إعفاء اللحية ، وبدعية ما زاد على القبضة منها . حفظ
الشيخ : فأقول إن البدعة التي نريد أن نمثل بهذا لسنا بحاجة مما هو معروف لكن نريد أن نذكر الآن وكما يقولون في هذا الزمان أن نضع النقاط على الحروف كنا قد لفتنا النظر إلى أن بعض أهل العلم الذين يذهبون إلى العمل بقوله عليه السلام ( وأعفوا اللحى ) إنما يقعون في هذه المخالفة ولكني أريد أن ألفت النظر إلى الطريق التي يمكن لأحدنا أن يعتمد عليه حينما نقول إن هذا الجزء من النص العام لم يجر العمل به ما هو الطريق فقد عودنا أهل البدعة أننا إذا أنكرنا عليهم بدعة ما لا نشك بل نجزم بأنها بدعة بقولوا في عندك حديث ينهى عن ذلك فنحن لسنا بحاجة إلى إنكار كل بدعة بنص خاص إنما نحن نكتفي بشيئين اثنين أحدهما العموم الذي ذكرناه آنفًا في بعض الأحاديث الصحيحة لكن الحقيقة أن الاستدلال بهذا العموم يخشى أن يدخل فيه ما أدخلنا نحن في العمومات الأخرى فلا بد أن نقرن إلى ذلك الضابط لمعرفة أن هذا الجزء لم يعمل به فما هو الضابط لا شك أن هناك بعض الأمور قد نقل إلينا أن النبي صلى الله عليه وسلم أو من بعده لم يفعل ذلك لكن هذا في الواقع قليل جدًا تذكرون مثلا في صحيح مسلم من حديث جابر فيما أذكر يقول بأنه لم يكن الأذان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة العيدين ولا الصلاة جماعة أو نحو ذلك فهذا نفي لما هو واقع اليوم في بعض البلاد يكون المسلمون مجتمعين في المسجد أو في المصلى الذي أحيي في بعض البلاد الإسلامية والحمد لله يكونون مجتمعين فما تقام الصلاة وهم مجتمعون إلا ويقول قائلهم الصلاة جماعة أو ما شابه ذلك مع أنه هذا قد نص في الصحيح أنه لم يكن في زمن الرسول عليه السلام فمثل هذا التنصيص بإنكار بدعة مخالفة للسنة نادر جدًا في الواقع فإذا ما هو الطريق لمعرفة أن هذا الجزء من أي نص عام ندعي أنه محدث بالرغم أنه داخل في النص العام هو ما يعلم أو ما يُسمى عند العلماء بالاستقراء وهذا الاستقراء بلا شك مما لا ينهض به أو لا يمكن أن يتعرف عليه إلا أهل السنة بل أهل الحديث الذين يدرسون الحديث ويكون ديدنهم دائمًا ليلا نهارًا البحث في كتب السنة هؤلاء يتمكنون بسبب دراستهم للسنة بأقسامها الثلاثة القولية والفعلية والتقريرية هؤلاء يستطيعون أن يقولوا إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعل الشيء الفلاني وهم لا يستطيعون أن يقولوا ورد بل ولا أن يقولوا روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعل هذا لكننا نعلم ذلك من تتبعنا لسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولوجود قرائن هناك حينما هذه القرائن تتحدث حول عبادة ما ثم لا نجد في هذه القرائن كلها ما يشعر بأنه اقترن بها هذا الجزء الذي شمله النص العام فمثالنا بالنسبة لما سبق من عموم قوله عليه الصلاة والسلام ( حفوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى ) فكثيرًا ما جاءت الأحاديث تتحدث عن شمائل الرسول عليه السلام وعن صفته وعن خلقه و و إلى آخره ومن ذلك أنه كان يقص شاربه كما كان إبراهيم عليه السلام يفعل ولا تتعرض هذه الأخبار إطلاقا بأن لحيته عليه الصلاة والسلام كانت طويلة أو قصيرة نذكر ما لنا وما علينا لا تتحدث هذه الأخبار بشيء من هذا وهذا لكننا نقول إن كون الرجل قصير اللحية أمر يغلب في بعض البلاد العربية والبلاد الحارة والعكس تمام كما هو مشاهد بالنسبة لبعض البلاد الأخرى الباردة فيغلب عليها ضخامة اللحية وكثتها وطولها أيضًا فقصر اللحية مما لا يلفت النظر بخلاف طول اللحية خاصة إذا كان طولها فيها يعني طول زائد يلفت الأنظار وصل بنا الحديث إلى ذكر الضابط لمعرفة أن السلف لم يعملوا بجزء لنص عام قلنا قد يكون هناك رواية تنبه إلى أن ذاك الجزء لم يعمل به وضربنا مثلا لهذا بحديث جابر في صحيح مسلم أنه لم يكن في زمن الرسول عليه السلام أذان لصلاة العيد ولا الصلاة جامعة ولا شيء من ذلك مثل هذا التنبيه على النفي شيء مما أحدثه الناس مثل هذا النص نادر وجوده يعني بالنسبة لكثرة البدع التي عمت وطمت كيف يمكننا أن نعرف إذًا أن جزءًا من أجزاء النص العام لم يجر عليه العمل ذكرنا بأن ذلك إنما يتمكن من معرفته أهل الحديث الذين قضوا حياتهم في التعرف على ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام في حياته وأقول الآن وبتعبير آخر كنا استفدناه من كلام الإمام حقًا ابن قيم الجوزية حينما سئل هل يمكن معرفة الحديث الموضوع دون الرجوع إلى السند فأجاب بالإيجاب ولكنه جواب يكاد أن يكون نظريًا غير عملي إلا بالنسبة لبعض الناس وهذا قليل جدًا جدًا حيث قال نعم من جرى الحديث النبوي في عروقه مجرى الدم وصار عنده ذوق في معرفة كلام الرسول عليه السلام فهذا يمكنه أن يعرف الحديث موضوع أو غير موضوع دون أن يعود إلى الإسناد لا شك ولا ريب أن الذين يحيون حياتهم ليلا نهارًا مع حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هؤلاء يصبح عندهم علم زائد على علم الإسناد يصبح عندهم علم زائد على علم الإسناد ولنعبر عنه بما عبر عنه الرسول عليه السلام في الحديث المتفق عليه ( من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين ) وكما جاء في صحيح البخاري من حديث أبي جحيفة السوائي أنه سأل علي ابن أبي طالب هل خصكم معشر أهل البيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشيء من العلم دون الناس قال لا اللهم إلا ما في قراب سيفي هذا وأخرج حديث فضل المدينة ( من أوى اليها محدثًا ) إلى آخره وإلا الديات والجراحات ثم قال وهنا الشاهد " وإلا فهما يؤتيه الله عبدًا في كتابه " هذا الفهم قابل للصعود والهبوط فكلما تعمق المسلم بدراسة سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المبينة للقرآن الكريم علا وكلما ابتعد عنها هبط هذا الأول هو الذي يتمكن أن يقول هذا الأمر على الرغم من أنه يدخل في عموم النص لم يجر عليه عمل السلف هذه هي الضابطة فإذا جئنا إلى المثال السابق لا نجد مطلقًا لا في الصحابة ولا في التابعين ولا في الأئمة المجتهدين من ينص على أن أحدًا من الرسول عليه السلام فنازلا كانت لحيته طويلة أي يتعبد الله عز وجل بإبقائها على سجيتها وعلى طولها بل على العكس من ذلك نجد النص عن بعض المشهورين من الصحابة بأنهم كانوا يأخذون ما زاد عن القبضة ونجد إمام السنة الإمام أحمد أيضًا يقول ذلك ويفعل ذلك ونجد المذهب الحنفي بصورة خاصة ينص على ذلك وهكذا فحينما ندرس هذا التاريخ المشحون بالخير ولا نجد من يقول لحية فلان الصحابي كانت زادت عن القبضة ما نجد أيضًا إلا بعض العمومات التي ليست نصًا في الذي نحن الآن بصدده .