كثيراً ما نسمع العلماء يقولون الجرح مقدم على التعديل فهل هذه القاعدة على إطلاقها ؟ حفظ
السائل : بارك الله فيك نحن طلبة من دار الحديث استشكل علينا بعض الأمور في المصطلح ، السؤال الأول : كثير ما نسمع العلماء يقولون الجرح مقدم على التعديل ، فهل هذه القاعدة على إطلاقها نرجو توضيح هذه المسألة وبيان الراجح فيها ، مع الإشارة إلى كيفية الترجيح لبعض الأقوال المتعارضة .
الشيخ : لاشك أن ما يقوله أهل الحديث بأن الجرح مقدم على التعديل لكن حينما يطلقون كلمة الجرح يجب أن لا نفهم الجرح ،" الـ " هذا للاستغراق والشمول وإنما للعهد ، أي الجرح الذي يعتبر عند المحدثين جرح واضح الفرق ؟ فيه جرح ما يعتبر جرحا عند المحدثين لكن بعضهم جرح فلان لماذا ؟ مثلا قيل لفلان لماذا لا تروي عن فلان قال سمعت من داره صوت عود أو طنبور، ممكن هذا ليس منه ، ممكن يكون من جاره ، كما ابتلينا نحن اليوم ، تسمع صوت الراديو فتظن أنه من هذه الدار بينما هو من الدار الثانية ، أو قد يكون هذا الصوت من نفس البيت ، لكن ليس برغبة من رب البيت وإنما هو عنده ولد شارد ، ولا يستطيع مثلا أن يطرده من داره ، يرى من المصلحة أن يحتفظ به عنده من باب دفع الشر الأكبر بالشر الأصغر ، كل هذا لا ينبغي أن يعتبر إنه هذا جرح ، فلا يروى عنه هو هكذا قال جرحه لكن هذا الجرح ليس معتبرا ، مثلا آخر قيل له لماذا لا تروي عن فلان قال رأيته راكبا برذونا ، البرذون نوع من الفرس يعني راكبه يصاب بالخيلاء في أثناء سيره ، كما لو كان يمشي مشية متكبرة متعجرفة ، طبيعة سير ذاك الفرس ، يحرك الفارس هذه الحركة ، التي توهم الراءين والناظرين إلى أنه صاحب خيلاء ، هذا الذي تبادر لذلك المحدث ، فقال أنا رأيته راكبا برذونا ، وهكذا فهذا جرح من ذاك الجارح ، لكن هذا ليس جرحا مقبولا ، عرفت كيف ؟ فحينئذ حينما يقولون الجرح مقدم على التعديل ، يعنون الجرح الذي يعتبر طعنا في عرف علماء الحديث ، وليس جرحا نسبيا، مثلا إذا كان الراوي ثقة وكان حافظا ولكنه مثلا شيعي لكن ليس من شيعة آخر الزمان ، شيعي من الذين كانوا يفضلون عليا على بقية الخلفاء هذا قد يجرحه بعضهم ، يقول أنا لا أروي عنه هذا شيعي ، لكن المتقرر عند علماء الحديث أنه ما دام ثقة وما دام حافظا فكونه شيعيا فهذا لا يضر ، وقد وجد كثير من رواة الحديث الثقات المحتج بهم ممن كانوا من هؤلاء أهل الأهواء ، ولعلكم جميعا تعلمون بأن البخاري ، يروي عن عمران بن حطان وهو خارجي مشهور تماما ، إذا ينبغي حينما نقول أو نقرأ قاعدة الجرح مقدم على التعديل أي الجرح الذي يعتبر طعنا عندهم ، حينئذ لا إشكال فيما إذا ثبت جرح من هذا النوع في راو وكان آخر قد وثقه ، فهذا الجرح مقدم على التوثيق لما لأنه عنده زيادة علم على الموثق ، بمعنى لو أن هذا الموثق علم ما علم الجارح من الراوي لم يرو أيضا عنه ، ولاشترك مع الجارح في جرحه ، ومن القواعد العلمية الفقهية الأصولية قولهم ، المثبت مقدم على النافي من حفظ حجة على من لم يحفظ ، فمن حفظ جرحا في راو فحفظه هذا و جرحه مقدم على التوثيق الذي وثقه ، لعله فيه توضيحا لما سئلت .
السائل : نعم .
الشيخ : الحمد لله .