هل يوجد تعارض بين حديث "من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئون به فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافئتموه " وحديث " من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية فقبلها فقد أتى بابا من أبواب الربا" فكيف نكافئ من شفع لنا .؟ حفظ
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ : هذان حديثان صحيحان يوهم ظاهرهما التعارض، الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: ( من صنع إليكم معروفًا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافئتموه ) الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح، الحديث الثاني: ( من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى بابًا عظيمًا من أبواب الربا ) رواه أبو داود وهو حديث حسن، وهذا الإنسان الذي شفع لأخيه لا شك عمل معه معروفًا فإذا أراد أن يكافئه فكيف يعتبر من الربا أفيدونا جزاكم الله خير؟ وهل يحمل هذا على اشتراط الأجرة أو أخذ أجرة في هذا؟
الشيخ : نعم، أولًا: لا يوجد في القرآن بين آياته تعارض ولا بين السنة الصحيحة تعارض، هذه قاعدة معروفة عند أهل العلم، وإذا قرأت آيتين فظننت أنهما متعارضتان فأعد النظر مرة بعد أخرى، فإن لم تصل إلى نتيجة فاسأل أهل العلم، وكذلك أيضًا يقال في الحديثين الصحيحين كذلك أنه لا يمكن التعارض بينهما، فإن أشكل عليك شيء فأعد النظر مرة بعد أخرى، ثم إن لم يظهر لك الجمع فانظر أي الحديثين أقوى، لأن الأحاديث الواردة عن الرسول عليه الصلاة والسلام ليست كالقرآن، فهي منقولة بخبر الآحاد وبخبر التواتر، وخبر الآحاد من المعلوم أن بعض المخبرين أقوى من بعض، فانظر أيهما أقوى، فإذا كان كلهما سواء في القوة فاحمل أحدهما على محمل لا يتعارض مع الآخر.
فهذا الحديث وهو من هدية من شفع له أن يهدي إلى الشافع يريد بذلك الشفاعة التي يريدها الإنسان وجه الله عز وجل، فإنه لا يقبل لأن ما أريد به الآخرة لا يكون سببًا لنيل الدنيا، ولأن الشافع الذي يشفع يريد بذلك وجه الله، إذا أعطي هدية فإن نفسه قد تغلبه في المستقبل فينظر في شفاعته إلى مافي أيدي الناس، فلهذا حذّر من قبول الشفاعة، وأما من صنع إليكم معروفًا فكافئؤه فالمراد به ما سوى الشفاعة التي منعت فيكون هذا عامًّا وهذا مخصصًّا.