وقفة مع أعمال أيام الحج ( اليوم الثامن إلى الثالث عشر ) . حفظ
الشيخ : ولنا في هذا وقفات:
الموقف الأول: أيام الحج تبين أنها ستة أيام، وهي: اليوم الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر.
فماذا نفعل في اليوم الأول الثامن؟ يحرم الحجاج المحلون بالحج ضحى اليوم الثامن وينزلون في منى ويصلون فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، هذه أعمال اليوم الثامن وليلة التاسع.
في اليوم التاسع ينصرف الحجاج من منى إلى عرفة وينزلون إذا تيسر لهم في نمرة، وإن لم يتيسر فلا حرج أن يستمروا في سيرهم إلى عرفة فيصلون فيها الظهر والعصر جمعاً وقصراً، والجمع يكون جمع تقديم، من أجل أن يتسع الوقت للدعاء، ويتفرق الناس في مواقفهم، ولهذا اختار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يجمع جمع تقديم في يوم عرفة لهذا السبب، أولاً: ليطول وقت الوقوف، وثانياً: ليتفرق الناس في مواقفهم، لأنهم لو تفرقوا قبل أن يصلوا العصر ما اجتمعوا على صلاة، فلهذا جمع النبي صلى الله عليه وسلم جمع تقديم، ثم إن الموقف الذي وقف فيه الرسول عليه الصلاة والسلام هل هو متعين أو كل عرفة موقف؟ استمع إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف ) فأنت إذا وقفت في مكانك أديت السنة، ولا سيما في وقتنا الحاضر مع شدة الزحام والضياع لكثير لمن ذهب ليقف في موقف الرسول عليه الصلاة والسلام، فإن الأفضل أن يبقى في مكانه.
ثم اعلم أنك لو ذهبت إلى موقف الرسول عليه الصلاة والسلام فأنت على خطر من الضياع على خطر من الجوع أو العطش، ولن يتسنى لك أن تقف في ذلك الموقف إلى أن تغرب الشمس، لأنك لا بد أن تعود إلى رحلك قبل غروب الشمس وإلا لضعت بين هذه السيارات وفات الخشوع الذي يطلب من الإنسان في مثل هذه المشاعر، فالأفضل إذن أن تقف في مكانك درءاً لهذه المفاسد أو لهذه المضار.
في يوم عرفة يقف الناس في عرفة بعد الصلاتين الظهر والعصر جمع تقديم إلى أن تغرب الشمس، ولا يجوز للإنسان أن يدفع من عرفة قبل غروب الشمس، ودليل ذلك:
أولاً: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقف حتى غربت الشمس وقال: ( خذوا عني مناسككم ) وهذا أمر أن نتأسى به.
ثانياً: لو كان الدفع جائزاً قبل الغروب لكان أول من يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن ذلك أيسر وأرفق بالأمة حيث يدفعون نهاراً، وقد كان من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام ( أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً ) ونحن إذا قلنا: إن الأيسر أن تدفع في النهار وقد امتنع منه الرسول عليه الصلاة والسلام نعلم أنه إثم، لأن من هديه أن يختار الأيسر ما لم يكن إثماً.
ثالثاً: أننا لو دفعنا قبل الغروب لكان في ذلك مشابهة للمشركين ومخالفة لهدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، لأن المشركين يدفعون من عرفة قبل أن تغرب الشمس، إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كالعمائم على رؤوس الرجال دفعوا.
في ليلة العيد ينزل الحجاج في إيش؟ في مزدلفة فهل لهم أن يدفعوا قبل أن يصلوا الفجر؟ نقول: نعم.
النساء والضعفاء الأفضل أن يتقدموا في الدفع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لهم، والإنسان لا ينبغي له أن يعدل عن الرخصة لا سيما في وقتنا الحاضر مع الزحام، فإن الأولى أن يدفع النساء والصغار ومن لا يحتمل مزاحمة الناس في آخر الليل من أجل أن يرموا الجمرة قبل زحمة الناس، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن للنساء والصغار أن يدفعوا من آخر الليل.
في مزدلفة وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن صلى الفجر عند المشعر الحرام، لقوله تعالى: (( فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ )) وهل لا بد أن يكون الوقوف هناك أي: عند المشعر الذي هو محل المسجد اليوم؟ لا، ليس من الضرورة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف عند المشعر وقال: ( وقفت هاهنا وجمع كلها موقف ) وجمع هي المزدلفة.
في يوم العيد وبعد الوصول إلى منى فهمنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام فعل ما يأتي:
أولاً: رمى، ثم نحر، ثم حلق وحل، ثم نزل وطاف، وهذا هو الأفضل أن الإنسان يرتبها هكذا، الرمي ثم النحر ثم الحلق ثم الطواف ثم السعي لمن كان متمتعاً أو مفرداً أو قارناً ولم يكن سعى بعد طواف القدوم.
هذه الأنساك الخمسة أو الأربعة لو أن الإنسان قدم بعضها على بعض فهل عليه من حرج؟ الجواب: لا، اسمع الجواب من الرسول عليه الصلاة والسلام ( كان لا يسأل في ذلك اليوم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج ) افعل ولا حرج ، حتى قال له سائل من الناس: ( سعيت قبل أن أطوف؟ قال: لا حرج ) وهذه من رحمة الله عز وجل أنه جعل فسحة للناس في تقديم بعض هذه الأشياء على بعض حتى لا يجتمعوا على شيء واحد، لو اجتمع الناس كلهم على الرمي أو كلهم على الطواف أو كلهم على النحر لحصل في ذلك مشقة، لكن إذا فُسح الأمر فصار هذا يذهب إلى مكة ويطوف، وهذا يذهب إلى المنحر وينحر، وهذا يذهب إلى المرمى ويرمي، حصل في ذلك توسعة.
ورد في بعض الأسئلة التي وردت على الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك اليوم أن السائل يقول: لم أشعر ففعلت كذا قبل كذا.
وورد في بعضها الإطلاق، فهل نأخذ بهذا القيد ونقول: إنه لا يجوز اختلاف الترتيب إلا لإنسان لم يشعر؟ الجواب: لا.
لا نقيد هذا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( افعل ولا حرج ) وهذا شيء في المستقبل، لو قال: لا حرج عليك لقلنا: ربما يكون هذا الجواب مبنياً على السؤال، وأنه لا حرج على الإنسان إذا قدم بعضها على بعض في عدم الشعور، لكن لما قال: ( افعل ولا حرج ) وافعل كما يعرف الناس أنها للمستقبل، علمنا أن الترتيب ليس بواجب، ولهذا لما أراد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يصحح ما وقع ويمنع مما يستقبل قال لأبي بكرة حينما ركع قبل أن يصل الصف قال: ( زادك الله حرصاً ولا تعد ) فلو كان هذا الترتيب واجباً لقال للسائل: لا حرج ولا تعد.
على كل حال: المتأمل للسنة في هذا يتبين له أن الأمر واسع، وأنه لا حرج أن يقدم الإنسان بعضها على بعض، سواء كان لعذر أو لغير عذر.
إذن في يوم العيد يفعل الحاج كم نسكاً؟ خمسة أو أربعة؟ خمسة، إذا كان متمتعاً أو كان مفرداً أو قارناً ولم يكن سعى مع طواف القدوم، وأربعة إن كان مفرداً أو قارناً وسعى مع طواف القدوم، لأنه في هذه الحال يسقط عنه السعي، هذا في يوم العيد.
في اليوم الحادي عشر ليلة الحادي عشر الناس نازلون في منى والنزول في منى واجب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رخص لأهل الأعذار كالسقاة والرعاة رخص لهم أن يدعوا المبيت في منى، رخص لعمه العباس أن ينزل إلى مكة ليتولى إيش؟ السقاية سقاية الناس من زمزم وهذه مصلحة عامة، ورخص للرعاة رعاة إبل الحجيج ألا يبيتوا في منى يبيتوا في مراعيهم، لأنهم يشتغلون في مصلحة عامة، فدل هذا على أن غيرهم ليس له رخصة، وتهاون بعض الناس في المبيت بمنى لا وجه له إطلاقاً، فمن أراد السنة والحج المبرور فليتمسك بما عليه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
في اليوم الحادي عشر يرمي الناس الجمرات بعد الزوال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرمها إلا بعد الزوال، ولا يجوز تقديم الرمي في أيام التشريق عن الزوال ، ولا يجوز تقديم الرمي في أيام التشريق عن الزوال لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بعد الزوال، وقال: ( خذوا عني مناسككم ) ولولا أن الرمي قبل الزوال لا يصح لرخص للضعفاء والنساء أن يرموا قبل الزوال كما رخص لهم أن يرموا قبل طلوع الشمس في يوم العيد، ولو كان جائزاً أعني: الرمي قبل الزوال لفعله النبي عليه الصلاة والسلام، لأن الرمي قبل الزوال أيسر على الناس من الرمي بعد الزوال.
إذ الرمي بعد الزوال معناه: انتظار اشتداد الحر، وهذا يشق على الناس، فلو كان الرمي في الصباح جائزاً لكان أيسر على الأمة، فلما تركه الرسول عليه الصلاة والسلام وانتظر حتى الزوال علمنا أن الرمي قبل الزوال ليس من هدي النبي عليه الصلاة والسلام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) .
ويدلك على أنه لا يصح الرمي قبل الزوال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحين يعني: ينتظر حتى تزول الشمس ومن حين أن تزول يرمي قبل أن يصلي الظهر، فكأنه ينتظر كما يقولون: بفارغ الصبر أن تزول الشمس حتى يرمي.
ولا يغرنك ترخيص بعض العلماء المبني على غير قاعدة شرعية، ولو أننا أردنا أن نأخذ ترخيصاً مطلقاً لقلنا: كل أيام التشريق محل ذكر لله عز وجل، فارم في أي وقت شئت، لكن هذه أمور محددة (( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ )) من ذكر الله في الأيام المعدودات رمي الجمرات، هل نأخذ بإطلاق الآية ونقول: متى شئت فارم؟
الجواب : لا، لأن الأمر بالذكر هنا مطلق بينته إيش؟ السنة فلا تغتر.
لكن إذا قال قائل: إذا قلتم: إنه لا يكون الرمي إلا بعد الزوال والحجاج يبلغون مليون وخمسمائة ألف كيف يتسنى أن يرمي هؤلاء فيما بين الزوال إلى غروب الشمس، هذا صعب جداً، لأنك لو قسمت مليون وخمسمائة ألف على هذا الزمن لوجدت أنه لا بد أن يرمي في الدقيقة كذا وكذا من مئة.
الموقف الأول: أيام الحج تبين أنها ستة أيام، وهي: اليوم الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر.
فماذا نفعل في اليوم الأول الثامن؟ يحرم الحجاج المحلون بالحج ضحى اليوم الثامن وينزلون في منى ويصلون فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، هذه أعمال اليوم الثامن وليلة التاسع.
في اليوم التاسع ينصرف الحجاج من منى إلى عرفة وينزلون إذا تيسر لهم في نمرة، وإن لم يتيسر فلا حرج أن يستمروا في سيرهم إلى عرفة فيصلون فيها الظهر والعصر جمعاً وقصراً، والجمع يكون جمع تقديم، من أجل أن يتسع الوقت للدعاء، ويتفرق الناس في مواقفهم، ولهذا اختار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يجمع جمع تقديم في يوم عرفة لهذا السبب، أولاً: ليطول وقت الوقوف، وثانياً: ليتفرق الناس في مواقفهم، لأنهم لو تفرقوا قبل أن يصلوا العصر ما اجتمعوا على صلاة، فلهذا جمع النبي صلى الله عليه وسلم جمع تقديم، ثم إن الموقف الذي وقف فيه الرسول عليه الصلاة والسلام هل هو متعين أو كل عرفة موقف؟ استمع إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف ) فأنت إذا وقفت في مكانك أديت السنة، ولا سيما في وقتنا الحاضر مع شدة الزحام والضياع لكثير لمن ذهب ليقف في موقف الرسول عليه الصلاة والسلام، فإن الأفضل أن يبقى في مكانه.
ثم اعلم أنك لو ذهبت إلى موقف الرسول عليه الصلاة والسلام فأنت على خطر من الضياع على خطر من الجوع أو العطش، ولن يتسنى لك أن تقف في ذلك الموقف إلى أن تغرب الشمس، لأنك لا بد أن تعود إلى رحلك قبل غروب الشمس وإلا لضعت بين هذه السيارات وفات الخشوع الذي يطلب من الإنسان في مثل هذه المشاعر، فالأفضل إذن أن تقف في مكانك درءاً لهذه المفاسد أو لهذه المضار.
في يوم عرفة يقف الناس في عرفة بعد الصلاتين الظهر والعصر جمع تقديم إلى أن تغرب الشمس، ولا يجوز للإنسان أن يدفع من عرفة قبل غروب الشمس، ودليل ذلك:
أولاً: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقف حتى غربت الشمس وقال: ( خذوا عني مناسككم ) وهذا أمر أن نتأسى به.
ثانياً: لو كان الدفع جائزاً قبل الغروب لكان أول من يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن ذلك أيسر وأرفق بالأمة حيث يدفعون نهاراً، وقد كان من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام ( أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً ) ونحن إذا قلنا: إن الأيسر أن تدفع في النهار وقد امتنع منه الرسول عليه الصلاة والسلام نعلم أنه إثم، لأن من هديه أن يختار الأيسر ما لم يكن إثماً.
ثالثاً: أننا لو دفعنا قبل الغروب لكان في ذلك مشابهة للمشركين ومخالفة لهدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، لأن المشركين يدفعون من عرفة قبل أن تغرب الشمس، إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كالعمائم على رؤوس الرجال دفعوا.
في ليلة العيد ينزل الحجاج في إيش؟ في مزدلفة فهل لهم أن يدفعوا قبل أن يصلوا الفجر؟ نقول: نعم.
النساء والضعفاء الأفضل أن يتقدموا في الدفع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لهم، والإنسان لا ينبغي له أن يعدل عن الرخصة لا سيما في وقتنا الحاضر مع الزحام، فإن الأولى أن يدفع النساء والصغار ومن لا يحتمل مزاحمة الناس في آخر الليل من أجل أن يرموا الجمرة قبل زحمة الناس، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن للنساء والصغار أن يدفعوا من آخر الليل.
في مزدلفة وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن صلى الفجر عند المشعر الحرام، لقوله تعالى: (( فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ )) وهل لا بد أن يكون الوقوف هناك أي: عند المشعر الذي هو محل المسجد اليوم؟ لا، ليس من الضرورة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف عند المشعر وقال: ( وقفت هاهنا وجمع كلها موقف ) وجمع هي المزدلفة.
في يوم العيد وبعد الوصول إلى منى فهمنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام فعل ما يأتي:
أولاً: رمى، ثم نحر، ثم حلق وحل، ثم نزل وطاف، وهذا هو الأفضل أن الإنسان يرتبها هكذا، الرمي ثم النحر ثم الحلق ثم الطواف ثم السعي لمن كان متمتعاً أو مفرداً أو قارناً ولم يكن سعى بعد طواف القدوم.
هذه الأنساك الخمسة أو الأربعة لو أن الإنسان قدم بعضها على بعض فهل عليه من حرج؟ الجواب: لا، اسمع الجواب من الرسول عليه الصلاة والسلام ( كان لا يسأل في ذلك اليوم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج ) افعل ولا حرج ، حتى قال له سائل من الناس: ( سعيت قبل أن أطوف؟ قال: لا حرج ) وهذه من رحمة الله عز وجل أنه جعل فسحة للناس في تقديم بعض هذه الأشياء على بعض حتى لا يجتمعوا على شيء واحد، لو اجتمع الناس كلهم على الرمي أو كلهم على الطواف أو كلهم على النحر لحصل في ذلك مشقة، لكن إذا فُسح الأمر فصار هذا يذهب إلى مكة ويطوف، وهذا يذهب إلى المنحر وينحر، وهذا يذهب إلى المرمى ويرمي، حصل في ذلك توسعة.
ورد في بعض الأسئلة التي وردت على الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك اليوم أن السائل يقول: لم أشعر ففعلت كذا قبل كذا.
وورد في بعضها الإطلاق، فهل نأخذ بهذا القيد ونقول: إنه لا يجوز اختلاف الترتيب إلا لإنسان لم يشعر؟ الجواب: لا.
لا نقيد هذا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( افعل ولا حرج ) وهذا شيء في المستقبل، لو قال: لا حرج عليك لقلنا: ربما يكون هذا الجواب مبنياً على السؤال، وأنه لا حرج على الإنسان إذا قدم بعضها على بعض في عدم الشعور، لكن لما قال: ( افعل ولا حرج ) وافعل كما يعرف الناس أنها للمستقبل، علمنا أن الترتيب ليس بواجب، ولهذا لما أراد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يصحح ما وقع ويمنع مما يستقبل قال لأبي بكرة حينما ركع قبل أن يصل الصف قال: ( زادك الله حرصاً ولا تعد ) فلو كان هذا الترتيب واجباً لقال للسائل: لا حرج ولا تعد.
على كل حال: المتأمل للسنة في هذا يتبين له أن الأمر واسع، وأنه لا حرج أن يقدم الإنسان بعضها على بعض، سواء كان لعذر أو لغير عذر.
إذن في يوم العيد يفعل الحاج كم نسكاً؟ خمسة أو أربعة؟ خمسة، إذا كان متمتعاً أو كان مفرداً أو قارناً ولم يكن سعى مع طواف القدوم، وأربعة إن كان مفرداً أو قارناً وسعى مع طواف القدوم، لأنه في هذه الحال يسقط عنه السعي، هذا في يوم العيد.
في اليوم الحادي عشر ليلة الحادي عشر الناس نازلون في منى والنزول في منى واجب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رخص لأهل الأعذار كالسقاة والرعاة رخص لهم أن يدعوا المبيت في منى، رخص لعمه العباس أن ينزل إلى مكة ليتولى إيش؟ السقاية سقاية الناس من زمزم وهذه مصلحة عامة، ورخص للرعاة رعاة إبل الحجيج ألا يبيتوا في منى يبيتوا في مراعيهم، لأنهم يشتغلون في مصلحة عامة، فدل هذا على أن غيرهم ليس له رخصة، وتهاون بعض الناس في المبيت بمنى لا وجه له إطلاقاً، فمن أراد السنة والحج المبرور فليتمسك بما عليه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
في اليوم الحادي عشر يرمي الناس الجمرات بعد الزوال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرمها إلا بعد الزوال، ولا يجوز تقديم الرمي في أيام التشريق عن الزوال ، ولا يجوز تقديم الرمي في أيام التشريق عن الزوال لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بعد الزوال، وقال: ( خذوا عني مناسككم ) ولولا أن الرمي قبل الزوال لا يصح لرخص للضعفاء والنساء أن يرموا قبل الزوال كما رخص لهم أن يرموا قبل طلوع الشمس في يوم العيد، ولو كان جائزاً أعني: الرمي قبل الزوال لفعله النبي عليه الصلاة والسلام، لأن الرمي قبل الزوال أيسر على الناس من الرمي بعد الزوال.
إذ الرمي بعد الزوال معناه: انتظار اشتداد الحر، وهذا يشق على الناس، فلو كان الرمي في الصباح جائزاً لكان أيسر على الأمة، فلما تركه الرسول عليه الصلاة والسلام وانتظر حتى الزوال علمنا أن الرمي قبل الزوال ليس من هدي النبي عليه الصلاة والسلام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) .
ويدلك على أنه لا يصح الرمي قبل الزوال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحين يعني: ينتظر حتى تزول الشمس ومن حين أن تزول يرمي قبل أن يصلي الظهر، فكأنه ينتظر كما يقولون: بفارغ الصبر أن تزول الشمس حتى يرمي.
ولا يغرنك ترخيص بعض العلماء المبني على غير قاعدة شرعية، ولو أننا أردنا أن نأخذ ترخيصاً مطلقاً لقلنا: كل أيام التشريق محل ذكر لله عز وجل، فارم في أي وقت شئت، لكن هذه أمور محددة (( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ )) من ذكر الله في الأيام المعدودات رمي الجمرات، هل نأخذ بإطلاق الآية ونقول: متى شئت فارم؟
الجواب : لا، لأن الأمر بالذكر هنا مطلق بينته إيش؟ السنة فلا تغتر.
لكن إذا قال قائل: إذا قلتم: إنه لا يكون الرمي إلا بعد الزوال والحجاج يبلغون مليون وخمسمائة ألف كيف يتسنى أن يرمي هؤلاء فيما بين الزوال إلى غروب الشمس، هذا صعب جداً، لأنك لو قسمت مليون وخمسمائة ألف على هذا الزمن لوجدت أنه لا بد أن يرمي في الدقيقة كذا وكذا من مئة.