سؤال عن قول بعض طلبة العلم إنّ حديث العجن في الصلاة عند القيام منها حديث شاذ ومنكر بدليل أنّه لم يأت إلا في بعض كتب اللغة "غريب الحديث لأبي إسحاق الحربي"؟ حفظ
السائل : ... حديث العاجن مثل الصلاة يريد أن يقوم.
الشيخ : كيف؟
السائل : يقوم من الركعة ... .
الشيخ : العاجن نعم.
السائل : يقولون بعض طلاب العلم أن هذا الحديث شاذ ومنكر وكذا ودليل على نكارته أنه لم يرد في كتب السنّة بالمرة، ما ورد إلا في كتاب من كتب اللغة.
الشيخ : إيه.
السائل : هكذا يقولون، نريد أن نعرف.
الشيخ : قولهم يدل على ما به وصفتهم وهو أنهم طلاب علم فحسبهم هذا لأنهم لا يعرفون الكتاب الذي ذكروه بأنه من كتب اللغة، لا يعرفون حقيقة هذا الكتاب، فهم يتداولون كتبا مطبوعة في اللغة فلا يجدون فيها أحاديث وإنما هذا الكتاب الذي جاء فيه هذا الحديث هو من كتب اللغة والحديث معا ومن كان على معرفة بكتاب "غريب الحديث والأثر" لابن أثير سيجد هناك أحاديث كثيرة بمناسبة الكلام على بعض الألفاظ الغريبة لكن هذا الكتاب أي كتاب ابن الأثير في غريب الحديث لا يُعتمد عليه فيما يتعلق بالحديث النبوي فإنه يذكر الأحاديث التي يذكرها مُعلقة دون إسناد، أما الكتاب الذي نقلنا منه الحديث فهو قد رواه بإسناده المتصل منه إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم لأن مؤلّفه أبا إسحاق الحربي وهو قرين الإمام أحمد مُعاصرة وعلما، هذا الكتاب من نوادر الكتب التي فيها أصل من أصول غريب الحديث لابن أثير وغيره لأنه يروي الأحاديث التي فيها بعض الألفاظ الغريبة بأسانيده المتصلة منه إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم ثم يتكلّم على الغريب من الناحية العربية فقول هؤلاء الطلاب الذين أشرت إليهم بأن هذا الحديث لم يرد في شيء من كتب السنّة إنما جاء في كتاب هو في اللغة، هذا يدل أنهم ما عرفوا الكتاب ولا عرفوا أسلوبه في روايته للحديث كما يرويه أصحاب السنن، وهو أرقى طبقة من أبي داود والترمذي والنسائي لأنه كما قلت قرين الإمام أحمد ومعاصره.
ثم إن هذا الحديث قد ذُكِر في كتب الفقه وبخاصة كتب الشافعية، فذكرهم لهذا الحديث في كتب الفقه يدُل على أنهم رأوه في بعض كتب الحديث ولكن تعسّر على المخرّجين لهذا الحديث الوقوف على إسناده حتى قيّض الله عز وجل لهذا الحديث من أخرجه من ذلك الكتاب وهو "غريب الحديث" لأبي إسحاق الحربي وهو لا يزال مخطوطا كان يومئذ في المكتبة الظاهرية والأن قد طُبع.
فالحقيقة التي لا بد من التصريح بها أن كثيرا من الطلاب اليوم يستعجلون في إصدار الأحكام بجهل، وهذا هو المثال ومما يؤكّد لنا أنهم يستعجلون في إصدار الأحكام أن الذي نشر هذا الحديث في العصر الحاضر هو الألباني فهم مع جهلهم بهذا الكتاب كأنهم يقولون أن الألباني نقل حديثا من كتاب في اللغة فهو لا يدري أنه هذا كتاب لا يعتمد عليه وهم علموا ذلك ودروْا ذلك.
وهذا في الحقيقة من عجلتهم إن لم أقل من غرورهم ولعلك عرفت أن هذا الحديث صحيح مذكور في كتاب من كتب اللغة لكن هذا كتاب ليس ككتب اللغة المتأخّرة ففيه أحاديث كلها مسندة من المؤلف إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم ومثله كتاب "غريب الحديث" للخطابي لكنه أقل اعتناء بإسناد الأحاديث لكن فيه أيضا أحاديث مسندة تُستفاد من هذا الكتاب مع أنه في غريب الحديث ولا نجد كثيرا من هذه الأحاديث في كتب السنّة المتداولة اليوم، هذا هو الجواب، نعم.