم يدمر بعضهم بعضاً، وعلى هذا فما حصل من المسلمين من اقتتال بعضهم ببعض ومن تدمير بعضهم بعضاً إنما هو بسبب إنما سببه المعاصي والذنوب يسلط الله بعضهم على بعض، ويكون هذا عقوبة من الله سبحانه وتعالى.
ولهذا قال: (( فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ )) صب عليهم: الصب معروف أنه يكون من فوق، والعذاب الذي أتى هؤلاء من فوق من عند الله عز وجل و (( سوط عذاب )) السوط: هو العصا الذي يضرب به، ومعلوم أن الضرب بالعصا نوع عذاب، لكن هل هذا السوط الذي صبه الله تعالى على عاد وثمود وفرعون هل هو العصا المعروف الذي نعرف أو أنه عصا عذاب أهلكهم؟ الجواب: الثاني عصا عذاب أهلكهم وأبادهم.
نسأل الله تعالى أن يجعل لنا ولكم فيما سبق من الأمم عبرة نتعظ بها وننتفع بها، ونكون طائعين لله عز وجل غير طاغين، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والآن إلى الأسئلة ... وايش عندك
السائل : ... نسلم عليك وبس ... بين ...
الشيخ : جزاك الله خير الله يحييك السؤال