بيان الشيخ الألباني ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . حفظ
الشيخ : فقال عليه الصلاة و السلام لها ( صلي فالحجر فإنه من الكعبة و إن قومك لما قصرت بهم النفقة أخرجوا الحجر عن الكعبة و لو لا ) و هنا الشاهد قال عليه السلام ( و لو لا أن قومك حديث عهد بالشرك لهدمت الكعبة و لبنيتها على أساس إبراهيم عليه الصلاة و السلام و لجعلت لها بابين مع الأرض بابا يدخلون منه و بابا يخرجون منه ) فأبقى عليه الصلاة و السلام الكعبة على ما بناه عليها المشركون في الجاهلية و لم يعده صيغته الأولى على قواعد إبراهيم عليه الصلاة و السلام خشية أن يترتب من وراء هذا الإصلاح الإصلاح الواجب و هو إعادة الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام لم يفعل ذلك و هو من حيث قدرته و تمكنه و بخاصة من بعد أن فتح الله له مكة كان قادرا على ذلك من الناحية الحربية أو القوة المادية لكنه امتنع من تنفيذ ذلك الذي هو كان قادرا عليه منعه من ذلك أنه نظر إلى عاقبة هذا الأمر فخشي عليه الصلاة و السلام أن يكون إعادته لبناء الكعبة على أساس إبراهيم عليه السلام ما إثارة فتنة لبعض الضعفاء من المؤمنين الذين كانوا حديث عهد بالإسلام من هذا الحديث يأخذ علماء المسلمين قولهم المعروف و قد روي حديثا عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم و لكنه من حيث إسناده لا يصح إلا أنه حكمة مستنبطة من هذا الحديث و أمثاله ألا و هو قولهم من كان آمرا بالمعروف فليكن أمره بالمعروف و لا يكون الأمر بالمعروف معروفا إلا إذا كانت المصلحة من الأمر بالمعروف راجحة على المفسدة من هنا نحن نقول إن قيام بعض الأفراد أو بعض الجماعات ببعض الأوامر التي تدخل في باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر قيامهم بهذا و أمثاله لا يلاحظ فيه هذه القاعدة التي ذكرتها آنفا و المستنبطة من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها من كان أمره بالمعروف فليكن أمره بالمعروف نقول هذه حكمة يقولها الفقهاء مستنبطيين لها من حديث عائشة و قد روي حديثا مرفوعا عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم لكنه لا يصح فحسبنا أن نقول إنها حكمة تبنها العلماء من هذا الحديث العظيم الذي نطق به النبي الكريم في عزة قوته مع ذلك لم يبادر إلى تغيير بناء الكعبة هذا البناء الذي أقامه المشركون في الجاهلية فلم يغيير شيئا من ذلك خشية المفسدة الكبرى عاى النص الظاهر من هنا قلت ما قلت آنفا أنه لا ينبغي لبعض أو جماعات أن يتقدموا إلى تغيير بعض الأمور سواء أمرا بالمعروف أو نهيا عن منكر إذا كان يترتب من وراء ذلك مفسدة أكبر من المصلحة المرجوة نحن نسمع في كثير من البلاد الإسلامية أن بعض الجماعات تقوم بمثل هذا الذي نحن ندندن حوله من الأمر بمعروف و النهي عن منكر لكن بالطريقة غير حكيمة و ربنا عز و جل فيما حينما ذكر الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر قرن ذلك بالحكمة و الموعظة الحسنة فنرى أن كثيرا من الشباب أو الجماعات الإسلامية حينما يقومون بمثل هذا التغيير تكون مفاسد التغيير أكثر من الصلاح الذي يرجونه من وراء ذلك الأمر بالمعرف و النهي عن المنكر و نريد أن نذكر مثلا البلاد الإسلامية كلها اليوم تعيش في ورطة الإعراض عن هذه الحكمة من أجل هذا نحن ندندن دائما و أبدا و ننصح الجماعة الإسلاميىة في كل بلد أن يستنوا بسنة النبي صلى الله عليه و آله و سلم في الإصلاح حيث إنه عليه الصلاة و السلام لم يبدأ الدعوة إلى الإسلام و إلى الإيمان بالتوحيد بالقوة و إنما باللسان و الحجة و البينة من أجل ذلك قال تعالى (( ادع إلى سبيل ربك ببالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن )) رسولنا صلوات الله و سلامه عليه الذي بدأ الدعوة هكذا حينما قوي ساعده و اشتد عوده قال ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهد أن لا إله إلا الله و أني رسول الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دمائهم و أموالهم إلا بحقها و حسابهم على الله ) فإذا القوة استعمالها لها وقتها أما الدعوة بالحكمة و الموعظة الحسنة فهي مستمرة و قائمة في كل مكان و في كل زمان لهذا نحن ننكر بشدة استعمال بعض الجماعات أو الأفراد القوة و لما تقوم قائمة الدعوة في أي بلد إسلامي في الحدود التي أمر الله بها و هي أن تكون هناك حكومة رشيدة هي التي تقوم بواجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و لا تكون الحكومة هكذا في اعتقادنا جازمين بما نقول إلا إذا كان أمرها كما قال ربنا تبارك تعالى (( و أمرهم شورى بينهم )) و لا يكونوا الشورى إلا باستشارة أهل العلم و الرأي في كل علم و بخاصة ما كان متعلقا بالعلوم من الأحكام الشرعية فهذا المجلس من مجلس الشورى هو الذي يتبنى متى يكون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الذي أراده الله عز و جل و ليس الفرد الذي لا يتمكن بطبيعة الضعف البشري أن يحيط علما بواقع الأمة أو الجماعة التي يريد هو أن يقوم فيها بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و لذلك فما نسمعه بين آونة و أخرى من قيام بعض الناس بالتكسير أو بالتحطيم في بعض الأمور المنكرة شرعا وهم بعد لما يأسسوا لهذه الدعوة أسسها و لما يضعوا لها قواعدها فهؤلاء في اعتقادي يصدق عليهم الحكمة التي تكلم بها بعضهم ألا و هي " من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه " ونحن نقرأ بهذه المناسبة أقوالا لبعض أئمة السنة و لفقه هناك بلا شك من الأمور المستنكرة شرعا اليوم انتشار آلات المعازف و الطرب قال كثير من علماء المسلمين القدامى و أخص بالذكر منهم إمام السنة أحمد ابن حنبل قال أنه ينبغي تكسيرها و قيد ذلك إذا استطاع ذلك و لم يترتب وراء ذلك مفسدة على هذه القاعدة ينبغي أن ينطلق المسلمون في وقت قيام دولتهم في وقت قيام دولتهم المسلمة لأن هذه الدولة هي التي ستسمح بنظامها و بمنهجها لأهل العلم و أهل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أن يغيروا كل ما ينبغي تغييره أما أن يقوم فرد أو أفراد أو جماعة أو جماعات للتغيير و الحاكم المسيطر الذي يملك التغيير بالقوة فلا يفعل فلا نرى هذا من الحكمة أن نستعلي على هؤلاء لأن السلطة و القوة عليهم و المفسدة تكون أكبر و أعظم جدا من هذه المصلحة التي يبتغيها هذا الذي يغير الأمر على وفق الشريعة لكنه استعجل الأمر كما قلنا و حين ذلك يبتلى قدر ما ... خلاصة القول في هذا المجال هو أن الأصل أول الآية المذكورة (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة )) و لا شك أن من أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ثم الحديث حديث عائشة رضي الله تعالى عنها الذي بيّن لنا لا يجب تغيير كل منكر أو تحقيق كل معروف إلا إذا لم يخش من وراء ذلك مفسدة كبرى هذا ما يحضرني جوابا عن هذا السؤال و نسأل الله عز و جل أن يلهم المسلمين حكما و محكومين أن يلتزموا كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أن يعودوا إلى ما كان عليه السلف الصالح من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بالتي هي أحسن .