تفسير سورة الذاريات الآيات( 20 - 22 ) وآيات اخرى مختارة وما يستفاد منها . حفظ
الشيخ : قال الله تعالى: (( وفي الأرض آيات للموقنين )) في الأرض آيات للموقنين، ولم يبين الله عز وجل هذه الآيات بل جاءت منكرة ليشمل كل آية في الأرض سواء كانت الآيات فيما يحدث فيها من الحوادث أو كانت في نفس طبيعة الأرض وتركيب الأرض فإن فيها آيات عظيمة في الأرض آيات من حيث التركيب كما قال الله عز وجل: (( وفي الأرض قطع متجاورات )) فتجد الحجر الواحد يشتمل على عدة معادن وهو حجر واحد وترى أحياناً في الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود وتجد فيها الأرض اللينة الرخوة والأرض الصلبة إلى غير ذلك مما يعرفه علماء الجيولوجيا من الآيات العظيمة
فيها آيات من جهة الحوادث التي تحدث فيها من الزلازل والبراكين وغيرها فيها آيات أيضاً من جهة طبيعة الجو من حر وبرد ورياح عاصفة ورياح باردة ورياح دافئة وغير ذلك مما إذا تأمله الإنسان عرف بهذا قدرة الله عز وجل من جهة عرف قدرة الله تعالى من جهة وعرف حكمته ورحمته أيضاً من جهة أخرى لأن آيات الله سبحانه وتعالى يتبصر بها الإنسان لا من حيث القدرة والعظمة بل حتى من حيث الحكمة والرحمة لأن كل شيء تجده مناسباً لمكانه وزمانه وكل شيء تجده من آثار رحمة الله تبارك وتعالى المهم أن كلمة آيات نجد أنها نكرة عامة لكل ما يحدث في الأرض من آيات ولكل ما فيها من طبيعتها وتركيبها وغير ذلك آيات للموقنين أي لمن أيقن بوجود الله عز وجل وعظمته وجلاله أما من شك والعياذ بالله فإنه لن ينتفع بهذه الآيات بل قد تكون هذه الآيات ضرراً عليه فإن الآيات الكونية أو الشرعية قد تكون خيراً للإنسان وقد تكون شرا واستمع إلى قول الله تبارك وتعالى: (( وإذا ما أنزلت السورة )) يعني من القرآن (( فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون )) كذلك الآيات الكونية من الناس من ينتفع بها ويستدل بها على ما فيها من آيات الله عز وجل ومن الناس من يكون بالعكس يؤديه ما يجده في الآيات إلى الإلحاد والعياذ بالله ولهذا قال: (( في الأرض آيات للموقنين )) يعني لا لكل إنسان بل للموقن أما الشاك والمتردد والكافر فإنه لن ينتفع بهذه الآيات
(( وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم )) أيضاً في أنفسكم آيات (( أفلا تبصرون )) وآيات هنا محذوفة ولهذا نقول في الإعراب في أنفسكم جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف والتقدير وفي أنفسكم آيات والحكمة والله أعلم ونحن في علمنا القاصر نظن أن الله حذف هذه الآيات لأنها أمس بالإنسان من الأرض وأدخل بالإنسان من الأرض لأنها هي في نفسه في أنفسكم آيات، آيات النفس ليس في تركيب الجسم فحسب وليس فيما أودعه الله تعالى من القوى فحسب بل حتى في تقلبات الأحوال الإنسان تجده يتقلب من سرور إلى حزن ومن غم إلى فرح وبتقلبات عجيبة عظيمة حتى إن الإنسان في لحظة يجد نفسه متغيراً وأحيانا يجد نفسه متغيرا بدون سبب يكون منشرح الصدر واسع البال مسرورا وإذا به ينكتم ويغتم بدون سبب أحيانا بالعكس هذا بالنسبة للأحوال النفسية كذلك أيضاً بالنسبة للأحوال الإيمانية وهي أعظم وأخطر تجد الإنسان في بعض الأحيان يكون عنده من اليقين ما كأنه يشاهد أمور الغيب مشاهدة حسية كأنما يرى العرش كأنما يرى السماوات كأنما يرى الملائكة كأنما يرى كل ما أخبر الله به من أمور الغيب وفي بعض الأحيان يقل هذا اليقين يقل لأسباب قد تكون معلومة وقد تكون غير معلومة لكن من الأسباب المعلومة قلة الطاعة فإن قلة الطاعة من أسباب ضعف اليقين إذا قلت طاعة الإنسان ضعف يقينه قال الله تعالى: (( فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم )) وهناك أيضا أسباب لا يدري الإنسان ماهي ومنها اللهو والغفلة ولهذا قال الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام: ( إنا إذا كنا عندك وذكرت الجنة والنار فكأنما نراها رأي عين فإذا ذهبنا إلى أهلنا وعافسنا الأولاد والأهل أو كما قالوا نسينا ) وهكذا الإنسان كلما لهى الإنسان قلّ يقينه وقل إيمانه ومن ثم نهى الشرع عن الألعاب واللهو الباطل الذي يزداد به الإنسان بعداً عن طاعة الله وعن التفكير في آيات الله
أيضا في النفس فيها آيات في نفوس الناس من الناس من تجده هيناً لينا طليق الوجه مسرورا كل من رآه سر بوجهه وكل من جلس إليه زال عنه الغم والهم ومن الناس من هو بالعكس قطوب عبوس بمجرد ما تراه لو كنت مسروراً لأتاك الحزن والسوء هذا أيضاً من آيات النفس وهي كثيرة جدا ومن أراد المزيد من هذا والإطلاع على قدرة الله تعالى في ما في أنفسنا من الآيات فعليه بمطالعة كلام ابن القيم رحمه الله في * مفتاح دار السعادة * يجد العجب العجاب وكذلك أيضا في كتابه الصغير وهو كبير في المعنى وهو التبيان في أقسام القرآن ذكر من ذلك العجب العجاب (( أفلا تبصرون )) الاستفهام هنا للتوبيخ والإنكار كأنما يقول الله عز وجل أبصروا في أنفسكم تبصروا تأملوا تفكروا فإذا لم تعرفوا هذه الآيات فأنتم لا تبصرون فيكون الاستفهام هنا لإيش؟ للتوبيخ وإيش والإنكار ألا نتبصر وهو دعوة من الله عز وجل لعباده أن يتبصروا في الآيات إذا لم تتبصر في الآيات فاعلم أنك محروم قال الله تعالى: (( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون )) إذن إذا لم تنتفع بالآيات فاعلم أنك محروم وأن إيمانك ناقص (( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون )) فعليك يا أخي أن تتفكر في آيات الله في آيات الله الكونية وما في هذا الكون العظيم من آيات الله الدالة على عظمته وسلطانه ورحمته وحكمته وكذلك في آيات الله الشرعية ومن فتح الله عليه في الآيات الشرعية ينتفع بها أكثر مما ينتفع بالآيات الكونية إذا تأمل ما أخبر الله به عن نفسه من الأسماء والصفات والأفعال والأحكام ازداد إيماناً بالله عز وجل وعرف بذلك الحكمة والرحمة إذا تأمل فيما أخبر الله به عن اليوم الآخر وما يكون فيه من ثواب وعقاب وجزاء وحساب أيضاً ازداد إيمانا بالله وكلما تأمل الإنسان في آيات الله الشرعية ازداد إيماناً وبعض الناس الموفقين يكون ازدياد إيمانه بالآيات الشرعية أكثر من ازدياد إيمانه بالآيات الكونية
أما الإنسان الذي يفتح الله عليه في هذا وهذا فيا حبذا (( وفي أنفسكم أفلا تبصرون وفي السماء رزقكم وما توعدون )) السماء فيه رزقنا فما رزقنا هذا؟ ذهب كثير من العلماء أن المراد بالرزق هنا المطر لأن الله تعالى قال (( هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقاً وما يتذكر إلا من ينيب )) فقال: (( في السماء رزقكم )) أي: المطر وسمي المطر رزقا لأنه سبب للرزق إذا أنزل الله المطر أخرجت الأرض الماء والمرعى متاعاً لنا ولأنعامنا وهذا رزق كم من أناس يكون رزقهم على ما ينزل من المطر من الزروع والحشيش والمياه وغيرها بل إن الله تعالى قال: (( أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون )) هل أحد يستطيع أن ينزل من المزن ماءً ؟ لا يمكن هل أحد يستطيع أن يخلق في المزن ماء؟ لا يمكن الله عز وجل هو الذي يتولى ذلك هذا هو مادة الرزق لولا الماء لهلكنا وتأمل قوله تعالى: (( أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون )) لم يقل لو نشاء لم ننزله مع أنه لو شاء لم ينزله لكن قال: (( لو نشاء جعلناه أجاجا )) يعني لو نشاء أنزلناه لكن جعناه أجاجاً مالحاً لا يمكن أن يشرب وحسرة الإنسان على ماء بين يديه ولكن لا يستطيعه ولا يستسيغه أشد من حسرته على ماء مفقود لأن ماء موجوداً لا تنتفع به ولا تستطيع شربه أشد حسرة من ماء مفقود ولهذا ذكرنا الله هذه الحال أرأيتم الآن لو أن هذا المطر العذب الزلال اللذيذ صار أجاجاً مالحا ماذا تكون الحال؟ صعبة جدا ولهذا قال: (( لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون ))
يقول: (( وفي السماء رزقكم )) إذن الرزق هو المطر كما في الآية الكريمة (( وينزل لكم من السماء رزقاً )) ويمكن أن نقول إن الرزق الذي في السماء أعم من ذلك فقد يقال إن في السماء رزقنا من المطر وما كتب الله لنا في اللوح المحفوظ من المصالح والمنافع الجسدية من أموال وبنين وغير ذلك فيكون هذا القول أشمل وأعم
واعلم أنه ينبغي أن يراعي المستدل بالقرآن والسنة أن يراعي قاعدة مفيدة وهي إذا فسرنا النص القرآني أو النبوي إذا فسرناه بمعنى أقل وفسرناه بمعنى أعم فأيهما نأخذ ؟
الطالب : بالأعم
الشيخ : نأخذ بالثاني بالأعم لأن الأعم يدخل فيه الأخص ولا عكس اللهم إلا إذا دل دليل على أنه خاص فهذا يتبع فيه الدليل لكن عندما لا يدل الدليل خذ بالأعم لأن الأعم يدخل فيه الأخص ولا عكس فهنا إذا قلنا المراد بالرزق هنا ماهو أعم من المطر فالجواب الجواب صحيح فيدخل فيه المطر وغيره وقوله: (( وما توعدون )) والشمس والقمر وغيرها وقوله: (( وما توعدون )) يعني وفيه الذي توعدون فما الذي نوعد الذي نوعد الجنة فالجنة في السماء ليست في الأرض الجنة في السماء ولهذا قال الله تعالى في قصة آدم (( قلنا اهبطوا منها )) والهبوط يكون من أعلى إلى أسفل فالجنة في السماء وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الجنة درجات وأن أعلاها الفردوس وأنه أعلاها وأوسطها أيضاً وهو إشارة إلى أن الجنات مثل القبة أعلاها هو وسطها أعلاها قال: ( ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمن ) إذن هي أعلى شيء نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من ساكنيها إنه على كل شيء قدير فالذي نوعد هو الجنة فالرزق في السماء والجنة التي نوعدها في الآخرة في السماء إذن نحن أهل الأرض مفتقرون إلى السماء في الحياة الدنيا وفي الآخرة ففي السماء رزقنا في الدنيا وفيها ما نوعد في الآخرة وهو الجنة نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها
ثم قال عز وجل: (( فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون )) ونتكلم إن شاء الله على هذه الآية في اللقاء المقبل ليتسع الوقت للأسئلة فلنبدأ من اليمين في غير أهل القصيم أو في غير أهل عنيزة خاصة
الطالب : بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ : أهل عنيزة إن بقي من الوقت شيء لا بأس
فيها آيات من جهة الحوادث التي تحدث فيها من الزلازل والبراكين وغيرها فيها آيات أيضاً من جهة طبيعة الجو من حر وبرد ورياح عاصفة ورياح باردة ورياح دافئة وغير ذلك مما إذا تأمله الإنسان عرف بهذا قدرة الله عز وجل من جهة عرف قدرة الله تعالى من جهة وعرف حكمته ورحمته أيضاً من جهة أخرى لأن آيات الله سبحانه وتعالى يتبصر بها الإنسان لا من حيث القدرة والعظمة بل حتى من حيث الحكمة والرحمة لأن كل شيء تجده مناسباً لمكانه وزمانه وكل شيء تجده من آثار رحمة الله تبارك وتعالى المهم أن كلمة آيات نجد أنها نكرة عامة لكل ما يحدث في الأرض من آيات ولكل ما فيها من طبيعتها وتركيبها وغير ذلك آيات للموقنين أي لمن أيقن بوجود الله عز وجل وعظمته وجلاله أما من شك والعياذ بالله فإنه لن ينتفع بهذه الآيات بل قد تكون هذه الآيات ضرراً عليه فإن الآيات الكونية أو الشرعية قد تكون خيراً للإنسان وقد تكون شرا واستمع إلى قول الله تبارك وتعالى: (( وإذا ما أنزلت السورة )) يعني من القرآن (( فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون )) كذلك الآيات الكونية من الناس من ينتفع بها ويستدل بها على ما فيها من آيات الله عز وجل ومن الناس من يكون بالعكس يؤديه ما يجده في الآيات إلى الإلحاد والعياذ بالله ولهذا قال: (( في الأرض آيات للموقنين )) يعني لا لكل إنسان بل للموقن أما الشاك والمتردد والكافر فإنه لن ينتفع بهذه الآيات
(( وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم )) أيضاً في أنفسكم آيات (( أفلا تبصرون )) وآيات هنا محذوفة ولهذا نقول في الإعراب في أنفسكم جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف والتقدير وفي أنفسكم آيات والحكمة والله أعلم ونحن في علمنا القاصر نظن أن الله حذف هذه الآيات لأنها أمس بالإنسان من الأرض وأدخل بالإنسان من الأرض لأنها هي في نفسه في أنفسكم آيات، آيات النفس ليس في تركيب الجسم فحسب وليس فيما أودعه الله تعالى من القوى فحسب بل حتى في تقلبات الأحوال الإنسان تجده يتقلب من سرور إلى حزن ومن غم إلى فرح وبتقلبات عجيبة عظيمة حتى إن الإنسان في لحظة يجد نفسه متغيراً وأحيانا يجد نفسه متغيرا بدون سبب يكون منشرح الصدر واسع البال مسرورا وإذا به ينكتم ويغتم بدون سبب أحيانا بالعكس هذا بالنسبة للأحوال النفسية كذلك أيضاً بالنسبة للأحوال الإيمانية وهي أعظم وأخطر تجد الإنسان في بعض الأحيان يكون عنده من اليقين ما كأنه يشاهد أمور الغيب مشاهدة حسية كأنما يرى العرش كأنما يرى السماوات كأنما يرى الملائكة كأنما يرى كل ما أخبر الله به من أمور الغيب وفي بعض الأحيان يقل هذا اليقين يقل لأسباب قد تكون معلومة وقد تكون غير معلومة لكن من الأسباب المعلومة قلة الطاعة فإن قلة الطاعة من أسباب ضعف اليقين إذا قلت طاعة الإنسان ضعف يقينه قال الله تعالى: (( فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم )) وهناك أيضا أسباب لا يدري الإنسان ماهي ومنها اللهو والغفلة ولهذا قال الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام: ( إنا إذا كنا عندك وذكرت الجنة والنار فكأنما نراها رأي عين فإذا ذهبنا إلى أهلنا وعافسنا الأولاد والأهل أو كما قالوا نسينا ) وهكذا الإنسان كلما لهى الإنسان قلّ يقينه وقل إيمانه ومن ثم نهى الشرع عن الألعاب واللهو الباطل الذي يزداد به الإنسان بعداً عن طاعة الله وعن التفكير في آيات الله
أيضا في النفس فيها آيات في نفوس الناس من الناس من تجده هيناً لينا طليق الوجه مسرورا كل من رآه سر بوجهه وكل من جلس إليه زال عنه الغم والهم ومن الناس من هو بالعكس قطوب عبوس بمجرد ما تراه لو كنت مسروراً لأتاك الحزن والسوء هذا أيضاً من آيات النفس وهي كثيرة جدا ومن أراد المزيد من هذا والإطلاع على قدرة الله تعالى في ما في أنفسنا من الآيات فعليه بمطالعة كلام ابن القيم رحمه الله في * مفتاح دار السعادة * يجد العجب العجاب وكذلك أيضا في كتابه الصغير وهو كبير في المعنى وهو التبيان في أقسام القرآن ذكر من ذلك العجب العجاب (( أفلا تبصرون )) الاستفهام هنا للتوبيخ والإنكار كأنما يقول الله عز وجل أبصروا في أنفسكم تبصروا تأملوا تفكروا فإذا لم تعرفوا هذه الآيات فأنتم لا تبصرون فيكون الاستفهام هنا لإيش؟ للتوبيخ وإيش والإنكار ألا نتبصر وهو دعوة من الله عز وجل لعباده أن يتبصروا في الآيات إذا لم تتبصر في الآيات فاعلم أنك محروم قال الله تعالى: (( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون )) إذن إذا لم تنتفع بالآيات فاعلم أنك محروم وأن إيمانك ناقص (( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون )) فعليك يا أخي أن تتفكر في آيات الله في آيات الله الكونية وما في هذا الكون العظيم من آيات الله الدالة على عظمته وسلطانه ورحمته وحكمته وكذلك في آيات الله الشرعية ومن فتح الله عليه في الآيات الشرعية ينتفع بها أكثر مما ينتفع بالآيات الكونية إذا تأمل ما أخبر الله به عن نفسه من الأسماء والصفات والأفعال والأحكام ازداد إيماناً بالله عز وجل وعرف بذلك الحكمة والرحمة إذا تأمل فيما أخبر الله به عن اليوم الآخر وما يكون فيه من ثواب وعقاب وجزاء وحساب أيضاً ازداد إيمانا بالله وكلما تأمل الإنسان في آيات الله الشرعية ازداد إيماناً وبعض الناس الموفقين يكون ازدياد إيمانه بالآيات الشرعية أكثر من ازدياد إيمانه بالآيات الكونية
أما الإنسان الذي يفتح الله عليه في هذا وهذا فيا حبذا (( وفي أنفسكم أفلا تبصرون وفي السماء رزقكم وما توعدون )) السماء فيه رزقنا فما رزقنا هذا؟ ذهب كثير من العلماء أن المراد بالرزق هنا المطر لأن الله تعالى قال (( هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقاً وما يتذكر إلا من ينيب )) فقال: (( في السماء رزقكم )) أي: المطر وسمي المطر رزقا لأنه سبب للرزق إذا أنزل الله المطر أخرجت الأرض الماء والمرعى متاعاً لنا ولأنعامنا وهذا رزق كم من أناس يكون رزقهم على ما ينزل من المطر من الزروع والحشيش والمياه وغيرها بل إن الله تعالى قال: (( أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون )) هل أحد يستطيع أن ينزل من المزن ماءً ؟ لا يمكن هل أحد يستطيع أن يخلق في المزن ماء؟ لا يمكن الله عز وجل هو الذي يتولى ذلك هذا هو مادة الرزق لولا الماء لهلكنا وتأمل قوله تعالى: (( أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون )) لم يقل لو نشاء لم ننزله مع أنه لو شاء لم ينزله لكن قال: (( لو نشاء جعلناه أجاجا )) يعني لو نشاء أنزلناه لكن جعناه أجاجاً مالحاً لا يمكن أن يشرب وحسرة الإنسان على ماء بين يديه ولكن لا يستطيعه ولا يستسيغه أشد من حسرته على ماء مفقود لأن ماء موجوداً لا تنتفع به ولا تستطيع شربه أشد حسرة من ماء مفقود ولهذا ذكرنا الله هذه الحال أرأيتم الآن لو أن هذا المطر العذب الزلال اللذيذ صار أجاجاً مالحا ماذا تكون الحال؟ صعبة جدا ولهذا قال: (( لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون ))
يقول: (( وفي السماء رزقكم )) إذن الرزق هو المطر كما في الآية الكريمة (( وينزل لكم من السماء رزقاً )) ويمكن أن نقول إن الرزق الذي في السماء أعم من ذلك فقد يقال إن في السماء رزقنا من المطر وما كتب الله لنا في اللوح المحفوظ من المصالح والمنافع الجسدية من أموال وبنين وغير ذلك فيكون هذا القول أشمل وأعم
واعلم أنه ينبغي أن يراعي المستدل بالقرآن والسنة أن يراعي قاعدة مفيدة وهي إذا فسرنا النص القرآني أو النبوي إذا فسرناه بمعنى أقل وفسرناه بمعنى أعم فأيهما نأخذ ؟
الطالب : بالأعم
الشيخ : نأخذ بالثاني بالأعم لأن الأعم يدخل فيه الأخص ولا عكس اللهم إلا إذا دل دليل على أنه خاص فهذا يتبع فيه الدليل لكن عندما لا يدل الدليل خذ بالأعم لأن الأعم يدخل فيه الأخص ولا عكس فهنا إذا قلنا المراد بالرزق هنا ماهو أعم من المطر فالجواب الجواب صحيح فيدخل فيه المطر وغيره وقوله: (( وما توعدون )) والشمس والقمر وغيرها وقوله: (( وما توعدون )) يعني وفيه الذي توعدون فما الذي نوعد الذي نوعد الجنة فالجنة في السماء ليست في الأرض الجنة في السماء ولهذا قال الله تعالى في قصة آدم (( قلنا اهبطوا منها )) والهبوط يكون من أعلى إلى أسفل فالجنة في السماء وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الجنة درجات وأن أعلاها الفردوس وأنه أعلاها وأوسطها أيضاً وهو إشارة إلى أن الجنات مثل القبة أعلاها هو وسطها أعلاها قال: ( ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمن ) إذن هي أعلى شيء نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من ساكنيها إنه على كل شيء قدير فالذي نوعد هو الجنة فالرزق في السماء والجنة التي نوعدها في الآخرة في السماء إذن نحن أهل الأرض مفتقرون إلى السماء في الحياة الدنيا وفي الآخرة ففي السماء رزقنا في الدنيا وفيها ما نوعد في الآخرة وهو الجنة نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها
ثم قال عز وجل: (( فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون )) ونتكلم إن شاء الله على هذه الآية في اللقاء المقبل ليتسع الوقت للأسئلة فلنبدأ من اليمين في غير أهل القصيم أو في غير أهل عنيزة خاصة
الطالب : بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ : أهل عنيزة إن بقي من الوقت شيء لا بأس