ما معنى الحروف المتقطعة الموجودة في بدايات بعض السور ؟وإذا لم يكن لها معنى فكيف يتكلم الله بما لا يعرف معناه ؟ حفظ
السائل : فضيلة الشّيخ تعدّدت أقوال المفسّرين في الحروف المقطّعة في أوائل السّور، والسّؤال: هل هذه الحروف لها معنى أو ليس لها معنى؟
وإذا كان لها معنى فهل استأثر الله بعلمه أو يعرفه الرّاسخون في العلم؟
وإذا كان ليس لها معنى فقد يرد علينا إشكال أنّه كيف يتكلّم الله عزّ وجلّ وهو الحكيم العليم بكلام ليس له معنى؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا؟
الشيخ : الصّحيح أنّ هذه الحروف الهجائيّة التي في أوّل السّور ليس لها معنى لقول الله تبارك وتعالى: (( نزل به الرّوح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسانٍ عربيّ مبين )) واللّسان العربيّ لا يجعل لهذه الحروف معنى إطلاقًا، بل هذه الحروف حروف يتكوّن منها كلام النّاس، وليس معنى قولنا: إنّها ليس لها معنى أي ليس لها فائدة! هي لها فائدة عظيمة، فائدتها: أنّ هذا القرآن الكريم الذي أعجزكم معشر العرب مع قدرتكم وبلاغتكم، وفصاحتكم، لم يكن أتى بجديد من الحروف التي تعرفونها بل هو من الحروف التي أنتم تعرفونها وتركّبون كلامكم منها، ويدلّ لهذا أنّك لا تكاد ترى سورة مبدوءة بالحروف الهجائيّة إلاّ وبعدها ذكر القرآن، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قال: " إنّ لها مغزى ولكن ليس لها معنى لذاتها "، وعرفت الدّليل على أنّه ليس لها معنى في حدّ ذاتها من القرآن نفسه (( بلسان عربيّ مبين )) وبناء على ذلك لو ادّعى مدّع أنّها حروف ترمز إلى شيء من الأشياء فإنّنا لا نأخذ قوله، لأنّنا لو قلنا أنّها حروف ترمز إلى شيء من الأشياء لا يعلمها إلاّ الله لكان في القرآن ما لا يعلمه إلاّ الله، وقد تكفّل الله عزّ وجلّ أن يبيّن القرآن لعباده فقال: (( فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه * ثمّ إنّ علينا بيانه )) وليس في القرآن كلمة ولا حرف لا يعلم معناه إلاّ الله أبداً، لا بدّ أن يعلم، لكن العلوم تختلف، فالرّاسخون في العلم لهم علم، ومن دونهم لهم علم، والعاميّ له علم، أمّا أن يوجد شيء في القرآن لا يعلمه أحد من النّاس فهذا شيء مستحيل بل لا بدّ أن يكون معلوما، نعم.