تفسير سورة الذاريات الآيات ( 23- 27 ) وآيات اخرى مختارة وما يستفاد منها . حفظ
الشيخ : انتهينا إلى قول الله تبارك وتعالى: (( فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون )) الفاء عاطفة والواو للقسم ورب السماء والأرض هو الله عز وجل أقسم بنفسه تبارك وتعالى بمقتضى ربوبيته في السماء والأرض أن ما يوعدون حق لأنه قال: (( وفي السماء رزقكم وما توعدون )) (( فورب السماء والأرض إنه )) أي ما توعدون ويحتمل أن يكون الضمير عائدا للقرآن أي إنه أي القرآن ويحتمل أيضا أنه عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمعاني الثلاثة كلها متلازمة وقوله: (( إنه لحق )) أي ثابت لأن الحق والباطل متقابلان فالباطل هو الزائف الضائع سدا والحق هو الثابت الذي فيه الفائدة وفيه الخير والصلاح وقوله: (( مثلما أنكم تنطقون )) يعني كما أن الإنسان يتيقن نطقه فإن هذا القرآن حق ومن المعلوم أن كل واحد منا لا ينكر نطقه وإذا نطق تيقن أنه نطق إذن هذا القرآن كلام الله عز وجل حق مثلما أن نطقنا حق
ثم قال تعالى: (( هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين )) هل أتاك الخطاب ليس للنبي صلى الله عليه وسلم فحسب بل له ولكل من يتأتى خطابه ويصح توجيه الخطاب إليه كأنه قال هل أتاك أيها المخاطب حديث ضيف إبراهيم المكرمين والاستفهام هنا للتشويق كما أنه في بعض الأحيان يكون للتخويف فيكون هنا فيكون للتشويق فقوله هنا: (( هل أتاك )) كأنه يشوقك إلى أن تسمع هذا الحديث ونظيره في التشويق قوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم )) ليس المراد بهذا الاستفهام أنه يستفهم هل يدلنا لأنه لا يستفهم عن فعل نفسه لكنه أراد أن يشوق المخاطبين إلى ذلك ويكون الاستفهام للتهديد والإنذار والتخويف في مثل قوله تعالى: (( هل أتاك حديث الغاشية )) ثم قال: (( وجوه يومئذ خاشعة عاملة )) فإذا قال قائل: أي شيء يدلنا على أن الاستفهام للتشويق أو للتهديد أو للاستخبار أو ما أشبه ذلك؟ نقول الذي يدلنا على هذا السياق وقرائن الأحوال والعاقل يفهم هذا وهذا (( هل أتاك حديث )) أي خبر (( ضيف إبراهيم )) وضيف هنا مفرد لكنه يسع فيه الجماعة والواحد وهم جماعة ملائكة كرام عليهم الصلاة والسلام ضيف إبراهيم يعني الذين نزلوا ضيوفا عنده وإبراهيم هو الخليل عليه الصلاة والسلام وهو أبو العرب وأبو بني إسرائيل كما قال تعالى: (( ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل )) وهو الذي أمرنا الله تعالى أن نتبع ملته قال الله تعالى: (( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين )) ولهذا ادعت اليهود أن إبراهيم يهودي والنصارى ادعوا أنه نصراني ولكن الله تعالى كذبهم في ذلك فقال: (( ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ))
يقول عز وجل: (( إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما )) يحتمل أن إذ دخلوا متعلق بقوله: (( المكرمين )) يعني الذين أكرمهم حين دخولهم عليه ويحتمل أنها مفعول لفعل محذوف والتقدير اذكر إذ دخلوا عليه دخلوا على إبراهيم (( فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون )) قالوا سلاما أي نسلم سلاما وعليه فسلاما مصدر عامله محذوف والتقدير نسلم ، قال سلام سلام هذه مبتدأ خبره محذوف والتقدير عليكم سلام وعلى هذا فيكون التسليم هنا ابتداؤه بالجملة الفعلية وجوابه أو رده بالجملة الاسمية والجملة الاسمية تفيد الثبوت والاستمرار ولهذا قال العلماء رحمهم الله إن رد إبراهيم أكمل من تسليم الملائكة لأن تسليم الملائكة جاء بالصيغة الفعلية ورد إبراهيم جاء بالصيغة الاسمية
(( قوم منكرون )) قوم هذه خبر مبتدأ محذوف التقدير أنتم قوم وإنما قال إنهم قوم لأنهم بصورة البشر وقوله: منكرون أي غير معروفين كما قال تعالى: (( فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة )) في هذه الآية شاهد لحذف المبتدأ وحذف الخبر أين الشاهد لحذف الخبر ؟ (( سلامٌ )) لأن قلنا التقدير عليكم سلام الشاهد لحذف المبتدأ (( قوم )) لأن التقدير أنتم قومٌ
قال: (( فراغ إلى أهله )) راغ انسل بخفية وسرعة وذلك لحسن ضيافته لم يقل انتظروا آتي لكم بالطعام ولم يكن متباطئا ًكأنما يدفع دفعا وإنما قام بسرعة منسلاً لئلا يقوموا إذا رأوه ذهب إلى أهله فكأنه أخفى الأمر عنهم راغ إلى أهله يعني أهل بيته فجاء بعجل سمين وفي آية أخرى بعجل حنيذ أي مشوي واللحم إذا شوي يكون أطعم وألذ لأن طعمه يبقى فيه لا يمتزج بالماء بخلاف ما إذا طبخ، إذا طبخ يمتزج طعمه بالماء فتقل لذاذته لكن إذا كان مشوياً صار أطيب وأحسن عجل سمين يعني أنه عليه الصلاة والسلام لا يتخير للضيوف البهائم العجفاء الهزيلة وإنما يتخير لهم البهائم السمينة لأنها ألذ وأطرى وأنفع واختيار العجل إما أن يكون عليه الصلاة والسلام من عادته أن يكرم الناس بهذا أو أنه يكرم الضيوف بحسب ما تقتضيه الحال فإذا كانوا كثيرين أتى بالعجل وإذا كانوا أقل أتى بالغنم وما أشبه ذلك حسب عادة الكرماء (( فقربه إليهم قال ألا تأكلون )) قربه إليهم يعني لم يجعله بعيدا ويقول قوموا إلى طعامكم بل خدمهم حتى جعله بين أيديهم قربه إليهم (( قال ألا تأكلون )) ولم يقل كلوا وإنما عرض عليهم عرضاً لأن هذا أبلغ في الإكرام انتبهوا لهذا والعرض أخف وألطف من الأمر إذ أنه لو قال كلوا كان يحتمل أنه أراد أن يستعلي عليهم ويوجه الأمر إليهم لكن قال ألا تأكلون تعرفون الفرق بين العبارتين في الرفق أيهما أرق وأرفق ألا تأكلون طيب. هذا الآن كما رأيتم قرّب الطعام إليهم هل نقول إن السنة والأفضل أن الإنسان إذا دعى ضيوفا أو أتاه ضيوف أن يقربه إليهم في مجلس الجلوس أو نقول هذا يختلف باختلاف الأحوال الثاني هو الأظهر لأن عموم قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( فليكرم ضيفه ) ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) يدل على أنك تكرمهم بما جرت العادة بإكرامهم به عندنا الآن إذا عزمت أصحابك وأصدقائك وهم قلة فلا يعدون تقديم الطعام في محل المجلس في مكان جلوسهم لا يعدونه إهانة لأنهم إخوانك وأصدقاؤك والأدب بينكم يعني متسامح فيه لكن لو نزل بك ضيف أو دعوت ضيفا ليس بينك وبينه الصلة التي يعني يسقط فيها كما يقول الأدب فإنه في عرفنا الآن ليس من إكرامه أن تقدم الطعام في محل الجلوس اللهم إلا لضرورة إذا لم يكن عندك مكان الآن الإكرام أن تجعل الطعام في مكان ثم إذا أردت أن يأكلوه تقول تفضلوا ألا تتفضلوا أو نغير المجلس أو ما أشبه ذلك من الكلمات المتداولة فالمهم أن قوله تبارك وتعالى عن إبراهيم (( ألا تأكلون )) نعم قربه إليهم قال ألا تأكلون ينبغي أن يجعل هذا حسب إيش؟ حسب عادة الناس إذا كان من الإكرام أن تأتي بالطعام إلى محل جلوسهم فأتي به إذا كان من الإكرام أن تجعله في محل آخر فافعل دليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) (( فقربه إليهم قال ألا تأكلون فأوجس منهم خيفة )) نجعلها إن شاء الله للقاء القادم حتى يكون وقت أوسع للأسئلة
ثم قال تعالى: (( هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين )) هل أتاك الخطاب ليس للنبي صلى الله عليه وسلم فحسب بل له ولكل من يتأتى خطابه ويصح توجيه الخطاب إليه كأنه قال هل أتاك أيها المخاطب حديث ضيف إبراهيم المكرمين والاستفهام هنا للتشويق كما أنه في بعض الأحيان يكون للتخويف فيكون هنا فيكون للتشويق فقوله هنا: (( هل أتاك )) كأنه يشوقك إلى أن تسمع هذا الحديث ونظيره في التشويق قوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم )) ليس المراد بهذا الاستفهام أنه يستفهم هل يدلنا لأنه لا يستفهم عن فعل نفسه لكنه أراد أن يشوق المخاطبين إلى ذلك ويكون الاستفهام للتهديد والإنذار والتخويف في مثل قوله تعالى: (( هل أتاك حديث الغاشية )) ثم قال: (( وجوه يومئذ خاشعة عاملة )) فإذا قال قائل: أي شيء يدلنا على أن الاستفهام للتشويق أو للتهديد أو للاستخبار أو ما أشبه ذلك؟ نقول الذي يدلنا على هذا السياق وقرائن الأحوال والعاقل يفهم هذا وهذا (( هل أتاك حديث )) أي خبر (( ضيف إبراهيم )) وضيف هنا مفرد لكنه يسع فيه الجماعة والواحد وهم جماعة ملائكة كرام عليهم الصلاة والسلام ضيف إبراهيم يعني الذين نزلوا ضيوفا عنده وإبراهيم هو الخليل عليه الصلاة والسلام وهو أبو العرب وأبو بني إسرائيل كما قال تعالى: (( ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل )) وهو الذي أمرنا الله تعالى أن نتبع ملته قال الله تعالى: (( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين )) ولهذا ادعت اليهود أن إبراهيم يهودي والنصارى ادعوا أنه نصراني ولكن الله تعالى كذبهم في ذلك فقال: (( ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ))
يقول عز وجل: (( إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما )) يحتمل أن إذ دخلوا متعلق بقوله: (( المكرمين )) يعني الذين أكرمهم حين دخولهم عليه ويحتمل أنها مفعول لفعل محذوف والتقدير اذكر إذ دخلوا عليه دخلوا على إبراهيم (( فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون )) قالوا سلاما أي نسلم سلاما وعليه فسلاما مصدر عامله محذوف والتقدير نسلم ، قال سلام سلام هذه مبتدأ خبره محذوف والتقدير عليكم سلام وعلى هذا فيكون التسليم هنا ابتداؤه بالجملة الفعلية وجوابه أو رده بالجملة الاسمية والجملة الاسمية تفيد الثبوت والاستمرار ولهذا قال العلماء رحمهم الله إن رد إبراهيم أكمل من تسليم الملائكة لأن تسليم الملائكة جاء بالصيغة الفعلية ورد إبراهيم جاء بالصيغة الاسمية
(( قوم منكرون )) قوم هذه خبر مبتدأ محذوف التقدير أنتم قوم وإنما قال إنهم قوم لأنهم بصورة البشر وقوله: منكرون أي غير معروفين كما قال تعالى: (( فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة )) في هذه الآية شاهد لحذف المبتدأ وحذف الخبر أين الشاهد لحذف الخبر ؟ (( سلامٌ )) لأن قلنا التقدير عليكم سلام الشاهد لحذف المبتدأ (( قوم )) لأن التقدير أنتم قومٌ
قال: (( فراغ إلى أهله )) راغ انسل بخفية وسرعة وذلك لحسن ضيافته لم يقل انتظروا آتي لكم بالطعام ولم يكن متباطئا ًكأنما يدفع دفعا وإنما قام بسرعة منسلاً لئلا يقوموا إذا رأوه ذهب إلى أهله فكأنه أخفى الأمر عنهم راغ إلى أهله يعني أهل بيته فجاء بعجل سمين وفي آية أخرى بعجل حنيذ أي مشوي واللحم إذا شوي يكون أطعم وألذ لأن طعمه يبقى فيه لا يمتزج بالماء بخلاف ما إذا طبخ، إذا طبخ يمتزج طعمه بالماء فتقل لذاذته لكن إذا كان مشوياً صار أطيب وأحسن عجل سمين يعني أنه عليه الصلاة والسلام لا يتخير للضيوف البهائم العجفاء الهزيلة وإنما يتخير لهم البهائم السمينة لأنها ألذ وأطرى وأنفع واختيار العجل إما أن يكون عليه الصلاة والسلام من عادته أن يكرم الناس بهذا أو أنه يكرم الضيوف بحسب ما تقتضيه الحال فإذا كانوا كثيرين أتى بالعجل وإذا كانوا أقل أتى بالغنم وما أشبه ذلك حسب عادة الكرماء (( فقربه إليهم قال ألا تأكلون )) قربه إليهم يعني لم يجعله بعيدا ويقول قوموا إلى طعامكم بل خدمهم حتى جعله بين أيديهم قربه إليهم (( قال ألا تأكلون )) ولم يقل كلوا وإنما عرض عليهم عرضاً لأن هذا أبلغ في الإكرام انتبهوا لهذا والعرض أخف وألطف من الأمر إذ أنه لو قال كلوا كان يحتمل أنه أراد أن يستعلي عليهم ويوجه الأمر إليهم لكن قال ألا تأكلون تعرفون الفرق بين العبارتين في الرفق أيهما أرق وأرفق ألا تأكلون طيب. هذا الآن كما رأيتم قرّب الطعام إليهم هل نقول إن السنة والأفضل أن الإنسان إذا دعى ضيوفا أو أتاه ضيوف أن يقربه إليهم في مجلس الجلوس أو نقول هذا يختلف باختلاف الأحوال الثاني هو الأظهر لأن عموم قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( فليكرم ضيفه ) ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) يدل على أنك تكرمهم بما جرت العادة بإكرامهم به عندنا الآن إذا عزمت أصحابك وأصدقائك وهم قلة فلا يعدون تقديم الطعام في محل المجلس في مكان جلوسهم لا يعدونه إهانة لأنهم إخوانك وأصدقاؤك والأدب بينكم يعني متسامح فيه لكن لو نزل بك ضيف أو دعوت ضيفا ليس بينك وبينه الصلة التي يعني يسقط فيها كما يقول الأدب فإنه في عرفنا الآن ليس من إكرامه أن تقدم الطعام في محل الجلوس اللهم إلا لضرورة إذا لم يكن عندك مكان الآن الإكرام أن تجعل الطعام في مكان ثم إذا أردت أن يأكلوه تقول تفضلوا ألا تتفضلوا أو نغير المجلس أو ما أشبه ذلك من الكلمات المتداولة فالمهم أن قوله تبارك وتعالى عن إبراهيم (( ألا تأكلون )) نعم قربه إليهم قال ألا تأكلون ينبغي أن يجعل هذا حسب إيش؟ حسب عادة الناس إذا كان من الإكرام أن تأتي بالطعام إلى محل جلوسهم فأتي به إذا كان من الإكرام أن تجعله في محل آخر فافعل دليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) (( فقربه إليهم قال ألا تأكلون فأوجس منهم خيفة )) نجعلها إن شاء الله للقاء القادم حتى يكون وقت أوسع للأسئلة