ما حكم المجاملة مع الزملاء ؟ حفظ
السائل : بارك الله فيك يا شيخ ما حكم المجاملة أحيانًا في بعض الكلمات التي تصدر من الزملاء في العمل أو غيره؟
الشيخ : مثل ايش؟
السائل : مثل يا شيخ فرضًا أنت فرضا صاحب ذو لحية فيقول لأخيه الحليق: اجلس معنا، ترى هؤلاء ما هم متشددين أو كذا.
الشيخ : هذه بارك الله فيك المداراة، مداراة تداري أهل الفسق لعل الله يهديهم هذا لا بأس به.
أما المداهنة بأن تقول: أنا أُعْفِي لحيتي، وأنت احلق لحيتك، وكلٌّ على سبيله، هذا ما يجوز، يعنى: كأنك تقول: لا تقل لي ولا أقول لك، هذه مداهنة لا تجوز.
أما المداراة بمعني: أنني اجامله رجاء أن يهديه الله، لأن بعض الناس إذا عاملته بالعنف من أجل معصية، أصرَّ عليها، وإذا عاملته باللطف ربما يستجيب.
حدثني عدة أناس عن قضية وقعت، يقول: في واحد عامل -ما هو عامل طين، عامل على السَّواني تعرفون السَّواني من قبل؟ فيها عمال يسوقون الإبل والحمير والبقر- عند غروب الشمس مر به أحد الإخوان، والعامل تعرفون تعبان من الرائحة الكريهة، ومن سَوق الإبل أو الحمير، ومعه ... عصا طويل يضرب بها السواني هذه، الرجال تعبان طوال النهار ويغني العامل هذا، تعرفون الغناء يشد الإنسان، ويشد أيضاً البهائم، حتى الإبل في الحداء ما شاء الله تُهمْلِج نعم
الطالب : ...
الشيخ : إي نعم فهذا الرجل عنده غيرة، تكلم عليه، وقال له: فيك ما فيك، وسَبَّه بما لا أحب أن أذكره الآن، وقال: صوت الرحمن مع صوت الشيطان؟ ايه صوت الرحمن؟ الأذان، مع صوته
قال شوف يقوله العامل العامل يعني كاد ينفجر، قال: إما أن تنصرف عني وإلا هذه ... أكسِّر بها رأسك، وأبى أن ينصرف، فالعامل عاند وقال: اذهب وصلِّ ولا دخل لك بي، فجاء هذا الرجل الذي من أهل الخير إلى الشيخ -سُمِّي لي لكن لا حاجة للاسم- قال يا شيخ: أنا مررتُ بالمكان الفلاني، والعامل نصحتُه قال لي: كذا وكذا، قال ... فقال الشيخ : اتركه، وأنا إن شاء الله اشوف عنه.
فذهب إليه الشيخ من اليوم الثاني عند غروب الشمس، ووجده يغني، يروِّح عن نفسه شوي، ويشد السواني، الشيخ ركز عصاه وحط المشلح عليها، تعرفون أن الناس يسوون كذا بالأول، وجاء وسلم عليه سلام عادي ومُطْمَئِن، السلام عليكم، وعليكم السلام، يا الله قَوّ!ايشلون ما هو قَوَّ على الغناء، قَوّ على ...، فلما قال الشيخ هذا الكلام انشرح صدره، ذهب الشيخ وتوضأ، وجاء إلى العامل، قال: ما تتوضأ لتصلي؟ أذَّن الآن بقيم، قال: وايش تقول؟! قال: هذا الكلام، ... قال: جزاك الله خيراً، والله مرَّ عليَّ واحد بالأمس ويبدأ يشتم، وقال، وفعل، وترك، إلا قلت: يا شيخ، طوَّل الله عمرك، والله ما انصرفت من ها ... أكسر بها رأسك، قال: يا بن الحلال! (( وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً ))
راح الشيخ يصلي، الرجل ترك العمل وتوضأ ولحق الشيخ، فالتفت الشيخ بعدما سلم، وإذا يقضي ركعة ولا قال له شيء.
في الليلة الثانية ما راح الشيخ يتوضأ ولا شيء، انتهى الموضوع، وجد هذا العامل لم يفته شيء من الصلاة، سبحان الله! ليش؟ لأنه دعاه بالرفق واللين.
وهذا مهم جداً في جانب الدعوة، ألا تعنِّف، قال الله للنبي عليه الصلاة والسلام: (( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ )) ايش؟ (( لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ )) سبحان الله! هذا يقوله الله عزَّ وجلَّ لأفضل الخلق.
نسأل الله أن يوفقنا وإياكم للحكمة: (( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً )).