هل يجوز ترديد آية واحدة في الصلاة؟ وهل هذه خاصة بصلاة النفل ؟ وهل تصح هذه القاعدة : أن ما شرع في النفل يشرع في الفريضة؟ حفظ
السائل : جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكرتم في كتابكم المبارك "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" أنه صلى الله عليه وسلم قام ليلة بأية يرددها حتى أصبح وهي قوله تعالى (( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم )) الحديث، السؤال هل يجوز للمفترض إماما كان أو مأموما أو منفردا أن يردّد أية واحدة فقط مع الفاتحة في كل ركعة أو في بعض الركعات أم أن هذا خاص به صلى الله عليه وسلم أم أن ذلك خاص بصلاة النفل؟ وهل ما قيل من القاعدة الفقهية أن "ما شرع في النفل يشرع في الفريضة" هل هذه القاعدة صحيحة؟
الشيخ : أما القاعدة فصحيحة بقيد أن لا تكون السنّة العملية مخالفة لها وهنا الجواب من الأقوال التي ذُكِرت أن هذا الترداد والتكرار للأية إنما هي في النافلة وليس في النافلة مطلقا بل وفي نافلة الليل في قيام الليل هذا هو الراجح والدليل ما أشرت إليه أنفا أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم صلى بالناس إماما الصلوات الفرائض وصلى في بعض الأحيان بعض السنن المختلف في سنّيتها أو في وجوبها جماعة كصلاة الكسوف مثلا وصلاة التراويح فلم يُنقل عنه صلى الله عليه وأله وسلم مثل هذا الترداد إلا حينما قام يصلي لوحده في تلك الليلة فقد أصبح يُردد هذه الأية وهنا ملاحظة أخرى يجب التنبيه لها بهذه المناسبة وهي أنه قد يخطر في بال أحد الحاضرين او غيرهم أنه حينما يسمع هذا الحديث يجد تعارضا بينه وبين حديث عائشة الذي هو أصح من هذا إسنادا وهو قولها رضي الله تعالى عتها ( وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم أحيا ليلة بتمامها حتى أصبح ) فهذا يخالف هذا الحديث والجمع سهل إن شاء الله وذلك بأن نذكر بأن، أن نذكر بأن القاعدة " أن من حفظ حجّة على من لم يحفظ " فالسيدة عائشة ما علمت ما علمه أبو ذر في حديثه فنجمع بين الحديثين بين الحديث المثبِت وبين الحديث النافي فنقول بالنفي حينما لا يُعارض المثبت ونُثبت المثبت بصورة لا يعارض النافي ونجمع بين المثبت وبين النافي فنقول ما أحيا رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ليلة بتمامها إلا تلك الليلة التي حدّثنا بها أبو ذر رضي الله عنه ثم أنتم تعلمون أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم قام ليلة ليلة صلاة طويلة وطويلة جدا وقد وصفها وأحسن وصفها حذيفة بن اليمان الذي نشعر من أسلوب روايته لهذه القصة أنه تورّط حينما اقتدى به عليه السلام ورطة ما كان يتصوّرها لأنه يقول لنا أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم قام يصلي ليلة فاقتديت خلفه فافتتح سورة البقرة فقلت يعني في نفسه إذا وصل إلى رأس المائة أية يركع أي ونخلص من هذه القراءة الطويلة قال فمضى أي قرأ المائة أية وجاوز إلى التي بعدها فقال في نفسه إذًا يركع بعد أن يقرأ المائتين فمضى ومضى وانتهت سورة البقرة بكاملها ثم افتتح سورة النساء، نشعر حينما نقرأ حديث حذيفة هذا بأن الرجل سلَّم أمره للواقع فلم يعد يقول الأن يركع والأن يركع فقال فافتتح الرسول عليه السلام سورة النساء بعد أن فرغ من سورة البقرة بتمامها ثم انتهى من سورة النساء فرجع إلى أل عمران ثم انتهى منها ثم افتتح سورة المائدة حتى ختمها أربع سور من السور الطوال ثم ركع عليه الصلاة والسلام فكان ركوعه قريبا من قيامه، اتصوّروا الأن كم تكون هذه الصلاة وهي طويلة ولا أريد أن أتمّم الرواية وإنما أريد أن أقف إلى هذه الصلاة التي أحيا فيها الرسول عليه السلام ما شاء من الليل حيث قرأ في ركعة واحدة هذه السور الطوال، يقول حذيفة والشاهد هنا فما مر بأية رحمة إلا وقف عندها وسأل الله الرحمة وما مر بأية مغفرة إلا وقف عندها وسأل الله المغفرة وما مر بأية ذُكِر فيها العذاب إلا وقف عندها واستعاذ الله من العذاب وهكذا، مثل هذا ما جاء في حديث أبي ذر إنما وقع في قيام الليل وإذا صلى عليه السلام منفردا فلا يجوز الإطالة في ذلك إذا كان وراءه مؤتمّون كذلك لم يُنقل كما أشرت أنفا إلى أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم لم يُكرّر أيضا مثل هذا التكرار في الصلوات التي كان يُصليها مؤتما عفوا مؤتم الناس به لكن قد جاء في "صحيح البخاري" أن رجلا من الأنصار كان يؤمّهم وكان كلما فرغ من قراءة الفاتحة يقرأ سورة (( قل هو الله أحد )) ويُكررها وكان الذين يصلون خلفه يعلمون أن هذا من خيرهم وأفضلهم فكانوا يكرهون أن يؤمّهم غيره ولكن مع ذلك كان في قلوبهم شيء من وراء تكراره لهذه السورة "سورة الصمد" فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وأله وسلم فأرسل إليه فسأله عن السبب فقال إني أحبها قال ( حبك إياها أدخلك الجنة ) وهو حينما كانوا يطلبون منه أن لا يُكرّر هذا الشيء يلاحظون أن التكرار قد يُملّ بعض الناس فكان يقول لهم " إن أعجبكم أممتكم وإلا فليؤمكم غيري " فذكروا ذلك للرسول عليه السلام فأقرّه عليه الصلاة والسلام على ذلك بل قال ( حُبك إياها أدخلك الجنة ) يُمكن أن نأخذ من هذا الحديث أنه يُشرع تكرار أية ما في الفريضة إذا كان ذلك برضى الجماعة وليس سنّة مطردة لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم لم يفعل ذلك في الفرائض ولذلك كان ترداد هذا الإمام ل (( قل هو الله أحد )) موضع استنكار من بعض أصحابه حتى وصل الأمر بالإمام أن يقول لهم " إن أعجبكم هذا فأنا أأمكم وإلا فلا " فلما ذكروا أمره إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقرّه على ذلك وقال له ( حبك إياها أدخلك الجنة ) فيمكن أن نأخذ من هذا الحديث حكما خاصا بجماعة يخرجون بإمام قارئ مُجوِّد حسن الصوت يتغنى بالقرأن كما جاء في الأحاديث الصحيحة فلا يرضون به بديلا لكن قد يأخذون عليه مثل هذا التكرار فالجواب أنه يجوز إذا ما رضوا إمامته بسبب حسن تلاوته، هذا أخر ما عندي من الجواب.
السائل : السؤال التالي يا شيخ.