هل يستدل بقاعدة عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة على تغيير المنكر مهما كان .؟ حفظ
السائل : جزاك الله خيرا و أحسن إليك شيخنا .
الشيخ : أمين .
السائل : ... برزت استفسارات و أسئلة من أثناء الكلام الذي فتح الله به عليكم جوابا عن ذاك السؤال بعض الناس ربما يتذرعون بالقاعدة القائلة أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة فإذا كان البيان قولا فلابد أن يكون عملا و إن له كذلك فإنه لا يجوز للمسلم الذي يرى منكرا أن يسكت عليه و لو كان عاجزا عن إزالته لأنه يؤجر عن البيان بيان وجه الحق في هذا المنكر و إن أصابه ما أصابه من الشر و الضر فماذا الجواب عن ذلك ؟
الشيخ : أن النبي صل الله عليه و آله و سلم حينما أمر المسلمين أن يؤمروا بالمعروف و قد جعل الأمر على ثلاثة مراتب ذلك قوله عليه الصلاة و السلام الذي رواه الإمام مسلم بصحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم ( من رأي منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الإيمان ) هذا الحديث في الواقع له علاقة بالشخص الآمر من جهة و بالمجتمع الذي يحياه من جهة أخرى أما علاقة الحديث بالشخص الآمر ذلك لأن الآمرين بالمعروف و الناهين عن منكر يختلفون اختلافا شديدا من حيث قوة إيمانهم ومنهم القوى الذي لا تأخذه في الله لومة لائم فهو يغير المنكر لو ترتب وراء ذلك هلاك نفسه و على هذا جاء الحديث ألا وهو قوله عليه السلام ( أفضل الجهاد كلمة حق عند إمام جائر ) لكن و الأمر مشاهد و معروف في كل تاريخ الإسلامي سواء الذي جاء به محمد عليه السلام أو ما كان عليه الأنبياء و الرسل الكرام من قبل أن ناس فى ذلك متفاوتون أشد التفاوت طبيعة الإنسان تختلف من ضعف و قوة و لذلك الشارع الحكيم الذي أوحى إلى نبيه الكريم بمثل هذا الحديث لاحظ تفاوت الناس في إيمانهم فجعل المرتبة العليا بالأمر بالمعروف و التغير باليد ( من رأي منكم منكر فليغيره بيده ) فإن لم يستطع لأن ينزل منزلة أخرى و هي التغير بلسانه و بكلامه و قد يصل البعض بإنسان ما أنه لا يستطيع أن يغيير لا بيده و لا بلسانه فلذلك فأقل درجات التغيير هو أن يغير بقلبه و أن يقول بلسان حاله و قد يكون ذلك بلسان قوله اللهم إن هذا منكرا لا نرضى به هذا ما يتعلق بالشخص و قد يتعلق بالمجتمع كما حدثت آنفا إنسان قوي و ليس هناك أقوي أحد بعد رسول الله صل الله عليه و آله و سلم و كما لمحت بل و صرحت آنفا بأن النبي صلى الله عليه و آله و سلم حينما فتح الله عزّ و جل على يديه مكة المكرمة كان في منتهى القوة من حيث أنه يتمكن من التغير لكنه لاحظ أن المجتمع الذي هو فيه عليه السلام لا يساعده على تغير المنكر إذا قوله عليه السلام ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ) هذه المراتب لا تتعلق فقط بالشخص كما قلنا آنفا بل أحيانا تتعلق بالمجتمع و لو كان الشخص قويا في المرتبة العليا من الأمر بالمعوف و هو التغير باليد ذلك كان هو الرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم حينما فتح مكة لكنه ما غيره هل كان ذلك عجز منه حاشه و لكنه رأى أن التغيير باليد هنا قد يسبب حكمة و مفسدة كبرى لذلك اكتفى بالتغيير باللسان حيث أشار أن هذا الكعبة ينبغي أن يعاد بنيانها على قواعد إبراهيم عليه السلام لولا أن القوم هم حديث عهد بالشرك لذلك بارك الله فيكم أنا أقول بأن هؤلاء الذين يقولون بأم مسلم مأمور بالتغير هذا كلام صحيح في الجملة و ليس صحيحا في التفصيل ، التفصيل و هو كما ذكرت آنفا تارة يتعلق بالشخص و قد يكون عاجزا هو بإمكانه من حيث المجتمع بإمكانه أن يغير لكنه ضعيف لا يكتفي بالتغير باللسان لكنه أشد ضعفا من ذلك فيكتفي بالتغير بالقلب و هذا أدنى درجات الإيمان كما جاء ذلك مصرحا فى بعض الأحاديث الصحيحة و منها أن الحديث نفسه و ليس وراء ذلك ذرة من إيمان أو كما قال عليه الصلاة و السلام لعلى أجبت عن هذا السؤال إن شاء الله .
السائل : جزاك الله خيرا يا شيخنا ما من مجلس نجلسه يوما و ساعة معك إلا و يجري الله عز و جل الحكمة على لسانك فنفيد و الله الذي لا نحلف إلا به و في ... كثير كثير فهنيئا لك علمك و هنيئا لنا سماعه و العمل به إن شاء الله لقد و الله وضعت قاعدة ما التفت إليها فى ظني عالما فجزاك الله خيرا !شيخنا من الأمور التي لفت لا أقول نظري وإنما سمعي و أنت تتحدث فقلت يقول علماء المسلمين هذه الكلمة ذكرتني بأمرين أما الأمر الأول فتعظيمك العلماء و تقديرك إياهم و حرصك على الاستفادة منهم و الاعتراف بفضلهم و قدرهم في حياتهم و بعد مماتهم هذه الأولى أما الثانية كما يقوله أولائك المفترون الهالكون عندما يذكرون شيخ ناصر وهو شوكة في حلوق الكثيرين من أعداء هذه الأمة فغير المنصفين أن أعداء هذه الأمة المنصفون فأنت لست شوكة حلوقهم إنما أنت قلم يجري على قراطيسهم اعترافا بفضل علمك عليهم فجزاك الله خيرا و بارك الله فيك .
الشيخ : وإياك .
أبو مالك : شيخنا أيضا هناك مسألة .