ما رأيكم في مقولة: نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه؟ حفظ
السائل : ... سؤالي المقدم ؟
الشيخ : آه نعم هذه عبارة يرددها بعض الدعاة الإسلاميين الذين نرى نحن إنهم دعاة إسلاميون عامة إسلاما عامة أما الدعاة إلى إسلام مرجعه الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح فنحن لا نعلم جماعة تقوم بهذه الدعوة الحق إلا الذين يعلنون عن أنفسهم إنهم من أهل الحديث أو إنهم من أنصار السنة أو إنهم أتباع السلف الصالح أما الجماعات الأخرى فلا يعلنونها وإن كانوا يكتفون بقولهم نحن معكم على الكتاب والسنة ولكنها كلمة يقولونها لا يستطيعون تطبيقها بحذافيرها لأنهم لم يعنوا بدراسة الشرعية على ضوء الكتاب والسنة إلا بقدر يسير فهم يقولون " نتعاون على ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا على فيما اختلفنا فيه " هذا الكلام كما يقال له محل من الإعراب إذا وضع له قيد وهو أما الفقرة الأولى فلا إشكال فيها " نتعاون على ما اتفقنا عليه " إنما النظر في الفقرة الثانية " ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه " هذه الجملة الثانية معقولة فيما إذا وضعنا لها قيدا ألا وهو يعذر بعضنا بعضا بعد القيام بواحب التناصح ( الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولإئمة المسلمين ولعامتهم ) فإذا رأينا أنفسنا مختلفين حتى في أصل التوحيد ألا وهو شهادة ألا إله إلا الله فلا ينبغي أن ندع الاختلاف كما هو بدعوى يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه وإنما علينا أن نتحاكم إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن نتقارب ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ولا يمكن إقرار الاختلاف وبخاصة فيما يتعلق بالعقيدة بخلاف المسائل التي يسمونها بالمسائل الفرعية فالمسائل الفرعية ممكن أن يقع فيها اختلاف ومع ذلك فيجب التناصح فإذا تناصحوا ثم بقي كل من المتناصحين على رأيه السابق فهنا نقول يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه أما أن نبقي الخلاف والاختلاف على ما هو عليه بدعوى إنه لازم يعذر بعضنا بعضا ثم لا نسعى لإماتة هذا الاختلاف بقدر ما نستطيع فهذا ينافي الآيات والأحاديث التي تأمر بتوحيد الصف ومن أعظم ما يؤكد وحدة الكلمة ووحدة الصف هو الرجوع كما قال تعالى (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) نحن نعلم أن الذين يقولون هذه الكلمة يجعلون الخلاف شريعة مقررة وأنه أمر لابد منه ونحن نخالفهم في هذا أشد الاختلاف ونقول علينا التحاكم دائما وأبدا إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن بقي شيء من الاختلاف فلا ينبغي أن يفرقنا وأن يتدابر المسلمون بعضهم عن بعض ولنا في هذه النقطة بخاصة أسوة بأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنهم كانوا يصدعون بالحق ولا يقولون إذا وجدوا الخليفة نفسه خالف في حكم لا يسكتون عنه بل ينكرونه ولكن إذا أصرّ على رأيه ما يخرجون عليه ولا يعادونه وإنما يظلون سائرين معه يأمرهم بالجهاد يقاتلون في سبيل الله جميعا مع أنهم لا يزالون على شيء من الاختلاف من الأمثلة المعروفة في ذلك ويكاد الوقت ينتهي أن عمر بن الخطاب رضي الله كان قد نهى الناس عن العمرة في الحج وله في ذلك رأي معروف يسوغ له أن يفعل ذلك ولكن الصحابة الآخرين خالفوه في ذلك وإن كان رأيه قد انتقل بعده إلى الخليفة الذي جاء على أثره وهو عثمان بن عفان رضي الله عنه ومع ذلك فنجد عليا كما في صحيح مسلم يأتي عثمان بن عفان فيقول له ما لك تنهى الناس عن التمتع بالعمرة إلى الحج قال دعني عنك لم يجد له حجة فقال دعني منك أو عنك فقال لن أدعك لبيك اللهم بعمرة وحج فجابهه بالسنة التي عرفها من الرسول عليه السلام لأن عليا لما حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع كان في اليمن فطبعا وصلته الأخبار بأن النبي صلى الله عليه وسلم يستعد للحج إلى بيت الله الحرام فخرج عليّ من اليمن حاجا ولما التقى مع الرسول عليه السلام في مكة قال له ( بما أهللت ) قال له بما أهل به النبي صلى الله عليه وآله وسلم أي كان حجه مطلقا لم يقل لبيك اللهم بحج أو لبيك اللهم بحج وعمرة أو لبيك اللهم بعمرة أي بالتمتع وإنما قال لبيك اللهم بحجة كحجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال فإني قد قرنت فعلي رضي الله عنه يعرف من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان قارنا فحينما ينهى خليفة راشد كعثمان عن قرن العمرة بالحج يجابهه ويخالفه ويقول لبيك اللهم بعمرة وحج ومع ذلك فلا يوجد بينهم شيء من التنافر والتباغض بل تظل صفوفهم متراصة هكذا يجب أن يعيد المسلمون ذلك العصر الذهبي " وكل خير في اتباع من سلف *** وكل شر في ابتداع من خلف " .