شرح قول ابن مالك رحمه الله تعالى : وبعد لولا غالبا حذف الخبر *** حتم .................................... حفظ
الشيخ : قال : " وبعد لولا غالباً حذفُ الخبر *** حتمٌ " :
بدأ المؤلف الآن لما تكلم عن جواز حذف المبتدأ والخبر ذكر المواضع التي يجب فيها حذف الخبر ، يعني كالاستثناء مما سبق ، " حذف ما يعلم جائز " : فكأنه قال إلا في هذه المواضع فيجب الحذف ، الأول : بعد لولا ، بعد لولا يجب حذف الخبر ، كقولك : لولا زيدٌ لغرقت ، مثلا ، لولا زيدٌ لغرقت ، عندنا الآن مبتدأ ولم نجد له خبرا ، لأن : لغرقت : جواب لولا الشرطية ، أين الخبر ؟ محذوف وجوبا ، التقدير : لولا زيد موجود ، أو لولا زيد حاضر ، وقول ابن مالك -رحمه الله- " غالبا " : يعني في أكثر الأحوال ، ومفهومه أن غير الغالب ألا يحذف الخبر بعد لولا ، فيكون حذفه على هذا إيش ؟
الطالب : قليل .
الشيخ : قليلا ، يكون حذفه قليلا .
الطالب : إبقاؤه قليلا .
الشيخ : نعم ؟
الطالب : إبقاؤه قليلا .
الشيخ : يكون نعم يكون إبقاؤه قليلا ، إذا كان حذفه غالبا فإبقاؤه قليل ، طيب ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة : ( لولا قومُك حديثوا عهد بكفر لهدمت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم ) ، ( لولا قومُك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة ) ، قوم مبتدأ ، وحديثوا عهد ؟
الطالب : خبر .
الشيخ : لا ، خبر المبتدأ، خبر المبتدأ ، وهدمت الكعبة إلى آخره جواب لولا ، فهنا ذكر الخبر بعد لولا ، ومن ذلك أيضا قول الشاعر :
" فلولا الغِمد يمسكه لسالا " يعني سيفه يمدحه يقول : " لولا الغمد يمسكه لسالا " .
فقوله : الغمد مبتدأ ، ويمسكه خبر ، ولسال جواب لولا ، فأنت ترى الآن أن الخبر وجد بعد لولا في كلام أفصح العرب وهو رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وفي كلام العرب العَرْباء : " فلولا الغِمد يمسكه لسالا " .
طيب فما الجواب عن هذا ؟ أن نقول : الجواب عن هذا حسب كلام ابن مالك سهل هذا من القليل الذي لا يحذف فيه خبر المبتدأ مع لولا ، وإذا سلكنا هذا المسلك صار الأمر سهلاً ، كلما جاءك الخبر مع وجود لولا فقل هذا من غير إيش ؟ من غير الغالب واسترح ، لكن بعض النحويين يقول : إن الخبر بعد لولا إما أن يكون كونًا عامًا ، وإما أن يكون شيئا خاصًا لا دليل عليه ، وإما أن يكون شيئا خاصا عليه دليل ، فإن كان كونا عاما وجب الحذف ، وإن كان شيئا خاصا وجب الذكر إذا لم يكن له دليل ، وإذا كان شيئا خاصا لكن في الكلام ما يدل عليه فحذفه جائز ، وجوده قليل ، وهذا جيد ، لأنه إذا كان إذا كان الخبر شيئا خاصا ولكنه لا يعلم فلابد من ذكره ، الحديث : ( لولا قومُك حديثوا عهد بكفر ) : لا يمكن أن نقدر ، لو حذفنا : " حديثوا عهد بكفر " لا يمكن أن نقدر : لولا قومك موجودون ، يعني لا يمكن أن نقدره كونا عاما ، لماذا ؟ لأنه ليس المانع وجود قومها ، المانع هو كونهم حديثي عهد ، فمجرد وجودهم لا يغني شيئا ، أو لا يمنع هذا الذي أراد الرسول -عليه الصلاة السلام- لذلك كان لابد من ذكره .
طيب إذا كان خاصا لكن يدل عليه الدليل مثل : لولا زيدٌ لهلكت من الجوع ، هنا لا يمكن أن تقدر كونا عاما ، ماهو الكون العام ؟
الطالب : موجود .
الشيخ : لولا زيد موجود لهلكت من الجوع ، لأن وجود زيد ليس سببا لكونك تسلم من الموت بالجوع ، لكن المعنى : لولا زيد أطعمني لهلكت من الجوع ، كلمة أطعمني خاص ولا عام ؟
الطالب : خاص .
الشيخ : خاص ، لكن عليه دليل ما هو ؟
الطالب : هلكت من الجوع .
الشيخ : لهلكت من الجوع ، إذن في هذه الحال يجوز أن يذكر الخبر ويجوز أن يحذف ، فيجوز أن تقول : لولا زيدٌ أطعمني لهلكتُ من الجوع ، ويجوز أن تقول : لولا زيدٌ لهلكتُ من الجوع ، واضح ؟ طيب ، ومن ذلك قول الشاعر :
" لولا الغِمدُ يُمسكُه لَسالَا " .
واضح ، لو قال : لولا الغمد لسال ، لجاز لأن المعنى مفهوم ، إذا كان في الغمد يبي يمسكه الغمد ، ما يمكن يسيل ، فصار ذكر يمسكه وحذفها على حد سواء ، لأنها معلومة من السياق ، وهذا أيضا تفصيل لا بأس به ، فالأول يحتج به مَن ؟ يحتج به الطالب المبتدأ ، إذا قال : كيف تقول في قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( لولا قومُك حديثوا عهد بالكفر ) ؟ يقول : وبعد لولا غالبا ما هو دائما ، وهذا من القليل ويمشي ، يكفيه ولا ما يكفيه ؟
الطالب : يكفيه .
الشيخ : يكفيه على رأي ابن مالك ، وإذا كان طالب علم فسيجيبك ويقول : الخبر هنا ليس كونًا عامًا بل هو شيء خاص لابد من ذكره ، لأنه يجوز مثلا أن يكون المعنى : لولا قومك منعوا لبنيت الكعبة ، لولا قومك حاضرون لبنيت الكعبة ، إذن لابد أن يقول : لولا قومك حديثوا عهد ، حتى تزول هذه الاحتمالات .
طيب وإذا قال لك : ماذا تقول في قول الشاعر : " فلولا الغِمد يمسكه لسالا " ، وش أقول ؟
الطالب : قليل .
الشيخ : أقول : هذا لا شك أنه خاص ، وكان مقتضى القاعدة أن يجب ذكره صح ولا لا ؟
الطالب : يجب حذفه !!
الشيخ : هاه ؟ لا لا مقتضى القاعدة يجب ذكره ، لأنه شيء خاص ، لولا اصبر !! مقتضى القاعدة أن يجب ذكره لأنه خاص ، لأنه ليس المانع وجود الغمد ، المانع كون الغمد يمسكه ، إذن نقول : كان مقتضى القاعدة أن يجب حذفها ، كذا ولا لا ؟ القاعدة بعد لولا غالبا ، لكن لابد من ذكره لأنه خاص ، إلا أن وجوب الذكر عارضه العلم به من حيث السياق ، لأن قوله : " لسال " : يدل على أن المعنى لولا الغمد يمسكه ، فلذلك نقول : " لولا الغمد يمسكه " : يجوز حذفه ويجوز ذكره ، وأما : ( لولا قومك حديثوا عهد ) فيجب ذكره ، وأما : (( ولولا دفعُ الله الناسَ بعضهُم ببعض لهدمت )) لا يجوز ذكره ، لماذا ؟ لأن المقصود مجرد وجود الدفع ، ولولا دفع الله الناس موجود ، (( لهدمت صوامع )) ، (( لولا أنتم لكنا مؤمنين )) لولا أنتم إيش ؟
الطالب : ...
الشيخ : لا ، صددتمونا ، هذا شيء خاص لكن بدليل قوله : (( أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم )) ، فصار هذا معلوماً من السياق ، فخلاصة القول الآن : أن ابن مالك في هذا الكتاب سلك مسلكًا يكون به مخرج لمن ؟
الطالب : للمبتدئ .
الشيخ : للمبتدئ ، إذا أورد عليه ذكر الخبر بعد لولا ، قال : الحمد لله ابن مالك يقول : حذفه غالب ، وهذا من غير الغالب ، وأما التفصيل الذي قيل فهو تفصيل حسن من حيث المعنى ، وهو أن يقال : الخبر بعد لولا ثلاثة أقسام : كون عام ، وشيء خاص لا دليل عليه ، وشيء خاص عليه دليل ، فالأول يجب فيه الحذف ، والثاني يجب فيه الذكر ، والثالث يجوز فيه الوجهان ، والله أعلم .
الطالب : قوله -صلى الله عليه وسلم-