ما منهج ابن حبان في الجرح والتعديل؟، وهل يعول على منهجه ؟ حفظ
السائل : ... ما منهج ابن حبان في الجرح والتعديل؟ وهل يُعوّل على جرحه وتعديله؟
الشيخ : ابن حبان رحمه الله لا شك أنه من كبار حفّاظ الحديث ومن علماء الجرح والتعديل ولكن له شيء من التشدّد والتساهل فيما يبدو للباحثين في تجريحه وفي تعديله.
أما تساهله في التعديل فأشهر من أن يُذكر فإنه من قاعدته أن يُوثِّق الرجل الراوِيَ وهو مجهول عند جماهير المحدّثين لأنه بنى التوثيق على قاعدة فقهية وليست قاعدة حديثيّة أي كل من كان مسلما من الرواة فهو عدل فلذلك نراه يُوثّق من يُصرِّح بأنه لا يعرفه ويُبالغ أحيانا في بيان الجهالة فيقول لا أعرفه ولا أعرف أباه، فكيف إذًا هو يُعدِّله؟ لأنه مسلم.
لكن علماء الحديث يقولون في تعريف الحديث الصحيح " ما رواه عدل ضابط " فإن ثبتت عدالة الراوي بمجرّد رواية شخص عنه فكيف ثبت حفظه وضبطه، هذا ما لا يمكن الوصول إليه لأن ضبط الراوي إنما يتبيّن بما إذا كان كثير الحديث وتُعرض أحاديثه على أحاديث الثقات فتُوافقها ولا تُخالفها حينذاك يثبت ضبطه وحفظه ويمكن والحالة هذه أن يُقال فيه إنه ثقة، فتثبت عدالة الراوي برواية جماعة عنه من الثقات ولا يظهر فيما رواه هؤلاء الثقات عنه في رواياته شيء من الضبط، من الإخلال بالضبط أو شيء من سوء الحفظ.
فإذا كان من شرط الحديث الصحيح بلا خلاف بين علماء الحديث أن يكون عدلا ضابطا فما جرى عليه ابن حبان من توثيق الراوي بمجرد رواية راو واحد عنه وذلك مما يحمله على الاعتراف بأن هذا الراوي مجهول وإن روى عنه هذا الواحد.
فإذًا إذا كان مجهول العين فهو مجهول الضبط والحفظ فاعتبر من أجل ذلك أنه متساهل في التوثيق، أما تشدده في التضعيف فهو يُقابل تساهله في التوثيق فإنه في كثير من الأحيان يرى بعض الحفّاظ كالذهبي والعسقلاني وغيرهما أنه يشتد أحيانا في تضعيف لا نقول مثلا الثقات وإن كان له شيء من هذا ولكنه يشتدّ في تضعيف الراوي الصدوق بمجرد أنه كان يخطئ في رواياته فيتهمه بأنه يروي الموضوعات عن الثقات أو الأثبات.
ولهذا فيينبغي لطالب العلم أن يأخذ توثيق ابن حبان وتضعيفه للرواة مأخذ الحذر والتحفّظ فلا يسارع إلى الاعتماد عليه إلا بعد أن يرى موقف العلماء الذين سبقوه أو الذين جاؤوا من بعده هل تابعوه أو وافقوه في ذلك أم لا؟
فإبن حبان إذًا هو متساهل في التوثيق أحيانا ومتشدّد في التضعيف أحيانا أخرى، هذا ما يمكن ذكره بهذه المناسبة، تفضل، لا هنا.