هل يجوز للناس أن يتحدثواعن السياسة في مجالسهم العامة ؟ حفظ
الشيخ : نعم؟
السائل : بسم الله الرّحمن الرّحيم .
فضيلة الشّيخ يكثر في بعض المجالس الكلام عن السّياسة، وعندما تنكر عليهم يقولون السّياسة من الدّين، ويكون فيه غيبة، لكن هو المجلس فيه ذكر لله لكن بعد أن ينتهي يخوضون في مثل هذه الأمور، فما رأيكم في الجلوس معهم؟
الشيخ : أنا رأيي أنّ الكلام في السّياسة في عامّة النّاس خطأ، لأنّ السّياسة لها رجال وأقوام، رجالها ذووا السّلطة والحكم، أمّا أن تكون السّياسة منثورة بين أيدي العوام وفي المجالس فهذا خلاف هدي السّلف الصّالح، فما كان عمر بن الخطاب ومن قبله كأبي بكر رضي الله عنهما يبثّون سياستهم في مجامع النّاس، يلوكها الصّغير والكبير، والسّفيه والعاقل، أبدًا، ولا يمكن أن تكون السّياسة هكذا.
السّياسة لها أقوام متمرّسون فيها، يعرفونها ويعرفون مداخلها، ولهم اتّصال بالخارج، واتّصال بالدّاخل لا يعرفه كثير من النّاس.
ولا ينبغي للشّباب وغير الشّباب أن يمضوا أوقاتهم ويضيّعوها في مثل هذا القيل والقال الذي لا فائدة منه.
ثمّ إنّه قد يبدو لنا مثلاً أن صنيع واحد من النّاس خطأ وقد يكون الصّواب معه، لأنّه يعلم من الأمور التي علمها ما لم نعلمه نحن، وهذا شيء مشاهد مجرّب.
وغالب الذين يتكلّمون بالسّياسة إنّما يستنتجونها من أشياء لا أصل لها ولا حقيقة لها، وإنّما هي أوهام يتوهّمونها ثمّ يبنون عليها ما يتكلّمون به فيقفون ما ليس لهم به علم، وقد قال الله تعالى: (( ولا تقف ما ليس لك به علم إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولًا )).
السائل : ما رأيكم في الجلوس؟
الشيخ : أمّا الجلوس معهم فما داموا على ذكر فاجلس معهم، وإذا قاموا يخوضون هذا الخوض الذي لا فائدة فيه فانصحهم أوّلاً، فإن اهتدوا فهذا هو المطلوب وإلاّ ففارقهم.
ثمّ إذا كان حضوركَ مجالسهم التي للذّكر يؤدّي إلى أن يغترّوا بأنفسهم أو أن يغترّ بمجيئك إليهم غيرهم فيقولون: لولا أنّ هؤلاء على خير ما جاء إليهم فلان وفلان فلا تأت إليهم أيضاً حتى للذّكر، لأنّ أبواب الذّكر والحمد لله كثيرة، نعم.