ما صفة التعزية ؟ وهل يعزي غير أهل الميت ؟ وما حكمها ؟وهل تجوز المصافحة والتقبيل عندها ؟ حفظ
السائل : فضيلة الشّيخ.
الشيخ : نعم؟
السائل : ما صفة التّعزية؟ وهل يعزّى غير أقرباء الميّت مثل زملائه وجيرانه؟
وهل التّقبيل أو المصاحفة عند التّعزية مشروع؟
وهل يعزّى بالهاتف أو بالذّهاب إلى منزل المعزّى؟
وهل: " التعزية عند المصاب "حديث؟
وما معناه؟
الشيخ : هذه ستّة أسئلة!
السائل : متّصلة يا شيخ.
الشيخ : ستّة أسئلة في سؤال واحد، طيب التّعزية سنّة مؤكّدة للمصاب من قريب أو صديق أو زميل أو غير ذلك.
ومعنى التّعزية تقوية المصاب على تحمّل ما نزل به من المكروه، هذه هي التّعزية ومنها الأرض العزاز يعني الصّلبة، فكأنّك تصلّب هذا الرّجل وتقوّيه حتى لا يلين أمام هذه المصيبة، بل يكون قويّا، فكلّما رأيت مصابا بماله أو فقد حبيبه أو مرض فيه أو غير ذلك أو تعزّيه.
وأحسن صيغة للتّعزية ما عزّى به النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إحدى بناته حيث قال للرّسول الذي أرسلته إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ( مرها فلتصبر وتحتسب، فإنّ لله ما أخذ وله ما أبقى وكلّ شيء عنده بأجل مسمّى ) هذا أحسن ما يكون، وله أن يقول دعاء مناسباً مثل ما هو مشهور عند النّاس اليوم: " أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر الله لميتك " أو غير ذلك من الدّعاء المناسب.
وأمّا التّقبيل والمصافحة فليست من سنن التّعزية إلاّ إذا كان هذا أوّل ما لقيته فإنّك تصافحه، لأنّ المشروع عند الملاقاة المصافحة، وأمّا أن تتّخذ سنّة على أنّها من سنن التّعزية فهذا بدعة، لأنّ كلّ من تقرّب إلى الله بشيء لم يشرعه الله كان مبتدعاً.
وأمّا مكانها فليس لها مكان معيّن، أيّ مكان تجد فيه المصاب وتشعر بأنّه مصاب فإنّك تعزّيه.
وأمّا زمنها فقيل: إنّها تقيّد بثلاثة أيّام من حدوث المصيبة استدلالا بقول النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( لا يحلّ لامرأة أن تحدّ على ميّت فوق ثلاث إلاّ على زوج )، ولكنّ الاستدلال بهذا الحديث فيه نظر، لأنّ الحديث في الإحداد وليس في التّعزية.
والصّواب أنّ التّعزية مشورعة ما دامت المصيبة باقية، فإن نسيها أو رُئِي أنّه ليس بمصاب إلى ذاك الحدّ فإنّه لا يعزّى.
ولكن هل تكرّر التّعزية؟
بمعنى أنّك إذا عزّيته اليوم ثمّ رأيته من الغد هل تعيد التّعزية عليه؟
أقول: إن وُجِد سبب فنعم، فمثلا لو عزّيته اليوم وأتيته من الغد فوجدت الرّجل ما زال حزينا، وما زال يبكي مثلا، فإنّي أقول له: يا أخي اتّق عزّ وجلّ، ولا تؤذ الميّت، ( لأنّ الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه ) ولكن ليس تعذيب عقوبة بل تعذيب تألّم وضيق نفس وما أشبه ذلك، نعم فصارت الخلاصة : أنّها لا تختصّ بأحد وإنّما تشمل كلّ مصاب، ولا تختصّ بمكان، ولا تختصّ بزمان، ما دام أثر المصيبة باقيا فعزّه، أمّا تكراره فكما علمتم: إن دعت الحاجة إلى ذلك وإلاّ فلا تكرّره.
السائل : يعزي بالهاتف.
الشيخ : نعم؟
السائل : بأي شيء يعزي.
الشيخ : بأيّ شيء يكون، التّعزية بالهاتف أو بالكتابة أو بأيّ شيء.
السائل : الذّهاب إلى البيت؟
الشيخ : لا، لا أرى الذّهاب إليهم في البيت لأنّ جرير بن عبد الله رضي الله عنه يقول: ( كنّا نعدّ الإجتماع إلى أهل الميّت وصنع الطّعام من النّياحة ) اللهمّ إلاّ أن يكون قريبا جدّا، وتخشى إن لم تذهب يعدّ ذلك من قطيعة الرّحم فهذا شيء آخر.