تفسير سورة الذاريات الآيات ( 47- 51 ) وآيات اخرى مختارة وما يستفاد منها . حفظ
السائل : نبدأ هذا اللقاء بالكلام على آيات في سورة الذاريات من قول الله تبارك وتعالى: (( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ )) ففي هذه الآية يخبر الله تعالى أنه بنى السماء بأيد، أي: بقوة كما قال تعالى: (( وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً )) والأيد هنا ليست جمع يد كما يتوهمه بعض الناس ويظنون أن المراد أن الله بنى السماء بأيد أي: بيديه عز وجل، ذلك لأن الأيد هنا مصدر آد يئيد بمعنى: قويَ، ولهذا لم يضف الله تعالى هذه الكلمة إلى نفسه الكريمة كما أضافها إلى نفسه الكريمة في قوله تعالى: (( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً )) فمن فسر الأيد بالقوة هنا فإنه لا يقال: إنه من أهل التأويل الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، بل هو من التأويل الصحيح.
(( وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ )) أي: لموسعون أرجاءها، لأنها واسعة عظيمة محيطة بالأرض من كل جانب.
قال تعالى: (( وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا )) أي: جعلناها لأهلها بمنزلة الفراش اللين المريح، (( فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ )) أثنى على نفسه تبارك وتعالى بذلك، لأنه أهل للثناء، وقد جعلها الله تبارك وتعالى لأهل الأرض جعلها على مستوىً نافعٍ للعباد فليست بالقاسية التي يعجز الناس عن الانتفاع بها، وليست باللينة التي لا يستقرون عليها، بل هي مناسبة تماماً لهم، على أن فيها اختلافاً بالليونة وبالصعوبة لكن هذا لا يمنع الانتفاع بها.
(( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )) خلق الله تبارك وتعالى من كل شيء زوجين متقابلين حتى تتم الحال وتصلح باجتماع بعضهما إلى بعض، فالحيوان كله من إنسان وغيره كله يكون من زوجين: بين ذكر وأنثى كما قال الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا )) إلا أن آدم عليه الصلاة والسلام خلقه الله بيده من غير أم ولا أب، وزوجه حواء خُلقت من أب بلا أم، وعيسى بن مريم خلق من أم بلا أب، ولهذا يقسم الناس البشر إلى أربعة أقسام: الأول: من خلق بلا أم ولا أب وهو آدم.
والثاني: من خلق من أب بلا أم وهي حواء.
والثالث: من خلق من أم بلا أب وهو عيسى، وبقية البشر خلقوا من ذكر وأنثى.
من كل شيء خلق الله زوجين: اليبوسة والرطوبة، والحرارة والبرودة، واللين والقسوة، وغير ذلك مما إذا تأمله الإنسان عرف بذلك حكمة الله سبحانه وتعالى.
(( لعلكم تذكرون )) أي: بينا ذلك لكم لأجل أن تذكروا وتتعظوا بآيات الله تبارك وتعالى، فإن الإنسان كلما كان أعلم بآيات الله الكونية أو الشرعية كان أكثر اتعاظاً واعتباراً، ولهذا حث الله على النظر في الآيات الكونية فقال تعالى: (( قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ )) وقال تعالى: (( أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ )). ومدح الله تعالى الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض في قوله: (( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )) لهذا ينبغي للإنسان أن يتعظ ويتذكر ويتدبر آيات الله سبحانه وتعالى الكونية والشرعية.
(( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ )) هذا كأنه على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، أي: قل لهم: فروا إلى الله (( إني لكم منه )) أي: من الله (( نذير مبين )) والفرار إلى الله يكون بالقيام بطاعته واجتناب نواهيه، لأنه لا ينقذك من عذاب الله إلا هذا إلا أن تقوم بطاعة الله، فكأن الإنسان إذا قام بطاعة الله عز وجل كأنه فر من عدو، أرأيت لو أن واديًا عرماً يهدر أقبل عليك أكنت تقف أمامه؟ لا ، لا تقف أمامه، بل تهرب منه وتفر منه، كذلك لو أن حريقاً ملتهباً أقبل إليك فإنك لن تقف بل تفر، كذلك نار جهنم أشد وأعظم وأولى بالفرار منها ولهذا قال: (( ففروا إلى الله )) أي: من عذاب الله (( إني لكم منه نذير )) أي: منذر (( مبين )) أي: مظهر لما أنذروا به ومبين له.
فهو عليه الصلاة والسلام نذير من الله تعالى لعباده ينذر من خالف أمره بالعذاب، ومع هذا هو صلى الله عليه وسلم بشير، بشير لمن آمن وأطاع بالجنة والسعادة في الدنيا والآخرة كما قال الله تعالى: (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) لكن الله تبارك وتعالى يذكر الإنذار فقط في مقام التهديد والوعيد، وهذه السورة كما ترون كلها فيها ذكر الأمم السابقين وما حل بهم من العقوبة بمخالفتهم أمر الله تبارك وتعالى.
(( وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ )) أي: لا تجعلوا معه معبوداً تعبدونه.
(( إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ )) والمعبود أنواع وأصناف: فمن الناس من يعبد الشمس، ومنهم من يعبد القمر، ومنهم من يعبد النجوم، ومنهم من يعبد الحيوان، ومنهم من يعبد الشجر، ومنهم من يعبد الحجر، ومنهم من يعبد المال، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط ) فبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن الذي ليس له هم إلا المال فإنه عابد له حقيقة وإن كان لا يركع له ولا يسجد ، لكن تعلقه في قلبه به واهتمامه به وكونه يرضى لحصوله ويسخط لمنعه لا شك أنه قد استولى على قلبه استيلاءً تاماً، لكن المعبود تختلف عبادته في الحكم، فإن كان يصرف له شيئاً من العبادة فهذا شرك أكبر، وإن كان لا يصرف له شيء من العبادة ولكنه يتعلق به القلب تعلقاً كاملاً حتى إنه ليدع الواجبات ويقع في المحرمات من أجل الحصول عليه، فهذه عبادة لا تخرج من الدين لكنها حقاً عبادة.
(( إني لكم منه نذير مبين )) كرر ذلك لأهمية الموضوع.
فنسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم الاتعاظ والانتفاع بما سمعنا من آيات الله تعالى، إنه على كل شيء قدير.
وإلى الأسئلة ونبدأ باليمين .
(( وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ )) أي: لموسعون أرجاءها، لأنها واسعة عظيمة محيطة بالأرض من كل جانب.
قال تعالى: (( وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا )) أي: جعلناها لأهلها بمنزلة الفراش اللين المريح، (( فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ )) أثنى على نفسه تبارك وتعالى بذلك، لأنه أهل للثناء، وقد جعلها الله تبارك وتعالى لأهل الأرض جعلها على مستوىً نافعٍ للعباد فليست بالقاسية التي يعجز الناس عن الانتفاع بها، وليست باللينة التي لا يستقرون عليها، بل هي مناسبة تماماً لهم، على أن فيها اختلافاً بالليونة وبالصعوبة لكن هذا لا يمنع الانتفاع بها.
(( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )) خلق الله تبارك وتعالى من كل شيء زوجين متقابلين حتى تتم الحال وتصلح باجتماع بعضهما إلى بعض، فالحيوان كله من إنسان وغيره كله يكون من زوجين: بين ذكر وأنثى كما قال الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا )) إلا أن آدم عليه الصلاة والسلام خلقه الله بيده من غير أم ولا أب، وزوجه حواء خُلقت من أب بلا أم، وعيسى بن مريم خلق من أم بلا أب، ولهذا يقسم الناس البشر إلى أربعة أقسام: الأول: من خلق بلا أم ولا أب وهو آدم.
والثاني: من خلق من أب بلا أم وهي حواء.
والثالث: من خلق من أم بلا أب وهو عيسى، وبقية البشر خلقوا من ذكر وأنثى.
من كل شيء خلق الله زوجين: اليبوسة والرطوبة، والحرارة والبرودة، واللين والقسوة، وغير ذلك مما إذا تأمله الإنسان عرف بذلك حكمة الله سبحانه وتعالى.
(( لعلكم تذكرون )) أي: بينا ذلك لكم لأجل أن تذكروا وتتعظوا بآيات الله تبارك وتعالى، فإن الإنسان كلما كان أعلم بآيات الله الكونية أو الشرعية كان أكثر اتعاظاً واعتباراً، ولهذا حث الله على النظر في الآيات الكونية فقال تعالى: (( قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ )) وقال تعالى: (( أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ )). ومدح الله تعالى الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض في قوله: (( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )) لهذا ينبغي للإنسان أن يتعظ ويتذكر ويتدبر آيات الله سبحانه وتعالى الكونية والشرعية.
(( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ )) هذا كأنه على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، أي: قل لهم: فروا إلى الله (( إني لكم منه )) أي: من الله (( نذير مبين )) والفرار إلى الله يكون بالقيام بطاعته واجتناب نواهيه، لأنه لا ينقذك من عذاب الله إلا هذا إلا أن تقوم بطاعة الله، فكأن الإنسان إذا قام بطاعة الله عز وجل كأنه فر من عدو، أرأيت لو أن واديًا عرماً يهدر أقبل عليك أكنت تقف أمامه؟ لا ، لا تقف أمامه، بل تهرب منه وتفر منه، كذلك لو أن حريقاً ملتهباً أقبل إليك فإنك لن تقف بل تفر، كذلك نار جهنم أشد وأعظم وأولى بالفرار منها ولهذا قال: (( ففروا إلى الله )) أي: من عذاب الله (( إني لكم منه نذير )) أي: منذر (( مبين )) أي: مظهر لما أنذروا به ومبين له.
فهو عليه الصلاة والسلام نذير من الله تعالى لعباده ينذر من خالف أمره بالعذاب، ومع هذا هو صلى الله عليه وسلم بشير، بشير لمن آمن وأطاع بالجنة والسعادة في الدنيا والآخرة كما قال الله تعالى: (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) لكن الله تبارك وتعالى يذكر الإنذار فقط في مقام التهديد والوعيد، وهذه السورة كما ترون كلها فيها ذكر الأمم السابقين وما حل بهم من العقوبة بمخالفتهم أمر الله تبارك وتعالى.
(( وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ )) أي: لا تجعلوا معه معبوداً تعبدونه.
(( إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ )) والمعبود أنواع وأصناف: فمن الناس من يعبد الشمس، ومنهم من يعبد القمر، ومنهم من يعبد النجوم، ومنهم من يعبد الحيوان، ومنهم من يعبد الشجر، ومنهم من يعبد الحجر، ومنهم من يعبد المال، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط ) فبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن الذي ليس له هم إلا المال فإنه عابد له حقيقة وإن كان لا يركع له ولا يسجد ، لكن تعلقه في قلبه به واهتمامه به وكونه يرضى لحصوله ويسخط لمنعه لا شك أنه قد استولى على قلبه استيلاءً تاماً، لكن المعبود تختلف عبادته في الحكم، فإن كان يصرف له شيئاً من العبادة فهذا شرك أكبر، وإن كان لا يصرف له شيء من العبادة ولكنه يتعلق به القلب تعلقاً كاملاً حتى إنه ليدع الواجبات ويقع في المحرمات من أجل الحصول عليه، فهذه عبادة لا تخرج من الدين لكنها حقاً عبادة.
(( إني لكم منه نذير مبين )) كرر ذلك لأهمية الموضوع.
فنسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم الاتعاظ والانتفاع بما سمعنا من آيات الله تعالى، إنه على كل شيء قدير.
وإلى الأسئلة ونبدأ باليمين .