هل الأمر بالاقتداء بالإمام يقتضي متابعته عند سدله يديه وعند جلسة الاستراحة ونحو ذلك؟ حفظ
السائل : يقول في حديث ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ) هل هو نفس الحكم بالنسبة للاقتداء به إذا أسدل يديه ولم يجلس للاستراحة؟
الشيخ : هو الأمر كذلك ولكن لا بد بشيء من التفصيل، المقصود من هذا الحديث واضح جدا وقد جاء بيان القصد في بعض رواياته ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ) مقصود هذا الحديث أن تظهر وحدة المسلمين في هذا الركن العظيم ألا وهي الصلاة فلا يٌخالفون الإمام إذا كان الإمام له رأي فيُتابعونه عليه حينما يصلون خلفه وحينذاك يأتي التفصيل التالي، من كان يُسدل يديه اعتقادا منه أن هذا هو السنّة فيُتابع على ذلك أما من كان لا يضع وكان يسدل إهمالا وكسلا فلا يتابع، وعلى ذلك تُقاس كل الهيئات التي قد يُخالف بعض الأئمة شيئا منها كجلسة الاستراحة مثلا أو كرفع اليدين أو وضع اليدين على الصدر، كل هذه الهيئات إن كان الإمام يُخالف فيها اعتقادا منه أن هذا هو السنّة فيتابع في ذلك أما إذا كان مهملا فلا يُتابع، نحن نرى مثلا كثيرا من أئمة المساجد في بعض البلاد العربية نعرف عنه أنه شافعي المذهب والشافعية كلهم تبعا لإمامهم أصابوا السنّة حينما ذهبوا إلى شرعية رفع اليدين عند الركوع والرفع منه ولكنهم لا يرفعون، كما أن من السنّة عندهم الجلوس جلسة الاستراحة لا يستريحون لماذا؟ لأنهم لا يهتمون بأداء السنن، من كان بهذه المثابة في تركه للسنن ليس اتباعا لما يعتقد أنه صواب وإنما هملا وكسلا فهنا لا يُتابع لأن الأصل في ذلك احترام رأيه أو احترام رأي إمامه الذي اتبعه واقتنع بأنه على صواب فيما يفعل.
فمن كان يفعل شيئا من الأمور يُخالف رأي المقتدي فلا بد للمقتدي من متابعته إلا إذا كان الإمام يُهمل فعل ذلك وليس عن اتباع منه لإمامه، وهذا بحث يطول في الواقع ولكني أريد أن ألفت نظر بعض الناس الذين يستغربون متابعة الإمام وهم يعلمون أنه قد أخطأ فمن منا لا يُتابع الإمام إذا نسي التشهد الأوسط وقام إلى الركعة الثالثة؟ كل من كان خلفه يعتقد بأنه أخطأ حينما قام إلى الركعة الثالثة وترك التشهد فتركه للتشهد إن كان عن قصد فهو إثم وهذا لا يُتصوّر صدوره من إمام ولا وقع في ماضي الزمان ولا في حاله أما إن كان عن خطأ وعن سهو فلا بد من اتباعه كما جاء النص في ذلك صريحا عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم.
وعلى هذا فظهور هيئة الصلاة وراء هذا الإمام بمظهر واحد هذه في الحقيقة مما يجعل المسلمين يتقارب بعضهم إلى بعض وتذهب عنهم العصبية المذهبية التي كانت يوما ما سببا لتعداد الأئمة في المسجد الواحد وتخلّف المسلم عن اقتداءه بالإمام المسلم لا لشيء سوى أنه مُخالف له في المذهب، وما أحسن أقول أخيرا ما أحسن ما رَوى الإمام أبو داود في "سننه" عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه لما صلى في عهد عثمان وراء عثمان في منى صلى عثمان أربعا وكلهم يعلمون أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم في حجة الوداع إنما صلى قصرا ركعتين لكن عثمان لأمر ما ولسنا الأن في صدد بيان ذلك صلى أربعا، أتم وقد أنكر ذلك عليه بعض الصحابة ومنهم عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه فعجب بعض أصحابه منه حيث رأوه يصلي أربعا فقيل له كيف ذلك وأنت تذكر بأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم صلى ركعتين قصرا، كان جوابه وهذا بيت القصيد " الخلاف شر " أي مخالفة الإمام في صفة صلاته شر فعلى المقتدي أن يتنازل عن رأيه الشخصي حينما يصلي وراء ذاك الإمام، فإذا صلى هو لوحده أو صلى بالناس إماما جاء بالسنن التي يراها سنّة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم، نعم.