شرح قول ابن مالك رحمه الله:وقس وكاستفهام النفي وقد *** يجـــــــوز نحو فائز أولو الرشد. حفظ
الشيخ : " وقس " : كلمة وقس ربما نقول : إنه أراد أن نقيس على هذا المثال لما يوازنه ، فنقول : " أسار ذان " ، " أداعٍ دان " ، " أقائم الرجلان " ، ويحتمل أن نقول : قس : نريد أن نقيس على اسم الفاعل اسم المفعول ، فيشمل أمضروبٌ الرجلان ، وأيهما أولى ؟ الثاني أولى ، لأنه يشمل الأول ولا عكس ، وقس : يعني قس على هذا الوصف ما أشبهه .
" وكاستفهامٍ النفي " : وكاستفهام النفي ، وين الاستفهام ؟
الطالب : أسار .
الشيخ : أسارِ النفي ، يعني إذا اعتمد الوصف على نفي استغنى بمرفوعه كما لو اعتمد على استفهام ، هذا معنى الكلام ، إذا اعتمد الوصف على نفي استغنى بمرفوعه عن الخبر ، كما لو اعتمد على استفهام ، طيب ، لو قلت بدل الهمزة ما : ما سارٍ ذان ؟
الطالب : صح .
الشيخ : صح ، نقول : ما نافية ، وسار : مبتدأ ، وذان : فاعلٌ أغنى عن الخبر طيب ، لو قلت : غيرُ سارٍ ذان ، بدل : أسار ذان ، شطبت الهمزة حذفتها قلت : غير سارٍ ذان ؟
الطالب : صح صح .
الشيخ : يصح ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لأن غير نفي ، إذا قلت لك : غير سارٍ ذان ، هل تفهم أنهما سريا أو لا ؟
الطالب : لم يسريا .
الشيخ : لم يسريا ، إذن : غير سارٍ ذان ، كقوله : أسارٍ ذان ، كلام عربي ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لو قلت : ليس سارٍ ذان ؟
الطالب : صح .
الشيخ : ليس ؟!
الطالب : صح ، بلا شك .
الشيخ : نعم ، نفي ، وسارٍ : اسم ليس ، وذان : فاعل أغنى عن الخبر ، فصار النفي الآن : إما بما ، أو بغير ، أو بليس ، المؤلف يقول :
" وكاستفهام النفي " : ومعنى قوله : كاستفهام النفي يعني : أن النفي يقوم مقام الاستفهام ، وبناء عليه نمحو الهمزة ، ونأتي بعدها بما يدل على النفي ، والنفي يقوم مقام الاستفهام ، طيب :
" وقد *** يجوز نحوُ فائزٌ أُولُو الرَّشد " : " وقد *** يجوز نحوُ فائزٌ أُولُو الرَّشد " : ما الذي أخرج هذه عن القاعدة حتى يقول : إنها قد يجوز ؟
الطالب : جواب الاستفهام ، ما في استفهام .
الشيخ : لأن الوصف هنا وهو : فائز ، لم يعتمد على استفهام ولا نفي ، ومع ذلك نقول في إعرابه : فائز : مبتدأ ، وأولو : خبر المبتدأ ، -انتبهوا لكلامي- فائز : مبتدأ ، وأولو : خبر المبتدأ .
الطالب : فاعل ، فاعل .
الشيخ : إي غلط ، كلامي أنا غلط ، نقول : فائز : مبتدأ ، وأولو : فاعل أغنى عن الخبر ، مع أنه لم يعتمد على استفهام ولا نفي ، ولكنه قد يجوز ، وقد تفيد التقليل ، كما يقولون : " قد يجود البخيل " ، " وقد يكون الجبان شجاعاً " ، قد للتقليل ، طيب هل لهذا شاهد من كلام العرب ؟ نعم قال الشاعر :
" خبيرٌ بنو لِهبٍ فلا تَكُ مُلغِيًا *** مَقالَةَ لِهبِيٍ إذا الطَّيرُ مَرَّتِ " ،
بنو لِهب : هذولي مشهورين بالتطير ، بالطيرة ، يأتون بهم الناس يقول : تعال ازجر هذا الطير وشوف وين يروح ، زجره وراح يمين أو يسار ، قال : خلاص لا تسافر سفرك مشؤوم ، لا تتزوج زواجك مشؤوم ، لا تنزل البيت نزولك مشؤوم ، وهكذا ، الشاهد قوله :
" خبيرٌ بنو لِهب " : هنا قال : خبير : مبتدأ ، وبنو : فاعل سدَّ مسد الخبر ، مع أنَّ خبير لم يعتمد على الاستفهام ولا نفي ، عرفتم ولا لا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : إي نعم ، إذن يجوز في اللسان العربي أن يستغنى بمرفوع الخبر وإن لم يعتمد على استفهام أو نفي، وإن لم يعتمد على استفهام أو نفي ، والدليل هذا البيت :
" خبيرٌ بنو لِهبٍ فلا تَكُ مُلغِيًا *** مَقالَةَ لِهبِيٍ إذا الطَّيرُ مَرَّتِ " .
أعرفتم ؟! وكلام ابن مالك الآن يدل على أن الأصل أنه لا يُستغنى بالمرفوع ، بمرفوع المبتدأ عن الخبر إلا إذا اعتمد إيش ؟ على استفهام أو نفي ، لكن قد يجوز على وجه قليل -إي نعم- وهذا القول وسط بين قول الكوفيين السمحين السهلين الذين يقولون : يجوز أن يُستغنى بمرفوع المبتدأ ، وإن لم يعتمد مطلقاً ، وبين المتشددين من البصريين الذين يقولون : لا يجوز أبداً ، كيف لا يجوز والعرب يقولون : " خبير بنو لِهب " ؟!
قالوا : خبير : خبر مقدم ، سبحان الله !! خبير : مفرد ، وبنو لِهب : جمع كيف يخبَر بالمفرد عن الجمع ؟!
الطالب : يخبر .
الشيخ : قالوا : إن خبير كلمة قد يخبر بها عن الجمع ، ومنه قوله تعالى : (( والملائكة بعد ذلك ظهير )) ، ولم يقل : ظهيرون ، نعم ، ولكن الصواب ما ذهب إليه الكوفيون بناء على القاعدة العريضة عندنا وهو : التسهيل ، أنه إذا اختلف النحاة على قولين أخذنا بالأسهل ، الحمد لله لا علينا إثم ، وما دام ما علينا إثم : " فمن يسّر يسّر الله عليه " ، الخلاصة الآن : المبتدأ يحتاج إلى خبر ، كل مبتدأ لابد له من خبر ، وقد يستغنى بمرفوع المبتدأ عن الخبر إذا كان وصفاً معتمِداً على استفهام أو نفي ، على استفهام أو نفي ، قدِّموا الاستفهام لأن ابن مالك قدمه ، على استفهام أو نفي ، نعم ، وقد يجوز أن يَستغني المبتدأ بمرفوعه وإن لم يتقدم استفهامٌ ولا نفي ، وإذا شئتم أن نشرح البيت الثاني أو انتهى الوقت ؟! نعم ؟
السائل : أحسن الله إليكم ، إذا كان مرفوع المبتدأ خبر يجعلون المبتدأ اسم ، إذا كان مرفوعه فاعل ونائب فاعل جعلوا المبتدأ وصف !
الشيخ : كيف ؟
السائل : إذا كان مرفوع المبتدأ خبر .
الشيخ : إذا كان ؟
السائل : إذا كان مرفوع المبتدأ خبر !
الشيخ : مرفوع المبتدأ خبر !!
السائل : إي نعم .
الشيخ : كيف يعني ؟
السائل : يعني إذا كان مبتدأ وخبر .
الشيخ : نعم .
السائل : يجعلون المبتدأ اسم ، وإذا كان مرفوعه فاعل أو نائب فاعل يجعلونه وصف .
الشيخ : نعم ، هات مثال !
السائل : مافي واضح .
الشيخ : ماهو بواضح ، نحن ما تصورنا المسألة حتى نقول واضح !
السائل : الآن هم -أحسن الله إليك-
الشيخ : لعلك تقول : إذا كان جامداً فهو المبتدأ ، والمشتق هو الخبر ، لأن الأصل في الخبر أنه وصف للمبتدأ ، فلابد أن يكون مشتقاً ، هكذا تريد ؟
السائل : لا ، أحسن الله إليك .
الشيخ : هاه ؟
السائل : الآن النحاة أليسوا يفرّقون بين المبتدأ إذا كان مرفوع ، وبين إذا كان - لا إله إلا الله - إذا كان ، أحياناً يجعلون المبتدأ اسم ، وأحيانًا يجعلون المبتدأ وصف .
الشيخ : كيف ؟