كلمة للشيخ حول مرتبة الحج في دين الإسلام وعن فرضيته وشروطه . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء السابع والتسعون بعد المائة من لقاءات الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الثاني من شهر ذي القعدة عام تسعة عشر وأربعمائة وألف.
وبما أننا قرب وقت الحج فإني أرى أن نجعل اللقاءات الثلاثة هذه في الحج وما يتعلق به، لأن أحكام الحج تخفى على كثير من الناس حتى على طلبة العلم، فمنهم من يغلو فيها ومنهم من يخفف ومنهم المتوسط.
في هذا اللقاء أي : في هذا اليوم نتحدث عن مرتبة الحج في الدين الإسلامي وعن فرضيته متى فرض ؟ وعن شروط فرضيته.
فأما الأول فنقول : إن مرتبة الحج في الدين الإسلامي أنه أحد أركان الإسلام أوجبه الله تعالى على عباده في كتابه وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم منزلته في الدين فقال الله تعالى : (( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )) وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام ) وفيهم أناس يعبدون الحجر التمر والشجر، فيه أناس يعبدون الشجر وفيه أناس يعبدون التمر، حتى ذكروا أنهم في الجاهلية يصنعون عجوة يعني عبيطة من التمر على شكل تمثال ثم يعبدونها، وإذا جاعوا أكلوها، سبحان الله! معبود يؤكل تبا لهذا المعبود إذًا هذه الآلهة هل هي حق أم باطل ؟ باطل لقول الله تعالى : (( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ )) فما معنى لا إله إلا الله إذًا ؟ لا معبود حق إلا الله و( أن محمدًا رسول الله ) محمد هو بن عبد الله الهاشمي القرشي خاتم النبيين ( رسول الله ) أي : أرسله إلى الناس كافة بل إلى الإنس والجن مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله الإخلاص أن تخلص العبادة لله لا ترائي ولا تسمع ولا تشرك مع الله أحدًا فيها، ومقتضى شهادة أن محمدًا رسول الله أن تصدقه فيما أخبر وتمتثل أمره فيما أمر وتجتنب نهيه فيما نهى عنه وتتعبد إلى الله بشريعته لا تبتدع فيها ما ليس منها، ولذلك صارت شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صارت ركنًا واحدًا، لأن كل عبادة لا بد فيها من إخلاص ومتابعة ( تقيم الصلاة ) يعني: تأتي بها قائمة مستقيمة بشروطها وأركانها وواجباتها وكملها بمكملاتها، نسأل واحد منكم عن شرط من الشروط الأخ ويش تعلم من شروط الصلاة ؟ لا شروطها شرط واحد من شروطها لا .
السائل : ... .
الشيخ : نعم الطهارة أحسن الطهارة من الأحداث والأنجاس الطهارة من الأحداث والأنجاس شرط من الشروط، استقبال القبلة شرط من الشروط، تكبيرة الإحرام ركن من الأركان، التشهد الأول؟ لا، واجب من الواجبات، طيب تكرار التسبيح ثلاث مرات سنة إذًا تقيم الصلاة تأتي بشروطها وأركانها وواجباتها وتكملها بمكملاتها.
( وتؤتي الزكاة ) أي : تعطي الزكاة الواجبة بالمال لمستحقها لمن يستحقها من الناس، وهذا لا نتكلم عليه لأنه يحتاج إلى طول ويأتي إن شاء الله في وقته.
( وتصوم رمضان ) أي : تمسك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس تعبدا لله تبارك وتعالى ( وتحج البيت ) هذا هو الشاهد إذًا مرتبة الحج من دين الإسلام أنه ركن من أركان الإسلام، أما فرضية الحج فقد جاءت في الكتاب والسنة وإجماع المسلمين إجماعًا قطعيًّا ضروريًّا، ففي الكتاب : قال الله عز وجل : (( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً )) والمراد بالكتاب إيش ؟ القرآن، في السنة : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله كتب عليكم الحج فقام رجل وقال : يا رسول الله أفي كل عام ؟ قال : لو قلت : نعم لوجبت ولما استطعتم الحج مرة فما زاد فهو تطوع ) أما الإجماع : فإن المسلمين أجمعوا كلهم على فرضية الحج.
إذًا رقم واحد الحج مرتبته: أحد أركان الإسلام، حكمه: فرض واجب بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين.
أما شروط الوجوب فاستمع إليها: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والحرية، والاستطاعة، خمسة أعود فأكررها: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والحرية، والاستطاعة.
الإسلام ضده الكفر فالكافر لا يجب عليه الحج نقول : أولا تشهد وأسلم ثم نقول : يجب عليك أن تحج، معلوم هذا؟ طيب.
العقل ضده الجنون، فلو فرض أن إنسانا نسأل الله العافية منذ صغره وهو مجنون ومات فليس عليه حج، لأن جميع العبادات انتبه لهذا جميع العبادات تسقط عن المجنون إلا واحدة فقط وهي الزكاة فإنها تجب في مال المجنون، لأن الزكاة محلها المال ما هو الذمة محلها المال، طيب هذه قاعدة مفيدة لطالب العلم، جميع العبادات تسقط عن المجنون إلا الزكاة لماذا ؟ لأنها حق المال، مالها دخل في ذمته.
طيب الثالث إيش ؟ البلوغ، فالصغير لا يجب عليه الحج حتى لو أحرم الصغير إنسان معه غلام له عشر سنوات أحرم ثم تضايق من الإحرام وهون يجوز أو لا يجوز ؟ يجوز لأنه غير مكلف، فالصغير لا يجب عليه الحج لا ابتداء ولا استمرارًا، فبماذا يحصل البلوغ ؟ البلوغ يحصل بواحد من أمور ثلاثة بالنسبة للذكور، وواحد من أمور أربعة بالنسبة للنساء : الأول : تمام خمسة عشر سنة تمام خمسة عشر سنة، وعلى هذا قد يكون الرجل بالغًا في آخر النهار غير بالغ في أول النهار صح يكون بالغًا في آخر النهار غير بالغ في أول النهار، يمكن هذا أو لا يمكن؟ إذا قدرنا أن ولادته في الساعة الثانية عشرة في اليوم اثنين من ذي القعدة في هذا اليوم يتم له خمسة عشر سنة، أول النهار قبل الساعة الثانية عشرة بالغ أم غير بالغ ؟ غير بالغ، وآخر النهار بالغ هذه واحدة.
ثانيًا : نبات العانة، نبات العانة يعني: الشعر الخشن الذي حول القبل من ذكر أو أنثى.
ثالثًا : إنزال المني بشهوة يقظة كان أو منامًا، هذه ثلاث علامات للبلوغ بالنسبة للذكور والإناث، بقي أمر رابع للمرأة فقط وهو الحيض فمتى حاضت المرأة ولو لها عشر سنوات فهي بالغ.
الشرط الرابع : الحرية وضدها العبودية، العبد لا يجب عليه أن يحج لماذا ؟ لأنه لا يستطيع، فإن العبد يا جماعة العبد ماله لسيده، حتى لو كان عنده مليون ريال فماله لسيده لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من باع عبدًا وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترطه المبتاع ) قال : ( للذي باعه ) ما قال : ماله له إنما للذي باعه وهو سيده.
الخامس : الاستطاعة، الاستطاعة أن يتمكن من الحج بدنيًّا وماليًّا ما هي الاستطاعة ؟ قل إيش ؟
السائل : ... .
الشيخ : الاستطاعة أن يقدر على الحج ماليًّا وبدنيًّا، طيب الفقير عليه حج ولا لا ؟ أجيبوا يا جماعة ليس عليه حج ما دام يحتاج إلى مال ما عليه حج أما إذا كان لا يحتاج إلى مال كما لو قدرنا أنه من أهل مكة وهو فقير لكن يقدر يمشي إلى عرفة فهنا لا نشترط أن يكون عنده مال، ليش ؟ لأنه قادر ما يحتاج إلى مال.
البدنية : أن يكون قادرًا ببدنه على أداء النسك، فإن كان عاجزًا فقال العلماء رحمهم الله : إن كان عجزه مستمرًا وعنده مال وكَّل من يحج عنه كالشيخ الكبير وكالمريض بمرض لا يرجى برؤه فهذا لا يجب عليه الحج بنفسه لكن إذا كان عنده مال أن إيش ؟ أن يوكل من يحج عنه، وإن كان عاجزًا عجزًا طارئًا يرجى أن يزول كإنسان مريض بكسر والكسر يجبر يعني مثلًا أصيب بكسر في أول شهر ذي الحجة ولا يستطيع فهل الكسر يرجى أن يبرأ أو لا ؟ يرجى أن يبرأ نقول : هذه السنة لا تخرج، حج من العام القادم إذا كان عندك مال، ولا يوكل أحدًا لأن التوكيل إنما يكون عند العجز المستمر، أما العجز الطارئ الذي يمكن أن يزول فهنا ينتظر حتى يزول عجزه إذا كان الإنسان عنده مال وعليه دين مثلا يعني عنده عشرة آلاف وعليه دين عشرة آلاف هل يلزمه الحج ؟ الجواب : لا، لا يلزمه لأن وفاء الدين واجب فيجب عليه أن يوفي الدين أولا ثم يحج بعد وفاء الدين إن بقي عنده مال، فإذا قال : إن عليه دينًا يحل بعد سنة وعنده مال يمكن أن يحج به هذه السنة فهل يلزمه ؟ نقول : إذا كان يرجو أنه يجد وفاء عند تمام السنة فليحج، وإن كان لا يرجو فلا يحج، اللي يرجو مثلًا إنسان موظف في الوقت الحاضر ما عنده ليس عنده ما يوفيه، لكن إذا حلت إذا مرت السنة أمكنه أن يوفي نقول : حج، ومن ذلك الذين عندهم أقساط لبنك التنمية العقاري عنده الآن مال يوفي القسط، لكن القسط لم يحل بعد وفي أمله أنه إذا حل القسط يوفي فهل يحج أو لا يحج ؟ يحج يعني ما فيه مانع الآن هذه شروط وجوب الحج، ومن نعمة الله عز وجل أنه جعل للعبادات شروطا لينضبط الناس ويعرف من تجب عليه العبادة ومن لا تجب، ولو لم تكن هذه الشروط لكانت المسألة فوضى كل يقول : الحج واجب كل يقول : الحج ليس بواجب، فهذه الشروط التي وضعها الله ورسوله في العبادة لا شك أنها مقتضى الحكمة لأنها تضبط الناس ويتبين من تجب عليه العبادة ومن لا تجب، ويكون الناس على بصيرة في دينهم.
وإذا أراد الحج فليختر الصحبة التي لديها علم ولديها دين، انتبه يختار الصحبة التي عندها علم وعندها دين، أما العلم فلئلا يقع في مخالفة وهو لا يعلم، وأما الدين فلئلا يحصل التهاون في بعض المناسك مناسك الحج، فاختر أن يكون صاحبك في سفر الحج من ذوي العلم والدين، ولأن الإنسان إذا اختار صحبة ذات علم ودين فإنه يكتسب منهم علمًا ودينًا، وكم من إنسان اكتسب بصحبة شخص في سفر خيرًا كثيرًا أو شرًّا كثيرًا، وليكن مع أصحابه حسن الخلق يكون بشوشًا سهلًا لينًا ... يعني نشيطًا في العمل يخدم أصحابه في سقي الماء وطبخ الطعام وغير ذلك، لأن هذا من محاسن الأخلاق، ويقال : إنما سمي السفر سفرًا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال، يسفر يعني يبين ويظهر أخلاق الرجال.
واحرص على أن يكون معك مال زائد عن الحاجة، لأنه ربما يطرأ أمور ما هي على بالك، فإذا كان معك مال أمكنك أن تسدد هذه الحاجة من الدراهم التي معك وكفاك أن تقول : يا فلان أقرضني يا فلان تصدق علي، أكثر من النفقة ما استطعت ما دمت واجدًا، وربما يكون الحاجة لغيرك من الصحبة يحتاج إلى شيء فتعينه أو تقرضه، فحمل زيادة النفقة من الأمور المطلوبة.
واحرص على أداء الصلاة مع الجماعة لا تقل : إني مسافر فالمسافر تجب عليه الصلاة مع الجماعة كما تجب على المقيم، ألم تروا أن الله تعالى أنزل على عبده قوله : (( وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ )) فأوجب الله صلاة الجماعة حتى في الخوف، لأن الجماعة فرض واجب، حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال : إن الجماعة شرط لصحة الصلاة فمن صلى منفردًا مع قدرته على الجماعة فلا صلاة له، ولكن الصحيح أنه له صلاة إلا أنها ناقصة جدًّا.
واحرص على أن تؤدي النسك على الوجه المطلوب كما سيأتي إن شاء الله بيانه في اللقاءات القادمة، أسأل الله أن يمن علينا وعليكم بالعلم النافع والعمل الصالح.
من الاستطاعة : أن يكون للمرأة محرم فلا تحج المرأة بدون محرم حتى لو بقيت سنوات، وإذا لقيت ربها وهي لم تحج لعدم وجود المحرم فلن يؤاخذها الله عز وجل ولن يعذبها، لماذا؟ لأن الحج لم يجب عليها حيث إنها لا تستطيع أن تحج لعدم وجود المحرم، ولذلك بلغوا النساء اللاتي ليس لهن محارم وتضيق صدورهن إذا لم يؤدين الحج بلغوهن بل بشروهن بأنه لا حرج عليهن، وأن الحج لا يجب عليهن كما لا تجب الزكاة على الفقير، وبشروهن بالخير وقولوا لهن : ما دمتن لم تجدن المحرم فلا حج عليكن، وإذا وجدتن المحرم وتمت الشروط فأدين الحج.
وإلى هنا ينتهي هذا الكلام أسأل الله أن ينفع به، ونأتي إلى الأسئلة نبدأ باليمين، ولكل واحد سؤال واحد .
الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء السابع والتسعون بعد المائة من لقاءات الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الثاني من شهر ذي القعدة عام تسعة عشر وأربعمائة وألف.
وبما أننا قرب وقت الحج فإني أرى أن نجعل اللقاءات الثلاثة هذه في الحج وما يتعلق به، لأن أحكام الحج تخفى على كثير من الناس حتى على طلبة العلم، فمنهم من يغلو فيها ومنهم من يخفف ومنهم المتوسط.
في هذا اللقاء أي : في هذا اليوم نتحدث عن مرتبة الحج في الدين الإسلامي وعن فرضيته متى فرض ؟ وعن شروط فرضيته.
فأما الأول فنقول : إن مرتبة الحج في الدين الإسلامي أنه أحد أركان الإسلام أوجبه الله تعالى على عباده في كتابه وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم منزلته في الدين فقال الله تعالى : (( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )) وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام ) وفيهم أناس يعبدون الحجر التمر والشجر، فيه أناس يعبدون الشجر وفيه أناس يعبدون التمر، حتى ذكروا أنهم في الجاهلية يصنعون عجوة يعني عبيطة من التمر على شكل تمثال ثم يعبدونها، وإذا جاعوا أكلوها، سبحان الله! معبود يؤكل تبا لهذا المعبود إذًا هذه الآلهة هل هي حق أم باطل ؟ باطل لقول الله تعالى : (( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ )) فما معنى لا إله إلا الله إذًا ؟ لا معبود حق إلا الله و( أن محمدًا رسول الله ) محمد هو بن عبد الله الهاشمي القرشي خاتم النبيين ( رسول الله ) أي : أرسله إلى الناس كافة بل إلى الإنس والجن مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله الإخلاص أن تخلص العبادة لله لا ترائي ولا تسمع ولا تشرك مع الله أحدًا فيها، ومقتضى شهادة أن محمدًا رسول الله أن تصدقه فيما أخبر وتمتثل أمره فيما أمر وتجتنب نهيه فيما نهى عنه وتتعبد إلى الله بشريعته لا تبتدع فيها ما ليس منها، ولذلك صارت شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صارت ركنًا واحدًا، لأن كل عبادة لا بد فيها من إخلاص ومتابعة ( تقيم الصلاة ) يعني: تأتي بها قائمة مستقيمة بشروطها وأركانها وواجباتها وكملها بمكملاتها، نسأل واحد منكم عن شرط من الشروط الأخ ويش تعلم من شروط الصلاة ؟ لا شروطها شرط واحد من شروطها لا .
السائل : ... .
الشيخ : نعم الطهارة أحسن الطهارة من الأحداث والأنجاس الطهارة من الأحداث والأنجاس شرط من الشروط، استقبال القبلة شرط من الشروط، تكبيرة الإحرام ركن من الأركان، التشهد الأول؟ لا، واجب من الواجبات، طيب تكرار التسبيح ثلاث مرات سنة إذًا تقيم الصلاة تأتي بشروطها وأركانها وواجباتها وتكملها بمكملاتها.
( وتؤتي الزكاة ) أي : تعطي الزكاة الواجبة بالمال لمستحقها لمن يستحقها من الناس، وهذا لا نتكلم عليه لأنه يحتاج إلى طول ويأتي إن شاء الله في وقته.
( وتصوم رمضان ) أي : تمسك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس تعبدا لله تبارك وتعالى ( وتحج البيت ) هذا هو الشاهد إذًا مرتبة الحج من دين الإسلام أنه ركن من أركان الإسلام، أما فرضية الحج فقد جاءت في الكتاب والسنة وإجماع المسلمين إجماعًا قطعيًّا ضروريًّا، ففي الكتاب : قال الله عز وجل : (( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً )) والمراد بالكتاب إيش ؟ القرآن، في السنة : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله كتب عليكم الحج فقام رجل وقال : يا رسول الله أفي كل عام ؟ قال : لو قلت : نعم لوجبت ولما استطعتم الحج مرة فما زاد فهو تطوع ) أما الإجماع : فإن المسلمين أجمعوا كلهم على فرضية الحج.
إذًا رقم واحد الحج مرتبته: أحد أركان الإسلام، حكمه: فرض واجب بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين.
أما شروط الوجوب فاستمع إليها: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والحرية، والاستطاعة، خمسة أعود فأكررها: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والحرية، والاستطاعة.
الإسلام ضده الكفر فالكافر لا يجب عليه الحج نقول : أولا تشهد وأسلم ثم نقول : يجب عليك أن تحج، معلوم هذا؟ طيب.
العقل ضده الجنون، فلو فرض أن إنسانا نسأل الله العافية منذ صغره وهو مجنون ومات فليس عليه حج، لأن جميع العبادات انتبه لهذا جميع العبادات تسقط عن المجنون إلا واحدة فقط وهي الزكاة فإنها تجب في مال المجنون، لأن الزكاة محلها المال ما هو الذمة محلها المال، طيب هذه قاعدة مفيدة لطالب العلم، جميع العبادات تسقط عن المجنون إلا الزكاة لماذا ؟ لأنها حق المال، مالها دخل في ذمته.
طيب الثالث إيش ؟ البلوغ، فالصغير لا يجب عليه الحج حتى لو أحرم الصغير إنسان معه غلام له عشر سنوات أحرم ثم تضايق من الإحرام وهون يجوز أو لا يجوز ؟ يجوز لأنه غير مكلف، فالصغير لا يجب عليه الحج لا ابتداء ولا استمرارًا، فبماذا يحصل البلوغ ؟ البلوغ يحصل بواحد من أمور ثلاثة بالنسبة للذكور، وواحد من أمور أربعة بالنسبة للنساء : الأول : تمام خمسة عشر سنة تمام خمسة عشر سنة، وعلى هذا قد يكون الرجل بالغًا في آخر النهار غير بالغ في أول النهار صح يكون بالغًا في آخر النهار غير بالغ في أول النهار، يمكن هذا أو لا يمكن؟ إذا قدرنا أن ولادته في الساعة الثانية عشرة في اليوم اثنين من ذي القعدة في هذا اليوم يتم له خمسة عشر سنة، أول النهار قبل الساعة الثانية عشرة بالغ أم غير بالغ ؟ غير بالغ، وآخر النهار بالغ هذه واحدة.
ثانيًا : نبات العانة، نبات العانة يعني: الشعر الخشن الذي حول القبل من ذكر أو أنثى.
ثالثًا : إنزال المني بشهوة يقظة كان أو منامًا، هذه ثلاث علامات للبلوغ بالنسبة للذكور والإناث، بقي أمر رابع للمرأة فقط وهو الحيض فمتى حاضت المرأة ولو لها عشر سنوات فهي بالغ.
الشرط الرابع : الحرية وضدها العبودية، العبد لا يجب عليه أن يحج لماذا ؟ لأنه لا يستطيع، فإن العبد يا جماعة العبد ماله لسيده، حتى لو كان عنده مليون ريال فماله لسيده لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من باع عبدًا وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترطه المبتاع ) قال : ( للذي باعه ) ما قال : ماله له إنما للذي باعه وهو سيده.
الخامس : الاستطاعة، الاستطاعة أن يتمكن من الحج بدنيًّا وماليًّا ما هي الاستطاعة ؟ قل إيش ؟
السائل : ... .
الشيخ : الاستطاعة أن يقدر على الحج ماليًّا وبدنيًّا، طيب الفقير عليه حج ولا لا ؟ أجيبوا يا جماعة ليس عليه حج ما دام يحتاج إلى مال ما عليه حج أما إذا كان لا يحتاج إلى مال كما لو قدرنا أنه من أهل مكة وهو فقير لكن يقدر يمشي إلى عرفة فهنا لا نشترط أن يكون عنده مال، ليش ؟ لأنه قادر ما يحتاج إلى مال.
البدنية : أن يكون قادرًا ببدنه على أداء النسك، فإن كان عاجزًا فقال العلماء رحمهم الله : إن كان عجزه مستمرًا وعنده مال وكَّل من يحج عنه كالشيخ الكبير وكالمريض بمرض لا يرجى برؤه فهذا لا يجب عليه الحج بنفسه لكن إذا كان عنده مال أن إيش ؟ أن يوكل من يحج عنه، وإن كان عاجزًا عجزًا طارئًا يرجى أن يزول كإنسان مريض بكسر والكسر يجبر يعني مثلًا أصيب بكسر في أول شهر ذي الحجة ولا يستطيع فهل الكسر يرجى أن يبرأ أو لا ؟ يرجى أن يبرأ نقول : هذه السنة لا تخرج، حج من العام القادم إذا كان عندك مال، ولا يوكل أحدًا لأن التوكيل إنما يكون عند العجز المستمر، أما العجز الطارئ الذي يمكن أن يزول فهنا ينتظر حتى يزول عجزه إذا كان الإنسان عنده مال وعليه دين مثلا يعني عنده عشرة آلاف وعليه دين عشرة آلاف هل يلزمه الحج ؟ الجواب : لا، لا يلزمه لأن وفاء الدين واجب فيجب عليه أن يوفي الدين أولا ثم يحج بعد وفاء الدين إن بقي عنده مال، فإذا قال : إن عليه دينًا يحل بعد سنة وعنده مال يمكن أن يحج به هذه السنة فهل يلزمه ؟ نقول : إذا كان يرجو أنه يجد وفاء عند تمام السنة فليحج، وإن كان لا يرجو فلا يحج، اللي يرجو مثلًا إنسان موظف في الوقت الحاضر ما عنده ليس عنده ما يوفيه، لكن إذا حلت إذا مرت السنة أمكنه أن يوفي نقول : حج، ومن ذلك الذين عندهم أقساط لبنك التنمية العقاري عنده الآن مال يوفي القسط، لكن القسط لم يحل بعد وفي أمله أنه إذا حل القسط يوفي فهل يحج أو لا يحج ؟ يحج يعني ما فيه مانع الآن هذه شروط وجوب الحج، ومن نعمة الله عز وجل أنه جعل للعبادات شروطا لينضبط الناس ويعرف من تجب عليه العبادة ومن لا تجب، ولو لم تكن هذه الشروط لكانت المسألة فوضى كل يقول : الحج واجب كل يقول : الحج ليس بواجب، فهذه الشروط التي وضعها الله ورسوله في العبادة لا شك أنها مقتضى الحكمة لأنها تضبط الناس ويتبين من تجب عليه العبادة ومن لا تجب، ويكون الناس على بصيرة في دينهم.
وإذا أراد الحج فليختر الصحبة التي لديها علم ولديها دين، انتبه يختار الصحبة التي عندها علم وعندها دين، أما العلم فلئلا يقع في مخالفة وهو لا يعلم، وأما الدين فلئلا يحصل التهاون في بعض المناسك مناسك الحج، فاختر أن يكون صاحبك في سفر الحج من ذوي العلم والدين، ولأن الإنسان إذا اختار صحبة ذات علم ودين فإنه يكتسب منهم علمًا ودينًا، وكم من إنسان اكتسب بصحبة شخص في سفر خيرًا كثيرًا أو شرًّا كثيرًا، وليكن مع أصحابه حسن الخلق يكون بشوشًا سهلًا لينًا ... يعني نشيطًا في العمل يخدم أصحابه في سقي الماء وطبخ الطعام وغير ذلك، لأن هذا من محاسن الأخلاق، ويقال : إنما سمي السفر سفرًا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال، يسفر يعني يبين ويظهر أخلاق الرجال.
واحرص على أن يكون معك مال زائد عن الحاجة، لأنه ربما يطرأ أمور ما هي على بالك، فإذا كان معك مال أمكنك أن تسدد هذه الحاجة من الدراهم التي معك وكفاك أن تقول : يا فلان أقرضني يا فلان تصدق علي، أكثر من النفقة ما استطعت ما دمت واجدًا، وربما يكون الحاجة لغيرك من الصحبة يحتاج إلى شيء فتعينه أو تقرضه، فحمل زيادة النفقة من الأمور المطلوبة.
واحرص على أداء الصلاة مع الجماعة لا تقل : إني مسافر فالمسافر تجب عليه الصلاة مع الجماعة كما تجب على المقيم، ألم تروا أن الله تعالى أنزل على عبده قوله : (( وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ )) فأوجب الله صلاة الجماعة حتى في الخوف، لأن الجماعة فرض واجب، حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال : إن الجماعة شرط لصحة الصلاة فمن صلى منفردًا مع قدرته على الجماعة فلا صلاة له، ولكن الصحيح أنه له صلاة إلا أنها ناقصة جدًّا.
واحرص على أن تؤدي النسك على الوجه المطلوب كما سيأتي إن شاء الله بيانه في اللقاءات القادمة، أسأل الله أن يمن علينا وعليكم بالعلم النافع والعمل الصالح.
من الاستطاعة : أن يكون للمرأة محرم فلا تحج المرأة بدون محرم حتى لو بقيت سنوات، وإذا لقيت ربها وهي لم تحج لعدم وجود المحرم فلن يؤاخذها الله عز وجل ولن يعذبها، لماذا؟ لأن الحج لم يجب عليها حيث إنها لا تستطيع أن تحج لعدم وجود المحرم، ولذلك بلغوا النساء اللاتي ليس لهن محارم وتضيق صدورهن إذا لم يؤدين الحج بلغوهن بل بشروهن بأنه لا حرج عليهن، وأن الحج لا يجب عليهن كما لا تجب الزكاة على الفقير، وبشروهن بالخير وقولوا لهن : ما دمتن لم تجدن المحرم فلا حج عليكن، وإذا وجدتن المحرم وتمت الشروط فأدين الحج.
وإلى هنا ينتهي هذا الكلام أسأل الله أن ينفع به، ونأتي إلى الأسئلة نبدأ باليمين، ولكل واحد سؤال واحد .