ما حكم أهل الجاهلية قبل الإسلام.؟ حفظ
السائل : يقول ما حكم الجاهلية قبل الإسلام يقصد أهل الفترة ؟
الشيخ : أهل الجاهلية ما قبل بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - هم شأنهم كشأن المسلمين اليوم ، أي من بلغته الدعوة فقد أقيمت عليه الحجة من لا فلا . ونحن نعلم من روايات صحيحة في البخاري أن الكثير من المشركين قبل بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ماتوا وهم مع ذلك قد أخبر الرسول بأنه يعذبون . وما ذلك إلا لأنهم قد بلغتهم الدعوة من إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام ، ومن ذلك فهم كانوا على إرثٍ مما ورثوه من دين إبراهيم ، فكانوا يحجون ويطوفون ويعتمرون وذلك لأنهم لم يكونوا كما يزعم كثيرون اليوم من أهل الفترة . لأنهم لو كانوا من أهل الفترة لم يعذبوا كما أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
السائل : أهل الجاهلية يعذبون مع أن التوراة محرفة فكيف يعذبوا في القبر ؟
الشيخ : نحن أجبنا بجواب أظن لو تأملت فيه ما احتجت إلى مثل هذا السؤال ، بدك تطول بالك علي شوية أنا قلت : من بلغته الدعوة من المسلمين اليوم والكفار المشركين قبل بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد أقيمت عليه الحجة ومن لم تبلغه الدعوة فلم تقم عليه الحجة ، في لك اعتراض على هذا الجواب ؟
السائل : لا
الشيخ : طيب هذا الذي قلته والحقيقة ... كنا مسلمين ربما ولا أقول هذا مفتخرا لا تسمع هذا الكلام من غيري أنا أقول شأن من كانوا بالجاهلية شأن المسلمين اليوم ، من بلغته الدعوة من هؤلاء وهؤلاء فقد أقيمت عليه الحجة . لماذا ينطبق هذا على المسلمين ؟ لأن المسلمين اليوم كثير منهم ما بلغتهم الدعوة ، أعني الدعوة كما نزلت على الرسول - صلى الله عليه وسلم - . اليوم الدعوة الإسلامية أصابها في أذهان كثير من الناس من التحريف ما أصاب اليهودي والنصارى في كتبهم . كذلك اليهود والنصارى إذا كانوا عارفين بما كان عليه عيسى عليه السلام وموسى من التوحيد ، ثم هم يخالفون ويتبعون القسيسين و الرهبان فهم طبعًا معذبون لأنهم يعلمون حقيقة . أما إذا كان لم تبلغهم الحقيقة فلا يعذبون أبدًا إن كانوا قديمًا أو حديثًا ، لأن ربنا يقول : (( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا )) . وحينما يقول : (( حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا )) ، هنا شيئان يجب أن نلاحظهما :
الشيء الأول : أن المقصود ببعث الرسول ليس شخص الرسول فقط ، بل إما شخص الرسول أو دعوته ، (( حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا )) ، يعني مثلا التابعون اللي جاءوا بعد الصحابة ، الصحابة جاءهم الرسول وبلغهم . أما التابعون ما جاءهم الرسول ، لكن جاءتهم الدعوة لذلك فمعنى الآية السابقة (( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا )) ، بشخصه أو بدعوته أقول هذا حتى لا يحتج إنسان اليوم يقول : أنه ما جاءنا الرسول . لا نحن جاءتنا دعوة الرسول ، هذا الشيء الأول الذي ينبغي أن يلاحظه المسلم حينما يطرق سمعه العلم ....
الشيء الثاني : أن الدعوة حينما تبلغ جماعةً أو أمة ويراد لذلك أنه قد أقيمت عليهم الحجة يجب أن نلاحظ أن الدعوة بلغتهم سليمة من التغيير والتزييف ، فهمتم كيف ؟ وإلا إذا أمة جاءتهم الدعوة محرفة مغيرة ومبدلة فهؤلاء ما بلغتهم الدعوة التي جاء بها الرسول عليه السلام هذه دعوة أخرى .
لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ما من يهودي أو نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا أدخله الله النار ) . فهنا يقول : ( يسمع بي ) ، يا ترى على حقيقة واقعه أم على الحقيقة التي يصفها به أعداؤه ، مثلاً اليوم أوربيون النمسا المانيا غيرها القسيسون والرهبان هناك ماذا يلقنون الأمة الغربية عن محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ خلاف واقعه يقولوا : هذا الرجل كان يحب النساء ويتزوج ما يشتهي ويحرم أتباعه من أن يزوج بالواحدة كما تزوج هو . طبعًا هذا وصف خلاف حكم الرسول عليه السلام ، المقابل للواقع هذا ينبغي أن نلاحظ أن الذي سمع عن الرسول حقيقته فذلك مثل أن يقال : ولد يتيمًا ، ترعرع ونشأ يتيمًا أميًا لا يقرأ ولا يكتب ، وعاش بعيدًا عن كل رذائل القوم .
فلا هو سجد لصنم ولا سرق ولا زنا ...الخ ، وبعد ذلك فجأةً نزل عليه شيء اسمه الوحي اسمه جبريل إلى آخر القصة ، ثم دعا الناس وإذا الناس يصير فيهم حركة نشاط دعوة ، يصير فيهم خلاف يصير في قتال يصير في الأخير ينتصر ويؤسس دولة ، وينتشر النور الذي جاء به يشمل العالم كله .
هذا الشيء لو حكي كما وقع لآمن الناس به جميعًا ، لكن دعاة السوء دعاة الباطل دائمًا يصفون أن الرجل الصالح بخلاف واقعه حسدًا وبغيًا من عند أنفسهم . فالذي ..اليهودي والنصرانى الذي سمع حقيقة محمد- صلى الله عليه وسلم - هذه ثم لم يؤمن بلا شك دخل النار لكن هو سمع خلاف هذه الحقائق رجل مثلاً كما قلنا : يحب النساء ، رجل يعبد الحجر حجارة الكعبة هكذا ...فهو اذا لم يؤمن فلم يعلم الحق ابدا ، وربنا يوم القيامة لا يقول له : كفرت ، لماذا ؟ لأنه لم يسمع به - صلى الله عليه وسلم - بحقيقته كما هو ، وهذا من يذكرنا بحديث آخر يسيء بعض الناس فهمه ولو في مجال آخر لكن هناك أشياء أحاديث تفسر بعضها بعضًا ، قال - صلى الله عليه وسلم - : ( من رآني في المنام فقد رآني حقًا ) . من رآني ترى رآني كما قلت : وإلا بصفة أخرى ؟ لا يراه كما كان - صلى الله عليه وسلم - لا بصفة أخرى ...- ابدأ من هنا ثم أدر هكذا - من رآني في المنام لو أن رجلاً ادعى أمس رأيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المنام ، خير إن شاء الله ، كيف رأيته صفه لي ؟
يقول : رأيت رجلا طويلا شايب لحيته نورٌ بيضاء كذا ، قل له : كذبت ، أنا شفته بالنوم ، قل له : ما شفته الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصف في شمائله من رواية أنس لأنه لم يشب ببيضاء يعني ما شاب ، كيف أن تقول : شفته لحيته بيضاء ويطلع منها نور هذا كذب . ها ما رأي الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا رأي شخصًا هيأ الشيطان له في النوم أن هذا هو الرسول ، أو شاف شخصًا آخر يقول : رأيت الرسول يمشي في الطريق ، كيف رأيته يمشي ؟ رأيته يمشي الهوينا ، نقول له : كذبت ، كان الرسول يمشي أقوى قوة الرجال ، وقد وصف أنه كان إذا مشي ( فكأنما كان ينصب من صبب ) ، الصبب لا أدري ماذا تقولون قسطل انبوب تبع الآبار الارتوازية الأنبوب الذي يتدفق منه الماء ، كيف يخرج محصور لما يخرج بكل قوة . هكذا شبه الصحابة الرسول حينما كان يمشي فكأنما ينصب من صبب ، يمشي بقوة ، حتى وصف ايضا ( أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا مشي مشينا معه ونجهد أنفسنا لندركه ولا ندركه ) . هذه شمائله عليه السلام ، فمن يراه يمشي مشية المتصوف المتمسكن ، نقول له : ما رأيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذا بحث طويل الشاهد كما قال هنا : ( من رآني في المنام ) ، يجب أن يراه على حقيقته كذلك هناك لما قال : ( ما من يهودي ولا نصراني يسمع بي ) .