تفسير الآيات ( 33 - 41 ) من سورة النجم . حفظ
الشيخ : في هذا اللقاء كالعادة نبدأ بتفسير شيء من كلام الله عز وجل وقد انتهينا إلى قوله تعالى : (( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى * أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى )) إلى آخره
الخطاب في قوله : (( أَفَرَأَيْتَ )) للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويجوز أن يراد به كل من يتوجه إليه الخطاب فيكون المعنى على الأول : أفرأيت يا محمد وعلى القول الثاني يكون المعنى: أفرأيت أيها المخاطب (( الَّذِي تَوَلَّى )) أي : تولى عن طاعة الله عز وجل ولم يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم ولم ينفق ما أُمر بإنفاقه (( وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى )) يعني أنه أحياناً يعطي وإذا أعطى أعطى قليلا وأحيانا يكدي أي : يمنع فلا يعطي شيئا لأنه ليس ينفق المال ابتغاء وجه الله فلذلك كانت حاله بين أمرين : إما المنع وإما الإعطاء قليلا قالوا : (( وَأَكْدَى )) مأخوذة من الكُدية وهي الصخرة الشديدة التي لا تتفتت إلا بالمعاول هذا الذي أعطى وأكدى أعطى قليلا وأكدى يزعم أنه إذا بعث فإنه سوف يعطى المال الكثير وهكذا عادة من ينكر البعث كما في صاحب الجنة الذي قال : (( وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً )) فهو يظن أنه سوف يمتع في الدنيا ثم يمتع في الآخرة أكثر وأكثر إن كان آمن بها قال الله تعالى : (( أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى )) وهذا الاستفهام استفهام إنكار بمعنى النفي يعني ليس عنده علم الغيب فهو يرى أنه سينتقل إلى دار أفضل من داره التي هو فيها وعلى هذا فتكون الجملة جملة نفي وليست جملة إثبات وليست جملة استخبار بل هي جملة نفي وإنكار إذ لا أحد عنده علم الغيب ولولا ما أخبرنا الله به من النعيم لأهل الجنة والجحيم لأهل النار ما علمنا عن ذلك شيئاً (( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى )) أم هنا للإطلاق والمعنى بل لم ينبأ بما في صحف موسى (( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى )) ذكر موسى لأن موسى أفضل أنبياء بني إسرائيل والتوراة هي الكتاب التي عليها عمدة ما نزل على بني إسرائيل صحف موسى صحف إبراهيم صحف أنزلها الله تعالى على إبراهيم فيها المواعظ فيها الأحكام لكنه لم يبين لنا منها شيء سوى أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان على التوحيد وعلى الملة المستقيمة كما قال الله تعالى : (( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِراً لَأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )) والذي في هذه الصحف قال : (( أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )) هذه بيان يعني ما في صحف إبراهيم وموسى ألا تزر وقوله تعالى : (( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى )) أي : وفى ما أمر به ومن أعظم ما وفاه أنه أُمر بذبح ابنه فامتثل امتثل لأمر الله عز وجل وصمم على تنفيذه حتى إنه تله على جبينه ليمر السكين على رقبته ولكن الفرج جاء من عند الله (( أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى )) (( أَلَّا تَزِرُ )) أي : لا تحمل (( وَازِرَةٌ )) أي : آثمة (( وِزْرَ أُخْرَى )) أي : إثم أخرى يعني أن الإنسان لا يحمَّل ذنب غيره إلا أنه يستثنى من ذلك إذا كان صاحب سنة سنة آثمة فإن عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ولكن الحقيقة أن هذا لم يتحمل وزر غيره لأن غيره قد وزر وأثم لكن هو تحمل إثم إيش ؟ السنة والبدء بالشر فيكون حقيقة أنه لم يوزر وزر غيره ولكنه وزر بوزر نفسه (( أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )) وقد كذب الله تعالى قول الذين كفروا للذين آمنوا ((اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ )) فقال الله تعالى : (( وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ )) حتى لو قال لك القائل : افعل هذا الذنب والإثم علي فإنه لا يتمكن من هذا (( أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )) ولا يمكن أن يتمكن فإن فعل الذي قيل له : افعل هذا والإثم علي فالإثم على من ؟ على الفاعل الإثم على الفاعل ثم إن كان الفاعل ممن يغتر بالقول ولا يفهم فعلى القائل إثم التغرير أي : أنه غرره وخدعه
(( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى )) يعني ليس للإنسان من الثواب إلا ثواب ما سعى أي : ما عمل فلا يمكن أن يعطى من ثواب غيره يعني لا يمكن أن نأخذ من أجر زيد ونعطيه عمروً أبدا كما أنه لا يمكن أن نأخذ من سيئات زيد ونضيفها إلى سيئات عمرو هذا لا يمكن فصار الإنسان مرتهن بكسبه (( كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ )) (( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ )) لا يمكن أن يؤخذ من حسناته لغيره ولا أن يؤخذ من أوزار غيره فيحمل عليه (( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى )) وقد استدل بعض أهل العلم على أنه لا يمكن أن ينتفع الميت بثواب عمل غيره لأن الله قال : (( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى )) وعلى هذا فلو أنك صليت ركعتين لزيد وهو ميت أو صمت يوماً لزيد وهو ميت فإنه لا ينفعه لعموم قوله : (( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى )) فإذا ورد عليهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه ) قالوا : هذا في الواجب لأنه قال : ( وعليه صيام ) وليس في التطوع وإذا أورد عليهم أن رجلا قال : ( يا رسول الله إن امرأتي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفأتصدق عنها ؟ قال : نعم ) قالوا : هذا مستثنى بالنص وليس لنا أن نرد النص والعام يجوز تخصيص أفراده بحكم مخالف وإذا أورد عليهم قول سعد بن عبادة رضي الله عنه في مخرافه أي : في نخله الذي يخرف إنه يريد أن يجعله صدقة لأمه فأجازه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قالوا : هذا ورد به النص وما ورد به النص فإنه لا يمكن أن يرد لأن الشريعة الإسلامية بل لأن نصوص الشريعة الإسلامية جاءت بتخصيص العام يعني بإخراج بعض أفراد العام فيحكم له بحكم مخالف لحكم العام وعلى هذا فنقول : لا يمكن أن ينتفع الإنسان بعمل غيره حياً كان أو ميتا إلا ما وردت به السنة ولا شك أن هذا القول له وجهة نظر قوية لكن الإمام أحمد رحمه الله قال : أي قُربة فعلها وجعل ثوابها لميت أو حي من المسلمين فإن ذلك ينفعه وقال : إن الذي وقع قضايا أعيان قضايا أعيان بمعنى أن الرجل حصلت له حادثة فسأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فأجازه إيش القضية العين ؟
الطالب : ...
الشيخ : الذي ذكرنا الآن، الرجل الذي قال : أتصدق عن أمي وسعد بن عبادة قال : هؤلاء سألوا الرسول عليه الصلاة والسلام فأجاز ذلك فإذا أجاز الرسول عليه الصلاة والسلام جنس العبادات ولو كانت مالية دل ذلك على جواز جنس على جواز جميع العبادات وقالوا أيضا : الصيام ليس عبادة مالية ومع ذلك قال : ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه ) وإذا أجيب بأن هذا في الواجب والواجب متحتم فهو كالدين والدين إذا قضاه الغير عن المدين أجزأ وعلى كل حال يعني حتى لو قلنا بما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله : من أن أي قربة فعلها الإنسان وجعلها لمسلم فإن ما عليه عمل الناس اليوم مخالف لهدي السلف إذ أن الناس اليوم تجدهم يهدون كثيرا من الأعمال الصالحة للأموات يعتمر للميت دائماً يصوم عنه تطوعا دائما يضحي عنه دائما ولا يضحي عن نفسه كل هذا ليس من عمل السلف السلف يهتدون بهدي الرسول عليه الصلاة والسلام وهدي النبي صلى الله عليه وسلم العام هو أنه قال : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) الدعاء أكثر من الدعاء للميت لكن كونك كلما سبحت : اللهم اجعل ثوابه لأبي لأمي كلما اعتمرت قلت : اللهم اجعل ثوابه لأبي أو أمي أو جدي أو خالي أو عمي هذا غير صحيح أنت محتاج إلى العمل كما هم محتاجون للعمل فلا تجعل عملك لهم اجعل لهم ما أرشدك إليه الرسول وهو الدعاء أما العمل فخص به نفسك (( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ))
(( وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى )) سعيه يعني عمله (( سَوْفَ يُرَى )) وهل المراد ثواب السعي يرى في الآخرة عند الجزاء أو أن السعي نفسه يرى في الدنيا ويعرف ؟
الجواب : أن هذا عام سوف يرى في الدنيا وسوف يرى في الآخرة الذي يرى في الآخرة هو
الطالب : الثواب
الشيخ : الثواب وفي الدنيا هو نفس العمل ولهذا قال الله تعالى : (( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ )) يعني عملكم لن يخفى على من في وقتكم سيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن بعض الناس إذا عمل عملا كمكتبة أو مسجد أو عمارة للفقراء أو ما أشبه ذلك كتب (( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ )) وهذا لا يجوز هذا لا يجوز . لماذا ؟ لأن أحد الأطراف الثلاثة لا يمكن أن يراه من هو ؟ الرسول عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن يرى هذا العمل صحيح أن الله عز وجل يرى والمؤمنون في هذا الوقت يرون لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يرى ثم هذا في المنافقين وهو تهديد لهم وليس ثناءً عليهم فعلى كل حال نقول : سعي الإنسان سوف يرى ولكن قد يستر الله تبارك وتعالى على العبد ذنوبه فضلا منه ومنة وإذا لقاه في الآخرة خلا به سبحانه وتعالى وقرره بذنوبه وقال : ( قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ) لكن في الأصل أن سعي الإنسان إيش ؟ سوف يُرى (( ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى )) يعني بعد أن يرى يجزى عليه (( الْجَزَاءَ الْأَوْفَى )) أي : الأكمل والأوفى في الصالح زيادة المثوبة والأوفى في السيئ العدل بحيث لا يزاد في سيئاته، وعلى هذا فالأوفى يفسر بمعنيين العدل والثاني الزيادة العدل في إيش ؟
الطالب : في السيئة
الشيخ : في السيئة لا يمكن أن يزاد سيئة، الفضل في الحسنات الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وإلى هنا ينتهي ما أراد الله أن نتكلم به على هذه الآية الكريمة فلنستغرق بقية الوقت في الأسئلة ونبدأ من اليمين لا هذا متأهل وليس بضيف .
الخطاب في قوله : (( أَفَرَأَيْتَ )) للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويجوز أن يراد به كل من يتوجه إليه الخطاب فيكون المعنى على الأول : أفرأيت يا محمد وعلى القول الثاني يكون المعنى: أفرأيت أيها المخاطب (( الَّذِي تَوَلَّى )) أي : تولى عن طاعة الله عز وجل ولم يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم ولم ينفق ما أُمر بإنفاقه (( وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى )) يعني أنه أحياناً يعطي وإذا أعطى أعطى قليلا وأحيانا يكدي أي : يمنع فلا يعطي شيئا لأنه ليس ينفق المال ابتغاء وجه الله فلذلك كانت حاله بين أمرين : إما المنع وإما الإعطاء قليلا قالوا : (( وَأَكْدَى )) مأخوذة من الكُدية وهي الصخرة الشديدة التي لا تتفتت إلا بالمعاول هذا الذي أعطى وأكدى أعطى قليلا وأكدى يزعم أنه إذا بعث فإنه سوف يعطى المال الكثير وهكذا عادة من ينكر البعث كما في صاحب الجنة الذي قال : (( وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً )) فهو يظن أنه سوف يمتع في الدنيا ثم يمتع في الآخرة أكثر وأكثر إن كان آمن بها قال الله تعالى : (( أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى )) وهذا الاستفهام استفهام إنكار بمعنى النفي يعني ليس عنده علم الغيب فهو يرى أنه سينتقل إلى دار أفضل من داره التي هو فيها وعلى هذا فتكون الجملة جملة نفي وليست جملة إثبات وليست جملة استخبار بل هي جملة نفي وإنكار إذ لا أحد عنده علم الغيب ولولا ما أخبرنا الله به من النعيم لأهل الجنة والجحيم لأهل النار ما علمنا عن ذلك شيئاً (( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى )) أم هنا للإطلاق والمعنى بل لم ينبأ بما في صحف موسى (( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى )) ذكر موسى لأن موسى أفضل أنبياء بني إسرائيل والتوراة هي الكتاب التي عليها عمدة ما نزل على بني إسرائيل صحف موسى صحف إبراهيم صحف أنزلها الله تعالى على إبراهيم فيها المواعظ فيها الأحكام لكنه لم يبين لنا منها شيء سوى أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان على التوحيد وعلى الملة المستقيمة كما قال الله تعالى : (( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِراً لَأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )) والذي في هذه الصحف قال : (( أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )) هذه بيان يعني ما في صحف إبراهيم وموسى ألا تزر وقوله تعالى : (( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى )) أي : وفى ما أمر به ومن أعظم ما وفاه أنه أُمر بذبح ابنه فامتثل امتثل لأمر الله عز وجل وصمم على تنفيذه حتى إنه تله على جبينه ليمر السكين على رقبته ولكن الفرج جاء من عند الله (( أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى )) (( أَلَّا تَزِرُ )) أي : لا تحمل (( وَازِرَةٌ )) أي : آثمة (( وِزْرَ أُخْرَى )) أي : إثم أخرى يعني أن الإنسان لا يحمَّل ذنب غيره إلا أنه يستثنى من ذلك إذا كان صاحب سنة سنة آثمة فإن عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ولكن الحقيقة أن هذا لم يتحمل وزر غيره لأن غيره قد وزر وأثم لكن هو تحمل إثم إيش ؟ السنة والبدء بالشر فيكون حقيقة أنه لم يوزر وزر غيره ولكنه وزر بوزر نفسه (( أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )) وقد كذب الله تعالى قول الذين كفروا للذين آمنوا ((اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ )) فقال الله تعالى : (( وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ )) حتى لو قال لك القائل : افعل هذا الذنب والإثم علي فإنه لا يتمكن من هذا (( أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )) ولا يمكن أن يتمكن فإن فعل الذي قيل له : افعل هذا والإثم علي فالإثم على من ؟ على الفاعل الإثم على الفاعل ثم إن كان الفاعل ممن يغتر بالقول ولا يفهم فعلى القائل إثم التغرير أي : أنه غرره وخدعه
(( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى )) يعني ليس للإنسان من الثواب إلا ثواب ما سعى أي : ما عمل فلا يمكن أن يعطى من ثواب غيره يعني لا يمكن أن نأخذ من أجر زيد ونعطيه عمروً أبدا كما أنه لا يمكن أن نأخذ من سيئات زيد ونضيفها إلى سيئات عمرو هذا لا يمكن فصار الإنسان مرتهن بكسبه (( كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ )) (( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ )) لا يمكن أن يؤخذ من حسناته لغيره ولا أن يؤخذ من أوزار غيره فيحمل عليه (( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى )) وقد استدل بعض أهل العلم على أنه لا يمكن أن ينتفع الميت بثواب عمل غيره لأن الله قال : (( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى )) وعلى هذا فلو أنك صليت ركعتين لزيد وهو ميت أو صمت يوماً لزيد وهو ميت فإنه لا ينفعه لعموم قوله : (( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى )) فإذا ورد عليهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه ) قالوا : هذا في الواجب لأنه قال : ( وعليه صيام ) وليس في التطوع وإذا أورد عليهم أن رجلا قال : ( يا رسول الله إن امرأتي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفأتصدق عنها ؟ قال : نعم ) قالوا : هذا مستثنى بالنص وليس لنا أن نرد النص والعام يجوز تخصيص أفراده بحكم مخالف وإذا أورد عليهم قول سعد بن عبادة رضي الله عنه في مخرافه أي : في نخله الذي يخرف إنه يريد أن يجعله صدقة لأمه فأجازه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قالوا : هذا ورد به النص وما ورد به النص فإنه لا يمكن أن يرد لأن الشريعة الإسلامية بل لأن نصوص الشريعة الإسلامية جاءت بتخصيص العام يعني بإخراج بعض أفراد العام فيحكم له بحكم مخالف لحكم العام وعلى هذا فنقول : لا يمكن أن ينتفع الإنسان بعمل غيره حياً كان أو ميتا إلا ما وردت به السنة ولا شك أن هذا القول له وجهة نظر قوية لكن الإمام أحمد رحمه الله قال : أي قُربة فعلها وجعل ثوابها لميت أو حي من المسلمين فإن ذلك ينفعه وقال : إن الذي وقع قضايا أعيان قضايا أعيان بمعنى أن الرجل حصلت له حادثة فسأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فأجازه إيش القضية العين ؟
الطالب : ...
الشيخ : الذي ذكرنا الآن، الرجل الذي قال : أتصدق عن أمي وسعد بن عبادة قال : هؤلاء سألوا الرسول عليه الصلاة والسلام فأجاز ذلك فإذا أجاز الرسول عليه الصلاة والسلام جنس العبادات ولو كانت مالية دل ذلك على جواز جنس على جواز جميع العبادات وقالوا أيضا : الصيام ليس عبادة مالية ومع ذلك قال : ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه ) وإذا أجيب بأن هذا في الواجب والواجب متحتم فهو كالدين والدين إذا قضاه الغير عن المدين أجزأ وعلى كل حال يعني حتى لو قلنا بما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله : من أن أي قربة فعلها الإنسان وجعلها لمسلم فإن ما عليه عمل الناس اليوم مخالف لهدي السلف إذ أن الناس اليوم تجدهم يهدون كثيرا من الأعمال الصالحة للأموات يعتمر للميت دائماً يصوم عنه تطوعا دائما يضحي عنه دائما ولا يضحي عن نفسه كل هذا ليس من عمل السلف السلف يهتدون بهدي الرسول عليه الصلاة والسلام وهدي النبي صلى الله عليه وسلم العام هو أنه قال : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) الدعاء أكثر من الدعاء للميت لكن كونك كلما سبحت : اللهم اجعل ثوابه لأبي لأمي كلما اعتمرت قلت : اللهم اجعل ثوابه لأبي أو أمي أو جدي أو خالي أو عمي هذا غير صحيح أنت محتاج إلى العمل كما هم محتاجون للعمل فلا تجعل عملك لهم اجعل لهم ما أرشدك إليه الرسول وهو الدعاء أما العمل فخص به نفسك (( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ))
(( وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى )) سعيه يعني عمله (( سَوْفَ يُرَى )) وهل المراد ثواب السعي يرى في الآخرة عند الجزاء أو أن السعي نفسه يرى في الدنيا ويعرف ؟
الجواب : أن هذا عام سوف يرى في الدنيا وسوف يرى في الآخرة الذي يرى في الآخرة هو
الطالب : الثواب
الشيخ : الثواب وفي الدنيا هو نفس العمل ولهذا قال الله تعالى : (( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ )) يعني عملكم لن يخفى على من في وقتكم سيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن بعض الناس إذا عمل عملا كمكتبة أو مسجد أو عمارة للفقراء أو ما أشبه ذلك كتب (( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ )) وهذا لا يجوز هذا لا يجوز . لماذا ؟ لأن أحد الأطراف الثلاثة لا يمكن أن يراه من هو ؟ الرسول عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن يرى هذا العمل صحيح أن الله عز وجل يرى والمؤمنون في هذا الوقت يرون لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يرى ثم هذا في المنافقين وهو تهديد لهم وليس ثناءً عليهم فعلى كل حال نقول : سعي الإنسان سوف يرى ولكن قد يستر الله تبارك وتعالى على العبد ذنوبه فضلا منه ومنة وإذا لقاه في الآخرة خلا به سبحانه وتعالى وقرره بذنوبه وقال : ( قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ) لكن في الأصل أن سعي الإنسان إيش ؟ سوف يُرى (( ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى )) يعني بعد أن يرى يجزى عليه (( الْجَزَاءَ الْأَوْفَى )) أي : الأكمل والأوفى في الصالح زيادة المثوبة والأوفى في السيئ العدل بحيث لا يزاد في سيئاته، وعلى هذا فالأوفى يفسر بمعنيين العدل والثاني الزيادة العدل في إيش ؟
الطالب : في السيئة
الشيخ : في السيئة لا يمكن أن يزاد سيئة، الفضل في الحسنات الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وإلى هنا ينتهي ما أراد الله أن نتكلم به على هذه الآية الكريمة فلنستغرق بقية الوقت في الأسئلة ونبدأ من اليمين لا هذا متأهل وليس بضيف .