تتمة الكلام حول مناسك الحج . حفظ
الشيخ : وفي بعض الألفاظ ( افعل ولا حرج ) ( افعل ) يعني في المستقبل ولا في الماضي ؟
الطالب : في المستقبل
الشيخ : في المستقبل ( افعل ولا حرج ) فتقييد ذلك بالجهل أو النسيان ضعيف لأنه لو كان لا يجوز في السعة لقال الرسول عليه الصلاة والسلام : لا تعد كما قال لأبي بكرة رضي الله عنه حين أسرع وركع قبل أن يصل إلى الصف قال له : ( زادك الله حرصاً ولا تعد ) ولم يقل : ولا حرج فالمهم أن عدم الترتيب جائز بلا حرج سواء عن عمد أو جهل أو نسيان لكن يبقى النظر أيهما أفضل الترتيب أو عدمه ؟ الترتيب لا شك أنه أفضل لأنه فعل الرسول عليه الصلاة والسلام وقد قال : ( لتأخذوا عني مناسككم ) فإن قال قائل : إذا كان الأيسر لي أن أقدم الطواف قبل الرمي والحلق أو التقصير لأن معي نساء أخشى أن يأتيهن الحيض قبل طواف الإفاضة فأضطر إلى أن أبقى في مكة أو أذهب إلى بلدي وأرجع إذا طهرت المرأة ؟ قلنا : الآن قد يكون الأفضل في حقك أن تبدأ بالطواف وإن خالفت الترتيب لعموم قول الله تبارك وتعالى : (( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )) وقوله تعالى : (( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )) .مسألة : لو طاف للوداع قبل رمي آخر يوم يعني في اليوم الثاني عشر أراد أن يتعجل فنزل في الضحى وطاف للوداع ثم خرج ورمى وسافر فهل يجوز ؟ الجواب : لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت الطواف ) وهذا طاف قبل أن يتم نسكه وقد صح عن عمر رضي الله عنه أنه قال في طواف الوداع : ( إنه آخر نسككم ) وهذا يدل على أنه لا شيء بعده وهو كذلك فعليه لو فُرض أن إنساناً طاف للوداع ثم خرج ورمى وسافر فإننا نقول له : طوافك للوداع غير صحيح يعني غير مجزيء قصدي ولا هو صحيح ويؤجر عليه ويثاب عليه لكن لا يجزئ عن طواف الوداع وعليه عند أكثر الفقهاء دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء لأنه ترك واجباً من واجبات الحج .
مسألة : لو أنه أخر طواف الإفاضة وطافه عند الوداع فهل يجزئ ؟ الجواب : نعم يجزئ لكن هنا ثلاثة أحوال ثلاث أحوال : إما أن ينوي به طواف الوداع فقط أو طواف الإفاضة فقط أو ينويهما جميعاً إن نوى طواف الوداع فقط لم يجزئ عن طواف الإفاضة لأن طواف الوداع واجب وطواف الإفاضة ركن بل إن طواف الوداع سنة عند كثير من العلماء وطواف الإفاضة ركن وإن نوى طواف الإفاضة فقط أجزأ عن الوداع إن نوى طواف الإفاضة فقط أجزأ عن الوداع لأنه أعلى منه ولأن المقصود بطواف الوداع أن يكون آخر عهده بالبيت وقد حصل فيجزئه طواف الإفاضة عن طواف الوداع كما تجزئ الفريضة في المسجد عن تحية المسجد
الحالة الثالثة : نواهما جميعا يجوز أو لا يجوز ؟ يجوز إن نواهما جميعاً جاز لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) لكن يبقى إشكال : السعي لأن طواف الإفاضة بعده سعي ماذا يصنع به ؟ نقول : لنا في ذلك جوابان :
الجواب الأول : أن يبدأ بالسعي أولاً ويؤخر الطواف هذا واحد وهذا أضعف الجوابين
الثاني : أن نقول : يطوف ويسعى ولا يضره الفصل بالسعي لأن السعي في الحقيقة تابع للطواف ولأن عائشة رضي الله عنها لما أتت بالعمرة ليلة السفر فإنها طافت وسعت وقصرت وخرجت ولم ينقل أنها طافت للوداع بعد ذلك بعد سعيها فدل هذا على أن السعي لا يضر إذا فصل بين الطواف وبين الخروج والسفر
وإنني أوصي إخواني المسلمين أن يحرصوا على تعظيم شعائر الله وعلى فعل الحج على صفة حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقدر المستطاع وأن يتجنبوا ما حرم الله عليهم في الإحرام وغير الإحرام فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خذوا عني مناسككم ) وقال الله تبارك وتعالى : (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )) وأسأل الله لنا ولكم حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعياً مشكوراً والآن نبدأ بالأسئلة إن حصروا بالموضوع أحسن ولكنه عام الأسئلة عامة .