شرح قول ابن مالك رحمه الله: وكونه بدون أن بعـــــد عسى *** نزر وكاد الأمـــــــر فيــــه عكســــا. حفظ
الشيخ : فقال : و" كونه بدون أن بعد عسى نزرٌ وكاد الأمر فيه عكسا "
نعرب البيت أولا
كون: مبتدأ وخبره نزر وهو مصدر كان فيعمل عملها فما هو اسمه ، اسم هذا المصرد هو الضمير الهاء في قوله وكونه فهو مضاف إلى الاسم ، وبدون أن هذا هو الخبر ، خبر كون وهو جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كون
وبدون : مضاف وأن مضاف إليه ، وصحت الإضافة إليه مع أنه حرف لأن المقصود بذلك اللفظ
بعد عسى: ظرف ، أيضاً متعلق بمحذوف وكونه بدون أن بعد عسى أي واقعاً فهو حال المحذوف يكون حالاً وبعد مضاف وعسى مضاف إليه وصح الإضافة إليه وهو فعل لأن المقصود لفظه أما نزر فهو خبر كونه
" وكاد الأمر فيه عكسا " كاد مبتدأ والأمر مبتدأ ثاني ، وعكسا خبر للمبتدأ الثاني ، والمبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول ، والرابط الضمير في فيه ، يعني كاد الأمر فيه عكس ، فما هو الأكثر في خبره تجرده من أن ، تجرد الخبر من أن
وخلاصة الأمر الآن أن كاد وعسى اشتركتا
أولاً : أن كاد وعسى خالفتا كان في أن خبرهما يكون فعلاً مضارعاً ويندر ما سواه ، واتفقتا في أن الخبر يكون مضارعاً فعلاً مضارعاً اتفقتا واختلفتا في أن الأكثر في عسى اقتران الخبر بأن وفي كاد العكس
طيب انظر القرآن : (( وما كادوا يفعلون )) (( لم يكد يراها )) تجدون أن الخبر مجرد من أن ، واقرؤوا قول الله تعالى : (( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيراً لكم )) تجدون أن الخبر مقترن بأن ، والقرآن أبلغ الكلام
طيب إذن بعد عسى يكثر اقتران الخبر بأن ، بعد كاد يقل اقتران الخبر بأن ، وظاهر كلام المؤلف رحمه الله أنه يجوز أن يقترن الخبر بأن مع كاد ويجوز حذف أن مع عسى نعم، مثاله في عسى :
" عسى الكرب الذي أمسيت فيه *** يكون " -يرحمك الله- " وراءه فرج قريب "
" عسى الكرب الذي أمسيت فيه *** يكون وراءه " أين الخبر يا ابن داوود ؟ أنت معنا وإلا سارح ؟ أين الخبر ؟
الطالب : يكون
الشيخ : نعم والأفصح الكثير أن يكون ، طيب في كاد : " كادت النفس أن تفيض عليه " " كادت النفس أن تفيض عليه " فهنا اقترن الخبر بأن والأكثر أن يقال : كادت النفس تفيض عليه ، تمام ؟ طيب
نرجع الآن إلى إعراب الخبر فنقول : (( وما كادوا يفعلون )) كاد فعل ماضي ناسخ يعمل عمل كان والواو اسمها ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع يفعلون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة من الفعل والفاعل خبر إيش ؟ خبر كاد هذه ما فيها إشكال
(( عسى أن تكرهوا شيئاً )) (( عسى أن تكرهوا شيئاً ))
نقول عسى: فعل ماضي ناسخ يعمل عمل كان يعني يرفع الاسم وينصب الخبر أين اسمها ؟ اسمها مستتر ضمير الشان عسى الشأن كراهتكم شيئاً
وأن: حرف مصدر
وتكرهوا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعل
وشيئاً: مفعول به لتكرهوا وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر عسى ، والتقدير : عسى الشأن كراهتكم شيئاً وهو خير لكم نعم ... ثم قال
نرجع مرة رابعة ، الفرق بين كاد وعسى في المعنى هل هما للمقاربة أم ماذا ؟
نقول أما كاد فهي للمقاربة ، وأما عسى فهي للترجي فافترقا أيضاً من هذا الوجه في المعنى ، كاد للمقاربة كذا ؟ وعسى للترجي
طيب كاد الطالب يفهم
الطالب : للمقاربة
الشيخ : للمقاربة تشرح عليه الألفية وهو يعني يدف نفسه لكنه كاد يفهم ، في طلبة أبعد فهماً من هؤلاء أقول عسى الطالب إيش ؟ أن يفهم عسى أن يفهم وبين العبارتين فرق ، اشتهر عند بعض النحويين أن إثبات كاد نفي وأن نفيها إثبات هذا مشهور كاد إثباتها نفي ونفيها إثبات فإذا قلت : كاد زيد يفعل فهو لم يفعل تدل الجملة على أنه لم يفعل ، صح ؟
الطالب : نعم صحيح
الشيخ : هاه كيف؟
الطالب : عندنا من اشتهر عنده هذا
الشيخ : إي كاد يفعل لكن هل فعل ؟ طيب قالوا إذن نفت الفعل وهي مثبتة فنفيها إثبات
الطالب : إثباتها نفي
الشيخ : وقالوا نعم اثباتها نفي ، وقالوا إن نفيها إثبات فإذا قيل لم يكد يراها فهو قد رآها لم يكد يراها فهو قد رآها ، لم يكد يفعل فهو فاعل لكن لم يكد ، (( فذبحوها وما كادوا يفعلون )) فيكون نفيها إثباتاً
ولكن الصحيح خلاف ذلك الصحيح أنها كغيرها من الأفعال إثباتها إثبات ونفيها نفي ولا يمكن أن يكون نفيها إثباتاً إلا بقرينة والقرائن لها أحوال وهذا الذي رجحه ابن هشام رحمه الله في المغنى وهو صحيح ، فمثلاً إذا قلت : كاد الطالب يفهم ، صحيح ما فهم لكن هل كاد تدل على أنه فهم أو على أنه قارب الفهم ؟
الطالب : قارب الفهم
الشيخ : على أنه قارب الفهم فإذا قلت : كاد يفهم معناه أنه قريب ما يفهم فهل هذا إثبات وإلا نفي ، إثبات إذن إثباتها إثبات إذا قلت كاد يفهم معناه أنه ما فهم ولكنه قارب وهذا هو مدلول كلمة كاد واضح يا جماعة طيب ، قوله تعالى : (( فذبحوها وما كادوا يفعلون )) (( فذبحوها وما كادوا يفعلون )) قالوا إنهم ذبحوها والله يقول (( ما كادوا يفعلون )) وهم قد فعلوا نقول سبحان الله فهمنا أنهم فعلوا ليس من وما كادوا يفعلون فهمناه من قوله : (( فذبحوها )) (( وما كادوا )) يفعلون على ما هي عليه يعني ما قرب أن يفعلوا ، ما قرب أن يفعلوا لكن بعد الأخذ والرد فعلوا إذن فقوله : (( وما كادوا يفعلون )) هذا تشنيع عليهم يعني أنهم فعلوا بعد أن كادوا لم يفعلوا ، وأما قوله تعالى : (( أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها )) هل معناه أنه رآها ؟ على زعمهم أنه رآها ولكن الآية ما تدل على هذا ، في بحر لجي عميق يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض ، هل ممكن يرى يده ، ولا يقارب أن يرى يده ولا يقارب أن يرى يده ، إذن فنفيها إيش ؟ نفي وهذا هو الواقع لكن لما كان الإنسان إذا قال : ما كاد يفعل ظن أن كاد مسلطة على الفعل والفعل