كيف نوفق بين ما قاله السلف من تفسير المعية بالعلم بقرينة السياق والسباق وما قاله شيخ الإسلام من أن المعية حقيقية ؟ حفظ
السائل : فضيلة الشيخ! المعهود عن السلف أنهم يفسرون المعية بالعلم، فيقولون في مثل قوله تعالى: (( وَهُوَ مَعَكُمْ )) قالوا: أي بعلمه، وتفسيرهم المعية بالعلم إنما كان لقرينة السياق والسباق، كما سئل علي بن المديني عن قوله: (( مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ )) فقال: اقرأ ما قبله (( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ )) السؤال: كيف نوفق بين ما قاله السلف وبين ما قاله شيخ الإسلام في أن المعية حقيقية؟
الشيخ : ‌نعم الواقع أنه لا منافاة بين القولين، لأن السلف فسروها بلازمها، فإن من لازم المعية أن يكون عالماً بالخلق، سامعاً لهم، مبصراً لهم، له السلطان عليهم، كل ما تتضمنه الربوبية داخل في قوله: (( وَهُوَ مَعَكُمْ )) وتفسير الكلام باللازم لا بأس به، لا سيما وأنه فيما سبق كان قد فشا مذهب الجهمية الحلولية، الذين يقولون: إن الله معنا بذاته فيما كان في الأرض، ولهذا قال عبد الله بن المبارك: ( ولا نقول: إنه هاهنا في الأرض ) .
أي: كما تقول الجهمية، ومن المعلوم أن عامة الناس لا يتصورون معنى المعية حقيقة مع علو الله عز وجل، فكان أقرب ما يكون لأفهامهم أن يقال إنها هي العلم، وكذلك السمع والبصر وما أشبه ذلك، والتفسير باللازم لا بأس به.
السائل : ... الحاجة ...
الشيخ : لا، لأن العامة لا يعرفون، وكما قلت لك أنه شاع مذهب الجهمية هناك، لو قلت -مثلاً- للعامي قد شاع عنده مذهب الجهمية: أن الله بذاته في الأرض، وقلت: معنا حقاً وايش بيفهم؟ يفهم أنه في الأرض أنه في الأرض ، لكن لو قلت معنا يعني: يعلمنا، واللي يعلمك كأنه معك اللي يعلمك كأنه معك ، يسمعنا، واللي يسمعك كأنه معك، يبصرنا، اللي يبصرك كأنه معك، فلهذا فسروها باللازم، وإلا فقد احتج الأشاعرة وغيرهم من المعطلة على أهل السنة قالوا: كيف تقولوا وهو معكم تقولوا وهو يعلمكم؟ قل هو معنا وهو في السماء ولا مانع، لأن الله تعالى محيط بكل شيء بالسماوات السبع والأرضين السبع، كلها في كف الرحمن كأنها خردلة في كف أحدنا، ولا مانع أن يكون الشيء معك وهو في السماء، وقد ضرب شيخ الإسلام رحمه الله مثلاً لذلك في العقيدة الواسطية، وفي الفتوى الحموية بأن العرب يقولون: ما زلنا نسير والقمر معنا، أو ما زلنا نسير والنجم الفلاني معنا، ومعلوم أن القمر في السماء وكذلك النجم، فهذه عبارة يعني عبارة عربية معروفة. نعم