شرح قول ابن مالك رحمه الله: كذا الذي جر بما الموصول جر *** كمر بالذي مــررت فهو بر. حفظ
الشيخ : لكن ما جُرَّ بالحرف يقول المؤلف فيه :
" كذا الذي جُرَّ بما الموصول جَر *** كَمُرَّ بالذي مررتُ فَهوَ بَرّ " :
انتبه للمثال هذا فيه شروط ،
" كذا الذي جُرَّ " : كذا : يعني الضمير الذي جُرَّ .
" بما الموصول جر " : أي : بحرفٍ جرَّ الموصولَ وعلى هذا فنعرب الموصول على أنه : مفعول جَرّ مقدمًا وتقدير البيت : " كذا الذي جُرَّ بما جَرَّ الموصول " : أي : بحرفٍ جر الموصول بحيث يكون الموصول مجرورًا بالباء ، والعائد مجرورًا بالباء ، فإن اختلف الجار فلا حذف ، انتبه : الآن يحذف العائد المجرور بالحرف بشرط أن يُجر بإيش ؟ بالحرف الذي جرَّ الموصول ، يؤخذ من قول المؤلف : " بما الموصول جَرّ " : لأن الموصول هذه : مفعول مقدم لجر ، أي : بالذي جر الموصول ، ثم مَثَّل قال :
" كمُرَّ بالذي مررتُ فهوُ بَرّ " :
فهو بر : تكميل للبيت ، مر بالذي مررتُ : أصلها : مرَّ بالذي مررتُ به ، مرَّ بالذي مررت به فحذف الضمير المجرور بالباء ، وحذف حرف الجر ، لأنه لا يمكن أن يبقى حرف الجر بدون مجرور ، " مُرَّ بالذي مررتُ به " : هذا الأصل ، " مرَّ بالذي مررت " هذا بعد إيش ؟
الطالب : بعد الحذف .
الشيخ : بعد الحذف ، قال الله تبارك وتعالى : (( يأكلُ مما تأكلون منه ويشربُ مما تشربون )) ، وأصله : مما تشربونه منه ، لكن حذف العائد وهو الضمير المجرور بمن ، وحذف حرف الجر لأنه لا يمكن أن يبقى وحده ، وصارت الآية : (( مما تشربون )) ، طيب ، فإن اختلف حرف الجر فإنه لا يحذف المجرور ، فإذا قلت : رغبتُ فيما رغبتَ عنه ، رغبتُ أنا فيما رغبتَ عنه أنت ، فهل يمكن أن نحذف الهاء في قوله : عنه ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لماذا ؟
الطالب : لاختلاف الحرف .
الشيخ : لاختلاف الحرف ، فيتعين أن يوجد الحرف والجار ، فيما رغبت عنه ، ولا يجوز الحذف ، طيب ، يشترط أيضًا أن يكون العامل الذي تعلق به الحرف مطابقًا لفظًا ومعنىً للذي تعلق به الموصول ، يعني العامل الذي تعلق به حرف الجر يكون مطابقًا للعامل الذي جَرَّ الموصول لفظًا ومعنىً ، لفظًا ومعنىً -انتبهوا- الشرط الثاني : أولًا قلنا : يُشترط اتفاق الحرفين ، هذه واحدة ، الثاني : يشترط اتفاق العاملَين لفظًا ومعنى، يشترط اتفاق العاملَين لفظا ومعنى ، مثال ذلك أن تقول : -وش بلاه هذا ؟-
الطالب : خليه سيبه .
الشيخ : نعم ؟
الطالب : خليه سيِّبه .
الشيخ : الله المستعان ، نعم ، كيف ؟
الطالب : سيبه بدونه .
الشيخ : بس المسجلات .
الطالب : شف عليه الأول .
الشيخ : نعم ؟
الطالب : شف على الأول .
الشيخ : شوفه على الأول ، لأنه ما بقي إلا دقيقتين الظاهر ، لكن عندنا الكافية .
الطالب : مثل هيك ؟
الشيخ : نعم ، طيب ، اتفاق الحرفين ، اتفاق العاملَين لفظًا ومعنى ، مثاله : مررتُ بالذي مررتَ به ، فهنا العاملان متفقان ، مررتُ بالذي مررتَ ، كلها مر ، الحرفان ؟
الطالب : متفقان .
الشيخ : متفقان وهما ؟ الباء ، المعنى واحد أيضًا : مررتُ بالذي مررتَ به ، فإن اختلف الحرف امتنع الحذف ، مثاله : رغبتُ فيما رغبتَ عنه ، وإن اختلف اللفظ في العاملين امتنع الحذف ، فلو قلت : وقفتُ على مَن قمت عليه ، وقفتُ على ما قمتَ عليه ، وقفت أنا على ما قمت عليه أنت ، أي : وقفت ، امتنع الحذف أو لا ؟
الطالب : امتنع .
الشيخ : امتنع الحذف ، لماذا ؟ لاختلاف العاملين لفظًا .
الطالب : واختلافهما معنىً .
الشيخ : لا ، المعنى واحد ! وقفتُ على ما قمتَ عليه : المعنى واحد لكن اللفظ مختلف ، طيب ولو قلت : وقفتُ على ما وقفتَ عليه ، أو -نعم- وقفتُ على من وقفتَ عليه ، تريد بالأول القيام ، وتريد بالثاني الوقف الذي هو التحبيس والتسبيل ، فهل يجوز الحذف ؟
الطالب : لا
الشيخ : لماذا ؟
الطالب : لاختلاف العاملين .
الشيخ : لاختلاف العاملين معنى ، فصار الشرط في العائد المجرور بالحرف : اتفاق الحرفين ، واتفاق العاملين لفظًا ومعنى ، والمثال في كتاب الله عز وجل : (( يأكلُ مما تأكلون منه ويشربُ مما تشربون )) ، وفي كلام المؤلف : " مررتُ بالذي مررتَ فهو بَرّ " ، والله أعلم .
الطالب : شيخ !
الشيخ : نعم ؟