تفسير الآيات ( 12 - 13 ) من سورة المجادلة . حفظ
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فهذا هو اللقاء السادس والثلاثون بعد المئتين من اللقاءات التي يعبر عنها بلقاء الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الرابع عشر من شهر صفر عام واحد وعشرين وأربعمائة وألف، وسيكون هذا هو ختام هذا الفصل إلى أن يحدد بعد إن شاء الله تعالى نظرًا لأن الطلاب مشغولون بالامتحانات ونخشى أن يبقى الإنسان نادمًا على عدم الحضور وإذا حضر ربما يفوته بعض الأشياء، لذلك سنؤجل إن شاء الله بعد هذا اليوم حتى يتبين فيما بعد.
نبتديء هذا اللقاء بقول الله تبارك وتعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة )):
نداء المؤمنين شرف لهم، نداء المؤمنين من عند الله شرف لهم بلا شك وتصدير الخطاب بالنداء يدل على أهمية ما يخاطب به، ولهذا قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: " إذا سمعت الله يقول (( يا أيها الذين آمنوا )) فأرعها سمعك، فإما خير تؤمر به وإما شر تنهى عنه ".
يقول عز وجل: (( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة )):
ناجيتم أي: أردتم مناجاة الرسول، والمناجاة هي الكلام السر بين المتناجيين، والرسول هو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكان الصحابة رضي الله عنهم لمحبتهم للاجتماع برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والتحدث إليه سرًا، كانوا يكثرون على الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويكثرون التردد عليه، ولا يخفى ما في هذا من الإزعاج، ولهذا قال الله تبارك وتعالى في الذين يأتون إلى رسول االله صلى الله عليه وسلم ضيوفًا: أمرهم أنهم إذا انتهوا لا يبقون، لأن ذلك يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم فيستحيي منهم، كذلك هذه المناجات إذا كثرت لا شك أنها تؤذي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأراد الله تعالى أن يمتحنهم، فأمرهم أن يقدموا بين يدي مناجاته يعني: قبلها وأمامها صدقة ولم يحدد فيصدق بالرغيف وبالتمرة وبالدرهم وبالدينار وبالثوب وغيره، صدقة، الصدقة تحتاج إلى مال، وتحتاج إلى عمل، وتحتاج إلى بحث عن فقير، فليست بالأمر الهين، سوف يقل أو سوف تقل المناجات لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا كان الإنسان لا يناجيه إلا إذا قدم صدقة، وهذا هو الواقع، فإن المناجات قلَّت.
(( ذلكم خير لكم وأطهر )):
(( ذلكم خير لكم )) في الدين، لأنه يدل على رغبتكم التامة لمناجاة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(( وأطهر )): لأن الصدقة تطهر الإنسان من الذنوب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار ).
(( فإن لم تجدوا )) أي: إن لم تجدوا مالا تتصدقون به.
(( فإن الله غفور رحيم )) يعني: فقد غفر لكم ورحمكم فناجوا الرسول بدون تقديم صدقة، وهذه هي القاعدة العامة الشاملة في هذه الشريعة المبنية على اليسر والسهولة، وهو: " أنه لا واجب مع العجز ولا محرم مع الضرورة " : بمعنى أن الإنسان إذا عجز عن الواجب سقط عنه وإذا اضطر إلى المحرم حل له بشرط أن يضطر إليه لئلا يجد سواه مما يدفعه إلى الضرورة، وأن يكون تناول هذا المحرم رافعا لضرورته.
ثم قال عز وجل: (( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات )):
(( أاشفقتم )) يعني: أخفتم، من المشقة إذا قدمتم بين يدي نجواكم صدقات، وهذا هو الواقع أنه شق على الصحابة، وأنتم تعلمون أن الصحابة غالبهم فقير يشق عليه ذلك.
فقال الله عز وجل: (( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإنْ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة )):
المعنى فقد أسقطنا عنكم الوجوب.
(( فإن لم تفعلوا وتاب الله عليكم )) بإسقاط هذا الواجب.
(( فأقيموا الصلاة )) يعني: لا تضيعوا ما أوجب الله عليكم في الأمور الأخرى من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله: (( فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون )) أي:
عليم بكل ما نعمل من خير وشر، وسنلاقيه إن شاء الله تعالى فيحكم بيننا بما تقتضيه حِكمته ورحمته، في هذه الآية كما رأيتم نسخ ما هو الناسخ وما هو المنسوخ؟
الناسخ الآية هذه الأخيرة، والمنسوخ الآية التي قبلها، فقد أوجب الله الصدقة ثم أسقطها، وهذا نسخ من الوجوب إلى الجواز، والله تبارك وتعالى ينسخ ما شاء كما قال: (( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها )): من الأشياء المنسوخة استقبال القبلة، كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول ما قدم المدينة يستقبل بيت المقدس ثم نسخ ذلك إلى وجوب استقبال الكعبة أول بيت وضع للناس.
ومن المنسوخ أنه أول ما وجب الصيام كان الإنسان مخيراً بين أن يصوم أو يفطر، يعني يقال للإنسان: إن شئت فصم وإن شئت أطعم عن كل يوم مسكيناً، ثم نسخ ذلك إلى وجوب الصيام عيناً.
مما نسخ أيضاً أن الواجب على المسلمين في الجهاد في سبيل الله أن لا يفروا من عشرة أمثالهم، بمعنى: أنه إذا كانوا مئة فإنهم لا يفرون من الألف، وإذا كانوا مئتين لا يفرون من ألفين، فقال الله عز وجل: (( الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً ))، فإن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين، (( وإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين )).
والنسخ لا يعني أن الله سبحانه وتعالى لم يعلم المصلحة ثم بدا له، لا، النسخ تابع لحال العباد، فقد يكون الأصلح لهم إيجاب هذا الشيء في وقته، ونسخه في وقت آخر، لأن الأحكام تابعة للمصالح، والمصالح تختلف في كل زمان ومكان وأمة، ولهذا تجدون أن التوحيد وجب من أول الرسالة، الصلاة تأخر إيجابها عشر سنوات بعد البعثة، الزكاة تأخر إلى الهجرة والصيام كذلك إلى الهجرة، الحج إلى السنة التاسعة، كل ذلك صار تبعًا لما تقتضيه المصلحة والتدرج في التشريع الإسلامي.
وإلى هنا ينتهي الكلام بما تيسر، ونبقى مع الأسئلة.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء السادس والثلاثون بعد المئتين من اللقاءات التي يعبر عنها بلقاء الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الرابع عشر من شهر صفر عام واحد وعشرين وأربعمائة وألف، وسيكون هذا هو ختام هذا الفصل إلى أن يحدد بعد إن شاء الله تعالى نظرًا لأن الطلاب مشغولون بالامتحانات ونخشى أن يبقى الإنسان نادمًا على عدم الحضور وإذا حضر ربما يفوته بعض الأشياء، لذلك سنؤجل إن شاء الله بعد هذا اليوم حتى يتبين فيما بعد.
نبتديء هذا اللقاء بقول الله تبارك وتعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة )):
نداء المؤمنين شرف لهم، نداء المؤمنين من عند الله شرف لهم بلا شك وتصدير الخطاب بالنداء يدل على أهمية ما يخاطب به، ولهذا قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: " إذا سمعت الله يقول (( يا أيها الذين آمنوا )) فأرعها سمعك، فإما خير تؤمر به وإما شر تنهى عنه ".
يقول عز وجل: (( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة )):
ناجيتم أي: أردتم مناجاة الرسول، والمناجاة هي الكلام السر بين المتناجيين، والرسول هو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكان الصحابة رضي الله عنهم لمحبتهم للاجتماع برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والتحدث إليه سرًا، كانوا يكثرون على الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويكثرون التردد عليه، ولا يخفى ما في هذا من الإزعاج، ولهذا قال الله تبارك وتعالى في الذين يأتون إلى رسول االله صلى الله عليه وسلم ضيوفًا: أمرهم أنهم إذا انتهوا لا يبقون، لأن ذلك يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم فيستحيي منهم، كذلك هذه المناجات إذا كثرت لا شك أنها تؤذي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأراد الله تعالى أن يمتحنهم، فأمرهم أن يقدموا بين يدي مناجاته يعني: قبلها وأمامها صدقة ولم يحدد فيصدق بالرغيف وبالتمرة وبالدرهم وبالدينار وبالثوب وغيره، صدقة، الصدقة تحتاج إلى مال، وتحتاج إلى عمل، وتحتاج إلى بحث عن فقير، فليست بالأمر الهين، سوف يقل أو سوف تقل المناجات لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا كان الإنسان لا يناجيه إلا إذا قدم صدقة، وهذا هو الواقع، فإن المناجات قلَّت.
(( ذلكم خير لكم وأطهر )):
(( ذلكم خير لكم )) في الدين، لأنه يدل على رغبتكم التامة لمناجاة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(( وأطهر )): لأن الصدقة تطهر الإنسان من الذنوب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار ).
(( فإن لم تجدوا )) أي: إن لم تجدوا مالا تتصدقون به.
(( فإن الله غفور رحيم )) يعني: فقد غفر لكم ورحمكم فناجوا الرسول بدون تقديم صدقة، وهذه هي القاعدة العامة الشاملة في هذه الشريعة المبنية على اليسر والسهولة، وهو: " أنه لا واجب مع العجز ولا محرم مع الضرورة " : بمعنى أن الإنسان إذا عجز عن الواجب سقط عنه وإذا اضطر إلى المحرم حل له بشرط أن يضطر إليه لئلا يجد سواه مما يدفعه إلى الضرورة، وأن يكون تناول هذا المحرم رافعا لضرورته.
ثم قال عز وجل: (( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات )):
(( أاشفقتم )) يعني: أخفتم، من المشقة إذا قدمتم بين يدي نجواكم صدقات، وهذا هو الواقع أنه شق على الصحابة، وأنتم تعلمون أن الصحابة غالبهم فقير يشق عليه ذلك.
فقال الله عز وجل: (( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإنْ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة )):
المعنى فقد أسقطنا عنكم الوجوب.
(( فإن لم تفعلوا وتاب الله عليكم )) بإسقاط هذا الواجب.
(( فأقيموا الصلاة )) يعني: لا تضيعوا ما أوجب الله عليكم في الأمور الأخرى من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله: (( فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون )) أي:
عليم بكل ما نعمل من خير وشر، وسنلاقيه إن شاء الله تعالى فيحكم بيننا بما تقتضيه حِكمته ورحمته، في هذه الآية كما رأيتم نسخ ما هو الناسخ وما هو المنسوخ؟
الناسخ الآية هذه الأخيرة، والمنسوخ الآية التي قبلها، فقد أوجب الله الصدقة ثم أسقطها، وهذا نسخ من الوجوب إلى الجواز، والله تبارك وتعالى ينسخ ما شاء كما قال: (( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها )): من الأشياء المنسوخة استقبال القبلة، كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول ما قدم المدينة يستقبل بيت المقدس ثم نسخ ذلك إلى وجوب استقبال الكعبة أول بيت وضع للناس.
ومن المنسوخ أنه أول ما وجب الصيام كان الإنسان مخيراً بين أن يصوم أو يفطر، يعني يقال للإنسان: إن شئت فصم وإن شئت أطعم عن كل يوم مسكيناً، ثم نسخ ذلك إلى وجوب الصيام عيناً.
مما نسخ أيضاً أن الواجب على المسلمين في الجهاد في سبيل الله أن لا يفروا من عشرة أمثالهم، بمعنى: أنه إذا كانوا مئة فإنهم لا يفرون من الألف، وإذا كانوا مئتين لا يفرون من ألفين، فقال الله عز وجل: (( الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً ))، فإن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين، (( وإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين )).
والنسخ لا يعني أن الله سبحانه وتعالى لم يعلم المصلحة ثم بدا له، لا، النسخ تابع لحال العباد، فقد يكون الأصلح لهم إيجاب هذا الشيء في وقته، ونسخه في وقت آخر، لأن الأحكام تابعة للمصالح، والمصالح تختلف في كل زمان ومكان وأمة، ولهذا تجدون أن التوحيد وجب من أول الرسالة، الصلاة تأخر إيجابها عشر سنوات بعد البعثة، الزكاة تأخر إلى الهجرة والصيام كذلك إلى الهجرة، الحج إلى السنة التاسعة، كل ذلك صار تبعًا لما تقتضيه المصلحة والتدرج في التشريع الإسلامي.
وإلى هنا ينتهي الكلام بما تيسر، ونبقى مع الأسئلة.