شرح قول ابن مالك رحمه الله : و الأصل في الأخبار أن تؤخرا *** وجوزوا التقديم إذ لا ضررا حفظ
الشيخ : ثم قال :
" والأصلُ في الأخبارِ أنْ تُؤَخَّرا *** وجوَّزوا التَّقديم إذ لا ضررا " :
هذا البيت يقول فيه ابن مالك : الأصل في الأخبار التأخير ، لماذا ؟ لأن المبتدأ محكوم عليه ، والمحكوم عليه لابد أن يتقدم على الحكم ليكون محلا له ، لابد أن يتقدم على الحكم ليكون محلا له ، فأنت إذا قلت : زيد قائم ، فقد حكمت على زيد بالقيام ، فلابد أن يتقدم المبتدأ الذي هو المحكوم عليه على الخبر الذي هو المحكوم به ، ليكون إيش ؟ محلا له ، كيف تحكم على شيء لم يوجد ؟! إذن الأصل في الأخبار أن تؤخر ، وإذا كان الأصل في الأخبار أن تؤخر فالأصل في المبتدآت أن تقدّم ، والعلة ما سمعتم ، لأن المبتدأ محكوم عليه والخبر حكم ، والحكم يتأخر عن المحكوم عليه ليكون المحكوم عليه محلا له ، إذ أن الحكم لابد أن يصادف محلا ، فالأصل أن تقول : زيد قائم ، هذا الأصل .
" وجوزوا التقديم " : جوزوا مَن النحاة أو العرب ؟
الطالب : النحاة .
الشيخ : والعرب أيضا، النحاة والعرب ، جوزوا التقديم : أي تقديم الخبر بشرط ألا يكون هناك ضرر ، وقوله : ألا يكون هناك ضرر قد يوحي بأن الفاعل في : جوزوا يعود على النحاة ، لأن المراد بالضرر مخالفة القواعد أو اللبس ، فإذا قلنا : مخالفة القواعد فالمجوّز هم النحويون ، وإذا قلنا : اللبس فالمجوّز النحويون واللغويون ، أهل اللغة ، والخطب يسير ، المهم أنه يجوز تقديم الخبر إذا لم يتضمن ضررا ، إما مخالفة قواعد أو إيقاع في لبس وإشكال ، هذا البيت ركّب عليه صاحب الفَرَّان ما يتعلق بخبزه ، والطالب ما يتعلق بدراسته ، فقال صاحب الفرّان :
" والأصلُ في الأخبازِ أَنْ تُخمَّرا *** وَجَوَّزوا الفَطيرَ إذ لا ضَررا " ،
الفطير : يعني الذي يعجن وعلى طول يخبز ، بدون تخمير ، وركّب عليه الطالب أيضا حين تخلف أستاذُه عن الحضور فقال :
" والأصلُ في التدريس أنْ يُؤَبَّدا *** وجَوَّزوا قَطعًا إذا شُغلٌ بدا " ،
نعم ، فهل تركبون أنتم عليه أشياء أخرى ؟!
الطالب : تأتي الرسائل غدا .
الشيخ : إي نعم ، تأتي الرسائل غدا ، أخاف بعد ننتهي ، عاد هذا سهل التركيب عليه سهل ما هو مثل الأول ، طيب ، إذن عرفنا هذه القاعدة : " أن الأصل في الخبر التأخير والتعليل ما هو ؟ أن الخبر حكم والمبتدأ محكوم عليه ، والأصل أن يتقدم المحكوم عليه ليكون الحكم إيه ؟ له محل تقدّم عليه " ، طيب .