تفسير قوله تعالى : " أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" إلى قوله " فلا اقتحم العقبة " من سورة البلد . حفظ
الشيخ : وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو يوم الخميس الثامن عشر من شهر ربيع الأول، والذي يتم فيه اللقاء مع الإخوة في كل أسبوع.
وهذا هو اللقاء الموفِي للسبعين لقاء، وهو الذي يتم في شهر ربيع الأول عام خمسة عشر وأربعمائة وألف.
ومن عادتنا أن نتكلم أولاً عن تفسير آيات كنا معها من سورة النبأ حتى انتهينا إلى أول سورة البلد في قوله تبارك وتعالى: في قوله تبارك وتعالى: (( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ * أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ * يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً * أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ))، وبيَّنا أن قوله تعالى: (( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ )) لها معنيان عند أهل العلم:
المعنى الأول: الكبد يعني: التمام والرفعة في الخِلْقَة، والعقل، وغير ذلك.
والمعنى الثاني: مكابدة المشاق في الأعمال الدنيوية والأخروية.
والقاعدة في تفسير كتاب الله عزَّ وجلَّ يا إخواننا القاعدة: أن الآية إذا كانت تحتمل معنيين ولا تناقض بينهما، فإنها تُحمل على المعنيين جميعاً، لأن ذلك أوسع في التفسير والعلم ...
قال الله عزَّ وجلَّ: (( أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ )) يعني: أن الإنسان في نفسه وقوته يظن أن لن يقدر عليه أحد، لأنه في عنفوان شبابه، وقوته، وكبريائه، وغطرسته، فيقول: لا أحد يقدر عَلَيَّ، أنا أعمل ما شئتُ، ومنه قوله تبارك وتعالى: (( فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً )) قال الله تعالى: (( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً )).
إذن فالإنسان في حال صحته، وعنفوان شبابه يظن أنه لا يقدر عليه أحد، وهذا لا شك بالنسبة للكافر، حتى الرب عزَّ وجلَّ يظن أنه لا يقدر عليه.
أما المؤمن فإنه يعلم أن الله قادر عليه، وأنه على كل شيء قدير، فيخاف الله.
(( يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً )): يقول الإنسان أيضاً في حال غناه وبسط الرزق له: أهلكتُ مالاً لُبداً، أي: مالاً كثيراً، في شهواته وفي ملذاته.
يقول الله عزَّ وجلَّ: (( أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ )) أيظن هذا أنه لا يراه أحد في تبذيره المال، وصرفه فيما لا ينفع؟ وكل هذا تهديد للإنسان أن يتغطرس، وأن يستكبر من أجل قوته البدنية، أو كثرة ماله.
قال الله تعالى: (( أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ )) هذه ثلاث نعم من أكبر النعم على الإنسان.
(( أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ )) يعني: يبصر بهما، ويرى فيهما، وهذه العينان تؤدي إلى القلب ما نظر إليه الإنسان، إن نظر نظرة محرمة كان آثماً، وإن نظر نَظَراً يقربه إلى الله كان غانماً، وإن نظر إلى ما يباح له، فإنه لا يُحْمَد ولا يُذَم ما لم يكن هذا النظر مُفْضياً إلى محظور شرعي، فيكون آثماً بهذا النظر.
(( وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ )): لساناً ينطق به، وشفتين يضبط بهما النطق، وهذه من نعم الله العظيمة، لأنه بهذا اللسان وبالشفتين يستطيع أن يعبر عمَّا في نفسه، ولولا هذا ما استطاع، لو كان لا يتكلم فكيف يؤدي ما في قلبه؟ كيف يُعلم الناس بما في نفسه؟ اللهم إلا بإشارة تُتْعِب يتعب هو أي: المشير، ويتعب المُشار الذي أُشِيْرَ له، ولكن من نعمة الله أن جعل له لساناً ناطقاً، وشفتين يضبط بهما النطق، وهذا من نعمة الله، وهو أيضاً من عجائب قدرته، من أين يأتي النطق؟ من هواء يكون من الرئة يخرج من مخارج معينة، إن مَرَّ بشيء صار حرفاً، وإن مَرَّ بشيء آخر صار حرفاً آخر، وهو هواء واحد، من مخرج واحد، لكن يمر بشعيرات دقيقة في الحلق وفي الشفتين وفي اللثة، هذه الشعيرات تكوِّن الحروف، فتجد مثلاً: الباء والشين كلها بهواء يندفع من الرئة، ومع ذلك تختلف باختلاف ما تمر عليه في هذا الفم ومخارجِ الحروف المعروفة، هذا من تمام قدرة الله عزَّ وجلَّ.
قال: (( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ )) هديناه أي: بيَّنا له طريق الخير وطريق الشر، هذا قول.
والقول الثاني: (( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ )) دَلَلْناه على ما به غذاؤه، وهو الثديان، فإنهما نجدان لارتفاعهما فوق الصدر، فهداه الله تعالى وهو رضيع لا يعرف من حين أن يخرج وتضعه أمه يطلب الثدي، من الذي علَّمه؟ الله عزَّ وجلَّ.
فبيَّن الله عزَّ وجلَّ منتَه على هذا الإنسان، مِن حين يخرج يهتدي إلى النجدين.
وفي بطن أمه يتغذى عن طريق السرة، لأنه لا يستطيع أن يتغذى من غير هذا، لو تغذى عن طريق الفم لاحتاج إلى بول وغائط، وكيف ذلك؟ لكنه عن طريق السرة يأتيه الدم من دم أمه، وينتشر في عروقه حتى يحيا إلى أن يأذن الله تعالى بإخراجه.
ثم قال الله تعالى: (( فلا اقتحم العقبة ))، وندع المجال الآن للأسئلة، لأن الأسئلة قد تكون أفيد، وسنستمر إن شاء الله في المستقبل على ما نحن عليه من تفسير كلام الله سبحانه وتعالى، فنبدأ أولًا باليمين، ويفضل من ليسوا من هذه البلدة، لأنهم جاءوا من مسافة فهم أحق بالتقديم.
أما بعد: فهذا هو يوم الخميس الثامن عشر من شهر ربيع الأول، والذي يتم فيه اللقاء مع الإخوة في كل أسبوع.
وهذا هو اللقاء الموفِي للسبعين لقاء، وهو الذي يتم في شهر ربيع الأول عام خمسة عشر وأربعمائة وألف.
ومن عادتنا أن نتكلم أولاً عن تفسير آيات كنا معها من سورة النبأ حتى انتهينا إلى أول سورة البلد في قوله تبارك وتعالى: في قوله تبارك وتعالى: (( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ * أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ * يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً * أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ))، وبيَّنا أن قوله تعالى: (( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ )) لها معنيان عند أهل العلم:
المعنى الأول: الكبد يعني: التمام والرفعة في الخِلْقَة، والعقل، وغير ذلك.
والمعنى الثاني: مكابدة المشاق في الأعمال الدنيوية والأخروية.
والقاعدة في تفسير كتاب الله عزَّ وجلَّ يا إخواننا القاعدة: أن الآية إذا كانت تحتمل معنيين ولا تناقض بينهما، فإنها تُحمل على المعنيين جميعاً، لأن ذلك أوسع في التفسير والعلم ...
قال الله عزَّ وجلَّ: (( أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ )) يعني: أن الإنسان في نفسه وقوته يظن أن لن يقدر عليه أحد، لأنه في عنفوان شبابه، وقوته، وكبريائه، وغطرسته، فيقول: لا أحد يقدر عَلَيَّ، أنا أعمل ما شئتُ، ومنه قوله تبارك وتعالى: (( فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً )) قال الله تعالى: (( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً )).
إذن فالإنسان في حال صحته، وعنفوان شبابه يظن أنه لا يقدر عليه أحد، وهذا لا شك بالنسبة للكافر، حتى الرب عزَّ وجلَّ يظن أنه لا يقدر عليه.
أما المؤمن فإنه يعلم أن الله قادر عليه، وأنه على كل شيء قدير، فيخاف الله.
(( يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً )): يقول الإنسان أيضاً في حال غناه وبسط الرزق له: أهلكتُ مالاً لُبداً، أي: مالاً كثيراً، في شهواته وفي ملذاته.
يقول الله عزَّ وجلَّ: (( أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ )) أيظن هذا أنه لا يراه أحد في تبذيره المال، وصرفه فيما لا ينفع؟ وكل هذا تهديد للإنسان أن يتغطرس، وأن يستكبر من أجل قوته البدنية، أو كثرة ماله.
قال الله تعالى: (( أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ )) هذه ثلاث نعم من أكبر النعم على الإنسان.
(( أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ )) يعني: يبصر بهما، ويرى فيهما، وهذه العينان تؤدي إلى القلب ما نظر إليه الإنسان، إن نظر نظرة محرمة كان آثماً، وإن نظر نَظَراً يقربه إلى الله كان غانماً، وإن نظر إلى ما يباح له، فإنه لا يُحْمَد ولا يُذَم ما لم يكن هذا النظر مُفْضياً إلى محظور شرعي، فيكون آثماً بهذا النظر.
(( وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ )): لساناً ينطق به، وشفتين يضبط بهما النطق، وهذه من نعم الله العظيمة، لأنه بهذا اللسان وبالشفتين يستطيع أن يعبر عمَّا في نفسه، ولولا هذا ما استطاع، لو كان لا يتكلم فكيف يؤدي ما في قلبه؟ كيف يُعلم الناس بما في نفسه؟ اللهم إلا بإشارة تُتْعِب يتعب هو أي: المشير، ويتعب المُشار الذي أُشِيْرَ له، ولكن من نعمة الله أن جعل له لساناً ناطقاً، وشفتين يضبط بهما النطق، وهذا من نعمة الله، وهو أيضاً من عجائب قدرته، من أين يأتي النطق؟ من هواء يكون من الرئة يخرج من مخارج معينة، إن مَرَّ بشيء صار حرفاً، وإن مَرَّ بشيء آخر صار حرفاً آخر، وهو هواء واحد، من مخرج واحد، لكن يمر بشعيرات دقيقة في الحلق وفي الشفتين وفي اللثة، هذه الشعيرات تكوِّن الحروف، فتجد مثلاً: الباء والشين كلها بهواء يندفع من الرئة، ومع ذلك تختلف باختلاف ما تمر عليه في هذا الفم ومخارجِ الحروف المعروفة، هذا من تمام قدرة الله عزَّ وجلَّ.
قال: (( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ )) هديناه أي: بيَّنا له طريق الخير وطريق الشر، هذا قول.
والقول الثاني: (( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ )) دَلَلْناه على ما به غذاؤه، وهو الثديان، فإنهما نجدان لارتفاعهما فوق الصدر، فهداه الله تعالى وهو رضيع لا يعرف من حين أن يخرج وتضعه أمه يطلب الثدي، من الذي علَّمه؟ الله عزَّ وجلَّ.
فبيَّن الله عزَّ وجلَّ منتَه على هذا الإنسان، مِن حين يخرج يهتدي إلى النجدين.
وفي بطن أمه يتغذى عن طريق السرة، لأنه لا يستطيع أن يتغذى من غير هذا، لو تغذى عن طريق الفم لاحتاج إلى بول وغائط، وكيف ذلك؟ لكنه عن طريق السرة يأتيه الدم من دم أمه، وينتشر في عروقه حتى يحيا إلى أن يأذن الله تعالى بإخراجه.
ثم قال الله تعالى: (( فلا اقتحم العقبة ))، وندع المجال الآن للأسئلة، لأن الأسئلة قد تكون أفيد، وسنستمر إن شاء الله في المستقبل على ما نحن عليه من تفسير كلام الله سبحانه وتعالى، فنبدأ أولًا باليمين، ويفضل من ليسوا من هذه البلدة، لأنهم جاءوا من مسافة فهم أحق بالتقديم.