قراءة من كتاب رياض الصالحين : باب تحريم الغيبة ووجوب حفظ اللسان . حفظ
الطالب : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحيه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى : " باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان : اعلم أنه ينبغي لك مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الإمساك عنه لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه وذلك كثير في العادة والسلامة لا يعدلها شيء .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) متفق عليه
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : ( قلت يا رسول الله أي المسلمين أفضل ؟ قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده ) متفق عليه "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم قال النووي رحمه الله في باب تحريم الغيبة ووجوب حفظ اللسان : اعلم أنه ينبغي للإنسان أن يحفظ لسانه وألا يتكلم إلا بما فيه المصلحة الدينية أو الدنيوية وهذا الكلام مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) وهو الحديث الذي ساقه المؤلف رحمه الله فإذا استوى الأمران أن يسكت أو يتكلم فالسلامة أفضل يعني لا يتكلم إذا كان يشك هل في كلامه خير أو لا فالأفضل ألا يتكلم لأن السلامة لا يعدلها شيء والساكت سالم إلا إذا اقتضت الحال أن يتكلم فليتكلم مثلا لو رأى منكرا فهنا لا يسكت يجب أن يتكلم وينصح وينهى عن هذا المنكر وأما إذا لم تقتض المصلحة أن يتكلم فلا يتكلم لأن ذلك أسلم له ثم اعلم أن قول الرسول صلوات الله وسلامه عليه : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) يدل على أنه يجب على الإنسان أن يسكت إذا لم يكن الكلام خيرا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شرط الإيمان للإيمان بالله واليوم الأخر أن يقول الخير وإلا فليسكت
لكن الخير نوعان : خير في ذات الكلام كقراءة القرآن والتسبيح والتكبير والتهليل وتعليم العلم وما أشبه ذلك هذا واضح وخير لغير الكلام يعني خير في الكلام وخير لغيره بمعنى أن الكلام مباح لكن يجر إلى مصلحة يجر إلى تأليف القلب وانبساط الإخوان وسرورهم بمجلسك هذا أيضا من الخير لأن الإنسان لو بقي ساكتا من أول المجلس إلى آخره مله الناس وكرهوه وقالوا : هذا رجل فظ غليظ لكن إذا تكلم بما يدخل السرور عليهم وإن كان كلاما مباحا فإنه من الخير وأما من تكلم بكلام يضحك الناس وهو كذب فإنه قد ورد فيه الوعيد ( ويل لمن حدث وكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له ) وهذه يفعلها بعض الناس ويسمونها النكت يتكلم بكلام كذب لكن من أجل أن يضحك الناس هذا غلط تكلم بكلام مباح من أجل أن يدخل السرور على قلوبهم وأما الكلام الكذب فهو حرام ثم ذكر حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي المسلم خير ) يعني أي المسلمين خير ؟ قال : ( من سلم المسلمون من لسانه ويده ) يعني لا يعتدي على المسلمين لا بلسانه بغيبة أو نميمة أو سب أو ما أشبه ذلك ويده يعني لا يأخذ أموالهم ولا يضرب أبشارهم بل هو كاف عادل لا يأتي إلى الناس إلا ما هو خير هذا هو المسلم وفي هذا حث على أن يسلم الإنسان من لسانك ويدك حث على أن يسلم الناس من لسانك ويدك احفظ لسانك لا تتكلم في عباد الله إلا بخير كذلك احفظ يدك لا تجن على أموالهم ولا على أبشارهم بل كن سالما يسلم منك فإن هذا هو خير المسلمين نسأل الله أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى .
بسم الله الرحمن الرحيم هذه أحاديث ثلاثة في بيان خطر اللسان وأنه من أعظم ما يكون من الأعضاء خطورة ففي الحديث الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة ) الذي بين لحييه هو اللسان والذي بين رجليه هو الفرج سواء من رجل أو مرأة يعني من حفظ لسانه وحفظ فرجه حفظ لسانه عن القول المحرم من الكذب والغيبة والنميمة والغش وغير ذلك وحفظ فرجه من الزنا واللواط ووسائل ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم يضمن له الجنة يعني أن جزاءه هو الجنة إذا حفظت لسانك وحفظت فرجك فزلة اللسان كزلة الفرج خطيرة جدا وإنما قرن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بينهما لأن في اللسان شهوة الكلام كثير من الناس يتنطع ويتلذذ إذا تكلم في أعراض الناس ويتفكه والعياذ بالله (( وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين )) فنجده أحب شيء عنده أن يتكلم في أعراض الناس ومن الناس من يهوى الكذب فتجد أحسن شيء عنده هو الكذب نسأل الله العافية والكذب من كبائر الذنوب لاسيما إذا كذب بالكلمة ليضحك به القوم ليضحك بها القوم فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( ويل لمن حدث فكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له ) وأما الثاني الذي قرن بينه وبين شهوة الكلام فكذلك شهوة النساء فإن الإنسان مجبول على ذلك ولاسيما إذا كان شابا فإذا حاول حفظ هاتين الشهوتين ضمن له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الجنة أي هذا جزاؤه لأنهم خطيران كذلك أيضا الحديث الثاني إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب الكلمة لا يتبين فيها يعني ما يتأكد ينقل ما سمع ( وكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ) فتجده يتكلم بالكلمة ولا يتبين ولا يتثبت ولا يدري ويش معناها ولا يدري ويش ماذا توصل إليه هذا والعياذ بالله يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب ومسافة ما بين المشرق والمغرب بعيدة جدا نصف الكرة الأرضية ومع ذلك كلمة واحدة زل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب وهذا يدل على وجوب التأكد مما تتكلم به سواء نقلت إلى غيرك أو نقلته عن غيرك تثبت اصبر لا تستعجل ما الذي يوجب لك أن تستعجل بالمقال ؟ اصبر حتى تتثبت ويتبين لك الأمر ثم إن رأيت مصلحة في الحديث فتحدث .