شرح قول ابن مالك رحمه الله : وأخبروا باثنين أو بأكثــــرا *** عن واحد كــــــهم سراة شعـــرا. حفظ
الشيخ : ثم قال :
" وأخبروا باثنين أو بأكثرا *** عن واحد " :
أخبروا : الضمير يعود على العرب .
" باثنين أو بأكثرا *** عن واحد كَهُم سَراةٌ شُعرا " :
" هم " : مبتدأ ، " سَراة " : خبر ، " شُعرا " : خبر ثاني ، والسراة : هم الشرفاء ، والشعراء معروف ، يعني أن العرب أخبروا بخبرين فأكثر عن مبتدأ واحد ، وجواز تعدد الخبر هو القياس كما يجوز تعدد الصفة ، أليس يجوز أن تقول : أتاني زيد العالم الغني الكريم ، يجوز هذا ولا ما يجوز ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : يجوز ، والخبر وصف لمبتدأ في الواقع ، فإذا جاز تعدد الصفة جاز تعدد الخبر ، ولكن هنا نقول : هل يجوز أن أفصل بين الخبرين بواو العطف ، فأقول " هم سراة وشعراء " ؟ نقول : نعم يجوز كما يجوز فصل الصفتين بالعطف ، (( سبح اسم ربك الأعلى ، الذي خلق فسوى ، والذي قدّر فهدى والذي أخرج المرعى )) فكما يجوز تعدد الصفات بالعطف يجوز تعدد الخبر بالعطف ، عرفتم ولا لا ؟
ولكن يجب أن نعلم أن المسألة هنا على ثلاثة أوجه : الوجه الأول : منع العطف ، والوجه الثاني : وجوب العطف ، والوجه الثالث : جواز العطف ، كم الأقسام ؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : ثلاثة أقسام ، الأول : منع العطف ، والثاني وجوب العطف ، والثالث الجواز ، فإذا كان الخبران بمعنى خبر واحد ، فإنه لا يجوز العطف ، لأنك إذا عطفت جعلت كل خبر مستقلا عن الخبر الآخر ، مع أن اجتماعهما عبارة عن صفة واحدة ، مثاله : عندي برتقال حلو حامض ، نعم ، برتقالي حلو حامض ، برتقالي حلو حامض : فيه خبران الآن ، هما : حلو وحامض ، هنا لا يجوز أن أقول : حلو وحامض ، لأني لو قلت : حلو وحامض فسد المعنى ، أنا أريد أن أقول : حلو حامض يعني طعمه مركب من حامض حلو ، وحلو حامض وش الفرق ؟ يكون معناه مُز ، حلو حامض يعني مز ، يعني بدل ما تقول : برتقالي مُز ، تقول : برتقالي حلو حامض ، هذا لا يجوز فيه العطف ، لماذا لا يجوز ؟ لأنه يختلف المعنى ، إذا قلت : برتقالي حلو وحامض : معناه أن عندك نوعين من البرتقال واحد حلو وواحد حامض ، هذا لا يجوز ، فإذن إذا كان الخبران لمعنى واحد إيش ؟ فإنه لا يجوز العطف ، لأن ذلك يخل بالمعنى ، إذا كان الخبران كل واحد منهما لشخص آخر ، فإنه يجب العطف ، مثاله : بنوكَ شاعرٌ ومهندسٌ ونحويٌ وفقيهٌ ، كم بنوه الآن ؟
الطالب : أربعة .
الشيخ : أربعة بنوك ، فإذا نعم ، شاعر ، الثاني ؟
الطالب : مهندس .
الشيخ : مهندس .
الطالب : نحوي .
الشيخ : نحوي .
الطالب : فقيه .
الشيخ : فقيه ، هنا لو تركنا العطف لصارت الأخبار هذه لكل واحد منهم ، يعني كل واحد : شاعر ومهندس ونحوي وفقيه ، صح ولا لا ؟
الطالب : صح .
الشيخ : لكن الأمر ليس كذلك ، الأمر أن أحد الأبناء شاعر ، والثاني مهندس ، والثالث نحوي ، والرابع فقيه ، إذن لابد أن تأتي بالعطف ، لأن العطف يقتضي إيش ؟ المغايرة ، فإذا حذف صار متحدا .
والخلاصة : تعدد الخبر جائز ، لكن هل يجوز فصل هذا المتعدد بالعطف ؟ نقول : هذا على كم قسم ؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : ثلاثة أقسام : قسم لا يجوز ، وقسم يجب ، وقسم يجوز ، إن شئت اعطف وإن شئت لا تعطف ، طيب : ابني شاعرٌ كاتبٌ فقيهٌ سلفيٌ .
الطالب : يجوز الأمران .
الشيخ : يجوز الأمران ، طيب صحيح ، يجوز أن أعطف بالواو ، ويجوز أن أبقيها كل خبر منفرد ، فأقول : شاعر خبر المبتدأ ، كاتب خبر ثاني ، نحوي خبر ثالث ، فقيه سلفي خبر رابع وخامس ، قال الله تعالى : (( وهو الغفور )) إيش ؟ (( الودود ذو العرش المجيد )) ، هنا لا يجوز أن نجعل الودود : صفة للغفور ، لأنها لا تعود على الغفور ، تعود على الموصوف الذي هو الله عز وجل ، يعني على الضمير : وهو .
الطالب : انتهى الوقت يا شيخ .
الشيخ : نعم ؟
الطالب : انتهى .
الشيخ : انتهى الوقت .