تفسير سورة الذاريات الآيات ( 56- 57 ) وآيات اخرى مختارة وما يستفاد منها . حفظ
الشيخ : من قول الله تبارك وتعالى: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) أي: ما أوجدتهم بعد العدم إلا لهذه الحكمة العظيمة وهي عبادة الله تبارك وتعالى وحده لا شريك له - آخر واحد على اليسار - إلا لعبادة الله وحده كما سنبين .
واللام في قوله: (( ليعبدون )) للتعليل لكن هذا التعليل تعليل شرعي أي: لأجل أن يعبدون حيث آمرهم فيمتثلوا أمره، وليست اللام هنا تعليلاً قدرياً، لأنه لو كان تعليلاً قدرياً لزم أن يعبده جميع الجن والإنس، لكن اللام هنا لبيان الحكمة الشرعية في خلق الجن والإنس، فالجن عالم غيبي خلقوا من نار، لأن أباهم هو إبليس كما قال الله تعالى: (( أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ )).
وسموا جناً، لأنهم مستترون عن الأعين حيث إنهم يروننا ولا نراهم، هذا هو الأصل أنهم عالم غيبي لكن قد يظهرون أحياناً، والأصل فيهم أنهم كالإنس منهم المسلمون ومنهم غير المسلمين، ومنهم الصالحون ومنهم دون ذلك، لكن الإنس يَكْثُرونَهم بأنهم أحسن منهم من حيث الابتداء، حيث إنهم خلقوا من الطين، من التراب، من صلصال كالفخار، وأما أولئك الجن فخلقوا من النار، كذلك يمتاز الإنس عنهم بأن منهم الرسل والنبيين، وأما الجن فليس منهم الرسل، نعم منهم نُذُر مبلغون الرسالات من الإنس كما في قول الله تعالى: (( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ )).
فانظر إلى أدبهم في قولهم: أنصتوا، ثم بقائهم حتى انتهى المجلس، ثم ذهبوا دعاة لما سمعوا.
(( قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى )) إلى آخر الآيات.
وأما الإنس فهم بنو آدم البشر، هؤلاء خلقوا لشيء واحد لعبادة الله، لا لأجل أن ينفعوا الله بطاعاتهم ولا أن يضروه بمعاصيهم ولا أن يطعموه.ز
ولهذا قال: (( مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ )) يعني: ما أطلب منهم رزقاً أي: عطاءً أنتفع به ولا أن يطعمون فأنتفع بإطعامهم.
قال الله تبارك وتعالى: (( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ )) فهو سبحانه وتعالى له الغنى والجود والكرم، وهو غني عما سواه.
إذن! لو سئلنا: ما الحكمة من خلق الجن والإنس؟ ما هي الحكمة ؟ العبادة، يعني: ما خلقوا لأجل أن يعمروا الأرض، ولا لأجل أن يأكلوا، ولا لأجل أن يشربوا، ولا لأن يتمتعوا كما تتمتع الأنعام، وإنما خلقوا لعبادة الله، وخُلِق لهم ما في الأرض، نحن مخلوقون للعبادة وما في الأرض مخلوق لنا: (( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً )).
والعجب أن قومنا الآن اشتغلوا فيما خلق لهم عما خلقوا له، ما الذي خلق لهم؟ ما في الأرض، عما خُلقوا له وهو العبادة، وهذا من السَّفَه أن يشتغلوا بشيء خلق لهم عن شيء خلقوا من أجله.
فما هي العبادة؟ العبادة نقول: إنها تطلق على المعنى الأول التعبد يعني: فعل العبد، فيقال: تعبد لله عبادة
والثاني: المتعبد به، وهذا المعنى قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " إنه اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة وكل ما يقرب إلى الله " فهو اسم جامع لكل شيء، فالصلاة عبادة، والصدقة عبادة، والصوم عبادة، والحج عبادة، والأمر بالمعروف عبادة، والنهي عن المنكر عبادة، كل ما يقرب إلى الله من قول أو فعل فإنه عبادة.
فإذن العبادة تطلق على معنيين:
المعنى الأول: التعبد الذي هو فعل العبد.
والمعنى الثاني المتعبد به الذي هو العبادة .
(( مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )).
هو الرزاق يعني: هو صاحب العطاء الذي يعطي، فالرزق بمعنى العطاء ومنه قوله تعالى: (( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ )) أي: أعطوهم، وكلمة الرزاق أبلغ من كلمة الرازق، لأن الرزاق صيغة مبالغة تدل على كثرة الرزق وعلى كثرة المرزوق، فرزق الله تعالى كثير باعتبار كثرة المرزوقين، كل دابةٍ في الأرض على الله رزقها من إنسان وحيوان، من طائر وزاحف، من صغير وكبير.
هل يمكن أن نحصي أنواع المخلوقات التي على الأرض؟ لا يمكن، لو قلت لك: احص العوالم التي في الأرض؟ ما استطعت فضلاً عن أفرادها، كل فرد منها فإن الله تعالى متكفل برزقه: (( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا )) فإذا كان الأمر كذلك صار رزق الله كثيراً باعتبار المرزوق، من يحصي المرزوقين؟ لا أحد يحصيهم، أيضاً هو كثير باعتبار الواحد منهم، كم لله عليكم من رزق؟ كثير لا يحصى، رزق الله لك دار عليك ليلاً ونهاراً، رزقك عقلاً، وصحةً، ومالاً، وولداً، وأمناً، وأشياء لا تحصى: (( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا )) ولهذا جاء اسم الرزاق بالتشديد الدال على الكثرة.
وقوله: ذو القوة أي: صاحب القوة التي لا قوة تضادها كما قال الشاعر الجاهلي يقول:
" أين المفر والإله الطالب*** والأشرم المغلوب ليس الغالب "
هذا وهو جاهلي، فقوة الله عز وجل لا تضاهيها قوة، قوته عز وجل لا يعتريها ضعف بخلاف قوة المخلوق، المخلوق قوته تنتهي إلى ضعف كما قال الله تعالى: (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ )) أما الرب عز وجل فإن قوته لا يلحقها ضعف بأي وجه من الوجوه.
ولما قالت عاد: (( مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً )) ماذا قال الله؟ (( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً )) وصدق الله عز وجل.
وقوله: المتين يعني: الشديد، شديد في قوته، شديد في عقابه، شديد في كل ما تقتضي الحكمة الشدة فيه، انظر إلى قول الله تعالى: (( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ )) هذه شدة لا تأخذكم بهما رأفة، الله عز وجل أرحم الراحمين ومع ذلك يوصينا بل ينهانا أن تأخذنا الرأفة في الزانية والزاني (( لا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ )) وهذا دليل على القوة.
من قوته عز وجل: أنه سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام وهل تعب؟ أجيبوا؟ لا: (( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ )) .
ومن قوته وقدرته: أنه جل وعلا يبعث الناس كنفس واحدة (( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ )) والأمثلة على هذا كثيرة، فهو جل وعلا له القوة البالغة التي لا يمكن أن يضاهيها أي قوة.
ثم قال تعالى : (( فإن للذين ظلموا ذنوباً مثل مثل ذنوب أصحابهم )) وإلى آخر السورة في لقاء قادم إن شاء الله تعالى
نبدأ الآن بالأسئلة من اليمين .
واللام في قوله: (( ليعبدون )) للتعليل لكن هذا التعليل تعليل شرعي أي: لأجل أن يعبدون حيث آمرهم فيمتثلوا أمره، وليست اللام هنا تعليلاً قدرياً، لأنه لو كان تعليلاً قدرياً لزم أن يعبده جميع الجن والإنس، لكن اللام هنا لبيان الحكمة الشرعية في خلق الجن والإنس، فالجن عالم غيبي خلقوا من نار، لأن أباهم هو إبليس كما قال الله تعالى: (( أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ )).
وسموا جناً، لأنهم مستترون عن الأعين حيث إنهم يروننا ولا نراهم، هذا هو الأصل أنهم عالم غيبي لكن قد يظهرون أحياناً، والأصل فيهم أنهم كالإنس منهم المسلمون ومنهم غير المسلمين، ومنهم الصالحون ومنهم دون ذلك، لكن الإنس يَكْثُرونَهم بأنهم أحسن منهم من حيث الابتداء، حيث إنهم خلقوا من الطين، من التراب، من صلصال كالفخار، وأما أولئك الجن فخلقوا من النار، كذلك يمتاز الإنس عنهم بأن منهم الرسل والنبيين، وأما الجن فليس منهم الرسل، نعم منهم نُذُر مبلغون الرسالات من الإنس كما في قول الله تعالى: (( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ )).
فانظر إلى أدبهم في قولهم: أنصتوا، ثم بقائهم حتى انتهى المجلس، ثم ذهبوا دعاة لما سمعوا.
(( قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى )) إلى آخر الآيات.
وأما الإنس فهم بنو آدم البشر، هؤلاء خلقوا لشيء واحد لعبادة الله، لا لأجل أن ينفعوا الله بطاعاتهم ولا أن يضروه بمعاصيهم ولا أن يطعموه.ز
ولهذا قال: (( مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ )) يعني: ما أطلب منهم رزقاً أي: عطاءً أنتفع به ولا أن يطعمون فأنتفع بإطعامهم.
قال الله تبارك وتعالى: (( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ )) فهو سبحانه وتعالى له الغنى والجود والكرم، وهو غني عما سواه.
إذن! لو سئلنا: ما الحكمة من خلق الجن والإنس؟ ما هي الحكمة ؟ العبادة، يعني: ما خلقوا لأجل أن يعمروا الأرض، ولا لأجل أن يأكلوا، ولا لأجل أن يشربوا، ولا لأن يتمتعوا كما تتمتع الأنعام، وإنما خلقوا لعبادة الله، وخُلِق لهم ما في الأرض، نحن مخلوقون للعبادة وما في الأرض مخلوق لنا: (( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً )).
والعجب أن قومنا الآن اشتغلوا فيما خلق لهم عما خلقوا له، ما الذي خلق لهم؟ ما في الأرض، عما خُلقوا له وهو العبادة، وهذا من السَّفَه أن يشتغلوا بشيء خلق لهم عن شيء خلقوا من أجله.
فما هي العبادة؟ العبادة نقول: إنها تطلق على المعنى الأول التعبد يعني: فعل العبد، فيقال: تعبد لله عبادة
والثاني: المتعبد به، وهذا المعنى قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " إنه اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة وكل ما يقرب إلى الله " فهو اسم جامع لكل شيء، فالصلاة عبادة، والصدقة عبادة، والصوم عبادة، والحج عبادة، والأمر بالمعروف عبادة، والنهي عن المنكر عبادة، كل ما يقرب إلى الله من قول أو فعل فإنه عبادة.
فإذن العبادة تطلق على معنيين:
المعنى الأول: التعبد الذي هو فعل العبد.
والمعنى الثاني المتعبد به الذي هو العبادة .
(( مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )).
هو الرزاق يعني: هو صاحب العطاء الذي يعطي، فالرزق بمعنى العطاء ومنه قوله تعالى: (( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ )) أي: أعطوهم، وكلمة الرزاق أبلغ من كلمة الرازق، لأن الرزاق صيغة مبالغة تدل على كثرة الرزق وعلى كثرة المرزوق، فرزق الله تعالى كثير باعتبار كثرة المرزوقين، كل دابةٍ في الأرض على الله رزقها من إنسان وحيوان، من طائر وزاحف، من صغير وكبير.
هل يمكن أن نحصي أنواع المخلوقات التي على الأرض؟ لا يمكن، لو قلت لك: احص العوالم التي في الأرض؟ ما استطعت فضلاً عن أفرادها، كل فرد منها فإن الله تعالى متكفل برزقه: (( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا )) فإذا كان الأمر كذلك صار رزق الله كثيراً باعتبار المرزوق، من يحصي المرزوقين؟ لا أحد يحصيهم، أيضاً هو كثير باعتبار الواحد منهم، كم لله عليكم من رزق؟ كثير لا يحصى، رزق الله لك دار عليك ليلاً ونهاراً، رزقك عقلاً، وصحةً، ومالاً، وولداً، وأمناً، وأشياء لا تحصى: (( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا )) ولهذا جاء اسم الرزاق بالتشديد الدال على الكثرة.
وقوله: ذو القوة أي: صاحب القوة التي لا قوة تضادها كما قال الشاعر الجاهلي يقول:
" أين المفر والإله الطالب*** والأشرم المغلوب ليس الغالب "
هذا وهو جاهلي، فقوة الله عز وجل لا تضاهيها قوة، قوته عز وجل لا يعتريها ضعف بخلاف قوة المخلوق، المخلوق قوته تنتهي إلى ضعف كما قال الله تعالى: (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ )) أما الرب عز وجل فإن قوته لا يلحقها ضعف بأي وجه من الوجوه.
ولما قالت عاد: (( مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً )) ماذا قال الله؟ (( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً )) وصدق الله عز وجل.
وقوله: المتين يعني: الشديد، شديد في قوته، شديد في عقابه، شديد في كل ما تقتضي الحكمة الشدة فيه، انظر إلى قول الله تعالى: (( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ )) هذه شدة لا تأخذكم بهما رأفة، الله عز وجل أرحم الراحمين ومع ذلك يوصينا بل ينهانا أن تأخذنا الرأفة في الزانية والزاني (( لا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ )) وهذا دليل على القوة.
من قوته عز وجل: أنه سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام وهل تعب؟ أجيبوا؟ لا: (( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ )) .
ومن قوته وقدرته: أنه جل وعلا يبعث الناس كنفس واحدة (( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ )) والأمثلة على هذا كثيرة، فهو جل وعلا له القوة البالغة التي لا يمكن أن يضاهيها أي قوة.
ثم قال تعالى : (( فإن للذين ظلموا ذنوباً مثل مثل ذنوب أصحابهم )) وإلى آخر السورة في لقاء قادم إن شاء الله تعالى
نبدأ الآن بالأسئلة من اليمين .