تفسير الآيات ( 33 - 40 ) من سوة القمر . حفظ
الشيخ : الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أمّا بعد:
فإنّنا نستأنف هذا اللّقاء المسمّى: بلقاء الباب المفتوح، الذي يتمّ كلّ يوم خميس، بعد أن تركناه مدّة الإجازة الصّيفيّة نظراً لأنّ الناس يتفرّقون هنا وهناك، فنستفتح هذا الاستئناف هذا يوم الخميس، التاسع عشر من شهر جمادى الأولى عام تسعة عشر وأربعمائة وألف، نسأل الله تبارك وتعالى أن يمنّ علينا وعليكم بالعلم النّافع والعمل الصّالح.
السائل : آمين.
الشيخ : كنّا رأينا أن يكون ابتداء اللّقاء تفسيرَ الآيات الكريمة في سور المفصّل، وانتهينا إلى قول الله تعالى في سورة القمر: (( كذّبت عاد )) .
السائل : انتهينا منها.
الشيخ : هاه؟ قرأنا التي قبلها؟
السائل : نعم.
الشيخ : طيب، انتهينا إلى قول الله تعالى: (( كذّبت قوم لوط بالنّذر )):
قوم لوط هم أناس كفروا بالله عزّ وجلّ وأشركوا به، وكان ما اختَصّوا به من المعاصي هذه الفعلة القبيحة الشّنيعة وهي: اللّواط، أي: إتيان الذّكرِ الذّكرَ، وحذّرهم نبيّهم من هذا وقال لهم: (( أتأتون الذّكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربّكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون ))، ولكنّهم والعياذ بالله استمرّوا على هذا حتّى جاءهم العذاب، وهذه السّورة ذكر الله تعالى فيها قصص الأنبياء على سبيل الإجمال، فقال فيما سبق ما تقدّم الكلام عليه، وقال هنا: (( كذّبت قوم لوط بالنّذر )) :
النّذر: جمع نذير، وهي الكلمات التي أنذرهم بها لوط عليه الصّلاة والسّلام وجمعها يدلّ على أنّه كان يكرّر عليهم هذا، ولكنّهم أبوا وأصرّوا على هذا الفعل، فبيّن الله عقوبتهم بقوله:
(( إنّا أرسلنا عليهم حاصباً إلاّ آل لوط نجيّناهم بسحر )):
حاصباً: يعني شيئاً يحصبهم من السّماء، أمطر الله عليهم حجارة من سجّيل، فهدّمت بيوتهم حتى كان عاليها سافلها، لأنّ البناء إذا تهدّم صار أعلاه أسفله، (( إلاّ آل لوط )) وآل لوط هم أهل بيته إلاّ زوجته، كما قال تعالى: (( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين )) نبيّ يبعث إلى قومه ولم يتّبعه إلاّ أهل بيته إلاّ امرأته أيضاً فكانت كافرة، ومع ذلك فهو صابر حتّى أذن له بالخروج.
(( إلاّ آل لوط نجّيناهم بسحر )) أي: بالسحر في الصّباح، وذلك أنّ هؤلاء القوم أخذهم العذاب صباحاً، كما ابتدأ عذابُ عاد بالصّباح: (( سبع ليال وثمانية أيّام حسوماً )) لأنّه ابتدأ في الصّباح ، فأخذهم العذاب والعياذ بالله فأهلكهم الله.
(( نعمة من عندنا )) أي: أنعمنا على آلِ لوطٍ نعمة من عند الله عزّ وجلّ من وجهين:
الوجه الأوّل: أنّ الله أنجاهم.
والوجه الثاني: أنّ الله أهلك عدوّهم، لأنّ إهلاك العدوّ من نعمة الله، فصارت نعمة الله على آل لوط بالنّجاة وإهلاك العدوّ.
(( كذلك نجزي من شكر )) أي: مثل هذا الجزاء وهو الإنجاء والنّعمة نجزي من شكر نعمة الله، وشكر نعمة الله تعالى أيّها الإخوة هي القيام بطاعتهم وليست مجرّد قول الإنسان: أشكر الله، بل لا بدّ من القيام بالطّاعة، ولهذا من قال: أشكر الله وهو مقيم على معاصيه فإنّه ليس بشاكر، بل هو كافر بالنّعمة، مستهزئ بالله عزّ وجلّ، إذ إنّ مقتضى النّعمة أن يشكر الله ولكنّه عكس الأمر، قال الله تعالى: (( ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمت الله كفراً وأحلُّوا قومهم دار البوار * جهنّم يصلونها وبئس القرار )) فكلّ من شكر الله فإنّ الله تعالى ينجّيه ويهلك عدوّه .
(( ولقد أنذرهم بطتشتنا )) يعني: أنّ لوطاً عليه الصّلاة والسّلام أنذر قومه البطش وهي: الأخذ بالقوّة .
(( فتماروا بالنّذر )) أي: تشكّكوا فيه ولم يؤمنوا به.
(( ولقد راودوه عن ضيفنا )) يعني أنّ قومه راودوه عن ضيفه الذي جاء إليه من الملائكة، وكان الله تعالى قد بعث إليه الملائكة على صورة شباب مرد ذوي جمال وهيئة امتحاناً من الله عزّ وجلّ، فلمّا سمع قوم لوط بهؤلاء الضّيف أتوا يُهرعون إليهم، يسرعون، يريدون هؤلاء الضّيف ليفعلوا بهم الفاحشة والعياذ بالله، فراودوه عن ضيفه، فطمس الله أعينهم، أمّا كيف طمس أعينهم؟!
هل جبريل ضربهم بجناحه أو غير ذلك الله أعلم، إنّما علينا أن نؤمن أنّ الله تعالى طمس أعينهم حتّى أصبحوا لا يبصرون .
(( فذوقوا عذابي ونذر )) والأمر هنا للامتهان، أو إنّه أمر كونيّ، أي: أنّ الله أمرهم أمر إهانة أو أمراً كونيّاً أن يذوقوا العذاب، ومثل هذا قول الله تبارك وتعالى عن صاحب الجحيم: (( ذق إنّك أنت العزيز الكريم )) فإنّ هذا الأمر أمر إهانة بلا شكّ وليس أمر إكرام ولا أمر إباحة .
(( فذوقوا عذابي ونذر * ولقد صبَّحهم بكرة عذاب مستقرّ * فذوقوا عذابي ونذر )) يعني: أنّ العذاب صبّحهم وأتاهم في الصّباح على حين قيامهم من النّوم واستقبالهم يومهم وهم فرحون، كلّ واحد منهم يفكّر فيما سيفعله هذا اليوم، فإذا بالعذاب يقع بهم، نسأل الله العافية .
(( فذوقوا عذابي ونذر * ولقد يسّرنا القرآن للذّكر فهل من مدّكر )):
من العبرة في هذه الآية:
أنّ هؤلاء الذين قلب الله فطرتهم وطبيعتهم قلب الله عليهم البنيان برميهم بحجارة من سجّيل، فتهدّم البنيان حتّى صار أعلاه أسفلَه، وقيل: إنّ الله تعالى قَلَب بهم ديارهم واقتلعها من أساسها حتى رفعها ثمّ قلبها، فإن صحّ هذا فالله على كلّ شيء قدير، وإن لم يصحّ فليس علينا إلاّ أن نأخذ بظاهر القرآن أنّهم أُمطروا بحجارة من سجّيل فتهدّم البناء عليهم.
أخذ العلم من ذلك أنّ اللّوطيّ يقتل بكلّ حال، الفاعل والمفعول به، وهذا هو القول الرّاجح: أنّ اللّواط يجب فيه القتل على كلّ حال، وليس كالزّنا الزنا يفرّق فيه بين المتزوّج وغير المتزوّج، أمّا اللّواط يجب فيه القتل على كلّ حال ما دام الفاعل والمفعول به بالغين عاقلين فإنّه يجب قتلهما على كلّ حال، إلاّ المكره فالمكره ليس عليه شيء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: " أجمع الصّحابة رضي الله عنهم على قتل الفاعل والمفعول به " ، إلاّ أنّهم اختلفوا كيف يقتلان، فقال بعضهم:
يقتلان بالرّجم بالحجارة حتّى يموتا.
وقال بعضهم: يقتلان بأن يلقيا من أعلى مكان في البلد ويُتبعان بالحجارة.
وحرّق أبو بكر رضي الله عنه اللّوطيّ بالنّار، وكذلك خالد بن الوليد، وأحد خلفاء بني أمّيّة حرّقوهم بالنّار لِعُظمِ جرمهم والعياذ بالله، ولأنّ هذه الفاحشة إذا انتشرت في قوم صار رجالها نساءً، وصار الواحد منهم يتتبّع فحول الرّجال حتّى يفعلوا به الفاحشة والعياذ بالله، وانقلبت الأوضاع، وضاع النّسل، بمعنى: أنّ النّاس ينصرفون إلى الذّكور ويدعون النّساء اللّاتي هنّ حرث للرّجال، والتّحرّز منه صعب، لأنّه لا يمكن أن نجد اثنين ونقول: كيف صحبت هذا مثلاً، لكن لو وجدنا رجلا وامرأة يمكن التّحرّز منهما، فلذلك كان دواء المجتمع من هذه الفعلة القبيحة الشّنيعة: أن يقتل الفاعل والمفعول به، وقد جاء في ذلك حديث عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: ( مَن وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به )، ولهذا يجب علينا أيّها الإخوة أن نحترز من هذا غاية الاحتراز وأن نتفقّد أبناءنا أين ذهبوا، ومن أين جاؤوا، ومن أصدقاؤهم، وهل هم على الإستقامة أو لا، حتى نحمي المجتمع من هذا العمل الخبيث.
ثمّ قال الله عزّ وجلّ: (( ولقد يسّرنا القرآن للذّكر فهل من مدّكر )) يسّر الله عزّ وجلّ القرآن للذّكر: لحفظه ولفهم معناه، وهذا الخبر يُراد به الحثّ على حفظ القرآن وعلى تدبّر معناه لأنّه ميسّر وسهل، وأنت جرّب، تدبّر في آيات الله عزّ وجلّ لتفهم معناها وانظر كيف ييسّر الله لك فهمها حتّى تفهم منها ما لا يفهمه كثير من النّاس، ولهذا قال: (( فهل من مدكّر )) والاستفهام هنا للتّشويق، يعني هل أحد يدكّر، يتذكّر، يتّعظ بما في القرآن؟!
ثمّ قال عزّ وجلّ: (( ولقد جاء آل فرعون النّذر * كذّبوا بآياتنا كلّها )) الآيات.
وأتى الآن دور الأسئلة ونبدأ باليمين ولكلّ واحد سؤال، إلاّ المواطنين فليس لهم حقّ فالحقّ للضّيوف حتّى ينتهوا.
أمّا بعد:
فإنّنا نستأنف هذا اللّقاء المسمّى: بلقاء الباب المفتوح، الذي يتمّ كلّ يوم خميس، بعد أن تركناه مدّة الإجازة الصّيفيّة نظراً لأنّ الناس يتفرّقون هنا وهناك، فنستفتح هذا الاستئناف هذا يوم الخميس، التاسع عشر من شهر جمادى الأولى عام تسعة عشر وأربعمائة وألف، نسأل الله تبارك وتعالى أن يمنّ علينا وعليكم بالعلم النّافع والعمل الصّالح.
السائل : آمين.
الشيخ : كنّا رأينا أن يكون ابتداء اللّقاء تفسيرَ الآيات الكريمة في سور المفصّل، وانتهينا إلى قول الله تعالى في سورة القمر: (( كذّبت عاد )) .
السائل : انتهينا منها.
الشيخ : هاه؟ قرأنا التي قبلها؟
السائل : نعم.
الشيخ : طيب، انتهينا إلى قول الله تعالى: (( كذّبت قوم لوط بالنّذر )):
قوم لوط هم أناس كفروا بالله عزّ وجلّ وأشركوا به، وكان ما اختَصّوا به من المعاصي هذه الفعلة القبيحة الشّنيعة وهي: اللّواط، أي: إتيان الذّكرِ الذّكرَ، وحذّرهم نبيّهم من هذا وقال لهم: (( أتأتون الذّكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربّكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون ))، ولكنّهم والعياذ بالله استمرّوا على هذا حتّى جاءهم العذاب، وهذه السّورة ذكر الله تعالى فيها قصص الأنبياء على سبيل الإجمال، فقال فيما سبق ما تقدّم الكلام عليه، وقال هنا: (( كذّبت قوم لوط بالنّذر )) :
النّذر: جمع نذير، وهي الكلمات التي أنذرهم بها لوط عليه الصّلاة والسّلام وجمعها يدلّ على أنّه كان يكرّر عليهم هذا، ولكنّهم أبوا وأصرّوا على هذا الفعل، فبيّن الله عقوبتهم بقوله:
(( إنّا أرسلنا عليهم حاصباً إلاّ آل لوط نجيّناهم بسحر )):
حاصباً: يعني شيئاً يحصبهم من السّماء، أمطر الله عليهم حجارة من سجّيل، فهدّمت بيوتهم حتى كان عاليها سافلها، لأنّ البناء إذا تهدّم صار أعلاه أسفله، (( إلاّ آل لوط )) وآل لوط هم أهل بيته إلاّ زوجته، كما قال تعالى: (( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين )) نبيّ يبعث إلى قومه ولم يتّبعه إلاّ أهل بيته إلاّ امرأته أيضاً فكانت كافرة، ومع ذلك فهو صابر حتّى أذن له بالخروج.
(( إلاّ آل لوط نجّيناهم بسحر )) أي: بالسحر في الصّباح، وذلك أنّ هؤلاء القوم أخذهم العذاب صباحاً، كما ابتدأ عذابُ عاد بالصّباح: (( سبع ليال وثمانية أيّام حسوماً )) لأنّه ابتدأ في الصّباح ، فأخذهم العذاب والعياذ بالله فأهلكهم الله.
(( نعمة من عندنا )) أي: أنعمنا على آلِ لوطٍ نعمة من عند الله عزّ وجلّ من وجهين:
الوجه الأوّل: أنّ الله أنجاهم.
والوجه الثاني: أنّ الله أهلك عدوّهم، لأنّ إهلاك العدوّ من نعمة الله، فصارت نعمة الله على آل لوط بالنّجاة وإهلاك العدوّ.
(( كذلك نجزي من شكر )) أي: مثل هذا الجزاء وهو الإنجاء والنّعمة نجزي من شكر نعمة الله، وشكر نعمة الله تعالى أيّها الإخوة هي القيام بطاعتهم وليست مجرّد قول الإنسان: أشكر الله، بل لا بدّ من القيام بالطّاعة، ولهذا من قال: أشكر الله وهو مقيم على معاصيه فإنّه ليس بشاكر، بل هو كافر بالنّعمة، مستهزئ بالله عزّ وجلّ، إذ إنّ مقتضى النّعمة أن يشكر الله ولكنّه عكس الأمر، قال الله تعالى: (( ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمت الله كفراً وأحلُّوا قومهم دار البوار * جهنّم يصلونها وبئس القرار )) فكلّ من شكر الله فإنّ الله تعالى ينجّيه ويهلك عدوّه .
(( ولقد أنذرهم بطتشتنا )) يعني: أنّ لوطاً عليه الصّلاة والسّلام أنذر قومه البطش وهي: الأخذ بالقوّة .
(( فتماروا بالنّذر )) أي: تشكّكوا فيه ولم يؤمنوا به.
(( ولقد راودوه عن ضيفنا )) يعني أنّ قومه راودوه عن ضيفه الذي جاء إليه من الملائكة، وكان الله تعالى قد بعث إليه الملائكة على صورة شباب مرد ذوي جمال وهيئة امتحاناً من الله عزّ وجلّ، فلمّا سمع قوم لوط بهؤلاء الضّيف أتوا يُهرعون إليهم، يسرعون، يريدون هؤلاء الضّيف ليفعلوا بهم الفاحشة والعياذ بالله، فراودوه عن ضيفه، فطمس الله أعينهم، أمّا كيف طمس أعينهم؟!
هل جبريل ضربهم بجناحه أو غير ذلك الله أعلم، إنّما علينا أن نؤمن أنّ الله تعالى طمس أعينهم حتّى أصبحوا لا يبصرون .
(( فذوقوا عذابي ونذر )) والأمر هنا للامتهان، أو إنّه أمر كونيّ، أي: أنّ الله أمرهم أمر إهانة أو أمراً كونيّاً أن يذوقوا العذاب، ومثل هذا قول الله تبارك وتعالى عن صاحب الجحيم: (( ذق إنّك أنت العزيز الكريم )) فإنّ هذا الأمر أمر إهانة بلا شكّ وليس أمر إكرام ولا أمر إباحة .
(( فذوقوا عذابي ونذر * ولقد صبَّحهم بكرة عذاب مستقرّ * فذوقوا عذابي ونذر )) يعني: أنّ العذاب صبّحهم وأتاهم في الصّباح على حين قيامهم من النّوم واستقبالهم يومهم وهم فرحون، كلّ واحد منهم يفكّر فيما سيفعله هذا اليوم، فإذا بالعذاب يقع بهم، نسأل الله العافية .
(( فذوقوا عذابي ونذر * ولقد يسّرنا القرآن للذّكر فهل من مدّكر )):
من العبرة في هذه الآية:
أنّ هؤلاء الذين قلب الله فطرتهم وطبيعتهم قلب الله عليهم البنيان برميهم بحجارة من سجّيل، فتهدّم البنيان حتّى صار أعلاه أسفلَه، وقيل: إنّ الله تعالى قَلَب بهم ديارهم واقتلعها من أساسها حتى رفعها ثمّ قلبها، فإن صحّ هذا فالله على كلّ شيء قدير، وإن لم يصحّ فليس علينا إلاّ أن نأخذ بظاهر القرآن أنّهم أُمطروا بحجارة من سجّيل فتهدّم البناء عليهم.
أخذ العلم من ذلك أنّ اللّوطيّ يقتل بكلّ حال، الفاعل والمفعول به، وهذا هو القول الرّاجح: أنّ اللّواط يجب فيه القتل على كلّ حال، وليس كالزّنا الزنا يفرّق فيه بين المتزوّج وغير المتزوّج، أمّا اللّواط يجب فيه القتل على كلّ حال ما دام الفاعل والمفعول به بالغين عاقلين فإنّه يجب قتلهما على كلّ حال، إلاّ المكره فالمكره ليس عليه شيء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: " أجمع الصّحابة رضي الله عنهم على قتل الفاعل والمفعول به " ، إلاّ أنّهم اختلفوا كيف يقتلان، فقال بعضهم:
يقتلان بالرّجم بالحجارة حتّى يموتا.
وقال بعضهم: يقتلان بأن يلقيا من أعلى مكان في البلد ويُتبعان بالحجارة.
وحرّق أبو بكر رضي الله عنه اللّوطيّ بالنّار، وكذلك خالد بن الوليد، وأحد خلفاء بني أمّيّة حرّقوهم بالنّار لِعُظمِ جرمهم والعياذ بالله، ولأنّ هذه الفاحشة إذا انتشرت في قوم صار رجالها نساءً، وصار الواحد منهم يتتبّع فحول الرّجال حتّى يفعلوا به الفاحشة والعياذ بالله، وانقلبت الأوضاع، وضاع النّسل، بمعنى: أنّ النّاس ينصرفون إلى الذّكور ويدعون النّساء اللّاتي هنّ حرث للرّجال، والتّحرّز منه صعب، لأنّه لا يمكن أن نجد اثنين ونقول: كيف صحبت هذا مثلاً، لكن لو وجدنا رجلا وامرأة يمكن التّحرّز منهما، فلذلك كان دواء المجتمع من هذه الفعلة القبيحة الشّنيعة: أن يقتل الفاعل والمفعول به، وقد جاء في ذلك حديث عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: ( مَن وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به )، ولهذا يجب علينا أيّها الإخوة أن نحترز من هذا غاية الاحتراز وأن نتفقّد أبناءنا أين ذهبوا، ومن أين جاؤوا، ومن أصدقاؤهم، وهل هم على الإستقامة أو لا، حتى نحمي المجتمع من هذا العمل الخبيث.
ثمّ قال الله عزّ وجلّ: (( ولقد يسّرنا القرآن للذّكر فهل من مدّكر )) يسّر الله عزّ وجلّ القرآن للذّكر: لحفظه ولفهم معناه، وهذا الخبر يُراد به الحثّ على حفظ القرآن وعلى تدبّر معناه لأنّه ميسّر وسهل، وأنت جرّب، تدبّر في آيات الله عزّ وجلّ لتفهم معناها وانظر كيف ييسّر الله لك فهمها حتّى تفهم منها ما لا يفهمه كثير من النّاس، ولهذا قال: (( فهل من مدكّر )) والاستفهام هنا للتّشويق، يعني هل أحد يدكّر، يتذكّر، يتّعظ بما في القرآن؟!
ثمّ قال عزّ وجلّ: (( ولقد جاء آل فرعون النّذر * كذّبوا بآياتنا كلّها )) الآيات.
وأتى الآن دور الأسئلة ونبدأ باليمين ولكلّ واحد سؤال، إلاّ المواطنين فليس لهم حقّ فالحقّ للضّيوف حتّى ينتهوا.