تتمة الكلام حول موضوع النكاح . حفظ
الشيخ : جرب هذا تجد، لا تبقى الدنيا على حال واحد، ومن الأمثال السائرة: " دوام الحال من المحال ".
فإذا كرهت من زوجك شيئاً فقابله بإيش؟ بما يرضيك حتى تقتنع، وكذلك يقال للمرأة: هذا الذي قدر لك من الرجال اصبري واحتسبي ويجعل الله لك فرجاً ومخرجاً، فإن تعذر الصبر إن تعذر الصبر فإننا نحاول الإصلاح كما قال الله تعالى: (( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا )) هذا إذا كان الشقاق بين الطرفين.
أما إذا كانت المرأة هي التي لا تريد الزوج فإن لها أن تطالب بالفسخ إذا كانت لا تستطيع إطلاقاً، ولكن لابد أن تعطي الزوج ما خسر من المهر، دليل هذا: امرأة ثابت بن قيس بن شماس، وتعرفون منزلة ثابت بن قيس بن شماس، ما منزلته ؟ من خطباء الرسول عليه الصلاة والسلام، خطيباً مصقع، شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة رضي الله عنه، لكن امرأته كرهته كراهة عظيمة فجاءت إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقالت له: ( يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعيب عليه في خلق ولا دين ) يعني: خلقه طيب ودينه مستقيم لا أعيب عليه ( ولكني أكره الكفر في الإسلام ) الكفر يعني كفر العشير ما هو كفر الدين، يعني: أخشى ألا أقوم بواجبه ( فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم ) حديقته: مهر أعطاها إياه فقالت نعم أرد عليه حديقته ، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اقبل الحديقة ، يقوله لمن؟ لثابت زوجها ( اقبل الحديقة وطلقها، ففعل ) هذا الأمر هل هو للإرشاد أو للإلزام؟ يرى بعض العلماء أنه للإرشاد، ويرى آخرون أنه للإلزام إذا لم تستقم الحال بينهما، لأنهما إذا بقيا على غير استقامة صارت عيشتهما إيش؟ نكداً، وإذا كان بينهما أولاد وحصلت الخصومة بينهما عند الأولاد صار هذا أنكد وأنكد، لكن إذا تفرقا فقد قال الله تعالى: (( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا )) إيش؟ (( يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ )) يجعل الله له فرجاً ولها فرجاً، فيرى بعض العلماء أن قول الرسول عليه الصلاة والسلام لـثابت: ( اقبض الحديقة وطلقها ) للإلزام، وذلك إذا لم يمكن استقامة الحال بينهما، لأن المقصود من الزواج ما ذكره الله عز وجل: (( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً )) فإذا انتفى هذا المقصود فلا فائدة، يبقى كل منهما نكداً حتى ربما يشتغل بهذا النكد عن طاعة الله، يكون همه وتفكيره كله راجع إلى إيش؟ إلى ما بينه وبين أهله وكذلك المرأة، فالفراق هنا خير من البقاء.
والحقيقة أن أحكام النكاح كثيرة لكن لقرب الوقت نقتصر على ما ذكرنا، ولعله يتيسر لنا جلسة أخرى إن شاء الله تعالى نكمل الباقي، لأنه مهم، وكثير من الناس تخفى عليه أحكامه وكثير من الناس عنده عنجهية لا يبالي بإضاعة الحقوق لا بالنسبة للزوجة ولا بالنسبة للزوج.
نسأل الله لنا ولكم الهداية والاستقامة، وأن يجعلنا ممن تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة.