كلمة الشيخ عن حكم الإحتفال بالمولد النبوي . حفظ
الشيخ : الحمد لله ربّ العالمين وأصلّي وأسلّم على نبيّنا محمّد خاتم النّبيّين وإمام المتّقين وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين .
أمّا بعد :
فهذا هو الدرس العاشر فهذا هو اللقاء بعد المائتين من لقاءات الباب المفتوح التي تتمّ كلّ يوم خميس وهذا الخميس هو اليوم العاشر من شهر ربيع الأوّل عام عشرين وأربعمئة وألف من عادتنا أن نتكلّم في أوّل اللّقاء على تفسير شيء من القرآن الكريم، أمّا اليوم فنخصّص هذا اللّقاء بالكلام عن الاحتفال بمولد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
فنقول من المعلوم أنّه يجب على كلّ مسلم أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما، وأنّه لا يؤمن أحد حتّى يكون رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أحبّ إليه من ولده ووالده والنّاس أجمعين، ولا يمكن التّأسّي الكامل بالبدن والقلب إلاّ بمحبّته لأنّ المحبّة هي الدّافع والمانع، ولهذا تجد الرّجل إذا أحبّ شخصا اقتدى به بأقواله وأفعاله لأنّه يحبّه، فلا يتمّ الإيمان إلاّ بتقديم محبّة النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم على كلّ أحد من البشر، وهذا أمر مفروغ منه لا يمتري فيه شخصان ولا ينتطح فيه عنزان، وهل من محبّته أن يقام احتفال بمولده؟ الجواب لا، ليس من محبّته، وإن كان بعض النّاس تحمله محبّة الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم على أن يقوم بهذا الاحتفال ويقول إنّي فعلت -خله ...- إني فعلت هذا محبّة لرسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، هذا قد يقع من بعض النّاس، ولكنّ حقيقة المحبّة تنافي ذلك لأنّ حقيقة المحبّة أن تلتزم بشريعة النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، كما قال الله تعالى: (( قل إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله )) فجعل الميزان لمحبّة الله عزّ وجلّ اتّباع النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، إذن الميزان في محبّة الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم اتّباعه فمن قال إنّه يحبّه ولم يتّبعه لم يكن صادقا في هذه الدّعوى
فلننظر الآن إذن هذا الاحتفال متى كان؟ وهل هو مطابق للواقع؟ وهل هو مطابق للشّرع؟ حتى يتبيّن حكمه ويجب على المرء أن يعمل بما يقتضيه الدّليل، أمّا بالنّسبة للواقع فإنّه لا يصحّ، من النّاحية التّاريخيّة غير صحيح، لأنّه لم يثبت أنّ ولادة النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم كانت في اليوم الثاني عشر من ربيع الأوّل، بل الثابت حسب العمليّة الحسابيّة الفلكيّة أنّه كان في اليوم التّاسع من شهر ربيع الأوّل وليس في اليوم الثاني عشر، وحينئذ يبطل الاحتفال بهذا اليوم من النّاحية التّاريخيّة
ثمّ نقول إذا ثبت اليوم الذي ولد فيه فهل لنا فائدة من ولادته قبل أن يكون رسولا يهدي النّاس إلى الحقّ؟ أجيبوا؟ لا، ولهذا قال الله تعالى: (( لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا )) ما قال إذ ولد فيهم رسول قال: (( إذ بعث )) فالنّعمة إنّما هي في الحقيقة ببعث الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لا بولادته لأنّه عليه الصّلاة والسّلام كان أمّيّا لا يقرأ ولا يكتب، بل قال الله له: (( ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا )) فلم يكن نبيّا ولا رسولا إلاّ بعد إيش؟
الطالب : بعد بعثته.
الشيخ : بعد بعثته صلّى الله عليه وسلّم أمّا قبل ذلك فليس نبيّا ولا رسولا، فالاحتفال لو قدّر أنّ هناك احتفالا لكان الاحتفال ببعثته لا بمولده، ومن المعلوم أنّ أوّل ما نزل عليه القرآن نزل في أيّ شهر؟ في أي شهر؟
الطالب : رمضان.
الشيخ : في شهر رمضان، لا في شهر ربيع
من النّاحية الشّرعيّة لا يثبت هذا الاحتفال بل هو من البدع وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النّار لا يثبت لأن ثبوت كون الأمر مشروعا الكتاب، أو السّنّة، أو عمل الصّحابة، فهل في الكتاب الأمر أو النّدب للاحتفال بمولده؟ الجواب يا أخ؟
الطالب : لا يوجد أحسن الله إليك.
الشيخ : لا يوجد، هل في السّنّة ذلك؟
الطالب : لا يوجد.
الشيخ : لا يوجد، غاية ما هنالك أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سئل عن صوم يوم الإثنين فقال: ( ذاك يوم ولدت فيه، وبعثت فيه، وأنزل عليّ فيه ) وهذا تنويه بفضل يوم الإثنين لا بفضل الولادة يعني هذا اليوم كان يوما مباركا حصل فيه هذه الأمور فكان صيامه مشروعا
هل ورد من عمل الصّحابة أنّهم يحتفلون بمولده؟ الجواب لا، هل كان ذلك في عهد التّابعين لهم بإحسان؟ الجواب لا، هل هو في عهد تابعي التّابعين؟ الجواب لا، فمضت القرون الثلاثة كلّها لم تحدث فيها هذه البدعة، حدثت في القرن الرّابع الهجري عن حسن نيّة أو عن عدم حسن نيّة، لكنّها بدعة
شيء لم يندب الله إليه في كتابه ولم يفعله رسوله ولا الخلفاء من بعده، ولا الصّحابة ولا التّابعون لهم بإحسان ولا تابعوهم، كيف يأتي آخر الأمّة فيعملون به؟!
ثالثا إذا قالوا إنّ هذا قربة إلى الله لأنّنا لا نتجاوز أن نصلّي على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ونذكر مناقبه وفضائله، فالجواب: أن نقول لو كان خيرا لسبقونا إليه هل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وخلفاؤه، وأصحابه، والتّابعون وتابعوهم هل هم جاهلون بهذه القربة أو عالمون؟ إن قيل إنّهم جاهلون فقد رموا بالجهل وهذا قدح فيهم وادّعى هذا لنفسه أنّه أهدى من الرّسول وأصحابه لأنّهم وفّق للحقّ وهم لم يوفّقوا له، وإن قيل إنّهم غير جاهلين قيل إذن هم كاتمون مستكبرون لم يبيّنوا هذا للأمّة، ولم يعملوا به فهم لعدم بيانهم للأمّة كاتمون للحقّ، وهم لعدم عملهم به مستكبرون عن الحقّ، أيّ إنسان يجرؤ أن يقول إنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كاتم أو مستكبر؟! أيّ إنسان يجرؤ؟ لا يجرؤ أحد، هؤلاء يلزم من بدعتهم هذه أن يكون النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إمّا جاهل بأنّها من الحقّ، وإمّا كاتم بيان ذلك للنّاس، وإمّا مستكبر عن العمل بها، كلّ هذا باطل، لا يمكن لمؤمن أن يصف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم به، لكنّه لازم البدعة
ثمّ نقول هل الدّين كمل بوفاة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أم لا؟ الجواب كمل، قال الله تعالى: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) أكملت لكم دينكم هذه البدعة التي يدّعي مبتدعوها أنّها من الدّين تستلزم أن يكون الدّين لم يكمل بوفاة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ... البدعة هذه، هذا يلزم عليه فظيعة عظيمة وهي تكذيب قول الله تعالى: (( اليوم أكملت لكم دينكم )) لأنّه على حدّ فعل هؤلاء لم يكمل الدّين، فيكون الدّين ناقصا حتى جاء هؤلاء وابتدعوا هذه البدعة وأكملوه بها
فإن قيل إنّ الدّين كامل، إذا قالوا لا، نحن نقول إنّ الدّين كامل ونحن لم نأت بشيء إلاّ الصّلاة على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وذكر مناقبه وإحياء ذكراه نقول هذا غير صحيح، لأنّ المعروف من هذه الاحتفالات أنّ فيها الغلوّ العظيم الذي نهى عنه الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وأنّهم يترنّمون بقول البوصيري يخاطب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
" يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العمم " .
فما تقولون في هذا البيت؟ إذا قال ما لي من ألوذ به عند حدوث الحدث العامّ كالخسف، والعواصف، والصّواعق، والأمراض، والحروب، ما لي من ألوذ به سواك، وهذه الجملة كما تعلمون حصر: " ما لي سواك " أين الله؟ أجيبوا يا جماعة؟ مقتضى هذا البيت ما إله يستغاث به! ما لي سواك عند حلول الحادث العمم.
" إن لم تكن آخذ يوم المعاد يدي *** عفوا وإلاّ فقل يا زلّة القدم
فإنّ من جودك الدّنيا وضرّتها *** ... "
الدّنيا هي ما نعيش فيه وضرّتها الآخرة، هذا من جود الرّسول عليه الصّلاة والسّلام! وليس كلّ جوده " من " فماذا بقي لله؟ أجيبوا يا إخوان؟
الطالب : لا شيء.
الشيخ : لا شيء، ما دام الدّنيا والآخرة من جود الرّسول، إذن الله ما له ... فيه
" ومن علومك علم اللّوح والقلم " أيضا من علومه علم اللّوح والقلم! هل الرّسول يعلم ما في اللّوح المحفوظ؟! أبدا، وهذا تكذيب لقول الله تعالى: (( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إنّي ملك )) المسألة خطيرة، خطيرة جدّا جدّا، ولولا أنّها استمرئت عند بعض النّاس الذين يستعملونها لكانت فادحة يعلم بها كلّ إنسان، ثمّ نقول إذا كنتم تقولون أنّ ذلك إحياء لذكرى الرّسول صلّى الله عليه وسلّم فهل أنتم لا تذكرونه إلاّ في هذه اللّيلة؟ إن كنتم كذلك فمعناه أنّه ليس لكم عمل صالح، وليس لكم أذان، ولا تشهّد، ولا ذكر للوضوء عند الوضوء، ولا غيره، لأنّ ذكر الرّسول عليه الصّلاة والسّلام في كلّ وقت وحين، الأذان فيه ذكر للرّسول، ما هو يا أخ؟ أشهد أنّ محمّدا رسول الله، الصّلاة فيها ذكر للرّسول في التّشهّد؟ أشهد ألاّ إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، بل كلّ عبادة فيها ذكر الرّسول كل عبادة لأنّه لا تصحّ العبادة إلاّ إذا كان فيها الإخلاص وإيش؟ والمتابعة، المتابعة لا بدّ أن تشعر أنّك في عملك هذا التّعبّدي تابع للرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وإذا شعرت هذا الشّعور هل يكون هناك ذكرى أو لا؟ أجب؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم ذكرى، يعني على كلامهم لا ذكرى للرّسول إلاّ في هذه البدعة! سبحان الله! أنتم تذكرون الرّسول صلى الله عليه وسلّم في كلّ المجالات، كلّ عمل صالح فيه ذكر للرّسول
من مفاسد هذه البدعة أنّ الذين يفعلونها ولا سيما العوام منهم يعتقدون أنّها شريعة وأنّها شرعيّة ويلومون من لم يفعلها، وحينئذ يكون المعروف منكرا وإيش؟ والمنكر معروفا لأنّ الذين يقيمون هذه الاحتفالات يلومون الذين لا يقيمونها، ويقولون أنّ هؤلاء لا يحبّون الرّسول! الله أكبر! أيّما أشدّ محبّة الذي يتّبعه ولا يبتدع في دينه ما ليس منه ويكون متأدّبا مع الله ورسوله فلا يتقدّم بين يديه ولا يشرع ما لم يشرعه؟ أو المحافظ على الدّين الذي لا يقوم لله بأيّ عبادة إلاّ إذا كانت مشروعة؟ الثاني لا شكّ، لذلك يجب على طلبة العلم أن يبيّنوا للنّاس أنّ هذا منكر وأنّ حضوره لا يجوز، وأنّ البدعة لا تزيده من الله إلاّ بعدا، وما ابتدع قوم بدعة كما قال بعض السّلف إلاّ حرموا من السّنّة مثلها وصدق، كلّ بدعة تحرم الإنسان من السّنّة مثلها لأنّ كلّ بدعة يقابلها سنّة، فإذا كانت البدعة فعليّة صارت السّنّة ترك هذا الفعل وحينئذ يهدم من السّنّة ما يقابل من البدعة فعلى طلبة العلم أن يبيّنوا هذا للنّاس وأن يقولوا إنّ حقيقة المحبّة ثمرتها حقيقة الإتّباع، نسأل الله تعالى أن يهدي إخواننا المسلمين لاتّباع السّنّة وطرح البدعة وأن يفتح القلوب لذكر الله عزّ وجلّ والاطمئنان به إنّه على كلّ شيء قدير، والآن إلى الأسئلة نبدأ باليمين.
الطالب : ...
الشيخ : والله لو حصل مع الموضوع أحسن عشان الموضوع مع المناقشة يزداد قوّة، ولو لم يكن ... شيء ولو من غير الموضوع.
أمّا بعد :
فهذا هو الدرس العاشر فهذا هو اللقاء بعد المائتين من لقاءات الباب المفتوح التي تتمّ كلّ يوم خميس وهذا الخميس هو اليوم العاشر من شهر ربيع الأوّل عام عشرين وأربعمئة وألف من عادتنا أن نتكلّم في أوّل اللّقاء على تفسير شيء من القرآن الكريم، أمّا اليوم فنخصّص هذا اللّقاء بالكلام عن الاحتفال بمولد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
فنقول من المعلوم أنّه يجب على كلّ مسلم أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما، وأنّه لا يؤمن أحد حتّى يكون رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أحبّ إليه من ولده ووالده والنّاس أجمعين، ولا يمكن التّأسّي الكامل بالبدن والقلب إلاّ بمحبّته لأنّ المحبّة هي الدّافع والمانع، ولهذا تجد الرّجل إذا أحبّ شخصا اقتدى به بأقواله وأفعاله لأنّه يحبّه، فلا يتمّ الإيمان إلاّ بتقديم محبّة النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم على كلّ أحد من البشر، وهذا أمر مفروغ منه لا يمتري فيه شخصان ولا ينتطح فيه عنزان، وهل من محبّته أن يقام احتفال بمولده؟ الجواب لا، ليس من محبّته، وإن كان بعض النّاس تحمله محبّة الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم على أن يقوم بهذا الاحتفال ويقول إنّي فعلت -خله ...- إني فعلت هذا محبّة لرسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، هذا قد يقع من بعض النّاس، ولكنّ حقيقة المحبّة تنافي ذلك لأنّ حقيقة المحبّة أن تلتزم بشريعة النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، كما قال الله تعالى: (( قل إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله )) فجعل الميزان لمحبّة الله عزّ وجلّ اتّباع النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، إذن الميزان في محبّة الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم اتّباعه فمن قال إنّه يحبّه ولم يتّبعه لم يكن صادقا في هذه الدّعوى
فلننظر الآن إذن هذا الاحتفال متى كان؟ وهل هو مطابق للواقع؟ وهل هو مطابق للشّرع؟ حتى يتبيّن حكمه ويجب على المرء أن يعمل بما يقتضيه الدّليل، أمّا بالنّسبة للواقع فإنّه لا يصحّ، من النّاحية التّاريخيّة غير صحيح، لأنّه لم يثبت أنّ ولادة النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم كانت في اليوم الثاني عشر من ربيع الأوّل، بل الثابت حسب العمليّة الحسابيّة الفلكيّة أنّه كان في اليوم التّاسع من شهر ربيع الأوّل وليس في اليوم الثاني عشر، وحينئذ يبطل الاحتفال بهذا اليوم من النّاحية التّاريخيّة
ثمّ نقول إذا ثبت اليوم الذي ولد فيه فهل لنا فائدة من ولادته قبل أن يكون رسولا يهدي النّاس إلى الحقّ؟ أجيبوا؟ لا، ولهذا قال الله تعالى: (( لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا )) ما قال إذ ولد فيهم رسول قال: (( إذ بعث )) فالنّعمة إنّما هي في الحقيقة ببعث الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لا بولادته لأنّه عليه الصّلاة والسّلام كان أمّيّا لا يقرأ ولا يكتب، بل قال الله له: (( ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا )) فلم يكن نبيّا ولا رسولا إلاّ بعد إيش؟
الطالب : بعد بعثته.
الشيخ : بعد بعثته صلّى الله عليه وسلّم أمّا قبل ذلك فليس نبيّا ولا رسولا، فالاحتفال لو قدّر أنّ هناك احتفالا لكان الاحتفال ببعثته لا بمولده، ومن المعلوم أنّ أوّل ما نزل عليه القرآن نزل في أيّ شهر؟ في أي شهر؟
الطالب : رمضان.
الشيخ : في شهر رمضان، لا في شهر ربيع
من النّاحية الشّرعيّة لا يثبت هذا الاحتفال بل هو من البدع وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النّار لا يثبت لأن ثبوت كون الأمر مشروعا الكتاب، أو السّنّة، أو عمل الصّحابة، فهل في الكتاب الأمر أو النّدب للاحتفال بمولده؟ الجواب يا أخ؟
الطالب : لا يوجد أحسن الله إليك.
الشيخ : لا يوجد، هل في السّنّة ذلك؟
الطالب : لا يوجد.
الشيخ : لا يوجد، غاية ما هنالك أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سئل عن صوم يوم الإثنين فقال: ( ذاك يوم ولدت فيه، وبعثت فيه، وأنزل عليّ فيه ) وهذا تنويه بفضل يوم الإثنين لا بفضل الولادة يعني هذا اليوم كان يوما مباركا حصل فيه هذه الأمور فكان صيامه مشروعا
هل ورد من عمل الصّحابة أنّهم يحتفلون بمولده؟ الجواب لا، هل كان ذلك في عهد التّابعين لهم بإحسان؟ الجواب لا، هل هو في عهد تابعي التّابعين؟ الجواب لا، فمضت القرون الثلاثة كلّها لم تحدث فيها هذه البدعة، حدثت في القرن الرّابع الهجري عن حسن نيّة أو عن عدم حسن نيّة، لكنّها بدعة
شيء لم يندب الله إليه في كتابه ولم يفعله رسوله ولا الخلفاء من بعده، ولا الصّحابة ولا التّابعون لهم بإحسان ولا تابعوهم، كيف يأتي آخر الأمّة فيعملون به؟!
ثالثا إذا قالوا إنّ هذا قربة إلى الله لأنّنا لا نتجاوز أن نصلّي على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ونذكر مناقبه وفضائله، فالجواب: أن نقول لو كان خيرا لسبقونا إليه هل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وخلفاؤه، وأصحابه، والتّابعون وتابعوهم هل هم جاهلون بهذه القربة أو عالمون؟ إن قيل إنّهم جاهلون فقد رموا بالجهل وهذا قدح فيهم وادّعى هذا لنفسه أنّه أهدى من الرّسول وأصحابه لأنّهم وفّق للحقّ وهم لم يوفّقوا له، وإن قيل إنّهم غير جاهلين قيل إذن هم كاتمون مستكبرون لم يبيّنوا هذا للأمّة، ولم يعملوا به فهم لعدم بيانهم للأمّة كاتمون للحقّ، وهم لعدم عملهم به مستكبرون عن الحقّ، أيّ إنسان يجرؤ أن يقول إنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كاتم أو مستكبر؟! أيّ إنسان يجرؤ؟ لا يجرؤ أحد، هؤلاء يلزم من بدعتهم هذه أن يكون النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إمّا جاهل بأنّها من الحقّ، وإمّا كاتم بيان ذلك للنّاس، وإمّا مستكبر عن العمل بها، كلّ هذا باطل، لا يمكن لمؤمن أن يصف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم به، لكنّه لازم البدعة
ثمّ نقول هل الدّين كمل بوفاة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أم لا؟ الجواب كمل، قال الله تعالى: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) أكملت لكم دينكم هذه البدعة التي يدّعي مبتدعوها أنّها من الدّين تستلزم أن يكون الدّين لم يكمل بوفاة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ... البدعة هذه، هذا يلزم عليه فظيعة عظيمة وهي تكذيب قول الله تعالى: (( اليوم أكملت لكم دينكم )) لأنّه على حدّ فعل هؤلاء لم يكمل الدّين، فيكون الدّين ناقصا حتى جاء هؤلاء وابتدعوا هذه البدعة وأكملوه بها
فإن قيل إنّ الدّين كامل، إذا قالوا لا، نحن نقول إنّ الدّين كامل ونحن لم نأت بشيء إلاّ الصّلاة على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وذكر مناقبه وإحياء ذكراه نقول هذا غير صحيح، لأنّ المعروف من هذه الاحتفالات أنّ فيها الغلوّ العظيم الذي نهى عنه الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وأنّهم يترنّمون بقول البوصيري يخاطب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
" يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العمم " .
فما تقولون في هذا البيت؟ إذا قال ما لي من ألوذ به عند حدوث الحدث العامّ كالخسف، والعواصف، والصّواعق، والأمراض، والحروب، ما لي من ألوذ به سواك، وهذه الجملة كما تعلمون حصر: " ما لي سواك " أين الله؟ أجيبوا يا جماعة؟ مقتضى هذا البيت ما إله يستغاث به! ما لي سواك عند حلول الحادث العمم.
" إن لم تكن آخذ يوم المعاد يدي *** عفوا وإلاّ فقل يا زلّة القدم
فإنّ من جودك الدّنيا وضرّتها *** ... "
الدّنيا هي ما نعيش فيه وضرّتها الآخرة، هذا من جود الرّسول عليه الصّلاة والسّلام! وليس كلّ جوده " من " فماذا بقي لله؟ أجيبوا يا إخوان؟
الطالب : لا شيء.
الشيخ : لا شيء، ما دام الدّنيا والآخرة من جود الرّسول، إذن الله ما له ... فيه
" ومن علومك علم اللّوح والقلم " أيضا من علومه علم اللّوح والقلم! هل الرّسول يعلم ما في اللّوح المحفوظ؟! أبدا، وهذا تكذيب لقول الله تعالى: (( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إنّي ملك )) المسألة خطيرة، خطيرة جدّا جدّا، ولولا أنّها استمرئت عند بعض النّاس الذين يستعملونها لكانت فادحة يعلم بها كلّ إنسان، ثمّ نقول إذا كنتم تقولون أنّ ذلك إحياء لذكرى الرّسول صلّى الله عليه وسلّم فهل أنتم لا تذكرونه إلاّ في هذه اللّيلة؟ إن كنتم كذلك فمعناه أنّه ليس لكم عمل صالح، وليس لكم أذان، ولا تشهّد، ولا ذكر للوضوء عند الوضوء، ولا غيره، لأنّ ذكر الرّسول عليه الصّلاة والسّلام في كلّ وقت وحين، الأذان فيه ذكر للرّسول، ما هو يا أخ؟ أشهد أنّ محمّدا رسول الله، الصّلاة فيها ذكر للرّسول في التّشهّد؟ أشهد ألاّ إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، بل كلّ عبادة فيها ذكر الرّسول كل عبادة لأنّه لا تصحّ العبادة إلاّ إذا كان فيها الإخلاص وإيش؟ والمتابعة، المتابعة لا بدّ أن تشعر أنّك في عملك هذا التّعبّدي تابع للرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وإذا شعرت هذا الشّعور هل يكون هناك ذكرى أو لا؟ أجب؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم ذكرى، يعني على كلامهم لا ذكرى للرّسول إلاّ في هذه البدعة! سبحان الله! أنتم تذكرون الرّسول صلى الله عليه وسلّم في كلّ المجالات، كلّ عمل صالح فيه ذكر للرّسول
من مفاسد هذه البدعة أنّ الذين يفعلونها ولا سيما العوام منهم يعتقدون أنّها شريعة وأنّها شرعيّة ويلومون من لم يفعلها، وحينئذ يكون المعروف منكرا وإيش؟ والمنكر معروفا لأنّ الذين يقيمون هذه الاحتفالات يلومون الذين لا يقيمونها، ويقولون أنّ هؤلاء لا يحبّون الرّسول! الله أكبر! أيّما أشدّ محبّة الذي يتّبعه ولا يبتدع في دينه ما ليس منه ويكون متأدّبا مع الله ورسوله فلا يتقدّم بين يديه ولا يشرع ما لم يشرعه؟ أو المحافظ على الدّين الذي لا يقوم لله بأيّ عبادة إلاّ إذا كانت مشروعة؟ الثاني لا شكّ، لذلك يجب على طلبة العلم أن يبيّنوا للنّاس أنّ هذا منكر وأنّ حضوره لا يجوز، وأنّ البدعة لا تزيده من الله إلاّ بعدا، وما ابتدع قوم بدعة كما قال بعض السّلف إلاّ حرموا من السّنّة مثلها وصدق، كلّ بدعة تحرم الإنسان من السّنّة مثلها لأنّ كلّ بدعة يقابلها سنّة، فإذا كانت البدعة فعليّة صارت السّنّة ترك هذا الفعل وحينئذ يهدم من السّنّة ما يقابل من البدعة فعلى طلبة العلم أن يبيّنوا هذا للنّاس وأن يقولوا إنّ حقيقة المحبّة ثمرتها حقيقة الإتّباع، نسأل الله تعالى أن يهدي إخواننا المسلمين لاتّباع السّنّة وطرح البدعة وأن يفتح القلوب لذكر الله عزّ وجلّ والاطمئنان به إنّه على كلّ شيء قدير، والآن إلى الأسئلة نبدأ باليمين.
الطالب : ...
الشيخ : والله لو حصل مع الموضوع أحسن عشان الموضوع مع المناقشة يزداد قوّة، ولو لم يكن ... شيء ولو من غير الموضوع.