الحج فرضيته وصفة حج النبي صلى الله عليه وسلم . حفظ
الشيخ : فنقول وبالله نقول
أولاً: الحج مرتبته من الدين الإسلامي أنه أحد أركان الإسلام الخمسة، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام ) .
وهو فرض بإجماع المسلمين، ومن جحد وجوبه وهو ممن عاش بين المسلمين فإنه يكون كافراً، لأن وجوبه مما علم بالضرورة من دين الإسلام، ومن تركه متهاوناً فإنه على خطر، لأن من العلماء من قال: إذا ترك الحج تهاوناً فإنه يكفر، لقول الله تعالى: (( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )) وعلى هذا فالإنسان على خطر إذا تركه.
وقد فرضه الله تعالى في السنة التاسعة من الهجرة، وحج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في السنة العاشرة من الهجرة، فخرج من المدينة في اليوم الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة، ووصل إلى مكة صبيحة يوم الأحد الرابع من ذي الحجة، وكان معه الهدي عليه الصلاة والسلام فأحرم قارناً أي: بالحج والعمرة جميعاً قال: لبيك حجاً وعمرة.
وأما من معه من المسلمين فانقسموا إلى ثلاثة أقسام:
منهم: من كان قد ساق الهدي فأحرم قارناً كالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ومنهم: من لم يسق الهدي فحج مفرداً.
ومنهم: من تمتع.
فصاروا على ثلاثة أقسام: منهم من أحرم بعمرة متمتعاً بها إلى الحج، ومنهم من أحرم بحج، ومنهم من أحرم بعمرة وحج.
وصل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى البيت فبدأ بالطواف، فطاف سبعة أشواط مبتدئاً بالحجر، وفي هذا الطواف رمل ثلاثة أشواط أي: أسرع في مشيه ومشى أربعة أشواط، وفي هذا الطواف اضطبع بردائه فجعل وسطه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر من ابتداء الطواف إلى انتهائه، ولم يضطبع قبل الطواف ولا بعده.
ثم تقدم بعد الطواف إلى مقام إبراهيم فقرأ: (( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً )) فصلى ركعتين قرأ فيهما ب (( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )) في الركعة الأولى، وفي الثانية (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )) مع الفاتحة.
ثم رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه، ثم خرج إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: (( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ )) ( أبدأ بما بدأ الله به ) فصعد على الصفا حتى رأى الكعبة فرفع يديه يدعو ويكبر ويهلل، وكان من ذكره في هذا المكان أن قال: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ) ثم يدعو، ثم أعاد الذكر مرة ثانية، ثم يدعو، ثم أعاد الذكر مرة ثالثة، ثم انحدر متجهاً إلى المروة.
وفي طريقه مر بالوادي مجرى السيل وهو نازل، فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى عليه الصلاة والسلام أي: ركض ركضاً شديداً حتى صعد، ثم مشى إلى المروة.
والوادي ليس موجوداً الآن، لأن السيول صُرِّفت يميناً وشمالاً لكن موجود فيه موجود علامة ذلك وهي العمود الأخضر من ابتداء أركان الوادي إلى انتهائه، صعد على المروة واتجه إلى القبلة وقال ما قاله على الصفا حتى أتم سبعة أشواط مبتدئاً بـالصفا ومنتهياً بـالمروة، فكان أول ابتدائه من الصفا وآخر شوط على المروة.
ثم أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهدي أن يجعلوا نسكهم عمرة، وأن يقصروا ويحلوا من إحرامهم الحل التام حتى النساء، ثم خرج من مكة ونزل بالأبطح بظاهر مكة حتى كان اليوم الثامن من ذي الحجة، فخرج إلى منى وأحرم من حل من عمرته من مكانه.
توجه إلى منى في ضحى يوم الثامن ونزل فيها، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع.
ولما طلعت الشمس سار إلى عرفة ونزل بمكان قبل عرفة يقال له: نمرة، حتى زالت الشمس، ثم ركب ناقته بعد ذلك بعد زوال الشمس ونزل في بطن الوادي وادي عرنة وخطب الناس خطبة عظيمة بليغة، ثم أذن وأقام فصلى الظهر ثم أقام وصلى العصر جمعاً وقصراً، ثم ركب حتى أتى الموقف الذي اختار أن يقف فيه عليه الصلاة والسلام عند الصخرات عند جبل عرفات، وعليه الآن علم قائم منصوب، وقف هناك إلى أن غربت الشمس، وكان على بعيره عليه الصلاة والسلام مستقبل القبلة يدعو الله تعالى يبتهل إليه، لأن خير الدعاء دعاء يوم عرفة.
ولما غابت الشمس واستحكم غروبها دفع متجهاً إلى مزدلفة، وكان صلى الله عليه وسلم يأمر الناس بالسكينة، وكلما أتى حبلاً من الحبال يعني: أتى شيئاً مرتفعاً أرخى لناقته الزمام حتى تصعد، وكلما وجد فجوةً أسرع.
وفي أثناء الطريق نزل فبال وتوضأ وضوءاً خفيفاً، فقال له أسامة بن زيد وكان رديفه على ناقته: ( الصلاة يا رسول الله! قال: الصلاة أمامك ) أي: في مزدلفة، وصل إلى مزدلفة بعد دخول وقت العشاء فصلى المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ثم اضطجع في محل نزوله حتى تبين الصبح.
فلما تبين الصبح صلى الفجر بأذان وإقامة، ولم يُذكر في هذه الليلة أنه أوتر ولا أنه صلى سنة الفجر، لكن معروف من هديه عليه الصلاة والسلام أنه كان لا يدع الوتر حضراً ولا سفراً، وكذلك لا يدع ركعتي الفجر حضراً ولا سفراً، وبناءً على هذا العموم نقول: إن الوتر مشروع ليلة مزدلفة وكذلك سنة صلاة الفجر.
ثم ركب بعد أن صلى الفجر حتى أتى المشعر الحرام، فوقف عنده ودعا ووحد الله وكبره إلى أن أسفر جداً، ودفع قبل أن تطلع الشمس متجهاً إلى منى على راحلته، ووقف عند الجمرة وأمر ابن عباس أن يلقط له الحصى سبع حصيات فقط أخذهن بيده صلوات الله وسلامه عليه، وجعل ... ويقول: ( بأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين ) فرمى جمرة العقبة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة.
ثم انصرف إلى المنحر فنحر وكان أهدى مائة بعير فنحر منها بيده الكريمة ثلاثاً وستين بعيراً، وأعطى علي بن أبي طالب الباقية فنحرها، وأمره صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يتصدق بلحومها وجلالها يعني: حتى جلالها التي كانت مغطاة بها الظهور أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصدق به وأمر أن يؤخذ من كل بعير قطعة فجعلت في قدر فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها.
ثم حلق عليه الصلاة والسلام رأسه وحل من إحرامه التحلل الأول، فتطيب عليه الصلاة والسلام ونزل إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة، فطاف سبعة أشواط وليس فيها رمل ولا اضطباع، لأن الرمل والاضطباع لمن هم في الطواف الأول، ولم يسع بين الصفا والمروة، لأنه كان سعى بعد طواف القدوم، والقارن والمفرد إذا سعيا بعد طواف القدوم فإنهما لا يعيدان السعي، وصلى بـمكة الظهر.
ثم خرج إلى منى وبقي فيها ليلة الحادي عشر، وفي اليوم الحادي عشر بعد الزوال ذهب ماشياً إلى الجمرات فرمى الجمرة الأولى وهي أبعدهن من مكة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم تقدم قليلاً ووقف مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو الله، ودعا دعاءً طويلاً ثم انصرف، ثم اتجه إلى الوسطى فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم تقدم قليلاً حتى وقف مستقبل القبلة رافعاً يديه إلى الله دعاء طويلاً، ثم رمى جمرة العقبة وانصرف إلى رحله.
وفي يوم الثاني عشر فعل مثلما فعل في اليوم الحادي عشر، وفي اليوم الثالث عشر فعل كذلك مثلما فعل في اليومين قبله، لأنه تأخر.
وكان رميه عليه الصلاة والسلام في الأيام الثلاثة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بعد الزوال قبل أن يصلي الظهر، ولهذا لما رمى الجمرات في اليوم الثالث عشر بعد الزوال نزل إلى مكة وصلى الظهر في الأبطح في المحصَّب، وبات تلك الليلة ليلة الرابع عشر هناك، وفي آخر الليل أمر بالرحيل، فارتحل إلى المسجد الحرام وطاف بالبيت طواف الوداع وصلى الفجر بعد ذلك، ثم رجع قافلاً إلى المدينة.
هذا هو خلاصة حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولنا في هذا وقفات
أولاً: الحج مرتبته من الدين الإسلامي أنه أحد أركان الإسلام الخمسة، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام ) .
وهو فرض بإجماع المسلمين، ومن جحد وجوبه وهو ممن عاش بين المسلمين فإنه يكون كافراً، لأن وجوبه مما علم بالضرورة من دين الإسلام، ومن تركه متهاوناً فإنه على خطر، لأن من العلماء من قال: إذا ترك الحج تهاوناً فإنه يكفر، لقول الله تعالى: (( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )) وعلى هذا فالإنسان على خطر إذا تركه.
وقد فرضه الله تعالى في السنة التاسعة من الهجرة، وحج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في السنة العاشرة من الهجرة، فخرج من المدينة في اليوم الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة، ووصل إلى مكة صبيحة يوم الأحد الرابع من ذي الحجة، وكان معه الهدي عليه الصلاة والسلام فأحرم قارناً أي: بالحج والعمرة جميعاً قال: لبيك حجاً وعمرة.
وأما من معه من المسلمين فانقسموا إلى ثلاثة أقسام:
منهم: من كان قد ساق الهدي فأحرم قارناً كالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ومنهم: من لم يسق الهدي فحج مفرداً.
ومنهم: من تمتع.
فصاروا على ثلاثة أقسام: منهم من أحرم بعمرة متمتعاً بها إلى الحج، ومنهم من أحرم بحج، ومنهم من أحرم بعمرة وحج.
وصل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى البيت فبدأ بالطواف، فطاف سبعة أشواط مبتدئاً بالحجر، وفي هذا الطواف رمل ثلاثة أشواط أي: أسرع في مشيه ومشى أربعة أشواط، وفي هذا الطواف اضطبع بردائه فجعل وسطه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر من ابتداء الطواف إلى انتهائه، ولم يضطبع قبل الطواف ولا بعده.
ثم تقدم بعد الطواف إلى مقام إبراهيم فقرأ: (( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً )) فصلى ركعتين قرأ فيهما ب (( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )) في الركعة الأولى، وفي الثانية (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )) مع الفاتحة.
ثم رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه، ثم خرج إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: (( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ )) ( أبدأ بما بدأ الله به ) فصعد على الصفا حتى رأى الكعبة فرفع يديه يدعو ويكبر ويهلل، وكان من ذكره في هذا المكان أن قال: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ) ثم يدعو، ثم أعاد الذكر مرة ثانية، ثم يدعو، ثم أعاد الذكر مرة ثالثة، ثم انحدر متجهاً إلى المروة.
وفي طريقه مر بالوادي مجرى السيل وهو نازل، فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى عليه الصلاة والسلام أي: ركض ركضاً شديداً حتى صعد، ثم مشى إلى المروة.
والوادي ليس موجوداً الآن، لأن السيول صُرِّفت يميناً وشمالاً لكن موجود فيه موجود علامة ذلك وهي العمود الأخضر من ابتداء أركان الوادي إلى انتهائه، صعد على المروة واتجه إلى القبلة وقال ما قاله على الصفا حتى أتم سبعة أشواط مبتدئاً بـالصفا ومنتهياً بـالمروة، فكان أول ابتدائه من الصفا وآخر شوط على المروة.
ثم أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهدي أن يجعلوا نسكهم عمرة، وأن يقصروا ويحلوا من إحرامهم الحل التام حتى النساء، ثم خرج من مكة ونزل بالأبطح بظاهر مكة حتى كان اليوم الثامن من ذي الحجة، فخرج إلى منى وأحرم من حل من عمرته من مكانه.
توجه إلى منى في ضحى يوم الثامن ونزل فيها، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع.
ولما طلعت الشمس سار إلى عرفة ونزل بمكان قبل عرفة يقال له: نمرة، حتى زالت الشمس، ثم ركب ناقته بعد ذلك بعد زوال الشمس ونزل في بطن الوادي وادي عرنة وخطب الناس خطبة عظيمة بليغة، ثم أذن وأقام فصلى الظهر ثم أقام وصلى العصر جمعاً وقصراً، ثم ركب حتى أتى الموقف الذي اختار أن يقف فيه عليه الصلاة والسلام عند الصخرات عند جبل عرفات، وعليه الآن علم قائم منصوب، وقف هناك إلى أن غربت الشمس، وكان على بعيره عليه الصلاة والسلام مستقبل القبلة يدعو الله تعالى يبتهل إليه، لأن خير الدعاء دعاء يوم عرفة.
ولما غابت الشمس واستحكم غروبها دفع متجهاً إلى مزدلفة، وكان صلى الله عليه وسلم يأمر الناس بالسكينة، وكلما أتى حبلاً من الحبال يعني: أتى شيئاً مرتفعاً أرخى لناقته الزمام حتى تصعد، وكلما وجد فجوةً أسرع.
وفي أثناء الطريق نزل فبال وتوضأ وضوءاً خفيفاً، فقال له أسامة بن زيد وكان رديفه على ناقته: ( الصلاة يا رسول الله! قال: الصلاة أمامك ) أي: في مزدلفة، وصل إلى مزدلفة بعد دخول وقت العشاء فصلى المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ثم اضطجع في محل نزوله حتى تبين الصبح.
فلما تبين الصبح صلى الفجر بأذان وإقامة، ولم يُذكر في هذه الليلة أنه أوتر ولا أنه صلى سنة الفجر، لكن معروف من هديه عليه الصلاة والسلام أنه كان لا يدع الوتر حضراً ولا سفراً، وكذلك لا يدع ركعتي الفجر حضراً ولا سفراً، وبناءً على هذا العموم نقول: إن الوتر مشروع ليلة مزدلفة وكذلك سنة صلاة الفجر.
ثم ركب بعد أن صلى الفجر حتى أتى المشعر الحرام، فوقف عنده ودعا ووحد الله وكبره إلى أن أسفر جداً، ودفع قبل أن تطلع الشمس متجهاً إلى منى على راحلته، ووقف عند الجمرة وأمر ابن عباس أن يلقط له الحصى سبع حصيات فقط أخذهن بيده صلوات الله وسلامه عليه، وجعل ... ويقول: ( بأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين ) فرمى جمرة العقبة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة.
ثم انصرف إلى المنحر فنحر وكان أهدى مائة بعير فنحر منها بيده الكريمة ثلاثاً وستين بعيراً، وأعطى علي بن أبي طالب الباقية فنحرها، وأمره صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يتصدق بلحومها وجلالها يعني: حتى جلالها التي كانت مغطاة بها الظهور أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصدق به وأمر أن يؤخذ من كل بعير قطعة فجعلت في قدر فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها.
ثم حلق عليه الصلاة والسلام رأسه وحل من إحرامه التحلل الأول، فتطيب عليه الصلاة والسلام ونزل إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة، فطاف سبعة أشواط وليس فيها رمل ولا اضطباع، لأن الرمل والاضطباع لمن هم في الطواف الأول، ولم يسع بين الصفا والمروة، لأنه كان سعى بعد طواف القدوم، والقارن والمفرد إذا سعيا بعد طواف القدوم فإنهما لا يعيدان السعي، وصلى بـمكة الظهر.
ثم خرج إلى منى وبقي فيها ليلة الحادي عشر، وفي اليوم الحادي عشر بعد الزوال ذهب ماشياً إلى الجمرات فرمى الجمرة الأولى وهي أبعدهن من مكة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم تقدم قليلاً ووقف مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو الله، ودعا دعاءً طويلاً ثم انصرف، ثم اتجه إلى الوسطى فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم تقدم قليلاً حتى وقف مستقبل القبلة رافعاً يديه إلى الله دعاء طويلاً، ثم رمى جمرة العقبة وانصرف إلى رحله.
وفي يوم الثاني عشر فعل مثلما فعل في اليوم الحادي عشر، وفي اليوم الثالث عشر فعل كذلك مثلما فعل في اليومين قبله، لأنه تأخر.
وكان رميه عليه الصلاة والسلام في الأيام الثلاثة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بعد الزوال قبل أن يصلي الظهر، ولهذا لما رمى الجمرات في اليوم الثالث عشر بعد الزوال نزل إلى مكة وصلى الظهر في الأبطح في المحصَّب، وبات تلك الليلة ليلة الرابع عشر هناك، وفي آخر الليل أمر بالرحيل، فارتحل إلى المسجد الحرام وطاف بالبيت طواف الوداع وصلى الفجر بعد ذلك، ثم رجع قافلاً إلى المدينة.
هذا هو خلاصة حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولنا في هذا وقفات