ما هو سبب اختلاف العلماء وموقف العامة من هذا الخلاف؟ حفظ
السائل : بعض العلماء اختلفوا في الآراء يعني يتضاربوا مع بعض واحد يقول رأي الثاني يقول لك لا ده كذا غلط ده كذا صح ونفترض إن إحنا مش أهل علم ولا أهل فهم يعني عامة البشر عاميين طيب عايزين نعرف الصح والخطأ في ده لو اتبعنا ده يقولك طب ما الثاني قال ده خطأ ده مش عارف إيه فما رأي حضرتكم في اختلاف العلماء في قضية معينة وقضية قد تهم عامة المسلمين؟
الشيخ : مثل هذه القضية، السبب في وقوع الإشكال هو أن عامة المسلمين لا توجد عندهم أثر هذه الكلمة التي نسمعها كثيرا في العصر الحاضر وبخاصة في هذه البلاد ما هي هذه الكلمة؟ التوعية، ليس عند الجمهور وعي ومعرفة عامة بسبب الخلاف أولا ثم ليس عندهم وعي بما يجب أن يكون موقفهم من هذا الخلاف فالكثيرون منهم يقولون كما جاء في الحديث الضعيف " اختلاف أمتي رحمة " فيقرّون الاختلاف مهما كان شديدا وكثيرا والقليل منهم يريد أن يقضي على الخلاف جذريا بحيث أن يصبح العلماء ما بين عشية وضحاها على قول واحد في كل المسائل التي اختلف فيها الفقهاء قديما وهذا أمر مستحيل لأن الله عز وجل بحكمته البالغة قضى ولا مرد لقضائه فقال عز وجل (( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )) والاختلاف اختلافان الأول اختلاف تراحم وتفاهم والآخر اختلاف تعارض وتضاد وتعادي، الأول هو الذي لا مناص منه وهو الذي كان عليه سلفنا الصالح كانوا مختلفين ولكنهم لم يكونوا متعادين ولا متفرقين بسبب الخلاف لما سمعتم من الآية السابقة (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون )) فإذا كان سلفنا الصالح وعلى رأسهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اختلفوا فلا مجال لجماعة أو لعصر أو لقرن ألا يختلفوا ولكن يسعهم ما وسع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين اختلفوا ألا يتعادوا وألا يتباغضوا هذا الاختلاف لابد منه يجب على عامة المسلمين أن يعرفوا ذلك ولا أن يستنكروا أي خلاف يسمعونه بين عالم وآخر لأن هذه من طبيعة البشر التي طبعهم الله عليها كما سبقت الإشارة إلى ذلك في الآية السابقة، إذ الأمر كذلك فماذا على عامة المسلمين حينما يرون مثل هذا الاختلاف هنا بيت القصيد من كلمتي حينما قلت إنه لا توعية ولا ثقافة عامة، عامة المسلمين إلى ما قبل نحو ربع قرن من الزمان كانوا يعيشون على المذهبية الضيقة كل فرد من ملايين المسلمين قانع بمذهبه هذا حنفي وذاك شافعي إلى آخره أما الآن فقد وجدت والحمد لله مبادئ الصحوة لا أقول وجدت الصحوة أقول وجدت مبادئ الصحوة فتنبهوا لأشياء لم يكن من قبلهم متنبها لها ولكن هذا التنبه يحتاج إلى تتمة هذه التتمة هو ما أنا في صدد بيان شيء منها وهو أنك أيها المسلم مهما كانت ثقافتك قوية في الشريعة الإسلامية أو قليلة فإذا سمعت اختلافا بين عالمين فتروّ قليلا انظر هل كل ممن يقال إنهما عالمان هما فعلا من أهل العلم فقد يكون هناك طالب علم ويظن أنه من العلماء فيقول قولا يخالف فيه العلماء فتصير المسألة فيها خلاف بين العلماء لا، فإذا ثبت مثلا بعد هذه الملاحظة أن هناك اختلافا بين عالمين جليلين هنا يأتي التنبيه التالي إن كنت تستطيع أن تميز بين دليل ودليل فعليك أن تعرف دليل كل من العالمين وأن تطمئن للدليل الأقوى أعني أن حتى عامة الناس عليهم أن يجتهدوا لكن الاجتهاد يختلف من شخص إلى آخر كيف يجتهد مثلا من كان عاميا؟ أقول اجتهاده بالنسبة إليه كالتالي يسمع من عالم فتوى تخالف فتوى الآخر فعليه ألا يقف عند الفتوى هنا الآن تظهر صور كثيرة وكثيرة جدا طلبت الدليل من أحدهما فقال لك هذا رأيي وهذا اجتهادي أو هذا مذهبي وطلبت الدليل من الآخر فقال لك مثلا قال الله قال رسول الله قال السلف إلى آخره كما قال ابن القيم رحمه الله
" العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرسول وبين رأي فقيه "
فإذا أنت سلكت هذا المنهج في محاولة التعرف على الدليل سيظهر لك الفرق بين القولين قلت لك أحدهما يقول هذا رأيي هذا اجتهادي هذا مذهبي هذا يقع أحيانا، الآخر يستدل لك إما بالكتاب وإما بالسنة وإما بعمل السلف الصالح حين ذاك ستجد نفسك تميل إلى رأي هذا العالم واجتهاده ولا تلتفت إلى رأي العالم الأول وحينئذ يزول الإشكال من نفسك هذه صورة وهي واضحة جدا وإذا افترضنا أن كلا من العالمين استدل بدليل كما جرى في الأمس القريب عند الشيخ البنا بعضكم أظن كان حاضرا حينما تناقشنا مع أحد الأساتذة الأفاضل حول القراءة وراء الإمام للفاتحة في الصلاة الجهرية فالسامعون يسمعون فما اطمأنت إليه النفس يأخذ به سواء كان مع زيد الحق أو مع عمرو المهم ألا يكون صاحب هوى وصاحب غرض وألا يكون كما جاء مرفوعا وموقوفا والراجح الوقف وهو على ابن مسعود رضي الله عنه قال " لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن أساؤوا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسنوا أن تحسنوا وإن أساؤوا فلا تظلموا " إذاً يجب على عامة المسلمين أن يوطنوا أنفسهم على أن يعرفوا الحق مع من ثم يتبعوه كل في حدود ثقافته وعقله وفهمه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها الخلاصة الخلاف لا يمكن القضاء عليه كان في زمن الرسول واستمر إلى يومنا هذا فلا تطلبوا المستحيل وإذ الأمر كذلك فما موقف العامة موقفهم كما شرحت آنفا أن يتحروا الصواب حينئذ شأنهم شأن المجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطؤوا فلهم أجر واحد المهم ألا يكونوا أصحاب هوى وغرض وكفى الله تفضل وعليكم السلام.
الشيخ : مثل هذه القضية، السبب في وقوع الإشكال هو أن عامة المسلمين لا توجد عندهم أثر هذه الكلمة التي نسمعها كثيرا في العصر الحاضر وبخاصة في هذه البلاد ما هي هذه الكلمة؟ التوعية، ليس عند الجمهور وعي ومعرفة عامة بسبب الخلاف أولا ثم ليس عندهم وعي بما يجب أن يكون موقفهم من هذا الخلاف فالكثيرون منهم يقولون كما جاء في الحديث الضعيف " اختلاف أمتي رحمة " فيقرّون الاختلاف مهما كان شديدا وكثيرا والقليل منهم يريد أن يقضي على الخلاف جذريا بحيث أن يصبح العلماء ما بين عشية وضحاها على قول واحد في كل المسائل التي اختلف فيها الفقهاء قديما وهذا أمر مستحيل لأن الله عز وجل بحكمته البالغة قضى ولا مرد لقضائه فقال عز وجل (( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )) والاختلاف اختلافان الأول اختلاف تراحم وتفاهم والآخر اختلاف تعارض وتضاد وتعادي، الأول هو الذي لا مناص منه وهو الذي كان عليه سلفنا الصالح كانوا مختلفين ولكنهم لم يكونوا متعادين ولا متفرقين بسبب الخلاف لما سمعتم من الآية السابقة (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون )) فإذا كان سلفنا الصالح وعلى رأسهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اختلفوا فلا مجال لجماعة أو لعصر أو لقرن ألا يختلفوا ولكن يسعهم ما وسع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين اختلفوا ألا يتعادوا وألا يتباغضوا هذا الاختلاف لابد منه يجب على عامة المسلمين أن يعرفوا ذلك ولا أن يستنكروا أي خلاف يسمعونه بين عالم وآخر لأن هذه من طبيعة البشر التي طبعهم الله عليها كما سبقت الإشارة إلى ذلك في الآية السابقة، إذ الأمر كذلك فماذا على عامة المسلمين حينما يرون مثل هذا الاختلاف هنا بيت القصيد من كلمتي حينما قلت إنه لا توعية ولا ثقافة عامة، عامة المسلمين إلى ما قبل نحو ربع قرن من الزمان كانوا يعيشون على المذهبية الضيقة كل فرد من ملايين المسلمين قانع بمذهبه هذا حنفي وذاك شافعي إلى آخره أما الآن فقد وجدت والحمد لله مبادئ الصحوة لا أقول وجدت الصحوة أقول وجدت مبادئ الصحوة فتنبهوا لأشياء لم يكن من قبلهم متنبها لها ولكن هذا التنبه يحتاج إلى تتمة هذه التتمة هو ما أنا في صدد بيان شيء منها وهو أنك أيها المسلم مهما كانت ثقافتك قوية في الشريعة الإسلامية أو قليلة فإذا سمعت اختلافا بين عالمين فتروّ قليلا انظر هل كل ممن يقال إنهما عالمان هما فعلا من أهل العلم فقد يكون هناك طالب علم ويظن أنه من العلماء فيقول قولا يخالف فيه العلماء فتصير المسألة فيها خلاف بين العلماء لا، فإذا ثبت مثلا بعد هذه الملاحظة أن هناك اختلافا بين عالمين جليلين هنا يأتي التنبيه التالي إن كنت تستطيع أن تميز بين دليل ودليل فعليك أن تعرف دليل كل من العالمين وأن تطمئن للدليل الأقوى أعني أن حتى عامة الناس عليهم أن يجتهدوا لكن الاجتهاد يختلف من شخص إلى آخر كيف يجتهد مثلا من كان عاميا؟ أقول اجتهاده بالنسبة إليه كالتالي يسمع من عالم فتوى تخالف فتوى الآخر فعليه ألا يقف عند الفتوى هنا الآن تظهر صور كثيرة وكثيرة جدا طلبت الدليل من أحدهما فقال لك هذا رأيي وهذا اجتهادي أو هذا مذهبي وطلبت الدليل من الآخر فقال لك مثلا قال الله قال رسول الله قال السلف إلى آخره كما قال ابن القيم رحمه الله
" العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرسول وبين رأي فقيه "
فإذا أنت سلكت هذا المنهج في محاولة التعرف على الدليل سيظهر لك الفرق بين القولين قلت لك أحدهما يقول هذا رأيي هذا اجتهادي هذا مذهبي هذا يقع أحيانا، الآخر يستدل لك إما بالكتاب وإما بالسنة وإما بعمل السلف الصالح حين ذاك ستجد نفسك تميل إلى رأي هذا العالم واجتهاده ولا تلتفت إلى رأي العالم الأول وحينئذ يزول الإشكال من نفسك هذه صورة وهي واضحة جدا وإذا افترضنا أن كلا من العالمين استدل بدليل كما جرى في الأمس القريب عند الشيخ البنا بعضكم أظن كان حاضرا حينما تناقشنا مع أحد الأساتذة الأفاضل حول القراءة وراء الإمام للفاتحة في الصلاة الجهرية فالسامعون يسمعون فما اطمأنت إليه النفس يأخذ به سواء كان مع زيد الحق أو مع عمرو المهم ألا يكون صاحب هوى وصاحب غرض وألا يكون كما جاء مرفوعا وموقوفا والراجح الوقف وهو على ابن مسعود رضي الله عنه قال " لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن أساؤوا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسنوا أن تحسنوا وإن أساؤوا فلا تظلموا " إذاً يجب على عامة المسلمين أن يوطنوا أنفسهم على أن يعرفوا الحق مع من ثم يتبعوه كل في حدود ثقافته وعقله وفهمه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها الخلاصة الخلاف لا يمكن القضاء عليه كان في زمن الرسول واستمر إلى يومنا هذا فلا تطلبوا المستحيل وإذ الأمر كذلك فما موقف العامة موقفهم كما شرحت آنفا أن يتحروا الصواب حينئذ شأنهم شأن المجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطؤوا فلهم أجر واحد المهم ألا يكونوا أصحاب هوى وغرض وكفى الله تفضل وعليكم السلام.