تفسير قوله تعالى " إن ربك لبالمرصاد " إلى قوله " وتحبون المال حبا جما " من سورة الفجر . حفظ
الشيخ : فهذا هو اللقاء الخامس والستون من اللقاء الأسبوعي الذي يتم في كل يوم خميس، وهذا هو يوم الخميس الثالث عشر من شهر صفر، عام خمسة عشر وأربعمائة وألف.
لقاؤنا هذا اليوم سيكون في بقية أو تفسير آيات من سورة الفجر، حيث وقفنا على قول الله تبارك وتعالى: (( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ )).
قال الله تعالى: (( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ )) الخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو لكل من يتوجه إليه الخطاب، يبين الله عز وجل أنه بالمرصاد لكل من طغى واعتدى وتكبر فإنه له بالمرصاد سوف يعاقبه ويؤاخذه، وهذا المعنى له نظائر في القرآن الكريم، منها قوله تبارك وتعالى: (( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا )) وكقول شعيب لقومه: (( أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ )) فسنة الله سبحانه تعالى واحدة في المكذبين لرسله المستكبرين عن عبادته، هو لهم بالمرصاد، وهذه الآية تفيد التهديد والوعيد لمن حاول أو لمن استكبر عن عبادة الله أو كذب خبره.
ثم قال الله عز وجل: (( فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ )) الابتلاء من الله عز وجل يكون بالخير وبالشر، كما قال تعالى: (( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً )) فيبتلي الإنسان بالخير ليبلوه الله عز وجل أيشكر أم يكفر؟ ويبتلى بالشر ليبلوه أيصبر أم يفجر؟ وأحوال الإنسان كما تعلمون جميعاً دائرة بين خير وشر، بين خير يلائمه ويسره، وبين شر لا يلائمه ولا يسره، وكله ابتلاء من الله.
الإنسان بطبيعته الإنسانية المبنية على الظلم والجهل إذا ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه يقول: ربي أكرمن، يعني: أني أهل للإكرام، ولا يعترف بفضل الله عز وجل عليه، وهذا كقوله تعالى: (( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي )) لما ذُكر بنعمة الله عليه (( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي )) ولم يعترف بفضل الله، وما أكثر الناس الذين هذه حالهم، إذا أكرمهم الله عز وجل ونعمهم قالوا: هذا إكرام من الله لنا، لأننا أهل لذلك، ولو أن الإنسان قال: إن الله أكرمني بكذا اعترافاً بفضله، وتحدثاً بنعمته، لم يكن عليه في ذلك بأس، لكن إذا قال: أكرمني، يعني: أني أهل للإكرام، كما يقول -مثلاً- كبير القوم إذا نزل ضيفاً على أحدهم قال: أكرمني فلان، لأنني أهل لذلك.
(( وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ )) يعني: ضيق عليه الرزق (( فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ )) يعني يقول: إن الله تعالى ظلمني فأهانني ولم يرزقني كما رزق فلاناً، ولم يكرمني كما أكرم فلاناً، فصار عند الرخاء لا يشكر، يعجب بنفسه ويقول: هذا حق لي، وعند الشدة لا يصبر، بل يعترض على ربه ويقول: ربي أهانن، وهذا حال الإنسان باعتباره إنساناً، أما المؤمن فليس كذلك، المؤمن إذا أكرمه الله ونَعَّمَه شَكَرَ ربه على ذلك، ورأى أن هذا فضل من الله عز وجل وإحسان، وليس من باب الإكرام الذي يقدم لصاحبه على أنه مستحق، وإذا ابتلاه الله عز وجل وقدر عليه رزقه صبر واحتسب وقال: هذا بذنبي، والرب عز وجل لم يهني ولم يظلمني، فيكون صابراً عند البلاء، شاكراً عند الرخاء.
وفي الآيتين إشارة إلى أنه يجب على الإنسان أن يتبصر فيقول -مثلاً-: لماذا أعطاني الله المال؟ ماذا يريد مني؟ يريد مني أن أشكر، لماذا ابتلاني الله بالفقر بالمرض وما أشبه ذلك؟ يريد مني أن أصبر، فليكن محاسباً لنفسه حتى لا يكون مثل حال الإنسان المبنية على الجهل والظلم.
ولهذا قال تعالى: (( كَلَّا )) يعني: لم يعطك ما أعطاك إكراماً لك لأنك مستحق، ولكنه تفضل منه، ولم يهنك حين قدر عليك رزقك، بل هذا مقتضى حكمته وعدله.
ثم قال تعالى: (( بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ )) يعني: أنتم إذا أكرمكم الله عز وجل بالنعم لا تعطفون على المستحقين للإكرام وهم اليتامى، فاليتيم هنا اسم جنس، ليس المراد يتيماً واحداً بل جنس اليتامى، واليتيم قال العلماء: هو الذي مات أبوه قبل بلوغه من ذكر أو أنثى، وأما من ماتت أمه فليس بيتيم، وقوله: (( بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ )) وقوله تعالى اليتيم يشمل الفقير من اليتامى والغني، يعني: حتى الغني من اليتامى ينبغي الإحسان إليه وإكرامه، لأنه انكسر قلبه بفقد أبيه ومن يقوم بمصالحه، فأوصى الله تعالى به حتى يزول هذا الكسر الذي أصابه.
(( وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ )) يعني: لا يحض بعضكم بعضاً على أن يطعم المسكين، وإذا كان لا يحض غيره فهو أيضاً لا يفعله بنفسه، فهو لا يطعم المسكين، ولا يحض على طعام المسكين، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي لنا أن نكرم الأيتام، وأن نحض بعضنا بعضاً على إطعام المساكين، لأنهم في حاجة، والله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
(( وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمّاً * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً )) (التراث) ما يورثه الله العبد من المال، سواء ورثه عن ميت أو باع واشترى وكسب، أو خرج إلى البر وأتى بما يأتي به من عشب وحطب وغير ذلك، المهم أن التراث ما يورثه الله الإنسان من المال، فإن بني آدم يأكلونه أكلاً لماً.
وأما المال فقال: (( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً )) أي: عظيماً، وهذه هي طبيعة الإنسان، لكن الإيمان له مؤثراته، قد يكون الإنسان بإيمانه لا يهتم بالمال، إن جاءه شكر الله عليه وأدى ما يجب فيه، وإن ذهب لا يهتم به، لكن طبيعة الإنسان من حيث هو كما وصفه الله عز وجل في هاتين الآيتين.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم إلى ما فيه الخير والصلاح، وأن يقينا شر أنفسنا إنه على كل شيء قدير. والآن نبدأ بالأسئلة من اليمين كل واحد له سؤال واحد ولا تعليق على السؤال بناء على أن الجواب يكفي ما في تعليق نعم
لقاؤنا هذا اليوم سيكون في بقية أو تفسير آيات من سورة الفجر، حيث وقفنا على قول الله تبارك وتعالى: (( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ )).
قال الله تعالى: (( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ )) الخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو لكل من يتوجه إليه الخطاب، يبين الله عز وجل أنه بالمرصاد لكل من طغى واعتدى وتكبر فإنه له بالمرصاد سوف يعاقبه ويؤاخذه، وهذا المعنى له نظائر في القرآن الكريم، منها قوله تبارك وتعالى: (( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا )) وكقول شعيب لقومه: (( أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ )) فسنة الله سبحانه تعالى واحدة في المكذبين لرسله المستكبرين عن عبادته، هو لهم بالمرصاد، وهذه الآية تفيد التهديد والوعيد لمن حاول أو لمن استكبر عن عبادة الله أو كذب خبره.
ثم قال الله عز وجل: (( فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ )) الابتلاء من الله عز وجل يكون بالخير وبالشر، كما قال تعالى: (( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً )) فيبتلي الإنسان بالخير ليبلوه الله عز وجل أيشكر أم يكفر؟ ويبتلى بالشر ليبلوه أيصبر أم يفجر؟ وأحوال الإنسان كما تعلمون جميعاً دائرة بين خير وشر، بين خير يلائمه ويسره، وبين شر لا يلائمه ولا يسره، وكله ابتلاء من الله.
الإنسان بطبيعته الإنسانية المبنية على الظلم والجهل إذا ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه يقول: ربي أكرمن، يعني: أني أهل للإكرام، ولا يعترف بفضل الله عز وجل عليه، وهذا كقوله تعالى: (( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي )) لما ذُكر بنعمة الله عليه (( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي )) ولم يعترف بفضل الله، وما أكثر الناس الذين هذه حالهم، إذا أكرمهم الله عز وجل ونعمهم قالوا: هذا إكرام من الله لنا، لأننا أهل لذلك، ولو أن الإنسان قال: إن الله أكرمني بكذا اعترافاً بفضله، وتحدثاً بنعمته، لم يكن عليه في ذلك بأس، لكن إذا قال: أكرمني، يعني: أني أهل للإكرام، كما يقول -مثلاً- كبير القوم إذا نزل ضيفاً على أحدهم قال: أكرمني فلان، لأنني أهل لذلك.
(( وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ )) يعني: ضيق عليه الرزق (( فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ )) يعني يقول: إن الله تعالى ظلمني فأهانني ولم يرزقني كما رزق فلاناً، ولم يكرمني كما أكرم فلاناً، فصار عند الرخاء لا يشكر، يعجب بنفسه ويقول: هذا حق لي، وعند الشدة لا يصبر، بل يعترض على ربه ويقول: ربي أهانن، وهذا حال الإنسان باعتباره إنساناً، أما المؤمن فليس كذلك، المؤمن إذا أكرمه الله ونَعَّمَه شَكَرَ ربه على ذلك، ورأى أن هذا فضل من الله عز وجل وإحسان، وليس من باب الإكرام الذي يقدم لصاحبه على أنه مستحق، وإذا ابتلاه الله عز وجل وقدر عليه رزقه صبر واحتسب وقال: هذا بذنبي، والرب عز وجل لم يهني ولم يظلمني، فيكون صابراً عند البلاء، شاكراً عند الرخاء.
وفي الآيتين إشارة إلى أنه يجب على الإنسان أن يتبصر فيقول -مثلاً-: لماذا أعطاني الله المال؟ ماذا يريد مني؟ يريد مني أن أشكر، لماذا ابتلاني الله بالفقر بالمرض وما أشبه ذلك؟ يريد مني أن أصبر، فليكن محاسباً لنفسه حتى لا يكون مثل حال الإنسان المبنية على الجهل والظلم.
ولهذا قال تعالى: (( كَلَّا )) يعني: لم يعطك ما أعطاك إكراماً لك لأنك مستحق، ولكنه تفضل منه، ولم يهنك حين قدر عليك رزقك، بل هذا مقتضى حكمته وعدله.
ثم قال تعالى: (( بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ )) يعني: أنتم إذا أكرمكم الله عز وجل بالنعم لا تعطفون على المستحقين للإكرام وهم اليتامى، فاليتيم هنا اسم جنس، ليس المراد يتيماً واحداً بل جنس اليتامى، واليتيم قال العلماء: هو الذي مات أبوه قبل بلوغه من ذكر أو أنثى، وأما من ماتت أمه فليس بيتيم، وقوله: (( بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ )) وقوله تعالى اليتيم يشمل الفقير من اليتامى والغني، يعني: حتى الغني من اليتامى ينبغي الإحسان إليه وإكرامه، لأنه انكسر قلبه بفقد أبيه ومن يقوم بمصالحه، فأوصى الله تعالى به حتى يزول هذا الكسر الذي أصابه.
(( وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ )) يعني: لا يحض بعضكم بعضاً على أن يطعم المسكين، وإذا كان لا يحض غيره فهو أيضاً لا يفعله بنفسه، فهو لا يطعم المسكين، ولا يحض على طعام المسكين، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي لنا أن نكرم الأيتام، وأن نحض بعضنا بعضاً على إطعام المساكين، لأنهم في حاجة، والله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
(( وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمّاً * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً )) (التراث) ما يورثه الله العبد من المال، سواء ورثه عن ميت أو باع واشترى وكسب، أو خرج إلى البر وأتى بما يأتي به من عشب وحطب وغير ذلك، المهم أن التراث ما يورثه الله الإنسان من المال، فإن بني آدم يأكلونه أكلاً لماً.
وأما المال فقال: (( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً )) أي: عظيماً، وهذه هي طبيعة الإنسان، لكن الإيمان له مؤثراته، قد يكون الإنسان بإيمانه لا يهتم بالمال، إن جاءه شكر الله عليه وأدى ما يجب فيه، وإن ذهب لا يهتم به، لكن طبيعة الإنسان من حيث هو كما وصفه الله عز وجل في هاتين الآيتين.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم إلى ما فيه الخير والصلاح، وأن يقينا شر أنفسنا إنه على كل شيء قدير. والآن نبدأ بالأسئلة من اليمين كل واحد له سؤال واحد ولا تعليق على السؤال بناء على أن الجواب يكفي ما في تعليق نعم