شرح قول ابن مالك رحمه الله: وفي اختيار لا يجئ المنفصل *** إذا تــــــأتي أن يجــــــــــئ المتــــــصل. حفظ
الشيخ : قال المؤلف :
" وفي اختيار لا يجئ المنفصل *** إذا تــــــأتى أن يجــــــــــيء المتــــــصل "
في اختيار جار ومجرور متعلق بقوله : " يجيء " يعني ولا يجيء في الاختيار المنفصل أي الضمير المنفصل إذا تأتى أي : إذا أمكن أن يجيء المنفصل المتصل إذا تأتى إذا أمكن أن يجيء المتصل فقوله : " في اختيار " ضده الاضطرار وما هو الاضطرار هنا ؟ الاضطرار هو ضرورة الشعر وعلى هذا يكون معنى قوله : " وفي اختيار " أي في حال النثر في حال النثر لا يجيء المنفصل إذا أمكن أن يجيء المتصل لماذا ؟ أولا لأنه أخصر المتصل أخصر والثاني لأنه أبين في المعنى أبين فإذا قلت ضربتك فهو أبين من قولك : ضربت إياك لأنه أخص والأخص أدل على المقصود من منين ؟ من الأعم فالضمير المتصل أخص وألصق بالفعل من الضمير المنفصل فيكون أدل على المقصود فصار التعليل لهذا الحكم أنه في حال الاختيار لا يجيء المنفصل إذا أمكن أن يجيء المتصل هو أن المتصل أخصر والثاني : أبين في الدلالة على الموضوع لأنه متصل بالفعل كحرف من حروفه مثال ذلك : إذا قلت : أكرمتك أيها الرجل أكرمتك أيها الرجل هنا لا يجوز أن أقول : أكرمت إياك أيها الرجل لأنه يمكن أن نأتي بإيش ؟ بمتصل وإذا أمكن أن نأتي بالمتصل وجب وفهم من كلامه أنه إذا لم يمكن أن نأتي بالمتصل أتينا بالمنفصل أتينا بالمنفصل وهذا يرجع إلى القواعد قواعد النحو متى يمكن أن نأتي به ومتى لا يمكن فمثلا في الابتداء لا يمكن أن يأتي المتصل في الابتداء لا يمكن أن نأتي بالمتصل لأن كلمة المتصل معناها أن يكون عامل والضمير متصلا به فإذا جعلنا الضمير في أول معناه أنه ليس هناك عامل يتصل به الضمير وحينئذ لا يتأتى المتصل فيجب أن نأتي بماذا ؟ بالمنفصل مثل قوله تعالى : (( إياك نعبد )) (( إياك نعبد )) فكلمة (( إياك نعبد )) أتي بالضمير المنفصل فيها لعدم إمكان الضمير المتصل لو قلت : كنعبد ما يستقيم كذا طيب قال : إياك أعني واسمعي يا جارة إياك أعني واسمعي يا جارة هنا لا يمكن أن يأتي المتصل لأن المتصل لا يبتدأ به أبدا واضح فلا يصح أن أقول كأعني كِ كأعني بل نقول : إياك أعني واسمعي يا جارة فإذا قال قائل : يمكن أن تأتي بالمتصل فنقول : أعنيك ويستقيم الكلام نقول : هذا صحيح هذا يمكن لكن إذا أتينا بالمتصل على هذه الصيغة فاتنا المقصود بالتقديم وهو الحصر والحصر المقصود المتكلم فلو قلت : أعنيك واسمعي يا جارة استقام الكلام لكن يفوت ما يريده المتكلم من الحصر ولو قلت : نعبدك يا ربنا استقام الكلام لكن يفوت ما أراده المتكلم وهو الحصر إذًا ليس الضرورة معناها هي التي لا يمكن النطق إلا بذلك لا هذا ليس هذا هو الضرورة الضرورة هي التي إذا ارتكبناها فات المقصود أي مقصود المتكلم هذه الضرورة هي التي إذا ارتكبت فات مقصود المتكلم وليست كضرورة أكل الميتة وهي التي لو لم يأكل إيش ؟ لمات هذا اللي قلنا في الضرورة هنا أو في الاختيار هو الذي إذا ارتكبناه أتموا فات مقصود المتكلم فنقدم مقصود المتكلم ونرتكب الانفصال محل الاتصال ومن ذلك قوله تعالى : (( يخرجون الرسول وإياكم )) (( يخرجون الرسول وإياكم )) هنا ضمير فصل ولو كان في غير القرآن لقلنا : يخرجونكم والرسول يخرجونكم والرسول واستقام الكلام لكن لماذا قال : (( يخرجون الرسول وإياكم )) ؟ من أجل تقديم الرسول لأن إخراج الرسول أعظم منكرا من إخراجهم فبدأ بالأعظم بالأعظم إنكارا وهو إخراج الرسول طيب لو قال قائل : لماذا لا يقال : يخرجون الرسول وكم قلنا الضمير المتصل لا بد أن يتصل بعامله هنا واو عطف والعطف يقتضي الانفصال انفصال المعطوف عن المعطوف عليه ولا يمكن أن يلي الضمير المتصل حرفا من حروف العطف أبدا لأن حرف العطف يقتضي إيش ؟ الفصل والضمير المتصل لا بد أن يتصل بعامله ولا يمكن أن يفصل عنه خلاصة البيت : متى أمكن أن يؤتى بضمير المتصل فإنه لا يجوز أن يؤتى بالضمير المنفصل ونعني بالإمكان هنا إيش ؟ ما يفوت به مقصود المتكلم فمتى أمكن أن نأتي بالضمير المتصل دون أن يفوت مقصود المتكلم وجب الاتصال وإن لم يمكن إلا بفوات مقصود المتكلم فإنه يجوز الانفصال ثم قال على وجه الاستثناء من هذه القاعدة وهو أنه لا يمكن أن يؤتى بالمنفصل مع إمكان المتصل استثنى من هذا ثلاث مسائل : الأول ما أشار إليه بقوله : " وصل أو افصل هاء سلنيه وما *** أشبــــــهه " .