بيان بعض آداب المجالس. حفظ
الشيخ : فقد كنت ذكَرت وذكّرت في بعض المجالس بأدب ينبغي مراعاته في مجالس العلم، ذلك الأدب هو الاجتماع وعدم التفرّق في الأبدان لأن الاجتماع بالأبدان يكون سببا شرعيّا للاجتماع في القلوب، وذكرت في تأييد ذلك أحاديث كثيرة منها ما كان عليه الصلاة والسلام يأمر أصحابه بتسوية الصفوف في الصلاة ويُتبع ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام ( لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) ففي هذا الحديث تصريح ما بعده تصريح أن الاختلاف في تسوية الصفوف اختلافا ظاهريا ماديا يؤدي إلى الاختلاف في القلوب والاختلاف في الأعمال الناتجة من القلوب ولذلك فينبغي علينا معشر المسلمين أن نُلاحظ أداب النبي صلى الله عليه وأله وسلم وتأديبه للمسلمين في التقارب في الأبدان، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم رأى أصحابه ذات يوم في سفر وقد نزلوا في منزل وتباعدت بهم المنازل في الصحراء ما بين الشجر فقال لهم عليه الصلاة والسلام بعد أن سكت عنهم دهرا طويلا، ذلك من سياسته عليه الصلاة والسلام أن يصبر على الناس وأن يأخذهم بالرفق إلى أن يحين وقت التذكير والتنبيه، فقال لهم عليه الصلاة والسلام في ذلك المنزل الذي نزلوا فيه في الصحراء فقال ( إنما تفرقكم هذا من عمل الشيطان، إنما تفرقكم هذا في الوديان من عمل الشيطان ) ليس التفرّق فقط في المسجد في الصفوف وفي الحلقات هو من عمل الشيطان بل وفي الصحراء حيث هناك أرض الله الواسعة فحضّهم النبي صلى الله عليه وأله وسلم على أن يتقاربوا بالأبدان وأن يجلسوا بعضهم قريبا من بعض لأن في ذلك تأثيرا في.
لأن الظاهر عنوان الباطن كما يقول بعض أهل العلم، يقول راوي هذا الحديث وهو أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه " فكنا بعد ذلك إذا نزلنا في مكان -يعني من الصحراء- اجتمعنا حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا " أي بعد أن ذكّرهم النبي صلى الله عليه وأله وسلم بأن ذلك التفرّق في الوديان والشعاب من عمل الشيطان استجابوا للنبي صلى الله عليه وأله وسلم فيما بعد من الأسفار فكانوا إذا نزلوا في مكان اجتمعوا حتى لو جلسوا على بساط واحد لوسعهم.
فهذا أيضا مما يؤكد أن التفرق بالأبدان يسبّب التفرّق بالقلوب والبصائر ولهذا كان النبي صلى الله عليه وأله وسلم يُؤكّد أن الظاهر يُؤثّر في الباطن كما أن الباطن يُؤثّر في الظاهر أي صلاح الباطن يُؤثّر في صلاح الظاهر وصلاح الظاهر يُؤثّر في صلاح الباطن وهذه حقيقة نبوية نفسية قلّما أن ينتبهوا لها من المتمسكين بالسنّة فضلا عن غيرهم، أعني بذلك قول النبي صلى الله عليه وأله وسلم الذي أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" من حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( إن الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) والشاهد فيما يأتي من بقية الحديث قال عليه الصلاة والسلام ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ولذلك فليس من أداب الجلوس في حلقات الدروس والوعظ والتعليم والإرشاد التفرّق بالأبدان لأنه يُؤثّر في القلوب.
من أجل ذلك جاء في "صحيح مسلم" أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم دخل يوما مسجده فرأى الناس حلْقات حلْقات متفرّقين فأنكر ذلك عليهم وقال لهم ( مالي أراكم عِزين ) أي مالي أراكم متفرّقين بعضكم بعيد عن بعض، هذا من أدب المجالس، مجالس العلم التي تحضرها ملائكة الرحمان وتحفّها بأجنحتها وتنزل عليهم السكينة وتغشاهم الرحمة فنرجو أن يُلاحظ إخواننا هذا الأدب الذي نراه قد يُخل به كثير من الناس حتى في المساجد حيث نرى الحلقة حول المُدرّس أو الشيخ أو الواعظ كبيرة جدا جدا وبين الواعظ وبين المتحلّقين حوله خطوات كثيرة، هذا ليس من أدب الإسلام، فهذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.
والأن أرجو توجيه الأسئلة وعدم الاضطراب فيها حتى تتم الفائدة إن شاء الله تبارك وتعالى.
لأن الظاهر عنوان الباطن كما يقول بعض أهل العلم، يقول راوي هذا الحديث وهو أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه " فكنا بعد ذلك إذا نزلنا في مكان -يعني من الصحراء- اجتمعنا حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا " أي بعد أن ذكّرهم النبي صلى الله عليه وأله وسلم بأن ذلك التفرّق في الوديان والشعاب من عمل الشيطان استجابوا للنبي صلى الله عليه وأله وسلم فيما بعد من الأسفار فكانوا إذا نزلوا في مكان اجتمعوا حتى لو جلسوا على بساط واحد لوسعهم.
فهذا أيضا مما يؤكد أن التفرق بالأبدان يسبّب التفرّق بالقلوب والبصائر ولهذا كان النبي صلى الله عليه وأله وسلم يُؤكّد أن الظاهر يُؤثّر في الباطن كما أن الباطن يُؤثّر في الظاهر أي صلاح الباطن يُؤثّر في صلاح الظاهر وصلاح الظاهر يُؤثّر في صلاح الباطن وهذه حقيقة نبوية نفسية قلّما أن ينتبهوا لها من المتمسكين بالسنّة فضلا عن غيرهم، أعني بذلك قول النبي صلى الله عليه وأله وسلم الذي أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" من حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( إن الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) والشاهد فيما يأتي من بقية الحديث قال عليه الصلاة والسلام ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ولذلك فليس من أداب الجلوس في حلقات الدروس والوعظ والتعليم والإرشاد التفرّق بالأبدان لأنه يُؤثّر في القلوب.
من أجل ذلك جاء في "صحيح مسلم" أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم دخل يوما مسجده فرأى الناس حلْقات حلْقات متفرّقين فأنكر ذلك عليهم وقال لهم ( مالي أراكم عِزين ) أي مالي أراكم متفرّقين بعضكم بعيد عن بعض، هذا من أدب المجالس، مجالس العلم التي تحضرها ملائكة الرحمان وتحفّها بأجنحتها وتنزل عليهم السكينة وتغشاهم الرحمة فنرجو أن يُلاحظ إخواننا هذا الأدب الذي نراه قد يُخل به كثير من الناس حتى في المساجد حيث نرى الحلقة حول المُدرّس أو الشيخ أو الواعظ كبيرة جدا جدا وبين الواعظ وبين المتحلّقين حوله خطوات كثيرة، هذا ليس من أدب الإسلام، فهذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.
والأن أرجو توجيه الأسئلة وعدم الاضطراب فيها حتى تتم الفائدة إن شاء الله تبارك وتعالى.