ما حكم الجماعة الثانية في المسجد الواحد؟ حفظ
السائل : ما حكم الجماعتين في المسجد الواحد؟
الشيخ : تكلمنا في هذا بتفصيل في جلسة سابقة فنقول إن الأئمة الثلاثة قد صرّحوا بكراهة تكرار الجماعة في المسجد الواحد ورووا عن الإمام أحمد جواز ذلك إعتمادا على قوله عليه الصلاة والسلام ( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة ) أو ( بسبع وعشرين درجة ) ولكن قد وجدت في مسائل الإمام أحمد لأبي داود رحمهم الله ما يمكننا أن نلحق الإمام أحمد بالأئمة الثلاثة حيث قال " إن تكرار الجماعة في الحرمين الشريفين أشدّ كراهة " هكذا تعبيره " أشد كراهة " ومفهوم هذا أن تكرار الجماعة في غير الحرمين مكروه وفيهما الكراهة أشد وهذا هو الصواب الذي يدل عليه جريان عمل السلف وبعض الأحاديث من طريق الاستنباط الدقيق وبخاصة أنه قد قال الإمام الشافعي في كتابه العظيم " الأم " وهو يتحدث عن هذه المسألة بصراحة فيقول " ولو دخل جماعة المسجد فوجدوا الإمام قد صلى صلوا فرادى وإن صلوا جماعة أجزئتهم أي إن صلاتهم صحيحة ولكني أكره ذلك لهم لأنه لم يكن من عمل السلف " ثم يقول في الصفحة الأخرى " وقد حفظنا أن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخلوا المسجد فوجدوا الإمام قد صلى فصلوا فرادى -قال- وقد كانوا قادرين على أن يجمّعوا في مسجد مرة أخرى ولكنهم لم يفعلوا لأنهم كرهوا أن يجمّعوا في مسجد مرتين " هذا نص الإمام الشافعي في الأم وهو مستقا مما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن البصري أنه قال " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخلوا المسجد فوجدوا الإمام قد صلى صلوا فرادى " هذا هو عمل السلف كانوا محافظين على صلاة الجماعة الواحدة التي لا ثاني لها ومما يدل على ذلك حديثان اثنان أحدهما يتعلق بصلاة الجماعة والآخر يتعلق بصلاة الجمعة أما الحديث الأول فهو ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( لقد هممت أن آمر رجلا فيصلي بالناس ثم آمر رجالا فيحطبوا حطبا ثم أخالف إلى أناس يدعون الصلاة مع الجماعة فأحرّق عليهم بيوتهم والذي نفس محمد بيده لو يعلم أحدهم أن في المسجد مرماتين حسنتين لشهدها ) يعني صلاة العشاء هذا هو الحديث الأول والحديث الآخر مثله تقريبا إلا أن الراوي غير أبي هريرة الراوي هو عبد الله بن مسعود والمخرج هو الإمام مسلم روى في صحيحه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( لقد هممت أن أحرّق بيوت الذين يتخلفون عن صلاة الجمعة ) حديث أبي هريرة في المتخلفين عن صلاة الجماعة حديث ابن مسعود في المتخلفين عن صلاة الجمعة ولا يزال المسلمون والحمد لله لم يقعوا في مخالفة تكرار الجمعة في المسجد الواحد وإن كانوا وقعوا في مخالفة تكرار الجمعة في مساجد الجماعات فلا يتجمعون في المساجد الكبيرة بل في كثير من البلاد يصلون الجمعة في المساجد الصغيرة التي لم يكونوا من قبل يصلون الجمعة فيها وهذا الذي وقع في بعض الأزمان المتقدمة حمل الإمام الشافعي على أن يقول بشرطية وحدة الجمعة أي البلد الواحد لا تصح فيه إلا جمعة واحدة ولنا في هذا بحث لسنا الآن مضطرين إلى الخوض فيه لكننا نقول إنه مما لا شك فيه أنه ليس من المشروع مطلقا أن يتوسع الناس في صلاة الجمعة في المساجد الصغيرة والكبيرة لا يفرقون بين الكبيرة والصغيرة فأقول إن المسلمين حتى اليوم والحمد لله لم يقعوا في مثل هذه المخالفة أن يقيموا الجمعة مرة ثانية في المسجد الواحد كما قد يفعلون في صلاة العيد في بعض المساجد في بعض البلاد الغربية التي فيها جاليات إسلامية كثيرة حيث أن المسجد لا يتسع لجميع القادمين لصلاة العيد فيضطرون أن يقيموا الجماعة الثانية وربما الثالثة أيضا لأن المسجد لا يتسع ولأن الطرق هناك ليس بإمكانهم أن يغلقوها بالصلاة فيها كما يقع في البلاد الإسلامية لأن تلك البلاد بلاد كفر وضلال، فالشاهد لا يزال المسلمون الحمد لله يحافظون في المساجد على وحدة الجماعة في صلاة الجمعة هكذا توارثوا ذلك خلفا عن سلف كذلك كان ينبغي أن يكون الأمر في صلاة الجماعة لأنكم عرفتم أن وعيد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان واحدا في المتخلفين عن صلاة الجمعة والمتخلفين عن صلاة الجماعة فلو أنه كان هناك جماعة ثانية في المسجد النبوي لكان في ذلك عذر واضح للمتخلفين عن صلاة الجماعة ولم تقم حجة الرسول عليه السلام عليهم وحاشاه من ذلك فلما كان معهودا عند أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا جماعة ثانية استقام قوله عليه السلام ( لقد هممت ) إلى آخر الحديث فلهذا وذاك ولغير ذلك مما يطول البحث فيه رأى الأئمة الثلاثة ثم الإمام أحمد في تلك الرواية الصحيحة كراهة إقامة جماعة ثانية فثالثة في المسجد الواحد والحكمة في ذلك كما ذكر الإمام الشافعي أن هذه الجماعة تؤدي إلى تفريق الجماعة الأولى وكلنا يعلم أن الجماعة كلما كثر أصحابها وعددها كلما كان أجرها عند الله بالغا وتشريع الجماعة الثانية أو القول بجوازها فضلا عن الجماعة الثالثة والرابعة لا شك أن ذلك يؤدي إلى تفريق جماعة المسلمين أولا وإلى تقليل الجماعة الفاضلة ثانيا وأنا شخصيا أدركت في المسجد الكبير في دمشق الشام تصلّى فيه صلاة العصر جماعة ما أدري كم ما عددها خامسة سادسة وأذان المغرب يؤذن أي إنهم كانوا يكررون إقامة صلاة الجماعة لصلاة العصر واحدة بعد أخرى حتى يدركهم أذان المغرب بلا شك إن هذه الجماعات لو اجتمعت لغص المسجد بهم على رحبه وسعته أما وهم متفرقون فلا يكاد يتم الصف الأول والصف الثاني فهذا دليل واقعي على أن القول بجواز الجماعة الثانية فما بعدها من باب أولى يؤدي إلى تفريق الجماعة الأولى (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا )) فرقوا دينهم فرقوا عبادتهم فرقوا صلاتهم وهذا أكبر تفريق حتى وصل الأمر في بعض القرون وإن كان هذا يكاد أن يزول في هذا القرن إلى عدم صلاة المخالف لمذهب الإمام لا يصلي خلفه ويوجب على نفسه أن يقيم جماعة ثانية وقد قلت لأحدهم وقد أقيمت الصلاة وكان يومئذ الإمام الأول شافعي المذهب فقلت لصاحبي حي على الصلاة فقد أقيمت الصلاة فكان جوابه مع الأسف هذه الصلاة لم تقم لنا إنما أقيمت للشافعية فهل الشافعية غيرنا ونحن غير الشافعية إلى هذا وصل الأمر بالتعصب والتطرف ولذلك فالإسلام يقضي على كل الوسائل التي تؤدي إلى تفريق المسلمين شيعا وأحزابا هذا ما عندي جوابا عن هذا السؤال تفضل.
الشيخ : تكلمنا في هذا بتفصيل في جلسة سابقة فنقول إن الأئمة الثلاثة قد صرّحوا بكراهة تكرار الجماعة في المسجد الواحد ورووا عن الإمام أحمد جواز ذلك إعتمادا على قوله عليه الصلاة والسلام ( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة ) أو ( بسبع وعشرين درجة ) ولكن قد وجدت في مسائل الإمام أحمد لأبي داود رحمهم الله ما يمكننا أن نلحق الإمام أحمد بالأئمة الثلاثة حيث قال " إن تكرار الجماعة في الحرمين الشريفين أشدّ كراهة " هكذا تعبيره " أشد كراهة " ومفهوم هذا أن تكرار الجماعة في غير الحرمين مكروه وفيهما الكراهة أشد وهذا هو الصواب الذي يدل عليه جريان عمل السلف وبعض الأحاديث من طريق الاستنباط الدقيق وبخاصة أنه قد قال الإمام الشافعي في كتابه العظيم " الأم " وهو يتحدث عن هذه المسألة بصراحة فيقول " ولو دخل جماعة المسجد فوجدوا الإمام قد صلى صلوا فرادى وإن صلوا جماعة أجزئتهم أي إن صلاتهم صحيحة ولكني أكره ذلك لهم لأنه لم يكن من عمل السلف " ثم يقول في الصفحة الأخرى " وقد حفظنا أن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخلوا المسجد فوجدوا الإمام قد صلى فصلوا فرادى -قال- وقد كانوا قادرين على أن يجمّعوا في مسجد مرة أخرى ولكنهم لم يفعلوا لأنهم كرهوا أن يجمّعوا في مسجد مرتين " هذا نص الإمام الشافعي في الأم وهو مستقا مما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن البصري أنه قال " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخلوا المسجد فوجدوا الإمام قد صلى صلوا فرادى " هذا هو عمل السلف كانوا محافظين على صلاة الجماعة الواحدة التي لا ثاني لها ومما يدل على ذلك حديثان اثنان أحدهما يتعلق بصلاة الجماعة والآخر يتعلق بصلاة الجمعة أما الحديث الأول فهو ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( لقد هممت أن آمر رجلا فيصلي بالناس ثم آمر رجالا فيحطبوا حطبا ثم أخالف إلى أناس يدعون الصلاة مع الجماعة فأحرّق عليهم بيوتهم والذي نفس محمد بيده لو يعلم أحدهم أن في المسجد مرماتين حسنتين لشهدها ) يعني صلاة العشاء هذا هو الحديث الأول والحديث الآخر مثله تقريبا إلا أن الراوي غير أبي هريرة الراوي هو عبد الله بن مسعود والمخرج هو الإمام مسلم روى في صحيحه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( لقد هممت أن أحرّق بيوت الذين يتخلفون عن صلاة الجمعة ) حديث أبي هريرة في المتخلفين عن صلاة الجماعة حديث ابن مسعود في المتخلفين عن صلاة الجمعة ولا يزال المسلمون والحمد لله لم يقعوا في مخالفة تكرار الجمعة في المسجد الواحد وإن كانوا وقعوا في مخالفة تكرار الجمعة في مساجد الجماعات فلا يتجمعون في المساجد الكبيرة بل في كثير من البلاد يصلون الجمعة في المساجد الصغيرة التي لم يكونوا من قبل يصلون الجمعة فيها وهذا الذي وقع في بعض الأزمان المتقدمة حمل الإمام الشافعي على أن يقول بشرطية وحدة الجمعة أي البلد الواحد لا تصح فيه إلا جمعة واحدة ولنا في هذا بحث لسنا الآن مضطرين إلى الخوض فيه لكننا نقول إنه مما لا شك فيه أنه ليس من المشروع مطلقا أن يتوسع الناس في صلاة الجمعة في المساجد الصغيرة والكبيرة لا يفرقون بين الكبيرة والصغيرة فأقول إن المسلمين حتى اليوم والحمد لله لم يقعوا في مثل هذه المخالفة أن يقيموا الجمعة مرة ثانية في المسجد الواحد كما قد يفعلون في صلاة العيد في بعض المساجد في بعض البلاد الغربية التي فيها جاليات إسلامية كثيرة حيث أن المسجد لا يتسع لجميع القادمين لصلاة العيد فيضطرون أن يقيموا الجماعة الثانية وربما الثالثة أيضا لأن المسجد لا يتسع ولأن الطرق هناك ليس بإمكانهم أن يغلقوها بالصلاة فيها كما يقع في البلاد الإسلامية لأن تلك البلاد بلاد كفر وضلال، فالشاهد لا يزال المسلمون الحمد لله يحافظون في المساجد على وحدة الجماعة في صلاة الجمعة هكذا توارثوا ذلك خلفا عن سلف كذلك كان ينبغي أن يكون الأمر في صلاة الجماعة لأنكم عرفتم أن وعيد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان واحدا في المتخلفين عن صلاة الجمعة والمتخلفين عن صلاة الجماعة فلو أنه كان هناك جماعة ثانية في المسجد النبوي لكان في ذلك عذر واضح للمتخلفين عن صلاة الجماعة ولم تقم حجة الرسول عليه السلام عليهم وحاشاه من ذلك فلما كان معهودا عند أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا جماعة ثانية استقام قوله عليه السلام ( لقد هممت ) إلى آخر الحديث فلهذا وذاك ولغير ذلك مما يطول البحث فيه رأى الأئمة الثلاثة ثم الإمام أحمد في تلك الرواية الصحيحة كراهة إقامة جماعة ثانية فثالثة في المسجد الواحد والحكمة في ذلك كما ذكر الإمام الشافعي أن هذه الجماعة تؤدي إلى تفريق الجماعة الأولى وكلنا يعلم أن الجماعة كلما كثر أصحابها وعددها كلما كان أجرها عند الله بالغا وتشريع الجماعة الثانية أو القول بجوازها فضلا عن الجماعة الثالثة والرابعة لا شك أن ذلك يؤدي إلى تفريق جماعة المسلمين أولا وإلى تقليل الجماعة الفاضلة ثانيا وأنا شخصيا أدركت في المسجد الكبير في دمشق الشام تصلّى فيه صلاة العصر جماعة ما أدري كم ما عددها خامسة سادسة وأذان المغرب يؤذن أي إنهم كانوا يكررون إقامة صلاة الجماعة لصلاة العصر واحدة بعد أخرى حتى يدركهم أذان المغرب بلا شك إن هذه الجماعات لو اجتمعت لغص المسجد بهم على رحبه وسعته أما وهم متفرقون فلا يكاد يتم الصف الأول والصف الثاني فهذا دليل واقعي على أن القول بجواز الجماعة الثانية فما بعدها من باب أولى يؤدي إلى تفريق الجماعة الأولى (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا )) فرقوا دينهم فرقوا عبادتهم فرقوا صلاتهم وهذا أكبر تفريق حتى وصل الأمر في بعض القرون وإن كان هذا يكاد أن يزول في هذا القرن إلى عدم صلاة المخالف لمذهب الإمام لا يصلي خلفه ويوجب على نفسه أن يقيم جماعة ثانية وقد قلت لأحدهم وقد أقيمت الصلاة وكان يومئذ الإمام الأول شافعي المذهب فقلت لصاحبي حي على الصلاة فقد أقيمت الصلاة فكان جوابه مع الأسف هذه الصلاة لم تقم لنا إنما أقيمت للشافعية فهل الشافعية غيرنا ونحن غير الشافعية إلى هذا وصل الأمر بالتعصب والتطرف ولذلك فالإسلام يقضي على كل الوسائل التي تؤدي إلى تفريق المسلمين شيعا وأحزابا هذا ما عندي جوابا عن هذا السؤال تفضل.