تفسير سورة الكافرون وما يستفاد من الآيات . حفظ
الشيخ : ثم قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: (( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ )):
هذه السورة هي إحدى سورتي الإخلاص، لأن سورتي الإخلاص: (( قل يا أيها الكافرون )) و (( قل هو الله أحد )) ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في سنة الفجر، وفي سنة المغرب، وفي ركعتي الطواف، لما تضمناه من الإخلاص لله عز وجل، والثناء عليه بالصفات الكاملة، في سورة (( قل هو الله أحد )) .
يقول الله آمراً نبيه: (( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )) يناديهم يعلن لهم بالنداء، (( يا أيها الكافرون )) وهذا يشمل كل كافر سواء كان من المشركين أو من اليهود أو من النصارى أو من الشيوعيين أو من غيرهم، كل كافر يجب أن تناديه بقلبك أو بلسانك إن كان حاضراً لتتبرأ منه ومن عبادته.
(( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )): كررت في الجمل على مرتين مرتين:
(( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )) أي: لا أعبد الذي تعبدونهم، وهم الأصنام.
(( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) وهو الله، وما هنا في قوله: (( مَا أَعْبُدُ )) بمعنى: من، لأن الاسم الموصول إذا عاد إلى الله فإنه يأتي بلفظ من.
(( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )): يعني: أنا لا أعبد أصنامكم وأنتم لا تعبدون الله.
(( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )): الآن يظن الظان أن هذه مكررة للتوكيد، وليس كذلك، لأن الصيغة مختلفة: (( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )) هذا فعل أو اسم؟ سؤال؟
السائل : فعل.
الشيخ : (( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )) فعل، (( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) عابد وعابدون اسم، والتوكيد لابد أن تكون الجملة الثانية كالأولى، إذاً القول بأنه كرر للتوكيد ضعيف.
إذاً لماذا هذا التكرار؟
قال بعض العلماء: (( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )) الآن، (( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ )) في المستقبل، هذا قول، فصار: (( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )) يعني: في الحال، (( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ )) يعني: في المستقبل، لأن الفعل المضارع يدل على الحال، واسم الفاعل يدل على الاستقبال، بدليل أنه عمل، واسم الفاعل لا يعمل إلا إذا كان للاستقبال.
(( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )): الآن، (( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) يعني: الآن، (( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ )) يعني: في المستقبل، (( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) يعني: في المستقبل.
لكن أورد على هذا القول إيراد، كيف قال: (( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) مع أنهم قد يؤمنون فيعبدون الله؟!
وعلى هذا فيكون في هذا القول نوع من الضعف، أجابوا عن ذلك بأن قوله: (( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) يخاطب المشركين الذين علم الله تعالى أنهم لن يؤمنوا، فيكون الخطاب ليس عاماً وهذا مما يضعف القول بعض الشيء، فعندنا الآن قولان:
الأول: أنها توكيد.
والثاني: أنها في المستقبل.
القول الثالث: (( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )) أي: لا أعبد الأصنام التي تعبدونها، (( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) أي: لا تعبدون الله.
(( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) أي: في العبادة، يعني: ليست عبادتي كعبادتكم، ولا عبادتكم كعبادتي، فيكون هذا نفي للفعل لا للمفعول له، أي: ليس نفي للمعبود ولكنه نفي للعبادة، أي: لا أعبد كعبادتكم ولا تعبدون أنتم كعبادتي، لأن عبادتي خالصة لله، وعبادتكم عبادة الشرك، الأقوال الآن كم؟
ثلاثة.
القول الرابع: اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أن قوله: (( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) هذا الفعل، فوافق القول الأول في هذه الجملة (( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) أي: في القبول، بمعنى: ولن أقبل غير عبادتي، ولن أقبل عبادتكم وأنتم كذلك لن تقبلوا، فتكون الجملة الأولى عائدة على الفعل، والجملة الثانية عائدة على القبول والرضا، يعني: لا أعبده ولا أرضى به، وأنتم كذلك لا تعبدون الله ولا ترضون بعبادته، وهذا القول إذا تأملته لا يرد عليه شيء من الاعتراضات السابقة، فيكون قولاً حسناً جيداً.
ومن هنا نأخذ: أن القرآن الكريم ليس فيه شيء مكرر لغير فائدة إطلاقًا، ليس فيه شيء مكرر إلا وفيه فائدة، لأننا لو قلنا: إن في القرآن شيئاً مكرراً بدون فائدة لكان في القرآن ما هو لغو وهو منزه عن ذلك.
وعلى هذا فالتكرار في سورة الرحمن: (( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ))، وفي سورة المرسلات: (( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ )) ليس ذا فائدة، بل هو تكرار لفائدة عظيمة، وهي: أن كل آية مما بين هذه الآية المكررة فإنها تشتمل على نِعَم عظيمة، وآلاء جسيمة.
ثم إن فيها من الفائدة اللفظية: تنبيه المخاطب، حيث يكرر عليه: (( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ))، ويكرر عليه: (( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ )).
ثم قال عز وجل: (( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ )): لكم دينكم الذي أنتم عليه وتدينون به، ولي ديني، فأنا بريء من دينكم وأنتم بريئون من ديني.
قال بعض أهل العلم: وهذه السورة نزلت قبل فرض الجهاد، لأنه بعد الجهاد لا يُقر الكافر على دينه إلا بالجزية إن كان من أهل الكتاب وعلى القول الراجح: أو من غيرهم.
ولكن الصحيح أنها لا تنافي الأمر بالجهاد حتى نقول: إنها منسوخة، بل هي باقية ويجب أن نتبرأ من دين اليهود والنصارى والمشركين في كل وقت وحين، ولهذا نقر اليهود والنصارى على دينهم بالجزية ونحن نعبد الله وهم يعبدون ما يعبدون.
على كل حال هذه السورة فيها البراءة والتخلي من عبادة غير الله عز وجل، سواء في المعبود أو في نوع الفعل، وفيها الإخلاص لله عز وجل، وألا نعبد إلا اللهَ وحده لا شريك له.
وإلى هنا ينتهي ما تيسر من الكلام على هذه السورة وسورة الكوثر، ونبدأ الآن بالأسئلة، ومن اليمين، ولكل واحد سؤال.
هذه السورة هي إحدى سورتي الإخلاص، لأن سورتي الإخلاص: (( قل يا أيها الكافرون )) و (( قل هو الله أحد )) ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في سنة الفجر، وفي سنة المغرب، وفي ركعتي الطواف، لما تضمناه من الإخلاص لله عز وجل، والثناء عليه بالصفات الكاملة، في سورة (( قل هو الله أحد )) .
يقول الله آمراً نبيه: (( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )) يناديهم يعلن لهم بالنداء، (( يا أيها الكافرون )) وهذا يشمل كل كافر سواء كان من المشركين أو من اليهود أو من النصارى أو من الشيوعيين أو من غيرهم، كل كافر يجب أن تناديه بقلبك أو بلسانك إن كان حاضراً لتتبرأ منه ومن عبادته.
(( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )): كررت في الجمل على مرتين مرتين:
(( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )) أي: لا أعبد الذي تعبدونهم، وهم الأصنام.
(( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) وهو الله، وما هنا في قوله: (( مَا أَعْبُدُ )) بمعنى: من، لأن الاسم الموصول إذا عاد إلى الله فإنه يأتي بلفظ من.
(( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )): يعني: أنا لا أعبد أصنامكم وأنتم لا تعبدون الله.
(( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )): الآن يظن الظان أن هذه مكررة للتوكيد، وليس كذلك، لأن الصيغة مختلفة: (( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )) هذا فعل أو اسم؟ سؤال؟
السائل : فعل.
الشيخ : (( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )) فعل، (( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) عابد وعابدون اسم، والتوكيد لابد أن تكون الجملة الثانية كالأولى، إذاً القول بأنه كرر للتوكيد ضعيف.
إذاً لماذا هذا التكرار؟
قال بعض العلماء: (( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )) الآن، (( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ )) في المستقبل، هذا قول، فصار: (( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )) يعني: في الحال، (( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ )) يعني: في المستقبل، لأن الفعل المضارع يدل على الحال، واسم الفاعل يدل على الاستقبال، بدليل أنه عمل، واسم الفاعل لا يعمل إلا إذا كان للاستقبال.
(( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )): الآن، (( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) يعني: الآن، (( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ )) يعني: في المستقبل، (( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) يعني: في المستقبل.
لكن أورد على هذا القول إيراد، كيف قال: (( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) مع أنهم قد يؤمنون فيعبدون الله؟!
وعلى هذا فيكون في هذا القول نوع من الضعف، أجابوا عن ذلك بأن قوله: (( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) يخاطب المشركين الذين علم الله تعالى أنهم لن يؤمنوا، فيكون الخطاب ليس عاماً وهذا مما يضعف القول بعض الشيء، فعندنا الآن قولان:
الأول: أنها توكيد.
والثاني: أنها في المستقبل.
القول الثالث: (( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )) أي: لا أعبد الأصنام التي تعبدونها، (( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) أي: لا تعبدون الله.
(( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) أي: في العبادة، يعني: ليست عبادتي كعبادتكم، ولا عبادتكم كعبادتي، فيكون هذا نفي للفعل لا للمفعول له، أي: ليس نفي للمعبود ولكنه نفي للعبادة، أي: لا أعبد كعبادتكم ولا تعبدون أنتم كعبادتي، لأن عبادتي خالصة لله، وعبادتكم عبادة الشرك، الأقوال الآن كم؟
ثلاثة.
القول الرابع: اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أن قوله: (( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) هذا الفعل، فوافق القول الأول في هذه الجملة (( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )) أي: في القبول، بمعنى: ولن أقبل غير عبادتي، ولن أقبل عبادتكم وأنتم كذلك لن تقبلوا، فتكون الجملة الأولى عائدة على الفعل، والجملة الثانية عائدة على القبول والرضا، يعني: لا أعبده ولا أرضى به، وأنتم كذلك لا تعبدون الله ولا ترضون بعبادته، وهذا القول إذا تأملته لا يرد عليه شيء من الاعتراضات السابقة، فيكون قولاً حسناً جيداً.
ومن هنا نأخذ: أن القرآن الكريم ليس فيه شيء مكرر لغير فائدة إطلاقًا، ليس فيه شيء مكرر إلا وفيه فائدة، لأننا لو قلنا: إن في القرآن شيئاً مكرراً بدون فائدة لكان في القرآن ما هو لغو وهو منزه عن ذلك.
وعلى هذا فالتكرار في سورة الرحمن: (( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ))، وفي سورة المرسلات: (( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ )) ليس ذا فائدة، بل هو تكرار لفائدة عظيمة، وهي: أن كل آية مما بين هذه الآية المكررة فإنها تشتمل على نِعَم عظيمة، وآلاء جسيمة.
ثم إن فيها من الفائدة اللفظية: تنبيه المخاطب، حيث يكرر عليه: (( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ))، ويكرر عليه: (( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ )).
ثم قال عز وجل: (( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ )): لكم دينكم الذي أنتم عليه وتدينون به، ولي ديني، فأنا بريء من دينكم وأنتم بريئون من ديني.
قال بعض أهل العلم: وهذه السورة نزلت قبل فرض الجهاد، لأنه بعد الجهاد لا يُقر الكافر على دينه إلا بالجزية إن كان من أهل الكتاب وعلى القول الراجح: أو من غيرهم.
ولكن الصحيح أنها لا تنافي الأمر بالجهاد حتى نقول: إنها منسوخة، بل هي باقية ويجب أن نتبرأ من دين اليهود والنصارى والمشركين في كل وقت وحين، ولهذا نقر اليهود والنصارى على دينهم بالجزية ونحن نعبد الله وهم يعبدون ما يعبدون.
على كل حال هذه السورة فيها البراءة والتخلي من عبادة غير الله عز وجل، سواء في المعبود أو في نوع الفعل، وفيها الإخلاص لله عز وجل، وألا نعبد إلا اللهَ وحده لا شريك له.
وإلى هنا ينتهي ما تيسر من الكلام على هذه السورة وسورة الكوثر، ونبدأ الآن بالأسئلة، ومن اليمين، ولكل واحد سؤال.