ما حكم هذه المظاهرات من قبل الشباب والشبات ؟ حفظ
الشيخ : إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(( يا أيها الذين ءامنو اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ))
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ))
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )).
أما بعد :
فإن من الوسائل التي شرعها الله تبارك وتعالى في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم لتلقي العلم هو ما جاء في قوله تعالى (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) فعلى هذا فنقول اسألوا وليكن توجيه أسئلتكم لا فوضى فيها ولا ... ولا غوغاء ولا ضوضاء وإنما برفع اليد إشارة للإستئذان ولنبدأ بمن عن اليمين تفضل.
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولي مرشدا.
أما بعد : فضيلة الشيخ عندي بعض الأسئلة مهمة جدا وهي تخص بعض الشباب فهذه الأسئلة و أستسمح من إخوتي الكرام لأنها مهمة جدا للأمة أن ألقيها على فضيلتكم وهي أولاً ما حكم هذه المظاهرات مثلا يتجمع كثير من الشباب أو الشابات ثم يخرجون إلى ... .
الشيخ : والشابات أيضا؟
السائل : نعم.
الشيخ : ما شاء الله!
السائل : نعم قد حدث هذا يخرجون إلى الشوارع يخرجون إلى الشوارع مستنكرين لبعض الأفعال التي يفعلها الطواغيت أو لبعض ما يأمر به هؤلاء الطواغيت أو ما يطالب به غيرهم من الأحزاب الأخرى السياسية المعارضة فما حكم هذا العمل في شرع الله؟
الشيخ : أقول وبالله التوفيق الجواب عن هذا السؤال يدخل في قاعدة ألا وهي قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أو من حديث ابن عمر رضي الله عنهما الشك من الآن قال قال رسول الله عليه وآله وسلم ( بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمرى ومن تشبه بقوم فهو منهم ) فالشاهد من هذا الحديث قوله صلى الله عليه آله وسلم ( ومن تشبه بقوم فهو منهم ) فتشبه المسلم بالكافر لا يجوز في الإسلام وهذا التشبه له مراتب من حيث الحكم ابتداء من التحريم وأنت نازل إلى الكراهة وقد فصل القول في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم المسمى باقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم تفصيلا لا نجده عند غيره رحمه الله فأريد أن أنبه إلى شيء آخر ينبغي على طلاب العلم أن ينتبهوا له وأن لا يظنوا أن التشبه هو فقط المنهي في الشرع فهناك شيء آخر أدق منه ألا وهو مخالفة الكفار التشبه بالكفار أن تفعل فعلهم أما مخالفة الكفار فأن تتقصد مخالفتهم في ما يفعلونه حتى لو كان هذا الفعل الصادر منهم فعلا لا يملكون التصرف فيه بخلاف ما فرض عليهم فرضا كونيا كمثل الشيب الذي هو سنة كونية لا يختلف فيه المسلم عن الكافر لأنه ليس في طوعهم ولا في إرداتهم وإنما هي سنة الله تبارك وتعالى في البشر (( ولن تجد لسنة الله تبديلا )) ومع ذلك فقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم فقد يشترك المسلم مع الكافر في شيبه وهو مفروض عليهما لا فرق فلا تجد مسلما لا يشيب إلا ما ندر جدا كما أنك لا تجد كذلك كافراً من باب أولا فيصبح هنا اشتراك في المظهر بين المسلم وبين الكافر في أمر لا يملكانه كما قلنا آنفا فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نتقصد مخالفة المشركين في أن نصبغ شعورنا سواء كان هذا الشعر لحية أو شعر رأس لماذا؟ ليظهر الفرق بين المسلم وبين الكافر فما بالكم إذا كان الكافر يتكلف عمل شيء ثم يأتي بعض المسلمين فيفعلون فعلهم ويتأثرون بأعمالهم هذا أشد وأنكى من المخالفة لذلك أردت التنبيه قبل أن أمضي فيما أنا في صدده من بيان الجواب الذي وجه السؤال عنه
فإذا عرفتم الفرق بين التشبه وبين المخالفة حينئذ فالمسلم الصادق في إسلامه يحاول دائما وأبدا ليس أن يتشبه بالكافر وإنما يتقصد مخالفة الكافر ومن هنا نحن سننا وضع الساعة في اليد لأن العادة الكافرة وهم الذين اخترعوا هذه الساعة فإنما يضعونها في يسراهم وهذا مما استنبطناه من قوله عليه السلام فخالفوهم عرفتم هذا الحديث ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) فكما يقول شيخ الإسلام رحمه الله في ذاك الكتاب فقوله عليه السلام فخالفوهم جملة تعليلية تشير إلى أن مخالفة الكفار مقصود للشارع الحكيم حيثما تحققت هذه المخالفة ولذلك نجد لها تطبيقا في بعض الأحكام الأخرى ولو أنها ليست في حكم الوجوب كمثل قوله عليه الصلاة والسلام ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود علماً بأن الصلاة في النعال ليست فرضا بخلاف اعفاء اللحية فهو فرضا يأثم حالقها أما الصلاة منتعلا فهو أمر مستحب إذا ثابر المسلم وواظب على إقامة الصلاة دائما وأبدا حافيا غير منتعل فقد خالف السنة ولم يخالف اليهود المتنطعين في دينهم وقد جاء في بعض المعاجم من كتب السنة أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان في جمع فأقيمت الصلاة وكان فيهم صاحبه أبو موسى الأشعري رضي الله عنهما فقدمه ليصلي بالناس إماما لعلم ابن مسعود أولاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان معجبا بقراءة أبي موسى هذا رضي الله عنه حيث قال له ذات يوما ( لقد مررت بك البارحة يا أبا موسى فاستمعت لقرائتك ) فقال عليه الصلاة والسلام ( لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير داود ) عليه السلام لما سمع هذا الثناء أبو موسى من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " يا رسول الله لو علمت ذلك لحبرته لك تحبيرا " لما يعلم ابن مسعود من رضا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قراءة أبي موسى قدمه إمام مع أن ابن مسعود ليس دون أبي موسى فضلا في القراءة بل لعله أعلى وأسمى منه في ذلك وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه ( من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ) فليقرأه على قراءة ابن أم عبد مع ذلك وهذا في الواقع يعطينا درسا عمليا نحن المسلمين في آخر الزمان حيث قد نجد صحوة علمية ولكننا مع الأسف لا نجد معها صحوة سلوكية أخلاقية فلا تؤاخذوني إذا قلت لكم إنني أشعر إنكم حينما تدخلون في هذا المكان تتزاحمون وتتنافرون وهذا ليس من الأخلاق الإسلامية فيجب أن نمثل الصحوة في جانبيها في العلم وفي السلوك والأخلاق الشاهد أن ابن مسعود فيما نرى نحن هو أقرأ من أبي موسى ومع ذلك تواضع مع صاحبه وآثره فقدمه ليصلي به وبالناس الحاضرين إماما فتقدم أبو موسى رضي الله عنه وكان الشاهد وكان منتعلا فخلع نعليه فقال ابن مسعود له مستنكرا أشد الاستنكار " ما هذه اليهودية أفي الوادي المقدس أنت؟ " يشير إلى قوله عليه السلام ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) إذا عرفتم هاتين الحقيقتين النهي عن التشبه من جهة والحض على مخالفة المشركين من جهة أخرى حين ذاك وجب علينا أن نجتنب كل مظاهر الشرك والكفر مهما كان نوعها ما دام أنها تمثل تقليدا لهم ولكي نتحاشى أن يسبق علينا نحن معشر المنتمين إلى العمل بالكتاب والسنة قوله عليه الصلاة والسلام ( لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا -أو- لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) هذا خبر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتضمن تحذيرا وذلك لأن هذه الأمة قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح بل الحديث المتواتر ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة ) وفي رواية ( حتى يأتي أمر الله ) إذا قد بشرنا الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث الصحيح بأن الأمة لا تزال في خير فحينما يأتي ذلك الإخبار الخطير لتتبعن سنن من كان قبلكم فلا يعني أن كل فرد من أفراد الأمة ستتبع سنن الكفار وإنما سيكون ذلك في هذه الأمة وحينما يقول لتتبعن فهو بمعنى التحذير أي إياكم أن تتبعوا سنن من قبلكم فإنه سيكون فيكم من يفعل ذلك وقد جاء في رواية أخرى خارج الصحيحين وهي ثابتة عندي يمثل الرسول فيها تقليد للكفار إلى درجة خطيرة لا يكاد الإنسان يصدق بها إلا إذا كان مؤمنا خالصا ثم الواقع يؤكد ذلك قال عليه السلام في تلك الرواية ( حتى لو كان فيهم من يأتي أمه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك ) حتى لو كان فيهم من يأتي أمه يزني بأمه وليس ساترا على نفسه ولا على أمه بل على مرئى من الناس وعلى قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك التاريخ العصري اليوم يؤكد أنما نبأنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم من اتباع بعض هذه الأمة لسنن من قبلنا قد تحقق إلى مدى بعيد وبعيد جدا وإن كنت أعتقد أن لهذا التتبع بقية فقد جاء في بعض الأحاديث الثابتة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس على الطرقات تسافد الحمير ) وهو الفاحشة على الطرقات كما تتسافد الحمير هذا هو منتهى التشبه بالكفار إذا علمتم النهي عن التشبه والأمر بالمخالفة نعود الآن هذه التظاهرات التي كنا نراها بأعيننا في زمن فرنسا وهي محتلة في سورية ونسمع عنها في بلاد أخرى وهذا ما سمعناه الآن في الجزائر لكن الجزائر فاقت البلاد الأخرى فاقت البلاد الأخرى في هذه الضلالة وفي هذه التشبه لأننا ما كنا نرى الشابات أيضا يشتركن في التظاهرات فهذا تمام التشبه بالكفار والكافرات لأننا نرى في الصور أحيانا وفي الأخبار التي تذاع في التلفاز والراديو ونحو ذلك خروج الألوف المؤلفة من الكفار سواء كانوا أوربيين أو صنيين أو نحو ذلك بيقولوا في التعبير الشامي وسيعجبكم هذا التعبير يخرجون نساءا ورجالا " خليط مليط " هكذا يقولون عندنا خليط مليط يتزاحمون الكتف في الكتف وربما العجيزة في القبل ونحو ذلك هذا هو تمام التشبه بالكفار أن تخرج الفتيات مع الفتيان يتظاهرون أنا أقول شيئا آخر بالإضافة إلى أن هذا التظاهر ظاهرة فيها تقليد للكفار في أساليب استنكارهم لبعض القوانين التي تفرض عليهم من حكامهم أو إظهارا منهم لرضى بعض تلك الأحكام أو القرارات أضيف إلى ذلك شيئا آخر ألا وهو هذه التظاهرات الأوروبية ثم التقليدية من المسلمين ليست وسيلة شرعية لإصلاح الحكم وبالتالي لإصلاح المجتمع ومن هنا يخطئ كل الجماعات وكل الأحزاب الإسلامية الذين لا يسلكون مسلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تغيير المجتمع لا يكون تغيير المجتمع في النظام الإسلامي بالهتافات وبالصيحات وبالتظاهرات وإنما يكون ذلك على الصمت وعلى بث العلم بين المسلمين وتربيتهم على هذا الإسلام حتى تؤتي هذه التربية أكلها ولو بعد زمن بعيد فالوسائل التربوية في الشريعة الإسلامية تختلف كل الإختلاف عن الوسائل التربوية في الدول الكافرة بهذا أقول باختصار إن التظاهرات التي تقع في بعض البلاد الإسلامية أصلا هذا خروج عن طريق المسلمين وتشبه بالكافرين وقد قال رب العالين (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين )) في كل شيء (( نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيرا )).
(( يا أيها الذين ءامنو اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ))
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ))
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )).
أما بعد :
فإن من الوسائل التي شرعها الله تبارك وتعالى في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم لتلقي العلم هو ما جاء في قوله تعالى (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) فعلى هذا فنقول اسألوا وليكن توجيه أسئلتكم لا فوضى فيها ولا ... ولا غوغاء ولا ضوضاء وإنما برفع اليد إشارة للإستئذان ولنبدأ بمن عن اليمين تفضل.
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولي مرشدا.
أما بعد : فضيلة الشيخ عندي بعض الأسئلة مهمة جدا وهي تخص بعض الشباب فهذه الأسئلة و أستسمح من إخوتي الكرام لأنها مهمة جدا للأمة أن ألقيها على فضيلتكم وهي أولاً ما حكم هذه المظاهرات مثلا يتجمع كثير من الشباب أو الشابات ثم يخرجون إلى ... .
الشيخ : والشابات أيضا؟
السائل : نعم.
الشيخ : ما شاء الله!
السائل : نعم قد حدث هذا يخرجون إلى الشوارع يخرجون إلى الشوارع مستنكرين لبعض الأفعال التي يفعلها الطواغيت أو لبعض ما يأمر به هؤلاء الطواغيت أو ما يطالب به غيرهم من الأحزاب الأخرى السياسية المعارضة فما حكم هذا العمل في شرع الله؟
الشيخ : أقول وبالله التوفيق الجواب عن هذا السؤال يدخل في قاعدة ألا وهي قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أو من حديث ابن عمر رضي الله عنهما الشك من الآن قال قال رسول الله عليه وآله وسلم ( بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمرى ومن تشبه بقوم فهو منهم ) فالشاهد من هذا الحديث قوله صلى الله عليه آله وسلم ( ومن تشبه بقوم فهو منهم ) فتشبه المسلم بالكافر لا يجوز في الإسلام وهذا التشبه له مراتب من حيث الحكم ابتداء من التحريم وأنت نازل إلى الكراهة وقد فصل القول في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم المسمى باقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم تفصيلا لا نجده عند غيره رحمه الله فأريد أن أنبه إلى شيء آخر ينبغي على طلاب العلم أن ينتبهوا له وأن لا يظنوا أن التشبه هو فقط المنهي في الشرع فهناك شيء آخر أدق منه ألا وهو مخالفة الكفار التشبه بالكفار أن تفعل فعلهم أما مخالفة الكفار فأن تتقصد مخالفتهم في ما يفعلونه حتى لو كان هذا الفعل الصادر منهم فعلا لا يملكون التصرف فيه بخلاف ما فرض عليهم فرضا كونيا كمثل الشيب الذي هو سنة كونية لا يختلف فيه المسلم عن الكافر لأنه ليس في طوعهم ولا في إرداتهم وإنما هي سنة الله تبارك وتعالى في البشر (( ولن تجد لسنة الله تبديلا )) ومع ذلك فقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم فقد يشترك المسلم مع الكافر في شيبه وهو مفروض عليهما لا فرق فلا تجد مسلما لا يشيب إلا ما ندر جدا كما أنك لا تجد كذلك كافراً من باب أولا فيصبح هنا اشتراك في المظهر بين المسلم وبين الكافر في أمر لا يملكانه كما قلنا آنفا فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نتقصد مخالفة المشركين في أن نصبغ شعورنا سواء كان هذا الشعر لحية أو شعر رأس لماذا؟ ليظهر الفرق بين المسلم وبين الكافر فما بالكم إذا كان الكافر يتكلف عمل شيء ثم يأتي بعض المسلمين فيفعلون فعلهم ويتأثرون بأعمالهم هذا أشد وأنكى من المخالفة لذلك أردت التنبيه قبل أن أمضي فيما أنا في صدده من بيان الجواب الذي وجه السؤال عنه
فإذا عرفتم الفرق بين التشبه وبين المخالفة حينئذ فالمسلم الصادق في إسلامه يحاول دائما وأبدا ليس أن يتشبه بالكافر وإنما يتقصد مخالفة الكافر ومن هنا نحن سننا وضع الساعة في اليد لأن العادة الكافرة وهم الذين اخترعوا هذه الساعة فإنما يضعونها في يسراهم وهذا مما استنبطناه من قوله عليه السلام فخالفوهم عرفتم هذا الحديث ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) فكما يقول شيخ الإسلام رحمه الله في ذاك الكتاب فقوله عليه السلام فخالفوهم جملة تعليلية تشير إلى أن مخالفة الكفار مقصود للشارع الحكيم حيثما تحققت هذه المخالفة ولذلك نجد لها تطبيقا في بعض الأحكام الأخرى ولو أنها ليست في حكم الوجوب كمثل قوله عليه الصلاة والسلام ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود علماً بأن الصلاة في النعال ليست فرضا بخلاف اعفاء اللحية فهو فرضا يأثم حالقها أما الصلاة منتعلا فهو أمر مستحب إذا ثابر المسلم وواظب على إقامة الصلاة دائما وأبدا حافيا غير منتعل فقد خالف السنة ولم يخالف اليهود المتنطعين في دينهم وقد جاء في بعض المعاجم من كتب السنة أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان في جمع فأقيمت الصلاة وكان فيهم صاحبه أبو موسى الأشعري رضي الله عنهما فقدمه ليصلي بالناس إماما لعلم ابن مسعود أولاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان معجبا بقراءة أبي موسى هذا رضي الله عنه حيث قال له ذات يوما ( لقد مررت بك البارحة يا أبا موسى فاستمعت لقرائتك ) فقال عليه الصلاة والسلام ( لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير داود ) عليه السلام لما سمع هذا الثناء أبو موسى من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " يا رسول الله لو علمت ذلك لحبرته لك تحبيرا " لما يعلم ابن مسعود من رضا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قراءة أبي موسى قدمه إمام مع أن ابن مسعود ليس دون أبي موسى فضلا في القراءة بل لعله أعلى وأسمى منه في ذلك وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه ( من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ) فليقرأه على قراءة ابن أم عبد مع ذلك وهذا في الواقع يعطينا درسا عمليا نحن المسلمين في آخر الزمان حيث قد نجد صحوة علمية ولكننا مع الأسف لا نجد معها صحوة سلوكية أخلاقية فلا تؤاخذوني إذا قلت لكم إنني أشعر إنكم حينما تدخلون في هذا المكان تتزاحمون وتتنافرون وهذا ليس من الأخلاق الإسلامية فيجب أن نمثل الصحوة في جانبيها في العلم وفي السلوك والأخلاق الشاهد أن ابن مسعود فيما نرى نحن هو أقرأ من أبي موسى ومع ذلك تواضع مع صاحبه وآثره فقدمه ليصلي به وبالناس الحاضرين إماما فتقدم أبو موسى رضي الله عنه وكان الشاهد وكان منتعلا فخلع نعليه فقال ابن مسعود له مستنكرا أشد الاستنكار " ما هذه اليهودية أفي الوادي المقدس أنت؟ " يشير إلى قوله عليه السلام ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) إذا عرفتم هاتين الحقيقتين النهي عن التشبه من جهة والحض على مخالفة المشركين من جهة أخرى حين ذاك وجب علينا أن نجتنب كل مظاهر الشرك والكفر مهما كان نوعها ما دام أنها تمثل تقليدا لهم ولكي نتحاشى أن يسبق علينا نحن معشر المنتمين إلى العمل بالكتاب والسنة قوله عليه الصلاة والسلام ( لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا -أو- لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) هذا خبر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتضمن تحذيرا وذلك لأن هذه الأمة قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح بل الحديث المتواتر ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة ) وفي رواية ( حتى يأتي أمر الله ) إذا قد بشرنا الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث الصحيح بأن الأمة لا تزال في خير فحينما يأتي ذلك الإخبار الخطير لتتبعن سنن من كان قبلكم فلا يعني أن كل فرد من أفراد الأمة ستتبع سنن الكفار وإنما سيكون ذلك في هذه الأمة وحينما يقول لتتبعن فهو بمعنى التحذير أي إياكم أن تتبعوا سنن من قبلكم فإنه سيكون فيكم من يفعل ذلك وقد جاء في رواية أخرى خارج الصحيحين وهي ثابتة عندي يمثل الرسول فيها تقليد للكفار إلى درجة خطيرة لا يكاد الإنسان يصدق بها إلا إذا كان مؤمنا خالصا ثم الواقع يؤكد ذلك قال عليه السلام في تلك الرواية ( حتى لو كان فيهم من يأتي أمه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك ) حتى لو كان فيهم من يأتي أمه يزني بأمه وليس ساترا على نفسه ولا على أمه بل على مرئى من الناس وعلى قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك التاريخ العصري اليوم يؤكد أنما نبأنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم من اتباع بعض هذه الأمة لسنن من قبلنا قد تحقق إلى مدى بعيد وبعيد جدا وإن كنت أعتقد أن لهذا التتبع بقية فقد جاء في بعض الأحاديث الثابتة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس على الطرقات تسافد الحمير ) وهو الفاحشة على الطرقات كما تتسافد الحمير هذا هو منتهى التشبه بالكفار إذا علمتم النهي عن التشبه والأمر بالمخالفة نعود الآن هذه التظاهرات التي كنا نراها بأعيننا في زمن فرنسا وهي محتلة في سورية ونسمع عنها في بلاد أخرى وهذا ما سمعناه الآن في الجزائر لكن الجزائر فاقت البلاد الأخرى فاقت البلاد الأخرى في هذه الضلالة وفي هذه التشبه لأننا ما كنا نرى الشابات أيضا يشتركن في التظاهرات فهذا تمام التشبه بالكفار والكافرات لأننا نرى في الصور أحيانا وفي الأخبار التي تذاع في التلفاز والراديو ونحو ذلك خروج الألوف المؤلفة من الكفار سواء كانوا أوربيين أو صنيين أو نحو ذلك بيقولوا في التعبير الشامي وسيعجبكم هذا التعبير يخرجون نساءا ورجالا " خليط مليط " هكذا يقولون عندنا خليط مليط يتزاحمون الكتف في الكتف وربما العجيزة في القبل ونحو ذلك هذا هو تمام التشبه بالكفار أن تخرج الفتيات مع الفتيان يتظاهرون أنا أقول شيئا آخر بالإضافة إلى أن هذا التظاهر ظاهرة فيها تقليد للكفار في أساليب استنكارهم لبعض القوانين التي تفرض عليهم من حكامهم أو إظهارا منهم لرضى بعض تلك الأحكام أو القرارات أضيف إلى ذلك شيئا آخر ألا وهو هذه التظاهرات الأوروبية ثم التقليدية من المسلمين ليست وسيلة شرعية لإصلاح الحكم وبالتالي لإصلاح المجتمع ومن هنا يخطئ كل الجماعات وكل الأحزاب الإسلامية الذين لا يسلكون مسلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تغيير المجتمع لا يكون تغيير المجتمع في النظام الإسلامي بالهتافات وبالصيحات وبالتظاهرات وإنما يكون ذلك على الصمت وعلى بث العلم بين المسلمين وتربيتهم على هذا الإسلام حتى تؤتي هذه التربية أكلها ولو بعد زمن بعيد فالوسائل التربوية في الشريعة الإسلامية تختلف كل الإختلاف عن الوسائل التربوية في الدول الكافرة بهذا أقول باختصار إن التظاهرات التي تقع في بعض البلاد الإسلامية أصلا هذا خروج عن طريق المسلمين وتشبه بالكافرين وقد قال رب العالين (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين )) في كل شيء (( نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيرا )).