ما حكم اللعب بكرة القدم والنرد والشطرنج وما حكم التصوير؟ حفظ
الشيخ : سأل سائل في الأمس القريب عن مسألة قد ابتلي بها أكثر المسلمين في كل بلاد الإسلام فأحب أن يعرف حكم الله تبارك وتعالى فيها ألا وهي اللعب بكرة القدم حيث صارت شهوة كل شاب نشأ في مجتمع فيه شيء مما يسمى اليوم بالمدنية وجوابي على ذلك كما يأتي اللعب بالكرة لا يخرج عن أي لعبة أخرى يتعاطاها المسلم فهي داخلة في عموم قوله عليه الصلاة والسلام ( كل لهو يلهو به ابن آدم باطل إلا ملاعبته لزوجه ومداعتبه لفرسه ورميه بقوسه والسباحة ) لقد ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذه اللعب والملاهي التي كان يلهو بها الناس يومئذ فاستثناها من اللهو الباطل ويجب أن نتنبه هنا بمناسبة هذا الحديث بأمرين اثنين الأول أن الحديث كما سمعتم بلفظ ( باطل ) وليس بلفظ محرم والأمر الثاني أننا إذا انتبهنا لهذا الفرق فحينئذ نعلم أن هناك فرقا فقهيا أيضا فإذا كان الحديث إنما ورد بلفظ ( باطل ) فلا يعني أنه بمعنى محرم لأن الباطل هو أشبه ما يكون من حيث المعنى المراد منه هو اللغو أما المحرم فهو حكم صريح في وجوب الابتعاد عنه إذا عرفنا ذلك فحينئذ نستطيع أن نقول إن كل لهو يلهو به الإنسان في أي زمان ومكان فهو لهو باطل لا أجر له هذا إن نجا من الإثم والإثم قد يأتي من ذات النوع الذي يلعب به وقد يأتي مما يحيط بنوع اللعب الذي يلعب به ولنضرب على ذلك مثلين اثنين فالأمر كما قال تعالى (( وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون )) المثلان هما اللعب بالنرد واللعب بالشطرنج فاللعب بالنرد منهي عنه بالنص ولذاته فقد جاء وصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال ( من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه ) والنص الآخر هو ( من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله ) فإذا لا يجوز اللعب بالنرد لذاته لما فيه من هذا الترهيب الشديد ( من لعب بالنرد فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه ) ومعلوم عند الجميع أن لحم الخنزير ودمه نجس نجاسة عينية فلا يجوز إذا اللعب بهذا النوع من الملاهي وهذا هو المثال الأول أما المثال الثاني فكما ذكرت آنفا اللعب بالشطرنج لا يوجد هناك حديث صحيح في النهي عن اللعب بالشطرنج وإذ الأمر كذلك فما حكمه لا نستطيع أن نقول إنه حرام لأنه لم يرد فيه نص ولا نستطيع أن نقول إنه مباح مطلق لأنه داخل في الحديث الأول وهو ( كل لهو ) ولنكني عنه باسم روايه وهو جابر بن عبد الله الأنصاري فحديث جابر هذا فيه هذا العموم أن كل اللعب إنما هو باطل فمن ذلك إذا اللعب بالشطرنج فهو باطل هذا الباطل يجب أن ينظر إليه بالنسبة لما قد يحيط به من منكر يرفعه ويصفه في مصاف المحرمات وإما أن يرفعه إلى مصاف المباحات فإذا كان اللعب الشطرنج كما هو الواقع اليوم فيه بعض التماثيل مما يعرف بمثلا الفيل والفرس والملك وأنا لا ألعبها لكن حسب ما اقرأ وأسمع أذكر هذه الأشياء منها ولا شك عندكم جميعا إن شاء الله إن لم يكن قد تسرب إليكم بعض الآراء المنافية للسنة الصحيحة من أن الصور المحرمة إنما هي التي تضر في الأخلاق وليس هناك ما يضر في مثل هذه الأصنام في العقيدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم فيما زعموا نهى عن التصوير وعن اقتنائه نهيا مؤقتا من باب سد الذريعة وذلك قبل أن يتمكن التوحيد من قلوب أصحابه فلما زالت الشبهة من قلوبهم وتمكن التوحيد من نفوسهم فانتفى هذا الحكم الشرعي ألا وهو التشديد في النهي عن تصوير وعن اقتناء الصور هذه شبهة طالما سمعناها كثيرا من بعض من لم يتفقهوا في الدين ولا أريد أن أطيل في هذا المجال الآن وإنما حسبي أن أذكر أن التصوير بكل أنواعه سواء كان مصورا بالقلم أو بالريشة أو بالدّهان أو بالتطريز أو بأي آلة حديثة اليوم وهي كثيرة فما دام أن هناك ما يصح أن يطلق عليه لغة إنه مصور وإنها صورة فلا يجوز تصويرها وبالتالي لا يجوز اقتنائها لدخول تلك الأنواع كلها في عموم هذه الأحاديث المشار إليها كمثل قوله عليه السلام من حيث تحذيره عن التصوير ( كل مصور في النار ) ومن حيث نهيه عن اقتناء كل صورة ألا وهو قوله عليه السلام ( لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة أو كلب ) إذ الأمر كذلك فلا يجوز اللعب بالشطرنج ما دامت هذه التماثيل ظاهرة فيه وحينئذ إذا كان ولابد من اللعب بالشطرنج فيجب القضاء على هذه التماثيل بعد ذلك يأتي شرط ثان ألا وهو ألا يصبح اللاعب بالشطرنج عبدا له يصرفه عن عبوديته للحق بالنسبة لله سبحانه وتعالى يصرفه عن القيام بالفرائض الواجبة عليه وليست هي الصلوات الخمس مثلا ومع الجماعة أي لا يكفي أن نقول إن المحظور من اللعب بالشطرنج هو فقط ألا يلهيه عن القيام بالواجبات والفرائض الخمس ومع الجماعة بل يجب أن نقرن إلى ذلك أن هذا اللعب لا يصرفه عن كل واجب فرضه الله تبارك وتعالى عليه كمثل مثلا القيام بواجبه تجاه أهله تجاه أولاده تجاه إخوانه بصورة عامة فإن خلا ولا أقول إذا خلا فإن خلا اللعب بالشطرنج من هذا النوع من المعاصي نقول حين ذاك جائز تمسكا بالبراءة الأصلية حيث إن الأصل في الأشياء الإباحة إلا إذا جاء نص يضطرنا أن ننتقل منه إلى ما تضمنه الناقل من الحكم إما تحريما وإما كراهة هذان مثالان من الأمثلة التي ابتلي الناس باللهو بها وإضاعة الوقت عليها مثال منهي عنه مباشرة ولا يجوز تعاطيه مطلقا ألا وهو النرد ومثال لم يصح فيه نهي خاص ألا وهو الشطرنج فيجب أن يدار الحكم فيه حسب ما يحيط به من المحاذير إن خلا عن شيء من ذلك جاز اللعب به من باب الترويح على النفس ليس إلا كما يقال إذا عرفنا حكم هذين المثالين دخلنا إلى الجواب عن السؤال وهو اللعب بالكرة لاشك أن اللعب بالكرة هو شأن كل ألعاب أو شأن كل الألعاب التي تعرف اليوم إلا ما ندر منها فإن أصلها أعجمي النرد اسمه نردشير من فارس والشطرنج أصله فيما أظن لعله من الصين أو غيره من البلاد الشاهد كذلك كرة القدم فهذه لعبة وبدعة عصرية جاءتنا من البلاد الأوروبية فإذا أراد المسلمون أن يلعبوا بها فأول كل شيء يجب أن ينووا التقوي تقوية البدن استعدادا لما يجب عليهم أن يخوضوا في العهد القريب أو البعيد في لقاء أعداء الله تبارك وتعالى فلابد والحالة هذه أن تكون أبدانهم صلبة قوية تثبت أمام أعداء الله الأشداء وقد جاء في الحديث الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام ( إن المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ) المؤمن القوي أحب من الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير فلا يخلو المؤمن ولو كان ضعيفا حتى في إيمانه لا يخلو من خير قد ينجيه من الخلود في العذاب يوم يقال لجهنم هل امتلأت فتقول هل من مزيد فإذا كانت القوة مرغوبة في المسلم فإذا لا مانع بل لعله يستحب أن يتعاطى المسلم هذا اللعب بهذه النية الصالحة فقد جاء أيضا في الصحيح قوله صلى الله عليه وآله وسلم في تفسير الآية الكريمة (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة )) قال عليه السلام ( ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ) فاللعب بالرمي سواء كان قديما بالقوس أو حديثا بالرصاص أو القذائف أو غير ذلك من الأسلحة المدمرة اليوم فهو من الوسائل التي لابد أن يتعاطاها المسلم لتقوية جسمه ذلك قد يتطلب خروجا عن البلد حتى لا يصاب بعض المسلمين خطأ بأذى الرمي أما هذه اللعبة لعبة الكرة فهذه ليس فيها ما يخشى منها سوى ما قد أشرنا إليه آنفا من ما قد يتعرض له اللاعب بالشطرنج فينبغي أن نقيد الجواز بتلك الشروط ومن الملاحظ أن أكثر الألعاب ولنقل وبخاصة المباريات التي تجري بين فريقين ولو كانا مسلمين فإنه لا يرعى في ذلك حدود الله تبارك وتعالى فقد تفوت اللاعبين بعض الصلوات كصلاة العصر مثلا إذا بدأت المباراة قبل العصر أو صلاة المغرب إذا بدأت المباراة بعد صلاة العصر وقبيل صلاة المغرب فهذا شرط يشمله ما سبق من الكلام وثمة شيء آخر يتعلق بهذه اللعبة ومثيلاتها كلعبة كرة السلة ونحوها فإن عادة الكفار ما دام أنهم هم الذين ابتدعوا هذه اللعبة أنهم يلبسون لها لباسا خاصا ولباسا قصيرا لا يستر العورة الواجب سترها شرعا فاللباس هذا يكشف عن الفخذ والفخذ كما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال ( الفخذ عورة الفخذ عورة ) فلا يجوز للاعبين ولو كانوا متمرنين فضلا عما إذا كانوا مبارين لغيرهم لا يجوز لهم أن يلبسوا هذا اللباس القصير الذي يسمى في لغة الشرع لغة العربية بالتبان والتبان هو السروال الذي ليس له كمان ويسمى في بعض البلاد باللغة الأجنبية بالشورت وأنتم ما أدري ماذا تسمونه كذلك لعلها لفظة إنجليزية فاسمها العربي احفظوا هذا لأن من الإسلام أن نستبدل الذي هو خير بالذي هو أدنى أن نستبدل اللفظ العربي باللفظ الأجنبي أن نقيم اللفظ الأجنبي ونحل مكانه اللفظ العربي لأنها لغة القرآن الكريم فهذا اللباس التبان لا يجوز للمسلم أن يلبسه أما أحد سوى زوجته فقط فالذي إذا يلعب هذه اللعبة أمام مرأى بعض الناس فذلك حرام لا لذاتها وإنما لما أحاط بها من اللباس غير المشروع فصار عندنا بالنسبة لهذه اللعبة خاصة ألا تلهي كالشطرنج عن بعض الواجبات الشرعية وبخاصة الصلاة وثانيا أن يكون اللباس شرعيا ساترا للعورة ويأتي ثالثا أن يكون اللاعب بما يسمى اليوم اسما على غير مسمى بالروح الرياضية أقول اسم على غير مسمى لأن كثيرا ما يقع قتال وضرب بين المسلمين المتبارين فضلا عن الكافرين وفي الغرب تقع مشاكل ضخمة جدا يروح فيها قتلى وهم يزعمون أنه المقصود من هذه الألعاب هو تنمية الروح الرياضية والمقصود بها بطبيعة الحال أن الإنسان لا يحقد إذا ما شعر بأن خصمه سيتغلب عليه أو تغلب عليه فعلا فالمسلم لا يحقد ولا يحسد ولا ينبغي أن تصبح هذه اللعبة أداة إفساد للأخلاق فحين ذاك ولو توفرت الشروط أو الشرطان السابقان من حيث عدم أن يكون سببا لإضاعة الصلوات أو لكشف العورات فلو فرضنا أن هذه اللعبة خلت من هاتين الظاهرتين المخالفتين للشرع ولكنها تنمي وتقوي في نفوس اللاعبين بها روح الانتقام والحقد والتغلب بالباطل على الخصم فحين ذاك يكون هذا الأمر من جملة الأسباب التي ينبغي منع تعاطي هذه اللعبة فإذا الأصل - ألخص الآن ما تقدم - الأصل في الملاهي التي يلهو بها الناس ما عدا الأربع الخصال المذكورة في حديث جابر أنها باطل لغو لا قيمة له ولا ينبغي للمسلم أن يضيع وقته من ورائها اللهم إلا إذا حسنت النية ولا أقل فيها أن يكون المقصود الترويح عن النفس مع ملاحظة الشروط التي سبق ذكرها هذا ما يتيسر لي من الجواب على ذاك السؤال الذي كان وجه إليّ في الجلسة القريبة .