الكلام على حديث يا سارية الجبل. حفظ
الشيخ : قد أخرج حديثا موقوفا بفائدة من ذلك مما أذكره الآن أنني كنت خرجت حديث متدوال على الألسنة وهو " يا سارية الجبل الجبل " خرجته لأن كثيرا من الناس ينكرون صحة هذه الرواية خاصة في مصر وبصورة أخص منهم أولئك الذين يحكّمون عقولهم في الأحاديث النبوية وينكرون الصحيح منها لأنها لا تتوافق مع آرائهم ومنهم الآن في هذه البلاد الشيخ الغزالي فهو قد نشر كتابه المعروف في المدة الأخيرة إيش سماه الفقه المستمد ففي هذا الكتاب تعرض لإنكار كثير جدا من الأحاديث الصحيحة لا لشيء إلا لتوهمه تارة لتوهمه أن بعض هذه الأحاديث تخالف القرآن تارة تخالف العقل في زعمه وهكذا وهو مصري والمصريون واسعوا الأفق في إنكار الأحاديث الصحيحة لأن كثيرين منهم تعلموا في مدارس الأجنبية وتأثروا بالثقافة الغربية والثقافة الغربية تحكم النواحي المادية الملموسة وكل شيء لا يتضارب مع العقل فهم يفهمونه من ذلك قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أرسل جيشا لقتال أهل فارس في زمانه فوقع أن الجيش المسلم كاد أن يخسر من أهل فارس ويغلب على أمره ولما عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يخطب يوم الجمعة على المنبر وإذا بالناس الحاضرين يفاجؤون بكلام لا صلة له بما قبله وإذا به يقول " يا سارية الجبل الجبل من استرعى الذئب الغنم " حفظ الناس في هذا الكلام فما مر عليهم إلا أيام قليلة حتى جاء بريد أو رجل مسافر من قبل سارية ، سارية كان قائد الجيش المسلم فأعلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو على المنبر بأن سارية في موقف حرج وكأنما كشف له ورأى أن الجيش الفارسي يكاد يطبق على الجيش المسلم فقال له يا سارية الجبل الجبل أي اعتصم بالجبل تأخر حتى ما يستطيع الجيش الكافر أن يحيط به وسمع هذا سارية صوت عمر يخاطبه ومن المدينة وهو فارس والمدينة فلتجأ إلى الجبل وصمدوا أمام الكفار ونصرهم الله تبارك وتعالى عليهم وبعد أيام قليلة جاء البريد من سارية يقول سمعنا صوت عمر يقول " يا سارية الجبل الجبل " فكان هذا من كرامات عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن إلهاماته التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله ( قد كان في من قبلكم محدَثون فإن يكن في أمتي فعمر ) فعمر بن الخطاب رضي الله عنه معروف عنه أنه كان ملهما وقد جاءت بعض الآيات كما تعلمون موافقة لرأيه رضي الله عنه الشاهد أن هذه القصة تروى على وجهين في كتب التاريخ الوجه الأول مختصر وهو الذي ذكرته آنفا وهو الذي صححته في السلسلة الوجه الآخر فيه إضافات تفردن به رجل مؤرخ مشهور اسمه الواقدي لكن مع شهرته للتاريخ فهو متهم بالكذب في الرواية هون يروي أن عمر بن الخطاب لما كان على المنبر انكشف له ورأى بعينه ما كان فيه سارية من خشية التضييق عليه فقال يا سارية الجبل الجبل فهذه الزيادة تفرد بها الواقدي المتهم بالكذب فلا يصح أن نرويها أما القصة بالاختصار وقوله " يا سارية الجبل الجبل " فهذا قد جاء بإسناد صحيح من أجل بيان الفرق بين هذه القصة المختصرة وأنها صحيحة وبيان الزيادة التي تفرد بها الواقدي رأيت من الفائدة أن أذكرها في السلسلة وردا على بعض المسلمين القدامى الذين كانوا ينكرون القصة من أصلها ولو الرواية المختصرة الصحيحة لكن الأصل أنني في هذا الكتاب لا أذكر إلا الأحاديث المرفوعة .