تتمة شرح قول ابن مالك رحمه الله: في الباقيات واضطرار خففا *** مني وعني بعض من قد سلفا. حفظ
الشيخ : " واضطرارًا خففّا *** مني وعني بعض من قد سلفا "
اضطرارًا :مفعول لأجله ، خففا ، مني وعني بعض : مني وعني : مفعول خفف باعتبار اللفظ ، وإلا فالأصل أن العامل لا يتسلط على الحرف ، لكن هذا باعتبار اللفظ ، يعني اضطرارا خفف هذا اللفظ ، مني وعني ، من ؟ بعض من قد سلفا : أي مضى ، يعني العرب يخففون مني وعني ، فيقولون : مِني وعَني ، لكن متى ؟ في حال الضرورة، في حال الضرورة ، وما هي ضرورة الكلام ؟ الضرورة في الكلام هو الشعر، هو الشعر ، لأنه يُضطر الإنسان إلى شيء لا يريده ، عندكم شواهد البيت لهذا ؟
الطالب : " أيها السائل عنهم وعني *** لست من قيسٍ ولا قيسٌ مني ".
الشيخ : " أيها السائل عنهم وعَنِي *** لستُ من قيسٍ ولا قيسٌ مِنِي ".
لو قال : أيها السائل عنهم وعَنّي *** لست من قيسٍ ولا قيسٌ مِنّي
!!! هاه طار البيت، طار البيت ، والأناشيد ، والنظم يريد العرب أن يكون له قافية معينة ، ووزنا معينًا ، لتصح أنشودته ، نعم ، وبه نعرف أن الشعر الحديث هذا الذي يسمى الشعر المرسل ، وهو المرسل المهمل المتعِب ، نعم ، ليس بشعر في الحقيقة ، أنا رأيت بعض القصائد يجي شطر كلمتين ، وشطر ثاني عشر كلمات ، ويجي بيت على قافية ، وبيت على قافية أخرى ، يشبه : سَبَاحِين العَجائِز عندنا.
الطالب : ههههههه
الشيخ : نعم .
الطالب : عصائد .
الشيخ : هاه ؟
الطالب : عصائد.
الشيخ : عصائد ، ومع ذلك يقولون : هذا الشعر الموافق لذوق العصر ، ولكن يقولون : " من لم يستطع الصعود هتف بسب الجبل " ، نعم ، وعندنا مثل يقولون : إن الثعلب ، الثعلب وكنيته ؟
الطالب : أبو الحصين .
الشيخ : هاه ؟ أبو الحصين ، أنه حاول أن يقطف عنقودًا من شجرة عنب ، فلما لم يقدر قال : تف حامضة .
الطالب : هههههههه
الشيخ : نعم ، لأنه عجز ، فهؤلاء الذين أحدثوا هذا الشعر الغريب ، نقول : لما عجزوا عن الشعر الحقيقي الذي يأخذ بالشعور وباللب ، جاؤوا بهذا الشعر المرسل ، نعم المهمل .
" أيها السائل عنهم وَعِني *** لستُ من قيسٍ ولا قيسٌ مِني " .
أنا أذكر يعني كلمة " تف " هذه ، ابن حزم -رحمه الله- حكى قولا لبعض العلماء، قال هذا القول : " تف " ، يقول : كاتبه في المحلى ، إي نعم ، رحمه الله طيب ، " مِنَي وعَنّي بعض من قد سلفا ".