أدركنا الأمام قبل الركوع بقليل فهل نكمل الفاتحة ثم نركع أم نتابع الإمام ؟ والكلام على متابعة الإمام . حفظ
السائل : أستاذنا دخلنا المسجد في الصلاة السرية الظهر أو العصر وجدنا الإمام وقفنا معه الوقوف ...
الشيخ : وقفنا معه ؟
السائل : الوقوف القيام في الصلاة ولكننا لم نتم الفاتحة ثم ركع الإمام فهل يجوز لنا أن نتم الفاتحة حتى إذا رفع من الركوع أم أن ندرك الركوع ؟
الشيخ : إذا ركع الإمام ولما يستطيع المقتدي أو ولما يكن المقتدي قد انتهى من قراءة الفاتحة يقرأ منها ما يغلب على ظنه أن الإمام سوف لا يرفع رأسه من الركوع وإنما هو سيشاركه فلو غلب على ظن المقتدي بأنه يستطيع أن يقرأ الفاتحة كلها ثميشارك الإمام في الركوع أتم وإلا قرأ بالمقدار الذي لا يفوت به على نفسه إدراك الإمام راكعا وهذا طبعا ليس فيه نص لكن فيه تفقه لأنه بلا شك أن الذي أدرك شيئا من الفاتحة هو خير من ذاك الذي أدرك الإمام راكعا فكبر تكبيرة الإحرام ثم تكبيرة الركوع هذا دون ذاك فإذا كان ثبت وهو ثابت بالسنة أن مدرك الركوع مدرك للركعة من باب أولى أن من أدرك قسما من الفاتحة قبل الركوع فهو مدرك للركعة من باب أولى وكنت قد خرجت الحديث الصريح في أن مدرك الركوع مدرك للركعة في سلسلة الأحاديث الصحيحة في ظني أنه في المجلد الثالث والحديث يعرفه المشتغلون بعلم الحديث من سنن أبي داود وإسناده في سنن أبي داود لين ضعيف لكنه في سنن البيهقي الكبرى بإسناد ليس فيه ذلك الضعف ويمكن أن يصحح يمكن لكن هذا مع الاحتمال ذلك لأن الإمام البيهقي روى الحديث بإسناد صحيح عن عبد العزيز بن رفيع عن رجل من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا أتيتم الإمام وهو راكع فاركعوا واعتدوا بالركعة وإذا أتيتم الإمام وهوساجد فاسجدوا ولا تعتدوا بالركعة ) عبد العزيز بن رفيع تابعي وهو ثقة من رجال الشيخين لا خلاف في ذلك بينهم يقول عنه رجل من الأنصار هذا الرجل من الأنصار إن كان صحابيا صح السند لأنه من راوية تابعي عن صحابي لكن ليس في السند تصريح بأنه صحابي لذلك قلت يحتمل أن يكون صحيحا وهذا الاحتمال يأتي من هذا الذي بينته هذا الرجل من الأنصار إن كان صحابيا كان السند صحيحا وإن كان تابعيا كان مرسلا لكن مثل هذا المرسل له قدره وله وزن عند الأئمة لما ؟ لأنه لا يفترض أنه يكون تابعيا كبيرا هذا إذا لم يكن صحابيا هكذا عالجنا هذا الإسناد وهوغير إسناد الحديث في سنن أبي داود ، ثم زال الإشكال وطاح الاحتمال وثبت لدينا أن الرجل هو صحابي لأنني وجدت الحديث بالسند الصحيح في مسائل المروزي عن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه مخطوطة قديمة جدا ، ربما يعود تاريخها إلى القرن الثالث محفوظة في المكتبة الظاهرية ، يروي المروزي بالسند الصحيح من طريق عبد العزيز بن رفيع قال حدثني رجل من الأنصار قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فطاح الإشكال والتردد الذي كنا نتردد فيه بتصحيح الحديث واتصل الإسناد ، ذلك لأن الصحابة عند أهل السنة كلهم عدول ولا يضر جهل اسم الصحابي فكان هذا السند الصحيح كافيا لإثبات أن من أدرك الإمام راكعا فقد أدرك الركعة ويعتبر للتوفيق بين الأحاديث يعتبر مخصصا لعموم قوله عليه السلام ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )، ( فصلاته خداج فصلاته خداج فصلاته خداج ) وإذا انضم إلى ذلك طريق الإمام أبي داود في سننه وهو من روايته عن أبي هريرة وصحابي آخر ، دعم أحدهما بالآخر لا سيما ، إسناد أبي داود الذي فيه ذاك اللين يتقوى بلا شك بإسناد المروزي الذي هو صحيح لذاته ، هذا جواب ما سألت أن من أدرك وراء الإمام شيئا من الفاتحة ثم أدرك الإمام راكعا فقد صحت صلاته .

السائل : ... .
الشيخ : يعني يخالف الإمام يتأخر عنه.
السائل : ... .
الشيخ : فيه مخالفة لنصوص عديدة كثيرا منها قوله عليه السلام ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ... ) ومنها قوله عليه السلام في حديث أنس بن مالك ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين )، لا يجوز للمقتدي أن يخالف الإمام حتى لو صلى الإمام جالسا لمرض ألم به علما بأن القيام بالنسبة للصحيح السليم ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها فنحن نجد في هذا الحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أسقط هذا الركن عن جميع المقتدين السليمين من خلفه لكي يشاركوه في هيئته ولا يخالفوه في صورة صلاته فكيف يتعمد الإنسان الذي يصلي خلف الإمام لأنه لم يستطع أن يقرأ الفاتحة يقول هذا ركن والقيام ركن أسقطه رسول الله تحقيقا للمتابعة هنا في المسألة التي كنا فيها آنفا، يقرأ من الفاتحة ما يستطيع ولا يفوت متابعة الإمام لأنه يقع في مخالفة أخرى وهنا حينما يقرأ ما يستطيع ويشارك الإمام في الركوع لم يخالف شيئا على النحو الذي سبق ذكره ، من أن مدرك الركوع مدرك الركعة وللحديث الذي ذكرته آنفا، ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) إلى أن قال: ( فإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى جالسا أو قاعدا فصلوا جلوسا أو قعودا أجمعين ).
السائل : يا شيخ يقولون إنه كان منسوخ الحديث يقولون إن القيام منسوخ للحديث الذي فعله صلى الله عليه وسلم عندما مرض صلى جالسا هو وأبو بكر قائم بجانبه هل هذا ينسخ الأحاديث الكثيرة هذه الأولى .
الشيخ : هذا فعلا يقوله بعض العلماء ولكنه لا ينهض الدليل على صحته، ذلك لأن القول لا ينسخ بالفعل القول دائما أقوى من الفعل ولهذا يقول علماء الأصول إذا تعارض نصان صحيحان أحدهما من فعله عليه السلام والآخر من قوله ولم يمكن التوفيق بوجه من وجوه التوفيق بينهما صير إلى القول واعتمد عليه وترك الفعل لأنه يحتمل وجوها منها أن يكون ذلك لعذر أو يكون قبل التشريع ما جاء في القول في الحديث القولي أو يكون ذلك خصوصية من خصوصيات الرسول فأفعاله عليه السلام يعتورها ويحيط بها من الاحتمالات ما لا يحيط بالقول لأن قوله عليه السلام تشريع عام للأمة وهذا إذا ثبت أن الفعل كان متأخرا عن القول وإذا لم يثبت ذلك فهيهات أن يمكن نسخ القول بالفعل ، وهناك شيء آخر لا يمكن نسخ قول بفعل لو تأخر فعله عليه السلام عن قوله ما دام ذلك القول معلل بعلة لا تقبل النسخ قوله عليه السلام السابق الذكر ( وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين ) ، جاء تعليله في صحيح مسلم من رواية جاء بن عبد الله الأنصاري : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان راكبا يوما دابته فجحشت به فأصيب بأكحله فحضرت صلاة الظهر فصلى جالسا وصلى الناس خلفه قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فجلسوا ثم قال عليه السلام بعد أن قضى صلاته ، إن كدتم آنفا تفعلون فعل فارس بعظمائها يقومون على رؤوس ملوكهم ، إنما جعل الإمام ليؤتم به ) وذكر الحديث إلى نهايته ، ( وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين ) في هذا الحديث فائدة هامة وهي أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر القائمين خلفه والمقتدين له أن يجلسوا لا إبطال هذه الظاهرة الوثنية التي تظهر من بعض كفرة الملوك والمشركين علما أن ثمة فارقا ، كبيرا جدا وبين تلك الظاهرة وبين هذه الهيئة التي وقعت للصحابة خلف النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أمر واضح عند الجميع إن شاء الله إن شاء الله لكن لا بأس من التمثيل به كسرى وأمثاله من الجبابرة حينما يجلسون ويقوم الوزراء والعظماء من حوله قياما هو يجلس طلبا لتعظيمه وأولئك يقومون من حوله تحقيقا لرغبته بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس مضطرا وهو الذي أنزل الله عليه قوله عز وجل (( وقوموا لله قانتين )) فهو أول العالمين بفرضية القيام لكن لا يكلف الله نفسا إلا وسعها فهو إذن جلس مضطرا لم يجلس جلوس كسرى وأمثاله ، أما الصحابة أيضا قاموا خلفه تحقيقا للآية السابقة (( وقوموا لله قانتين )) ما قاموا وما يخطر في بال أحدهم ، وخاصة في الصلاة أن يقوم تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو قام لله رب العالمين ما كان ليخطر ببالهم أن يقوموا له عليه السلام خارج الصلاة فكيف بهم يقومون له في وسط الصلاة وهم يعلمون كما حدثنا خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه في حديثه الشهير الصحيح والمروي في الأدب المفرد للإمام البخاري وسنن الترمذي بالسند الصحيح على شرط مسلم عن أنس بن مالك قال : ( ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وفي رواية ( ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤية وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك )، إذا دخل المجلس كان من أدبه عليه السلام وخلقه وتواضعه المعروف أنه يجلس حيث انتهى به المجلس ولا يقوم له أحد لماذا لأنهم لا يعظمونه، (( لتعزروه وتوقروه )) في النص القرآني الكريم ، فهم أشد الناس تعظيما لنبيهم وأعرف الناس جميعا بقدره عليه السلام ولكن في حدود ما شرع الله لأنه عليه السلام رباهم وأدبهم على خير تأديب ممكن يكون على وجه الأرض فإذا كان هؤلاء الصحابة لا يخطر في بالهم أن يقوموا له تعظيما إذا دخل عليهم المجلس ليس في صلاة فلن يخطر في بال أحدهم أن يقوم خلف النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي جالسا وهو قائم تعظيما له مع هذه الفارقة بين هذه الصورة من النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، وتلك الصورة بالقصة وأصحابه مع ذلك قال لهم ( إن كدتم آنفا تفعلون فعل فارس بعظمائها يقومون على رؤوس ملوكهم ) ، وهذا الحديث يدلنا على شيء هام ترى كثيرا من الشباب المسلم وفيهم بعض طلبة العلم أنهم يتوهمون أن التشبه المحظور والممنوع في الشرع هو الذي يتقصد المسلم التشبه بالكافر ليس الأمر كذلك التشبه هي ظاهرة صورة لا ينظر فيها إلى ما في قلب هذا المتشبه وإنما إلى عمله وأكبر دليل على ذلك ما نحن الآن في صدده هم في الصلاة (( قوموا لله قانتين )) ما يخطر في بال أحدهم أن يعظم الرسول بهذا القيام مع ذلك قال ( لهم أن كدتم آنفا أن تفعلوا فعل فارس بعظمائها يقومون على رؤوس ملوكهم ) فهل يجوز لهم أن يقوموا بعد ذلك خلف الرسول عليه السلام ، إذا مرض وصلى جالسا لا يفعلون ذلك ، لذلك قال ( إذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين ) . الشاهد أن هذا حكم معلل بعلة ممكن نسخ حكم لكن لا يمكن نسخ حكم معلل بعلة وهذه العلة مستمرة إلى يوم القيامة وهذا من هذا القبيل ولذلك إن ثبت أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته الحقيقة في أحاديث هذه الصلاة اضطراب كثير جدا ، يعترض به علماء الحديث ، في بعض الروايات الصحيحة سندا أن الإمام كان هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه والنبي كان يصلي خلفه هذا في آخر صلاة صلاها وفي رواية أخرى صحيحة أن الإمام كان الرسول عليه السلام وأن أبا بكر كان يسّمع تكبيره من كان خلفه من المصلين مع هذا الاضطراب إن سلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إماما وأن الناس صلوا خلفه قائمين فهناك جوابان اثنان :
الجواب الأول مروي عن الإمام أحمد توفيقا بين هذه الحادثة وبين حديث ( صلوا جلوسا أجمعين ) وهذا التوفيق قائم على أساس أن هذه الحادثة صلاة الرسول عليه السلام جالسا والناس خلفه قيام كانت بعد قوله ( صلوا جلوسا أجمعين ) يقول الإمام أحمد إمام السنة التوفيق بين الحديثين: الحديث القولي إذا ابتدأ الإمام صلاته جالسا فعلى الناس أن يصلوا جلوسا معه أما إذا ابتدأ الصلاة قائما ثم عرض له عارض فاضطر إلى الجلوس والقعود فلا مانع أن يظل الناس يصلون خلفه قياما .
التوفيق الثاني: استفدته من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه " اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم"، قال " لا يمكن نسخ الحديث بهذه الحادثة إن ثبت أنها كانت بعد الحديث ، وإنما يجمع بينهما بأحد الوجهين ذكر الأول والآخر أن الحديث يبين أن الأمر ليس للوجوب وإنما هو للاستحباب وإذا كان الأمر للاستحباب جاز فعله وجاز تركه أما النسخ والإلغاء كما تقول بعض المذاهب أنه لا يجوز صلاة السليم الصحيح البنية والإمام الجالس جالسا ، فهذا لا سبيل إلى القول به " هذا كلام بن تيمية ثم وجدت في كتاب فتح الباري للحافظ أحمد بن حجر العسقلاني رواية مرسلة ما أذكر الآن لأن العهد بعيد ، أما لكن هو أحد رجلين إما عطاء وإما طاووس بالسند الصحيح عنه بان النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين في صلاته في مرض موته ) ، حينئذ يكون المنسوخ هو ما يروى أن الرسول صلى جالسا والناس خلفه قياما هذا ما عندي في الباب من التحدث حول هذه المسألة .