تفسير سورة المسد ومغزى هذه السورة . حفظ
الشيخ : أما السورة الثانية فهي قوله تعالى: (( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ )).
سبحان الله! هذا القرآن فيه من الدلالات الكثيرة ما يدل دلالة واضحة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، ليس لعلوه ولا لجاهه ولا لرئاسة قومه أبداً، له أعمام الرسول عليه الصلاة والسلام انقسموا في معاملته ومعاملة ربه عز وجل إلى ثلاثة أقسام:
قسم آمن به، وجاهد معه، وأسلم لله رب العالمين.
وقسم سانَد وساعد لكنه باقٍ على الكفر والعياذ بالله.
وقسم: عاند وعارض وهو كافر.
أما القسم الأول: فـالعباس بن عبد المطلب ، وحمزة بن عبد المطلب، والثاني أفضل من الأول، لأن الثاني من أفضل الشهداء عند الله عز وجل، ووصفه النبي صلى الله عليه وسلم: ( بأنه أسد الله وأسد رسوله )، واستشهد رضي الله عنه في أحد في السنة الثانية من الهجرة، جمعني الله وإياكم به في جنات النعيم.
أما الذي ساند وساعد مع بقايا الكفر فهو أبو طالب ، أبو طالب قام مع النبي صلى الله عليه وسلم خير قيام في الدفاع عنه، ومساندته، ولكنه والعياذ بالله قد سبقت له كلمة العذاب، لم يسلم حتى في آخر حياته في آخر لحظة من الدنيا عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يسلم ولكنه أبى، ومات على قوله: إنه على ملة عبد المطلب، ( فشفع له النبي عليه الصلاة والسلام حتى كان في ضحضاح من نار وعليه نعلان يغلي منهما دماغه ).
أما الثالث الذي عاند وعارض فهو أبو لهب، أنزل الله فيه سورة كاملة تتلى في الصلوات فرضِها ونفلها، في السرِّ والعلن، يثاب المرء على تلاوتها على كل حرف عشر حسنات، يعني: الذي يقرأ سيرة أبي لهب التي في هذه السورة له في كل حرف عشر حسنات، لكن لو قرأت سيرة أبي بكر مِن سيرة ابن إسحاق أو سيرة *البداية والنهاية* أو غيرها ما حصل لك هذا الأجر، فالإنسان كأنه يُدعى دعوة أكيدة إلى قراءة سيرة أبي لهب، كل حرف تقرأه من تبَّت لك به عشر حسنات.
يقول عز وجل: (( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ )): وهذا رد على قوله -أي: قول أبي لهب- حين جمعهم النبي صلى الله عليه وسلم ليدعوهم إلى الله، فبشر وأنذر، قال أبو لهب: تباً لك ألهذا جمعتنا؟! هذه الإشارة للتحقير، يعني: هذا أمرٌ حقير لا يحتاج أن يُجمع له زعماء قريش، وهذا كقولهم: (( أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ )) أي: يعيبها ويسبها، يعنون الرسول، قريش تقول: (( أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ )) المعنى: التحقير ليس فيه شيء ولا يُهتم بهم، كما قالوا: (( لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ )).
فالحاصل: أن أبا لهب قال: تباً لك ألهذا جمعتنا؟! فرد الله عليه بهذه السورة (( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ )) والتباب الخسار، كما قال تعالى: (( وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ )) أي: خسار، وبدأ بيديه قبل ذاته، لأن اليدين هما آلة العند والحركة والأخذ والعطاء وما أشبه ذلك، وهذا اللَّقب أبو لهب لقب مناسب تماماً في حاله ومآله، وجه المناسبة: أن هذا الرجل سوف يكون في نار تلظَّى والعياذ بالله تتلظى لهباً عَظيماً، فكنيته مطابقة لحاله ومآله، يقول الشاعر:
" وقلَّ أن أبصرت عينك ذا لقب *** إلا ومعناه إن فكرت في لقبه " .
ولما أقبل سهيل بن عمرو في قصة غزوة الحديبية قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( هذا سهيل بن عمرو وما أراه إلا سهل لكم من أمركم ) لأن الاسم مطابق للفعل.
يقول الله عز وجل: (( مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ )): " ما " : هذه يحتمل أن تكون استفهامية، والمعنى: أي شيء أغنى عنه ماله وما كسب؟!
الجواب: لا شيء.
ويحتمل أن تكون " ما " : نافية أي: لم يغنِ عنه ماله وما كسب شيئاً، وكلا المعنيين متلازمان.
ومعناهما: أن ماله وما كسب لم يغنِ عنه شيئاً، مع أن العادة أن المال ينفع، المال يأتي به الإنسانُ نفسَه، لو تسلَّط عليه عدو وقال: أنا أعطيك كذا وكذا من المال وأطلقني، يطلقه، لكن قد يَطلب مالاً كثيراً أو قليلاً، لو مُرِض انتفع بماله، لو جاع انتفع بماله، فالمال ينفع، لكن النفع الذي لا يُنجي صاحبه من النار ليس بنافع.
ولهذا قال تعالى: (( مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ )) يعني: من الله شيئاً.
وقوله: (( وَمَا كَسَبَ )) قيل: المعنى وما كسب من الولد، كأنه قال: ما أغنى عنه ماله وولده، كقول نوح: (( وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً )) فجعلوا قوله: (( وَمَا كَسَبَ )) يعني بذلك الولد.
وأيدوا هذا القول بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم مِن كسبكم ) .
والصواب: أن الآية أعمُّ مِن هذا، وأن الآية تشمل الأولاد، وتشمل المال المكتَسَب الذي ليس في يده الآن، وتشمل ما كسبه من شرف وجاه، كل ما كسبه مما يزيده شرفاً وعزاً فإنه لا يغني عنه شيئاً.
(( مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ )) والسين في قوله: (( سيصلى )): للتتفيس المفيد للحقيقة والقرب، يعني: أن الله تعالى وعده أو توعَّده بأنه سيصلى ناراً ذاتَ لهب، قلت لكم السين: للتحقيق والتقريب، يعني: أنه سوف يصلى عن قريب ناراً ذاتَ لهب، لأن البقاء في الدنيا مهما طال فإن الآخرة قريبة، حتى الناس في البرزخ وإن مضت عليهم ملايين السنين فإنها كأنها ساعة، قال تعالى: (( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ))، وشيء يُقدَّر بساعة من نهار، أظننا نتفق على أنه قريب ولا شيء.
يقول عز وجل: (( سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ )): السين هذه تفيد التقريب والتحقيق، فكونه يصلى النار ذات اللَّهب أمر محقق وقريب.
(( سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ )) يعني: وكذلك امرأته معه -والعياذ بالله- وهي امرأة من أشراف قريش، لكن لم يغنِ عنها شرفها شيئاً، لكونها شاركت زوجها في العدوان والإثم والبقاء على الكفر.
وقوله: (( حَمَّالَةَ الْحَطَبِ )): قرئت بالنصب وبالرفع:
أما النصب فإنها تكون حالاً من امرأة، يعني: وامرأته حالَ كونها حمالةَ الحطب، أو تكون منصوبة على الذم، لأن النعت المقطوع يجوز نصبه على الذم، أي: أذمُّ حمالةَ الحطب.
وأما على قراءة الرفع فهي صفة لامرأة.
(( حَمَّالَةَ الْحَطَبِ )) إيش الحطب الذي تحمل، وتحمله بكثرة؟
يعني: حمالة: صيغة مبالغة، ذكروا أنها تحمل الحطب الذي فيه الشوك وتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والعياذ بالله من أجل أذى الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ )) الجيد: العنق، والحبل معروف، والمسد الليف، يعني: أنها متقلدة حبلاً من الليف تخرج به إلى الصحراء لتربط به الحطب الذي تأتي به لتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم -نعوذ بالله من ذلك- وهو إشارة إلى دنو منزلتها وأنها أهانت نفسها، امرأة من قريش من أكابر قبائل قريش تخرج إلى الصحراء وتضع هذا الحبل في عنقها وهو من الليف، مع ما فيه من المهانة لكن من أجل أذية الرسول عليه الصلاة والسلام، نسأل الله العافية.
وبهذا انتهى الكلام بما يسره الله عز وجل على هاتين السورتين، والآن إلى دور الأسئلة، نبدأ بالسؤال من اليمين.
سبحان الله! هذا القرآن فيه من الدلالات الكثيرة ما يدل دلالة واضحة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، ليس لعلوه ولا لجاهه ولا لرئاسة قومه أبداً، له أعمام الرسول عليه الصلاة والسلام انقسموا في معاملته ومعاملة ربه عز وجل إلى ثلاثة أقسام:
قسم آمن به، وجاهد معه، وأسلم لله رب العالمين.
وقسم سانَد وساعد لكنه باقٍ على الكفر والعياذ بالله.
وقسم: عاند وعارض وهو كافر.
أما القسم الأول: فـالعباس بن عبد المطلب ، وحمزة بن عبد المطلب، والثاني أفضل من الأول، لأن الثاني من أفضل الشهداء عند الله عز وجل، ووصفه النبي صلى الله عليه وسلم: ( بأنه أسد الله وأسد رسوله )، واستشهد رضي الله عنه في أحد في السنة الثانية من الهجرة، جمعني الله وإياكم به في جنات النعيم.
أما الذي ساند وساعد مع بقايا الكفر فهو أبو طالب ، أبو طالب قام مع النبي صلى الله عليه وسلم خير قيام في الدفاع عنه، ومساندته، ولكنه والعياذ بالله قد سبقت له كلمة العذاب، لم يسلم حتى في آخر حياته في آخر لحظة من الدنيا عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يسلم ولكنه أبى، ومات على قوله: إنه على ملة عبد المطلب، ( فشفع له النبي عليه الصلاة والسلام حتى كان في ضحضاح من نار وعليه نعلان يغلي منهما دماغه ).
أما الثالث الذي عاند وعارض فهو أبو لهب، أنزل الله فيه سورة كاملة تتلى في الصلوات فرضِها ونفلها، في السرِّ والعلن، يثاب المرء على تلاوتها على كل حرف عشر حسنات، يعني: الذي يقرأ سيرة أبي لهب التي في هذه السورة له في كل حرف عشر حسنات، لكن لو قرأت سيرة أبي بكر مِن سيرة ابن إسحاق أو سيرة *البداية والنهاية* أو غيرها ما حصل لك هذا الأجر، فالإنسان كأنه يُدعى دعوة أكيدة إلى قراءة سيرة أبي لهب، كل حرف تقرأه من تبَّت لك به عشر حسنات.
يقول عز وجل: (( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ )): وهذا رد على قوله -أي: قول أبي لهب- حين جمعهم النبي صلى الله عليه وسلم ليدعوهم إلى الله، فبشر وأنذر، قال أبو لهب: تباً لك ألهذا جمعتنا؟! هذه الإشارة للتحقير، يعني: هذا أمرٌ حقير لا يحتاج أن يُجمع له زعماء قريش، وهذا كقولهم: (( أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ )) أي: يعيبها ويسبها، يعنون الرسول، قريش تقول: (( أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ )) المعنى: التحقير ليس فيه شيء ولا يُهتم بهم، كما قالوا: (( لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ )).
فالحاصل: أن أبا لهب قال: تباً لك ألهذا جمعتنا؟! فرد الله عليه بهذه السورة (( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ )) والتباب الخسار، كما قال تعالى: (( وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ )) أي: خسار، وبدأ بيديه قبل ذاته، لأن اليدين هما آلة العند والحركة والأخذ والعطاء وما أشبه ذلك، وهذا اللَّقب أبو لهب لقب مناسب تماماً في حاله ومآله، وجه المناسبة: أن هذا الرجل سوف يكون في نار تلظَّى والعياذ بالله تتلظى لهباً عَظيماً، فكنيته مطابقة لحاله ومآله، يقول الشاعر:
" وقلَّ أن أبصرت عينك ذا لقب *** إلا ومعناه إن فكرت في لقبه " .
ولما أقبل سهيل بن عمرو في قصة غزوة الحديبية قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( هذا سهيل بن عمرو وما أراه إلا سهل لكم من أمركم ) لأن الاسم مطابق للفعل.
يقول الله عز وجل: (( مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ )): " ما " : هذه يحتمل أن تكون استفهامية، والمعنى: أي شيء أغنى عنه ماله وما كسب؟!
الجواب: لا شيء.
ويحتمل أن تكون " ما " : نافية أي: لم يغنِ عنه ماله وما كسب شيئاً، وكلا المعنيين متلازمان.
ومعناهما: أن ماله وما كسب لم يغنِ عنه شيئاً، مع أن العادة أن المال ينفع، المال يأتي به الإنسانُ نفسَه، لو تسلَّط عليه عدو وقال: أنا أعطيك كذا وكذا من المال وأطلقني، يطلقه، لكن قد يَطلب مالاً كثيراً أو قليلاً، لو مُرِض انتفع بماله، لو جاع انتفع بماله، فالمال ينفع، لكن النفع الذي لا يُنجي صاحبه من النار ليس بنافع.
ولهذا قال تعالى: (( مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ )) يعني: من الله شيئاً.
وقوله: (( وَمَا كَسَبَ )) قيل: المعنى وما كسب من الولد، كأنه قال: ما أغنى عنه ماله وولده، كقول نوح: (( وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً )) فجعلوا قوله: (( وَمَا كَسَبَ )) يعني بذلك الولد.
وأيدوا هذا القول بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم مِن كسبكم ) .
والصواب: أن الآية أعمُّ مِن هذا، وأن الآية تشمل الأولاد، وتشمل المال المكتَسَب الذي ليس في يده الآن، وتشمل ما كسبه من شرف وجاه، كل ما كسبه مما يزيده شرفاً وعزاً فإنه لا يغني عنه شيئاً.
(( مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ )) والسين في قوله: (( سيصلى )): للتتفيس المفيد للحقيقة والقرب، يعني: أن الله تعالى وعده أو توعَّده بأنه سيصلى ناراً ذاتَ لهب، قلت لكم السين: للتحقيق والتقريب، يعني: أنه سوف يصلى عن قريب ناراً ذاتَ لهب، لأن البقاء في الدنيا مهما طال فإن الآخرة قريبة، حتى الناس في البرزخ وإن مضت عليهم ملايين السنين فإنها كأنها ساعة، قال تعالى: (( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ))، وشيء يُقدَّر بساعة من نهار، أظننا نتفق على أنه قريب ولا شيء.
يقول عز وجل: (( سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ )): السين هذه تفيد التقريب والتحقيق، فكونه يصلى النار ذات اللَّهب أمر محقق وقريب.
(( سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ )) يعني: وكذلك امرأته معه -والعياذ بالله- وهي امرأة من أشراف قريش، لكن لم يغنِ عنها شرفها شيئاً، لكونها شاركت زوجها في العدوان والإثم والبقاء على الكفر.
وقوله: (( حَمَّالَةَ الْحَطَبِ )): قرئت بالنصب وبالرفع:
أما النصب فإنها تكون حالاً من امرأة، يعني: وامرأته حالَ كونها حمالةَ الحطب، أو تكون منصوبة على الذم، لأن النعت المقطوع يجوز نصبه على الذم، أي: أذمُّ حمالةَ الحطب.
وأما على قراءة الرفع فهي صفة لامرأة.
(( حَمَّالَةَ الْحَطَبِ )) إيش الحطب الذي تحمل، وتحمله بكثرة؟
يعني: حمالة: صيغة مبالغة، ذكروا أنها تحمل الحطب الذي فيه الشوك وتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والعياذ بالله من أجل أذى الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ )) الجيد: العنق، والحبل معروف، والمسد الليف، يعني: أنها متقلدة حبلاً من الليف تخرج به إلى الصحراء لتربط به الحطب الذي تأتي به لتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم -نعوذ بالله من ذلك- وهو إشارة إلى دنو منزلتها وأنها أهانت نفسها، امرأة من قريش من أكابر قبائل قريش تخرج إلى الصحراء وتضع هذا الحبل في عنقها وهو من الليف، مع ما فيه من المهانة لكن من أجل أذية الرسول عليه الصلاة والسلام، نسأل الله العافية.
وبهذا انتهى الكلام بما يسره الله عز وجل على هاتين السورتين، والآن إلى دور الأسئلة، نبدأ بالسؤال من اليمين.